مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

الحلة السيراء فيمن حل بمراكش من القراء -17- عليُّ بن أحمدَ بن أبي قُوّةَ بن إبراهيمَ بن سَلَمةَ الأَزْديُّ

(من كتاب الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشي ت703ه‍)

-17- عليُّ بن أحمدَ بن أبي قُوّةَ بن إبراهيمَ بن سَلَمةَ الأَزْديُّ، دانيٌّ سكَنَ مرّاكُشَ، أبو الحَسَن، ابنُ أبي قُوّةَ(1)

تَلا على أبيه، ورَوى عنه وعن أبي بكرٍ عبدِ الرّحمن بن مُغاوِر، وأبي جعفرٍ عبد الرّحمن بن القَصِير، وأبي عبد الله ابن الفَخّار، وأبي القاسم بن حُبَيْش، ولازَمَه عشرينَ سنة، وأبي محمد الحَجْريّ.

وأجاز له أبو الفَضْل الغَزْنَويُّ، وأبو القاسم البوصيريُّ، وأبو محمد بنُ بَرِّي.

رَوى عنه أبو عبد الله بن مَسْعود بن محمد المَعافِريُّ أبو الفَتْح، وأبو العبّاس بن محمد بن عبد الله ابنُ العَزّام، وأبو عليّ عُمرُ بن يوسُف الأنصاريّ، وأبو القاسم المَلاحي. وحَدّثنا عنه شيخنا أبو الحَسَن الماقريّ الكَفيف رحمه الله.

وكان محدثًا مُكْثِرًا ثقةً ضابطًا، عاقدًا للشُّروط مُبرِّزًا في العدالة، زَكِيًّا فاضلًا، بارعَ النَّظْم والنَّثر، رائقَ الخَطّ قوِيَّه، وله: «رَدٌّ على ابن غَرسِيّةَ اللَّعينِ في رسالتِه الشُّعوبيّة»، وغيرُ ذلك من المُنشَآت، واستُقضيَ بقَصْرِ كُتَامةَ.

حدَّثني الشّيخُ الحافظُ أبو عليّ الماقريُّ رحمه اللهُ قراءةً منِّي عليه بثَغْر أسَفي حَماهُ الله، قال: حدَّثنا الشّيخُ أبو الحَسَن بنُ أبي قُوّة، إملاء من كتابِه، قال: حدَّثنا القاضي أبو القاسم بنُ حُبَيْش قراءةً عليه، عن بعض أصحاب أبي عليّ الصَّدَفيّ عنه. قال أبو الحَسَن: وحدَّثني أبي رحمه اللهُ إجازةً عن أبي العبّاس بن عيسى وأبي إسحاقَ بن جماعةَ عن أبي عليّ المذكور، عن أبي العبّاس العُذْريّ، قال: حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بن نُوح بالمسجد الحرام عندَ باب بني مَخْزوم، وقرأتُه عليه، قال: حدَّثنا سُليمانَ بن أحمدَ بن أيّوبَ الطَّبَرانيُّ أبو القاسم، قال: حدَّثنا المِقْدامُ بن داودَ، حدّثنا عبدُ الله بن يوسُف، حدّثنا مالكُ بن أَنَس، عن نافع، عن ابنِ عُمرَ قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «طعامُ البخيل داء، وطعامُ السَّخِيِّ شفاء»(2).

وأنشَدتُ على شيخِنا أبي عليّ الماقريّ وكتَبَ لي من كتابِه، قال: أنشَدَنا الفقيهُ أبو الحَسَن بنُ أبي قُوّةَ رضي اللهُ عنه لنفسِه [الطويل]:

أرَدْنا طِلابَ العِلْمِ مع طَلَب الغِنى       ولم نَقتصر في الجانبَيْنِ على قسْمِ

ففازتْ ذوو الشّأنيْنِ كل بشأنِهِ           فلا نحنُ في مالٍ ولا نحنُ في عِلْمِ

وأنشَدتُ عليه أيضًا وقد كتَبَ في من كتابِه، قال: أنشَدَنا أبو الحَسَن أيضًا لنفسِه [البسيط]:

أرواحُنا هيَ أَجنادٌ مُجَنَّدَةٌ          بالبُعدِ تُنْكَرُ أو بالقُربِ تُعْتَرَفُ

فما تناكرَ منها فهْوَ مختلِفٌ            وما تعارَفَ منها فهْوَ مُؤْتلِفُ

قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: نَظَمَ فيه معنى الحديثِ المَرويِّ عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم -: «القلوبُ جُنودٌ مُجنَّدةٌ، فما تَعارَف منها ائتَلَف، وما تَناكرَ منها اختَلَف»؛ خَرَّجَه أبو سعيدٍ أحمدُ بن محمد بن زيادِ بن بشْر الأعرابيُّ في «معجَم شُيوخِه»، قال: حدّثنا محمدٌ، يعني ابنَ صالح الأنماطيُّ كَيْلَجَة، قال: أخبَرَنا بكرٌ، قال: حدَّثنا أبو صالح كاتبُ اللَّيث، قال: حدَّثنا اللَّيثُ، عن يحيى بن سَعيد، عن عَمرةَ، عن عائشةَ قالت: قال رسُولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «الأرواحُ جنودٌ مُجَنَّدَةٌ، فما تَعارَفَ منها ائتَلَف، وما تَناكَرَ منها اختَلَف»(3). وقد تقَدَّمه إلى ذلك أبو عليّ الحَسَن بنُ هانئ الحكَميُّ أبو نُوَاس كما حدَّثنا ..(4) حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بن يحيى الصُّوليّ، حدَّثنا محمد بن سَعيد أبو أُمَامةَ القَيْسيّ، حدّثنا أبو المِنْهال، حدّثنا يزيدُ بن زُرَيْع، قال: رأيتُ أبا نُوَاس عندَ رَوح بن القاسم، فحَدَّث رَوح عن سهيل بن أبي صَالح، عن أبيه، عن أبي هريرةَ قال: قال رسُولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «القلوبُ جنودٌ مجنَّدة، فما تَعارَفَ منها ائتَلَف، وما تَناكَرَ منها اختَلَف»، قال يزيد: فقال لي أبو نُوَاس: سأجعَلُ هذا الحديثَ منظومًا في شِعر، قلتُ: فإنْ فعَلتَ ذلك فجِئْني به، فجاءني فأنشَدَني [البسيط]:

يا قلبُ رِفقًا أَجِدٌّ منكَ ذا الكَلَفُ   ومَن كَلِفْتَ به جافٍ كما تَصِفُ

وكان في الحقِّ أنْ يهواكَ مجتهدًا             بذاكَ خَبَّرَ منّا الغابِرُ السَّلَفُ

إنّ القلوبَ لَأجنادٌ مُجنَّدةٌ                   لله في الأرض بالأهواءِ تعترفُ

فما تناكرَ منها فهْوَ مختلِفٌ                      وما تعارَفَ منها فهْوَ مُؤْتلِفُ

فقد وافَقَه في البيتِ كما تَرى، وقصَّرَ عنه في صَدر بيتِه الأوّل من بيتَيه، وزادَ عليه في عَجُزِه زيادةً لا خفاءَ بها وبحُسنِها وتحرِّي معناها.

توفِّي بمَرّاكُشَ سنةَ ثمانٍ وست مئة، وقد أدرَكْتُ بها بعضَ عَقِبه ثم انقَرَضوا، رحمَهم الله.

  • الذيل والتكملة 3/128-131.
  • تنظر: الضعيفة 3824.
  • معجم ابن الأعرابي رقم 229. والحديث في الصحيحين من حديث أبي هريرة.
  • بياض بالأصل المطبوع.
Science

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق