مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

الحُسَين بن علي بن أبي طالب رَضي الله عنهما

اسمه ونسبه وولادته:

هو سيّد شباب أهل الجنة، وخامس أهل الكِساء، وابن سيدة النّساء، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وشبهه من الصدر إلى ما أسفل منه[1]. أبو عبد الله سيّدنا الحُسين بن علي  بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي.

اختلف في تاريخ ميلاده، فقيل: ولد في شعبان سنة أربع. وقيل: سنة ست وقيل سنة سبع، وقيل: لم يكن بين الحمل بالحُسين بعد ولادة الحسَن إلاّ طهر واحد.

وقد تعقّب ذلك كلّه الحافظ ابن حجر في الإصابة بقوله: (فإذا كان الحسن ولد في رمضان وولد الحسين في شعبان احتمل أن تكون ولدته لتسعة أشهر، ولم تطهر من النفاس إلا بعد شهرين)[2].

ولما ولد سيّدنا الحُسَين رَضي الله عنه، أذَّن النبي صلى الله عليه وسلّم في أُذنه، وتربّى في بيت النّبوّة، في حجر والديه؛ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، سيدة نساء العالمين، إلا مريم عَليهما السلام، وعلي بن أبي طالب ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان يُشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنقه إلى كعبه خلقا ولوناً، وسماه: حُسينا[3].

روايته للحديث:

تشرّف سيدنا الحسين برواية الحديث النبوي الشريف، فقد روى عن أبيه علي بن أبي طالب، وأمّه فاطمة الزهراء بنت سيّد الخلق، وخاله هند بن أبي هالة…

وروى عنه أخوه الحسن وبنوه: علي زين العابدين، وفاطمة، وسكينة، وحفيده الباقر، والشعبي، وعكرمة، وسنان الدؤلي، وكرز التيمي، وآخرون[4].

خصاله ونظره السياسي:

كان الحسين رضي الله عنه فاضلاً كثير الصوم، والصلاة، والحج، والصدقة، وأفعال الخير جميعها.

وكان رَضي الله عنه يرى رأياً في السياسة غير رأي أخيه الحَسن، فقد كان كارهاً لما فعله أخوه الحسن من تسليم الأمر إلى معاوية، وقال له: أنشُدك الله أن تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة أبيك، فقال له الحسن: اسكت، أنا أعلم بهذا الأمر منك.

وقد كان سبب قتله أنّه لما مات معاوية بن أبي سفيان كاتَب كثيرٌ من أهل الكوفة الحسين بن علي ليأتي إليهم ليبايعوه، وكان قد امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية لما بايع له أبوه بولاية العهد، وامتنع معه ابن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فلما توفي معاوية لم يبايع أيضاً، وسار من المدينة إلى مكة، فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة، فتجهز للمسير، فنهاه جماعة، منهم: أخوه محمد بن الحنفية، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم، فقال لهم: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم في المنام، وأمرني بأمر فأنا فاعل ما أمر. فلما أتى العراق كان يزيد قد استعمل عبيد الله بن زياد على الكوفة، فجهز الجيوش إليه، واستعمل عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، ووعده إمارة الرَّي. فسار أميراً على الجيش وقاتلوا حسيناً بعد أن طلبوا منه أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد، فامتنع، وقاتل حتى قُتل هو وتسعة عشر من أهل بيته. فقيل: قتله شمر بن ذي الجوشن، وأجهز عليه خولى ابن يزيد الأصبحي، وقيل: قتله عمر بن سعد. قال ابن الأثير في أسد الغابة: والصحيح أنّه قتله سنان بن أنس النخعي[5].

وفاته ومدفنه:

قتل سيّدنا الحُسَين رَضي الله عنه يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بموضع يقال له: كربلاء من أرض العراق، وشذ من قال غير ذلك[6]. وقد قتله سنان بن أنس النخعي، ويقال له أيضاً: سِنان بن أبي سنان النّخعي، وهو جد شريك القاضي[7].

وسيّدنا الحُسَين هو ممدوحُ الفرزدق الشاعر الأموي الشهير في رائعته الشهيرة، التي منها[8]:

يغضي حياء ويغضى من مهابته == فما يكلّم إلا حين يبتسمُ

مشتقة من رسول الله نبعته == طابت عناصره والخيم والشيمُ

هو ابن خير عباد الله كلهم == هو التقيُّ النقيُّ الطاهر العلمُ

إذا رأته قريشٌ قال قائلُها == إلى مكارم هذا ينتهي الكرمُ

وممّا رُثي به من الشّعر قول بعضهم[9]:

مررت على أبيات آل محمد == فلم أرها أمثالها حين حلَّتِ

فلا يبعد الله البيوت وأهلها ==وإن أصبحت منهم برغمي تخلت

وكانوا رجاء ثم عادوا رزية == لقد عظمت تلك الرزايا وجلت

أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم ==ولم تنك في أعدائهم حين سلت

وإنّ قتيل الطف من آل هاشم== أذل رقابا من قريش فذلت

ألم تر أن الأرض أضحت مريضة ==لفقد حسين والبلاد اقشعرت

وقد أعولت تبكي السماء لفقده == وأنجمها ناحت عليه وصلت

وقول الآخر[10]:

ويلك يا قاتل الحسين لقد ==بؤتَ بحمل ينوء بالحاملِ

أيّ حِباءٍ حبوت أحمد في == حفرته من حرارة الثاكل

تعال فاطلب غدا شفاعته == وانهض فَرِدْ حوضه مع الناهل

ما الشك عندي بحال قاتله== لكنني قد أشك بالخاذل

كأنما أنت تعجبين ألا==تنزل بالقوم نقمة العاجل

لا يعجل الله إن عجلت وما == ربك عما ترين بالغافل

ما حصلت لامرئ سعادته == حقت عليه عقوبة الآجل

————————————————————————–

[1]  الإصابة: 2/67.

[2]  انظر: الإصابة: 2/67. وأسد الغابة: 1/496.

[3]  معرفة الصحابة لأبي نعيم: 2/662.

[4]  الإصابة: 2/68.

[5]  أسد الغابة: 1/498.

[6]  الإصابة: 2/72.

[7]  الاستيعاب: 1/393.

[8]  انظر: معرفة الصحابة لأبي نعيم: 2/662.

[9]  الاستيعاب: 1/395. وأسد الغابة: 1/495.

[10]  الاستيعاب: 1/395. وأسد الغابة: 1/495.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق