مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

الجزء الثاني: “في تفاعُلِ الفَلسفة وعلمِ الكلام الأشعريّ؛ وحْدانِيَةُ «اللهِ» وحَقِيقَتُهُ عنْدَ أبِي حَامدٍ الغَزاليّ ـ تأطير وتحليلٌ عام لمسَائِل من كِتَابِ تهافت الفلاسِفة ـ

(II)

مدخل عامّ إلى مسَائل تهافت الفَلاسفة:

ألّف أبو حامِد الغزالي، على عَادة عامّة العلماء المسلمينَ في كثرةِ التأليف، كتبًا ذات مرجعيّة في الفكر الإسلاميّ، وهو أمرٌ لا أحسبُ أنّي سأتجشّم عناء توضيحه؛ غير أنّ ما يهمنِي منهَا، في هذه المقَالة، كتاب: تهافت الفلاسفة، أساسًا؛ الذِي كُتبَ، حسبَ بويج (Bouyge.M) في مرحَلة متقدّمة من فترة التعليم العام الأولى في حياة الغزالي؛ أي بين سنة:478 و488 هج، وهِي المرحلة التِي شهدتْ تأليفًا لاحقًا لبعضِ كتاباتِ الغزَالي المنطقيّة والكلاميّة، وعلى رأسِها كتَابُ: الاقتصاد في الاعتقاد المفيد، دون أدنى شكّ وعلى نحوٍ تكميليّ للأوّل، فِي معرفَةِ المعَالم الجوهرية لآراءِ الغزالي الكلامية قيَاسًا بكتبٍ عقديّة أخْرى خطها الغزاليّ في نفس المرحلة والتي تعدّ أشدّ اكتِنَازًا وافتقَارًا إلى الشرحِ كـ”قواعِد العقائد” – وهو ما حتّم شرحه من قِبل علماء لاحقين -، أو قِياسًا بأخرى لم يستقصِ فيها الغزالي كلّ النقاشات الكلامية على طريقة المتكلمين كـ”الرسالة القدسية”. وأيّا كان فإنّ ما يهمّ في التحليل المقترح في هذه المقالة لن يخرج عمّا سطره أبو حامدٍ في كلّ من: التهافت، والاقتصاد بناءً على الترتيب المذكور لهمَا في الأهميّة.

بناءً على المعطيات المذكورة، والتِي توفر بعضَها مصادرُ ودراسَاتٌ بيو-بيبليوغرافية؛ فإنّي لنْ أكونَ، في التحليل المقترح لمسائل التهافت، مَعنيًّا بالفترات التالية من حياةِ أبِي حامد الفكريّة؛ أي ما بعد سنة: 488 هج لأنّي قيّدتُ المقالة، كما سبقَ، بـالـفترةِ الفكريّة الغزالية المسطرة في كتابِ: التهافت، أساسًا، والاقتصاد تبعًا.

إنّ الترتيبَ التاريخي الكرونولوجي لمؤلفاتِ أبي حامد الغزاليّ والمقترح من قِبل الدارسِين ينطوي على فائدةٍ بالغة الأهميّة تتجلى لنا فِي معرفة التطوراتِ والمراحِل الفكريّة التِي مرّ بها أبو حامد لاسيمَا تلك التِي تخصّ مسائل من نفسِ جنس المسائل الكلامية والفلسفية التي شغل بها فكر الرّجل؛ وعليه فإنّه يتعيّن استدعاءُ بعضٍ من مضامينِ هذا المعطى التاريخيّ في محاولة لاستِيفاء شروطِ الاتساقٍ العلمي، المفترض، لتفسِيرِ نسبة أمورٍ قد لا يوجدُ لـها ما يسندها فِي تراثِ الغزالي المكتوبِ في المرحلةِ المذكُورة؛ وذلك إنْ قورنَت معَ ما نقلَ عن الغزالي في التّقليد الأشعري المتأخّر كمَا سنرَى في نموذج الأرواح المجرّدة بعد قلِيل.

نشيرُ، هنا، إلى أنّ أبَا حامد، من زاويةِ البناء العام لمقالاته الكلامية واختياراتِه فيها، كما في كتابيه؛ قد حافظَ على النظامِ النسقيّ العقديّ، وكذا الاستدلالي الذي أخذه عن أستاذه إمام الحرمين الجُويني؛ وهو أمرٌ تشهدُ له مواضعُ كثيرة منْ كتابِه: الاقتصاد في الاعتقاد المؤلّفِ تالِيًا بالنسبة إلى التّهافتِ، وهما العملانِ اللذان حافظَا على النسق العامِ الأشعريّ لأبي حامِد لمرحلة التعليم العام الأولى كما مرّ. صحيح أنّ أبا حامد لم يشايع أستاذه أبا المعالِي كلّ المشايعة في اختياراتٍ كلامية محدّدة إلا أنّه حافظَ على الميُول الكلاميّة الأشعريّة؛ دونَ أن يمنعه ذلك من مباينةِ أستاذه في الموقف من علم الكلام؛ فراحَ يقرّر، مخَالفًا أستاذَه، أنّ علم الكلامِ وأدلتَه ليست تجري إلا «مجرى الأدوية التِي يعالج بها مرضُ القلوبِ»، وأن علم الكلام إنّما كانَ الخوض فيه لضرورةٍ تلجئ إليه. وهو موقف يقابل مَا صرّح به أستاذُه أبو المعالي؛ حيث عدّ النظر العقليّ، والذي يعدّ مقوّمًا في صنعةِ الكلام كما هو معروفٌ، أمرًا يلزم المكلفينَ باعتبار الشرع بأنْ قال: «أول ما يجبُ على العاقل البالغ –باستكمال سن البلوغ والحُلم- شرعًا: القصد إلى النظر الصحيح المفضي إلى العلم بحدثِ العالم».

بخلافِ ما ذكر فإنّ مواضعَ كثيرة من كتابِ: الاقتصاد في الاعتقادِ تشهد للتطابقِ الشبهِ التامّ بين فكرِ التلميذ أبي حامِد وفكْرِ أستاذِه؛ حيث نلفِي، مثلاً، عند أبي حامد استدعاءً لمجمل المفاهيم التِي استعملها الجويني في التدليل على حدوث العالم دون تغيير في بنيتِها التصوريّة، فنقرأ مثلا تعريفاتٍ مماثلة ومطابقة لتلك التِي عند الجويني، لكلّ من العالم، والجوهر، والعرضِ… وغيرها من المفَاهيم دونَ أن يمسّ ذلك بنية المفاهيم نقدًا إلاّ من زوايَا طفيفةٍ. كمَا أنّ الاستدلالات على القضايا بقيتْ، في أحيان كثيرة، محافظةً على الصيغة التِي قررت من قِبل الجويني.

في مقابل هذا فإنّ بعض المصادر الأشعرية المتأخرة تحدثنَا بموقفٍ مخالفٍ لأبي حامد يخصّ مسألة حصْر العالم في جواهر وأعراضٍ؛ إذ تقر هذه المصادر بإثباتِ الغزاليّ لقسم آخر غير القسمين المذكورين، وهو القسم المعروف بالممكنَاتِ المجرّدة عن التحيز؛ حيث نقرأ، هنا، نقلا لأبي الحسن اليفرنِي الطنجيّ عنْ بعض المصادر يقول فِيه: «هذه مسألةٌ اضطرب العقلاء فيها، فزعمت الفلاسفة أنّ الموجودات الممكنة لا تنحصر في الجواهر والأعراض، بل هناك جواهر روحانية لا متحيزة ولا قائمة بمتحيّزٍ (…) وساعدهم الغزاليّ وبعض الصوفية في النفوس البشرية».

إنّ هذه المساعدة، أو الموافقة، لا نجد لهَا أثرًا في عَملَي الغزاليّ لفترة التعليم العام الأولى؛ ممّا يعنِي، كما سبق، أنّ أبا حامد قد حافظَ على النسق الأشعريّ كما هو على الأقلّ في هذه الفترة؛ إذ يصرّح بنقيض ما نُقل عنْه فيقول: «كلّ موجود: فإمّا متحيّز، أو غير متحيّزٍ، وأنّ كل متحيز: إنْ لم يكن فيه ائتلافٌ.. فنسمّيه جوهرًا فردا، وإنْ ائتلف إلى غيره.. سمينَاه جسمًا، وأمّا غير المتحيّز: إمّا أن يستدعيَ وجودهُ جسمًا يقومُ به ونسميه عرضًا، أو لاَ يستدعيه وهو الله سبحانه وتعالى»؛ ليؤكّد أنّ هذا المعنَى إنّما يختصّ بالله دونَ سواه بقوله: «فأمّا موجودٌ ليس بجسم ولا جوهَرٍ متحيّز ولا عرضٍ.. فلا يُدرك بالحسّ، ونحنُ ندّعي وجودَه، وندعي أنّ العالم موجودٌ به وبقدرتِه، وهذَا يدرك بالدليل لا بالحسّ…».

وبالإمكَان القول بأنّ أبا حامدٍ تسرّب إليه هذا الرأي في مؤلفاتِ فترة الانقطَاع وما يليهَا؛ أي ما بعد سنة: 488 هج، دون أنْ نعيّن لهذا الرأي، على الأقلّ الآن، مؤلّفًا ما من مؤلفَات هذه الفترة، وهِي المرحلة التِي شهدتْ نزوعًا آخرَ لأبِي حامدٍ الغزاليّ غير ذلك الذي في المرحلة الأُولى. صحيحٌ أنّه أظهر انصرافًا عن الفلسَفة فيها إلاّ أنّ الواقِع، حسبَ ما يرى بدوي، غير ذلك؛ إذ «بقي – رغم كل ما بذله -، في بطونِ الفلاسفة ولم يقدر أنْ يخرج منها كما قال أبو بكر ابن العربيّ وما تظاهر به من طعن في الفلسفة،لم يكن يقصد به الطعنَ إلا في الظّاهر، ابتغاءَ التقريب بينها وبين الدّين حتّى يستطيع أنْ يجعل الفلسفة مقبولةً في رحاب الدين السنيّ»، وهو الأمر الذي تمثّله الغزاليّ جيّدًا وراحَ يطبّقه في عدد من التأليفاتِ كالقسطاس المستقيم، المؤلّفِ في هذه الفترة، والذِي استخرج فيه أبو حامد أصولَ الأقيسة المنطقية من القرآن. فهل يكونُ رأيُه في تجرّد الأرواح مضمّنًا فِي هذا الجنسِ من العمل التقريبِي بين الفلسفةِ والدين، وفق رؤيةِ “بدوي” الذي يرى أنّ الغزاليّ، في آخر حيَاتِه، إنّما كانَ مشدودًا إلى منهج ربط يتغيّى ربطَ المعانِي الفلسفيّة بالدّين، وهو منهج استخدمَه الغزاليّ «استخدامًا قد يضطرّه أحيانًا إلى البعد عن المصطلحاتِ الفلسفيّة التي جرى بها الاستعمال»، وقد لا يضطره ذلك أحيَانًا أخرَى كما في مسألتنَا هذه. أمْ أنّ رأيَه هذا في التجرّد إنّما ساوقَ فيه الصّوفيّة المساعدين للفلاسفة في نفس القضية كما يقول اليفرني؟ وأيَّا كان فإنّ هذا النموذج المساق هنا كفيلٌ بأنّ يبيّن مدى التطورِ الذي ألحقَته النقاشاتُ الفلسفيّة، والتجارب الفكرية الأخرى بأبي حامد الغزاليّ؛ دونَ أنْ نغفل، ونحنُ نتتبع أوجهَ هذا المنحى الفكريّ، الترتيبَ التاريخيّ لمؤلفاتِ أبي حامدٍ الغزاليّ.

وبالعودة إلى المسائل المبحوثة من قِبل أبي حامِد في التهافت (م:5-6-7-8)؛ فإنّها، حسب ما نقرأ، تخصّ مشْكِلة وحدانية الله وحقيقتِه؛ وهِي مسألة ذات أبعادٍ ميتافيزيقية وعقدية وفلسفيّة شغلت كلاًّ من المتكلمينَ والفلاسفة في التقليد الفكري الإسْلاميّ الوسيط. وحسبَ بعض الدراساتِ فإنّ الوحدانية، باعتِبارها أسَاسًا عقائديًّا في الإسلام، كانت كفيلةً بأنْ تنتجَ لنَا علمَ الكلام أو علم التوحيدِ في الفترة التي أصبح فيها هذا المبدأ الجوهريّ مهدّدًا منْ قِبل تيّارات فكريّة ذاتِ نزاعاتٍ باطنية؛ «لهذا بدأت فترة الدفاع عن عقيدة التوحيد، وبدأ التنظيرُ لمفهوم الواحد» لنَشهد، في خضمّ ذلك، نشأةً لعلم التوحيد أو علم أصول الدّين؛ وعليه فإنّ علم أصول الدين، حسب نفس الدراسةِ، «هو علم الواحد، أو هو علم بمفهوم الواحد، الذي لا يقبل الانقسام أو الانشطار»، وفي هذا تشدِيدٌ عَلى محوريّة الوحدانية وجوهريتها بالنسبة إلى هذا العلم تقريرًا وحجاجا

لقد شُغل الغزاليّ بهمّ الدفَاع عن الوحدانية الإلهية ولواحقها المعرفيّة والعقديّة، كمَا هي عند المتكلمينَ، فبسط النقَاشَ فيها بنزعةٍ جدليّةٍ فِـي المسألتين الخامسة والسّادسة (م:5/م:6) معتبرًا إشكالَ وحدانِية الله مَدخلاً إلى كل من المسألة السابعة والثامنة (م:7/م:8) المخصصّة لـقضيّة حقِيقة الله باعتبَارها من لواحق الوحدانيّة – إن جازتْ العبارة -؛ لذَا يمكنُ اعتبَارُ المسألة الخامسة (م:5) مدخلاً لما يليها كمَا سيظهر للقارئ في المقال لاحقا؛ حيث اكتفى الغزالي فيها بما سماه تفهيمًا لمذهب الفلاسفة، عارضًا في أكثر صفحاتِها مذهبَ الفلاسِفة ومقالتهم، ليدخلَ، بعدُ، في الجدال معَ خصومِه، وهو جدالٌ اقتضَى منه تفكيكًا لمجملِ مفاهيم وأنساق الأدلة المترامية الأطرافِ في محاولةٍ جدلية ترومُ، في المقَام الأول حسبَ أبي حامِد، التعجيزَ ليسَ إلاّ؛ أي إخراجَ الخصمِ من اعتقَادِه بُرهانيّة مقَالته وصحة دعْواه إلى إقرَاره بأنّ ما يدعيه لا يقلّ من حيثُ ضُعفه عن مقالةِ خصمه من المتكلّمين.

يمكنني القول، بعد هذا، أنّ أبَا حامد أطّر مسألة حقيقةِ الله بقضية وحدانيته،؛ ليقترح، بنحوٍ يغايرُ ما عند خصومه، وحدانيةً إلهيةً تباينُ، في مقتضيَاتها الأنطولوجية ومفهومِها الميتافيزيقي، ولواحقها العقدية؛ مَا تقرّر عند الفلاسفة، على الأقل وفقَ ما قرأه هو عن ابن سينَا؛ ومن ثمّ صحّ لأبي حامدٍ بعد ذلك الدفاع عنْ نظريّته فِي تهافت مذهب الفلاسفة فِي نفْي ماهية العلة الأولى وحقيقته، واعتبار الله محضَ وجُودٍ واجِب لا يقبل كثْرةً وتعدّدًا ما عَلى نَحو منْ الأنحاء.

لقد بدَا أنّ أبا حامدِ، خلافًا للمتأخرين من الأشاعرة في إعَادة بنائهم لمقولات المذهب؛ كانَ مشدودًا إلى بيَان زيف ما يروجُ له بعض الفلاسفة ولم يكنْ، حينئذٍ، معنيّا بإعادة النظر والترتيب في البنَاء الداخِليّ الكليّ للفِكر الأشعريّ كما حدثَ بعدَه. إنّ الحجاج عن صفةِ الوحدانية كما يتصوّرها الغزاليّ؛ اقتضى منه، في التهافت؛ إعادةَ النظر في بعضٍ من المفاهيم الفلسفية، تعديلاً ونقدًا، مما مهّد الطريق إلى هدم مسألتينِ أسَاسيتين يرتكز عليهما التفكير الميتافيزيقي الفلسفيّ للوحدانية الإلهية، والذي يؤطّر التصورَ الإلهي التّنزيهيّ لبعض فلاسِفة الإسلام وهما:

(1) تركب الذات الإلهية تركبًا عقليّا من جنسِ وفصل؛ وهو الأمر الذي يحيل إلى مذهبِ نفي الماهية عن الله.

(2) كونُ الوجودِ الواجبِ نفسَ الذات الإلهية، وعينَ حقيقتِه البسيطة والمجرّدة كلّ التجريد عن زيادة أمرٍ عليها.

ونقاش الغزاليّ ونقضه هذا قدْ وضعنَا أمام التصور العقديّ والميتافيزيقي الأشعريّ المخالِف، والذي يحمِله أبو حامد ومعَه الأشاعرة؛ للذات الإلهيّة. هذا بغض النظر عما يعد، ولو في مستوًى مفهوميّ فقط، أمرًا خارجا عنْ صميمِ الذات مادامت الوحدانيةُ، حسب أبي حامد والأشعريّة التقليديّة، ليستْ تقتضي «نظرًا في صفة زائدة على الذات» في انسِجامٍ تامّ مع الوحدانية الذاتية والنفسِية.

(III)

«الوحدانيةُ» و«حقيقَة» الله عند الغزالي: تحلِيلُ من كتاب: «تهافت الفلاسِفة»:

(المسألة: 5/6/7/8 من التهافت)

تندرِجُ كلّ من المسألةَ الخامسة والسادسة، والسّابعة والثّامنة ضمْنَ مباحثِ الوحدانية من الإلهيَات كما تقدم. صحيحٌ أنّ هذا الاشتباك الكلامي – الفلسفي لم يكنْ وليدَ الفترة الغزاليّة؛ إلاّ أنه كانَ، مع أبي حامد، مميّزا بنحو من الأنحاء. وأيّا كانْ فإنّ مسائلنَا هذه لا تدخُل كليّا ضِمْن المسائِل الثّلاث التي أوجبت تكفيرَ الفلاسِفة من قبِل أبي حامِد؛ إلاّ أنها تَبقى منْ مَثَاراتِ الجدل بين المتكلّمين والفلاسِفة. وقد ساعد هذا التحليل في تبيّن نقولٍ فلسفيّة للغزالي عن الفيلسوف ابن سينا نجدها مبسوطةً في مؤلفاتِه المحوريّة.

وحتّى نؤطّر المسألة جيّدا، وقبْل الدخولِ في عَرضِها، نذكر أنّ المسألة تلامسُ قَضيتين أسَاسيتين عَرضَ لهما أبو حَامِد إمّا ممهّدا بهما قبلَ الدخولِ في النّقاش تارةً، أوْ مُضمّنًا لهما في تضاعيفِ النقاش تارةً أخرى، والمسألتان هما:

(1) إشْكال تركب الذات الإلهية من جنسِ وفصل؛ فبناءً على مفهوم الماهية الذي يحمله لنا ابن سينا، والذِي هو عبارة عن أمرٍ يلتئمُ، التئَامًا عقليًّا، من: جنسٍ وفصل؛ نلفِي رفضًا سِينويًّا تمامًا لفكرةِ الماهية بالنسبة لواجب الوجود الذي هو الله الواحد المحض، حيثُ يقرّر أبو عليّ امتناع هذا المعنى عقلا بالنسبة له.

(2) كونُ الوجودِ الواجبِ نفسَ الذات الإلهية، وعينَ حقيقتِه البسيطة والمجرّدة كلّ التجريد عن زيادة أمرٍ عليها؛ حيثُ يقول ابن سينا في تقرير هذا الرأي: «إنّ الأوّل لا ماهية له غير الإنيّة»؛إذ «واجب الوجود لا يصح أن يكونَ له ماهية يلزمها وجوب الوجودِ»، والله ليسَ سوَى «مجرّد الوجود بشرط سَلب العَدم وسائر الأوصَاف عنْه».

  1. وَحدانية واجب الوجود (=الله أو العلة الأولى):

يتفقُ كل من الفَلاسِفة الإسلاميين والمتكلمينَ على وَحدانية الله أو العلّة الأولَى إجمَالاً مع اختلافٍ في رسْم معنًى للوحدانيّة ولوازمها الميتافيزيقيّة والأنطولوجية بالنسبة لله / العلة الأولى، وغايَة ما رسمه أبو حامدٍ الغزاليّ في المسألة الخامسة (م:5) إنّما كانَ تعرّضًا جدليًّا لتضعيفِ مسلك الفلاسِفة، حسبَ قراءَته لهم؛ في التّدليل على وحدانية الله / العلّة الأولى. والملاحظُ، هنا، أنّه، وفي رسْمِ المسألة (م:5)، اكتفى باعتراضين جَدليين يرجعُ أسَاسهما إلى تحليلِ مفهومِ واجب الوجود، حيثُ يَرى أنّ وجُوب الوجودِ، فيمَا يحملُه فلسفيّا، ينطوِي على إجْمالٍ في المعنَى، «إلا أنْ يرادَ به نفي العلة» حسب اعتراضه؛ ومنْ ثمّ فإنّه يفرّع على هذا الأساسِ تعجِيزين اعترَاضيين لمقَالة الفلاسِفة:

  • الأوّل، منهما، ردّ لمفهومِ «وجوبِ الوجود» إلى السّلب والنفيّ؛
  • والثانِي عدمُ اعتبَار السّلوب / النفيّ معلولاً بعلّة مَا.

لقد سلّم الغزالي مَا نقَله عن الفَلاسِفة مِن أنّ الوَحدانيّة تقتضِي، منَ الناحية الأنطولوجيّة، عدمَ الاثنينيةِ والمغَايرَة؛ لكنّه م يسلّم البُرهانَ المقدّم من قِبل خصومه على كونِ الله / العلة الأولى مركبًا تركيبًا من جنسِ وفصل كتركيبِ الأقوال الشارحَة. فقد اكتفَى بـما سماه تفهيمًا للمسألة، عارضًا في نحو سَبعِ صفحاتٍ من المسْألة (م:5) كلامَ الفلاسِفة، وأهم ما في نقله كانَ عبَارةً عن الأوجه الخمسَة التِي تقال على الكثْرة المقابلةِ للوحدة، عند الفلاسفة، حسبَ نقله عنهم، ليتعرّض للمسائل بالبحثِ والمناقشة.

إن التكثّر الذي يقال على الله، حسب نقول التهافت، إنّما يرجع إلى صفاتٍ إضافية؛ وأخْرى تعدّ صفاتٍ سلبية، والأمران لا يوجبان تكثّرًا ولا تعدّدًا محظورا ينافي الوحدانيةَ المطلقة، وفقَ رؤيةِ الفلاسِفة، رغم تكثّر السلوبِ والإضافاتِ، وهذا تمامًا يطابق ما صرّح ابن سينا في موسوعتِه الشفاء حيث يقرّر ذلك بقوله:

«واعلم أنّا إذا قلنا بل بينّا أنّ واجبَ الوجود لا يتكثّر بوجهٍ من الوجوه، وأنّ ذاتَه وحدانيّ صرف محضٌ حقّ، فلا نعنِي بذلك أنّه أيضا لا يسلبُ عنْه وجوداتٌ، ولا تقع له إضَافةُ إلى وُجوداتٍ، فإنّ هذا لا يمكنُ. وذلك لأنّ كلّ مَوجود فيسلبُ عنْه أنحاءٌ من الوجود مختلفة كثيرة، ولكلّ موجود إلى الموجُودات نوع من الإضَافة والنّسبة، وخصوصًا الذي يفيضُ عنه كلّ وجود».

وعلى هذا فإنّ جهات الكثرة المستحيلةِ عند الفلاسفة، حسب مَا ينقل الغزالي، هي تلك التِي تفترضُ أنّ ثمة لله ماهِيةً يَردُ عليها الوجود، ويغايرها، وهذا هو النحو الخامس من أنحاء الكثرة. ومن هذه الجهة يقرّر ابن سِينَا مذهبًا مؤدّاه إلى التوحيد الصّرف الذي لا يُتصور فيه ماهيةٌ ما يلازمها وجُودٌ واجِبٌ مغَاير؛ إذ نلفِيه يَقول في الشّفاء: «إنّ واجبَ الوجودِ لا يجوز أنْ يكون على الصّفةِ التي فيها تركيب حتّى يكونَ هناك ماهيّة ما، وتكون تلك الماهية واجبة الوجودِ، فيكُون لتلك الماهية معنى غير حقيقتِها وذلك المعنَى وجوبُ الوجود»، فالله ليس سوَى «مجرّد الوجود بشرط سلب العَدم وسائر الأوصاف عنه».

  1. صفاتُ واجبِ الوجُود (=الله أو العلة الأوَلى):

يقُول الفيلسوفُ موفّق الدين البغدادي (ت. 629 هـ/1231م)، أحد المطلعينَ على تراث أبي حامد الغزالي والمعارضين للفِكْر السّينويّ، في معرِض حديثه عن الرؤيَة الفلسفيّة والميتافيزيقية لعلاقَة الذّات بالصّفات بالنسبة لواجب الوجود والفاعل الأول / العلة الأولى (=الله): «والفَاعل الأوّل والعلة القصوى إنّما هو هويّة فقط؛ لا يخالطه شيءٌ من الصّفات البتة». ويقول أيضًا موضّحا نفس المعنَى في موضعٍ آخر: «إنّ المبدأ الأول صفاتُه هي ذاته، وذاته هي صفاته، وحدانيّته محضة»، ثم يزيدُ فيقولُ: «ليست صفة من الصّفات، ولا نعتٌ من النعوت التي يوصف بها الباري، إلاّ وتلك الصّفة هي هو؛ فلا محالة أنّ الإرادة هي من نحو الذّاتِ … وإذا قلنا إنها من نحو ذاته؛ لم نعنِ أنها شيءٌ آخر غير ذاته، بل هي ذاته».

إنّ هذه المقَالة التجريدية الغارقة فِي إثبات الوحدانية التامّة أثارت حفيظة متكلمِي الأشاعرة قبل أبِي حامد وبعده، ممّا جعلهم يناقشونَ كل الأنسَاق المفاهيمِيّة والاسْتدلاليّة التِي انطوَت عليها مقَالة الفلاسِفة في التقاليد الإسلامية الوسيطة.

تحِيل إشكالية وحدانيّة الله / العلة الأولَى، في التقاليد الفكريّة الإسلامية الوسيطة، على إشكاليّة الصّفات وعلاقتِها بالذات باعتبَارها أحدَ أهمّ المسائل ذات الأبعاد العقدية والميتافيزيقية في الجدَل القائِم بيْن الأشْعريّة من جهةٍ والفلاسفة، والمُعتزلة – الذِين اقتربوا من موقفِ الفلاسِفةِ التّجريدي – من جهةٍ أخرَى. والغزالي يقرنُ رأيَ الفلاسفة في: (م:6) برأي المعتزلة مُعتبرًا، على لسَانهما، أنّ إثبَات صِفاتٍ زائدة على الذّات يقتضِي إثبات كثْرةٍ للذات (=الله / العلة الأولى) منْ حيثُ إنّ صفاتٍ كالعلم، والإرادةِ، والقدرة… لو قُدّرت كذلِك فإنّها لا تخرجُ عن أن «تكونَ صفاتٍ مقارنةً لذات الأول عن أن تكون أشياء سوى الذات، فيوجبُ ذلك كثرةً في واجب الوجود، وهو محال».

كمَا سبق الإشارة إلى ذلك فإنّ الاتفاق على وحدانية الله / العلة الأولى لم يوجبْ اتحادَ معنَاها بين المتكلمين والفلاسفة؛ لذَا لم يوافقْ أبو حامِد خصومَه في إثباتِ وحدانيةٍ تقتضِي نفيَ صفاتٍ أو موجُوداتٍ تحتَاج، في وجودِها إلى موجُودٍ آخر وإن كانت «الذّات في قوامِها غيرَ محتاجةٍ إلى الصّفاتِ»؛ وعليه فإنّ نفي كثْرةٍ مطلقةٍ، من قِبل خصومِ ومحاوَري أبي حامِد، ليسَ أمرًا مبرهنًا على صِحّته.

لقد حاولَ الغزاليّ غير مرّة تعديلَ الجهاز المفاهيميّ الذي يحكمُ النّسق الاستدلاليّ عند خصومِه، ولعلّ أهمّ مفهومٍ طاله هذا التعديلُ النّاقد في جوهره هو مفهومُ واجب الوُجود والذي طوَى فيه خُصوم أبي حامد، حسبَ ما يذكرُ هو عنهم، مجموعَةً من المسلّماتِ أهمّها:

  • أنّ واجِب الوجودِ لا يكونُ محتَاجًا؛
  • ولا يكُون علّة فَاعلة وقابلةً في ذات الآن.

يرى أبو حامد، بنَاءً على تعديلاته للمفهوم المذْكور، أنّه بالإمكانِ قبولُ مِصداقٍ لمفهومِ واجبِ الوجود يكونُ بمقتضَاه هذَا المصداقُ، الذي هو هنا الصّفة الزائدة الموصوفة بكونِها واجبة الوجودِ؛ ليس «له علّة فاعِلة» إلاّ أنّه محتَاجٌ إلى ذاتٍ من حيثُ إنّه صفَةٌ؛ إذ الدليل دالّ على أنّ «الصفةَ انقطع تسلسل علتها الفاعليّة مع الذّات» وليسَ بالذّاتِ حيث إنها، حسب الغزاليّ، «لا فاعلَ لها كما لا فاعل للذاتِ، بل لم تزل الذاتُ بهذه الصفة، موجودةً بلا علة لها ولا لصفتِها».

نشير، قبلُ، أنّ ثمّة مصطلحًا لازمَ سجالاتِ المتكلمين عُمومًا في مسألة الصفات الإلهية بعد الغزاليّ، على نحو أخصّ، ويتعلّق الأمر بـ«العلّة القابِلية» ومدى منافَاتها لـ«العلة الفَاعلية»؛ إذ يذهب خصومُ المتكلمين من الفلاسفة إلى أنّ الصفة إذا احتاجتْ إلى الذات في وجودِها، وكانتْ الذات الفاعلةُ لتلك الصفة قابلةً لها، والذات معَ هذا كلِّه واحدةٌ وحدةً حقيقيّة؛ لزم، حسب هذَا الرأي، أنْ تكون الذاتُ الواحدةُ مركبةً ومتكثّرة؛ فتستحيل الوحدَةُ كثرةً وبالعكسِ أو تجتمع جهتانِ في الواحدِ وهذا، عند القائلينَ به دائمًا، تناقضٌ واضح. يقولُ ابن التلمساني في تصويره مذهب الفلاسِفة هذَا ونقلاً لاعتراضِهم: «وأما [الدليل على] أنّ الشيء الواحد من كل وجهٍ لا يكونُ قابلا وفاعلاً فلأن طبيعة القبول الإمكان، وطبيعة أن يفعل الإيجاب [=الوجوب]، والشيءُ الواحد لا يكون واجبًا ممكنًا».

لم نرَ بعد أبِي حامد إلغَاءً تامًّا لمصطلح «العلة القابلية»، فقد بقِيت أصداؤه تتردد في الكتابات الكلامِية المتأخرة؛ لما يكتنفُه من أهميّة بالغة بالنسبة لمسألتِنا، رغمَ أنّ حجّة الإسلام أسقطه إسقاطًا عن رتبةِ الاعتبار، معتبرًا إيّاه غيرَ ذي قيمةٍ من حيثُ الـمَفهوم، ومن حيثُ كونُه دليلَ عدم صحة اتصافِ ذات الله بالصّفات؛ فقد وُجد بعد أبِي حامِد من المتكلمين منْ قام بتشغيل حجّة الفلاسفِة في سيَاقٍ كلامِي تامّ كما فعل ابن التلمسانِي عنْد حجاجِه لمذهب فخر الدين الرازي في الصفات. وأيًّا كان فإنّ في الأمر إشارةً، لربمَا، لأثَر السجال الفلسفيّ في علم الكلام بعدَ أبي حامدٍ، كما يشهدُ لبعضٍ من صُور التلقِي الكلامِي لسجال الغزالي في التهافت. وحتّى لا أطيلَ  هنَا أقول: إنّ الغزالي في: (م:6) استمرّ في تعديلِ بعض المفاهيم، وما تنبني عليها من حججٍ حيثُ نراهُ يعدّل كلا من:

  • مفهومِ «تبعية» الصّفاتِ للذات؛ إذ لم يرتضِ الغزاليُّ ردَّ التبعية إلى «المفعولية» مقترِحًا ألاّ يكونَ معنَى التابع سِوى «أنه قائم بالذات قيام الصفاتِ بالموصوف» معَ إمكان كونِ ذلكَ القائم الموصُوفِ بالتّبعية قدِيمًا لا فاعِلَ له؛ إذن فــ«التّبعية» لا تقتضِي الإمكَان.
  • مفهوم «التركيب»؛ أي تركب الله / العلة الأولى من ذاتٍ وصفة؛ إذ لم يرَ، خلافًا لخصومِه، محظورًا في إثباتِ ذات وصفة مُنزلاً اعتراضَ الفلاسفة فِي ذلك، في ركاكَته، منزلةَ قولِ القائل: كل موجودٍ يحتاج إلى مُوجد، والحال أنّ ثمةَ موجودًا لا علة له ولا موجد هو الله؛ فإنّا إذا قبلنَا بضعفِ هذَا التّعميم؛ فإننا لزامًا، حسبَ الغزاليّ دائمًا، سنحكمُ بركاكةِ التعمِيم في الحكم باستحالةِ ثبوتِ موصوفٍ له صفة وهو مع ذلك قديم بصفاتِه؛ وعليه، يخلصُ الغزاليّ، فلنْ يحمِل مفهومُ التركيبِ معنًى مقابلاً لـ«وجوب الوجود».

بقيت بعض الإلزامات الجدلية التِي خاضها الغزالي في ذيل: (م:6) تتحمور حول ما نقله عن أبي سينَا وبعض الفلاسفة في معنَى صفة العلم وكيفية مغايرة الصفة لمعلومِها الذي هو الذات وأجناس الموجودات؛ حيث حاول الغزالي إلزام خصومه القولَ بالكثرةِ في ذات العلة الأولى بانيًا ذلك على مفاهيم من قبيل: الإضافة، والغيرية، والطريان، والمقارنة… فهو، هاهنا، يحَاول بناء سِجالِ جدليّ ينزع إلى وسمِ مذهب الخصوم بما يحاولونَ الفرار منه، وفقَ لغةٍ، يحاول صاحب التهافت من خلالِها، تعظيمَ ركاكةَ أدلةِ بعضٍ من خصومه غير ابن سينَا مبالغةً في دحْضِ مذهب الشيخ الرئيس.

3.     وحدانيةُ الله وإشكالية حقيقتِه:

الأوّل عنْد ابن سينا «لا ماهيةَ له وذوات الماهيات يفيضُ عليها الوجود منه، فهو مجرّد الوجود بشرط سلب العدم وسَائر الأوصافِ عنْه»، و«سائر الأشياء التي لها ماهيات» لا تكونُ إلاّ «ممكنةً توجد به».

يحدّثنا ابن سينَا، إذن، عنْ وحدانية تبلغُ حدّ نفي الماهية عن الله / العلة الأولى؛ إذ ينطوي نصّه المذكور على افتراضٍ مفادُه أنّا لو سلّمنا أنّ الله ذُو ماهيّة مغايرة في حقيقتِها لمفهوم وجوبِ الوجود؛ لأنتج ذلك نوعًا من التّركب الحاصلِ بين كلٍّ من: الماهيّة بما هي هي؛ وبين وجوبيّة الوجود بما هي حقيقةٌ مغايِرةٌ للماهيّة من جهة. قد تقّدم لنا أنّ الاشعريّة، إلى حدود زمن الغزاليّ على الأقلّ، كانتْ تصنّف الوحدانية ضمن فئاتِ الصّفاتِ النفسية الذاتيّة، والتِي تحيلنَا على ذاتِ الله دونَ أمرٍ آخر مغايرٍ؛ فهل كانتْ الوحدانية، من منظورِ الغزاليّ الأشعريّ المذهب، تؤكّد، بخلافِ ما يقولُ ابن سينَا، على أنّ ثمّة لله حقيقةً وماهيّةً ما نعلمها من خلالِ صفاتٍ تدلّنا على ذاتِه فقط؟ لعلّ هذا الإشكالَ هوَ ما ستجيبُ عنه كلٌّ من: (م:7/م:8).

تصوّر الغزاليّ مقالةَ ابن سينَا وراح ينقلُ نقلاً مفادُه أنّ الفلاسِفةَ يزعمونَ أنّ «الأول لا يجوزُ أن يشاركَ غيرَه في جنسٍ ويفارقَه بفصلٍ»، فلا يتطرّق إلى الأولِ، الذي يعنُون به هنَا: الله (=العلّة الأولَى أو واجب الوجود)، شائبُ «انقسَامٍ، في حق العقْل، بالجنسِ والفصلِ». وكما هو معلومٌ في الفلسَفةِ فإنّ التركيبَ عند الفلاسِفة يستلزمُ الكثْرةَ التي هي ضدّ الوحدة؛ إذ كلّ تركيبٍ يفيدُ «الانقسامَ إلى وحداتٍ مُختلفة» وهذه الوحداتُ قد تكونُ حسيّةً كما في الأجسَامِ، أو معنويّةً عقليّةً كما في الماهِياتِ المركّبةِ من: جنسٍ قريبٍ وفصل. وبنَاءً على هذَا منعَ الفلاسِفة أن يكونَ للعلّة الأولى حدٌّ وماهيةٌ كما تقدّم. يقول الغزاليُّ: «وقد اتفَقوا على هذَا، وبنوا عليْه أنّه إذا لمْ يشَارك غيرَه بمعنَى جنسيّ، لم ينفصل عنه بمعنى فصليّ فلمْ يكن له حدّ، إذ الحد ينتظمُ من جنسٍ وفصلٍ، وما لا تركبَ فيه فلا حدَّ له وهذا نوع من التركيب».

وعليه يكُون الداعي إلى رفضِ فكرةِ الحدّ لله، بالنسبة إلى الفلاسفةِ، هو استلزامُها التركيب الذي ينافي الوحدة الحقيقية التِي تقتضِي «كونَ الشّيءِ بحيثُ لا ينقسمُ أصلاً»، وإنّما إذا وقعَت المشاركة بين الله وغيْره في أمرٍ أو معنًى ما فإنّ ذلك لا يكُون اشتراكًا في الجنْس الذاتي الذي «يدخل في مَاهية الشيء المحدود»؛ وعلى هذَا لا يكونُ، حسب الفلاسِفة، الاشتراكُ بين العلّة الأولى (=الله) والمعلولات في الكوْنِ «موجودًا، وجوهرًا، وعلّة لغيره» دليلاً على الاشتراكِ الجنسيّ الذاتي؛ لأنّه لا يخلُو أنْ يكونَ مشاركةً في:

  • لازمٍ عامّ لا يدخل في الماهية؛
  • أو في الوجود المغايرِ لماهيةِ الموجُودات الممكنَةِ؛
  • أو في إضافةٍ لازمة غير ذاتية.

وفي كلِّ من هذه الأمور والاحتمالاتِ لا تثبتُ مشاركةٌ بين الله وبين غيرِه في معنًى كليّ هو الجنس؛ فيخلصُ الفلاسِفة، على لسَانِ أبي حامدٍ إلى القول التالِي:

«ليسَ للأوّل [الله] ماهية، سوَى الوجودِ الواجبِ، فالوجُود الواجبُ طبيعة حقيقيّةٌ، وماهيّة في نفسِه، هو له لا لغَيره، وإذا لم يكن وجوب الوجودِ إلاّ له، لم يُشاركه غيرُه، فلم ينفصل عنْه بفصْلٍ نوعيٍّ، فلم يكنْ له حدٌّ».

بعدَ حكاية أبِي حَامد لجملةِ مذهبِ الفلاسِفة في نفي الحدّ، بمعناه المنْطقيّ، عن الله يتعرّضُ أبو حامدٍ للمطالبَاتِ، والإبطالِ، وهمَا المسلكان اللّذان ارتضاهما الغزاليُّ في مناقشَةِ الفلاسِفةِ؛ حيثُ يظهر جليّا للناظر أنّ أبا حامدٍ لا يُسلّم بدليلِ الفلاسِفةِ لإثباتِ الوَحدَانيّة، وإن كانَ هو وأصحابُه من الأشاعرة يسلّمون بـالوحدانيّة لكنْ بغيرِ دليلِ الفلاسِفَة المقترحِ، والمبنيّ على نفْي الحدّ والماهِية عنِ الله، ويمكنُ تلخيصُ مجمل المطالباتِ في الآتي:

  • إنّه لا دليلَ على نفي الاثنينيّة؛ إذ هذا النوعُ من التركيبِ المفترضِ لا يستلزمُ التسلسلَ في العللِ. والبرهَانُ، عنْد أبي حامِد، «لمْ يدلّ إلاّ على قطعِ التسلسلِ»، وليس ثمّة علاقةٌ منطقية بين التسلسل العلِّي المحالِ والاثنينيّة دائمًا.
  • يفرّق الغزاليّ بين نوعينِ من التّقسيم، الأول: هو «انقسامُ الشّيء إلى الجنسِ والفصل»؛ والثّاني: انقسام «الموصوفِ إلى ذات وصفة»، فإنّا نتصورُ، حسب ما ذهب إليه أبُو حامدٍ، الغيرية في القسْمِ الثّاني، ولا نتصوّرها في القسمِ الأوّل؛ لأن «النوعَ [في مفهومِه المنطقيّ] ليسَ غيرَ الجنْسِ من كلّ وجهٍ، فمهما ذكرنا النوعَ فقد ذكرنَا الجنسَ وزِيَادة، (…) فهذا أبعد عن الكثرةِ من الصّفةِ والموصوف».
  • يُلزِمُ الغزاليُّ الفلاسِفةَ بنقيضِ مذهبِهم، وهو الإلزامُ الذي يبنِيه أبو حامدٍ الغزاليُّ على مسَلّمِ خصومِه الفلاسِفة، فإنه لـمّا لم يعتبروا: «الوجودَ والجوهريّة والمبدئيّة، جِنسًا» مقوّما لماهية الأوّل (=الله، واجب الوجود) وبه يحصُل الاشتراك؛ أوقعُوا أنفسَهم، في المحظورِ الذي لا يرونَه صحيحًا بقولِهم: «إن العلة الأولى [=الله] عقلٌ مُجرّد، كما أنّ سائر العقولِ المعلولة عن العلّة الأولى عقولٌ مجرّدةٌ»، فليستِ «العقليّةُ المجرّدة للذاتِ [وهي، هنا، العلة الأولى، ومعلولاَتُها] من اللّوازم بل هي الماهية، وهذه الماهيّة مشتركة بين الأوّلِ وسائر العقول». وعلى هذا فهناك احتمَالاتٌ فاسِدة، وغير متماسِكة منطقيًّا في نظر الغزالي وهي:
  • أنْ تقع المباينة بين العقل الأول (=الله، العلة الأولى/ واجب الوُجود)، والعقول المعلولةِ عنه بنفسِ ما وقع به التطابقُ، وهذا غير معقول!؛
  • أو أن تقعَ المباينة بينهُ وبين العقول المعلولةِ بجهةٍ غير مشْتركةٍ ولا متطابِقة، وهذا هو الأمرُ المقبول المعقُول الذي يفرُّ منه الفلاسفة حسبَ أبي حامد. يقول – في ختامِ الإلزامِ -: «فهمْ فيه [في هذا الإلزامِ] بين نقضِ القاعِدة، أو المصيرِ إلى أنّ العقليّة [المجرّدة] ليستْ مقوّمةً للذاتِ، وكلاهما محالان عنْدهم». وعلى هذا يلزمهم ما لا يرونَه صحيحًا.

في (م:8)، والتِي تعد الأصغر، يحاول صاحب التهافت بيانَ أنّ لله حقيقَةً ما مغَايرة لوجودِه ومبَاينة عنه، معيدًا نفسَ التعديل المقترحِ من قِبله لمفهومِ التّبعية؛ أي تبعيّة الوجود لحقيقةِ الله؛ حيثُ يقرّر أنّ الفلاسفة إنّما دخل عليهم الخطأ في هذه المسألةِ من جهةِ أخذِهم مفهومَ واجبِ الوجود بلوازم لم تدلّ عليها أدلّة صَحيحة، وإنّما غاية ما هنا أنّ العقلَ «يتّسع لتقديرِ ماهيةٍ واحدةٍ موجودةٍ» من غيرِ أنْ يقتضِي الوصف بكونِ أمرٍ ما على مَاهيةٍ ما؛ التّكثّرَ والتّعددَ المحظورين؛ وعليه فَإنّ «الموجودَ الواحدَ معقولٌ بكلِّ حالٍ، ولا موجودَ إلاّ وله حقيقَة، ووجودُ الحقيقَةِ لا ينفِي الوحدةَ».

وقد اقترحَ في خضمّ سجالِه الفكريّ، مفهومًا أوسَعَ لـ«الـمَاهِيَّة» لا يقفُ عنْد حدودِ ما رسمه الفلاسِفة للماهية من معانٍ ضيّقةٍ ككونِها أمرًا مركّبا ومتعدّدا دومًا…، وهي المفاهيمُ التي دفعتْهم إلى نفْي الحقيقةِ أو الماهية عن الله؛ فراحوا يقرّرونَ أنّ الله لا جنسَ له ولا فصل؛ وعليه فلا ماهيةَ له ولا حقيقةَ له سوى وجُودِه الواجبِ المحض. رأى الغزالي، في مقابلِ هذَا، أنّ وجودًا بلا ماهيةٍ ولا حقيقةٍ يعدُّ ضربًا من ضروب اللامعقول؛ وعليه فمقالة كهذِه لا ترجعُ إلاّ إلى إثباتِ «وجودٍ لا موجود» مادامَ الله، حسب الفلاسِفة، موجُودًا بلا حقيقةٍ ولا ماهية.

لا يقالُ: إنّ حقيقَتَه وماهيتَه هي كونُه واجبَ الوجودِ!؛ إذ لا يستقيمُ هذَا، معَ مفهومِ واجب الوجود بما هو مفهومٌ ينطوِي على عدَمٍ وسلبٍ مفادُه نفي العلّة. إذن فالخلاصةُ المتّسقةُ منطقيًّا، حسبَ الغزالي، أنّ ثمةَ أمرينِ:

  • ذَات لها حقيقَة معقولةٌ؛
  • ووجُوب وجودٍ مغَاير لتلكَ الحقيقَة، وهذا الأخيرُ يحيلُ على نفْي علّة عنْها فقط، وإذَا نحن لم نسلّم بهذه النّتيجة، يضيفُ الغزاليّ، فإنّ الوجوبَ، جدليّا، مغايرٌ للوجودِ وهذه عين الكثرة!؛ لذا، وجبَ قَبولُ نقيضِ ما يراه الفلاسِفة صحيحًا.

خَاتمة:

لم أسعَ، في هذا البحثِ، إلى تقدِيم أجوبة تبدو لربّما جاهزةً كامِلة؛ لكنّي إنما أردت استشكالَ تاريخِ الصّفاتِ النفسية في المذهب الأشعريّ، ومعرفة تفاعلاتِ هذا التحديدِ الفئويّ الدّقيق مع بعض القضَايا الفلسفيّة؛ ومن ثمّ تحديد مدى أثرِ الفكْر الفلسفيّ، ليسَ فقط في إرساءِ مفهومٍ محدّدٍ تحديدًا مُتسقًا؛ وإنمّا أيضا في تقويّةِ التقليدِ الأشعريّ المتأخّر.

إنّ تنقيبًا مقارِنًا كهذَا، والذي أعتبره اختبار أوليّا الآن من الناحية العلميّة؛ كفيلٌ بأنْ يضعنَا أمَام تأريخ فكريّ متماسك المعَالم للدرس الكلاميّ، تأريخ يتوسّل، في طريقَته، سبلَ فهمِ كلّ منَ النّسَقِ المنطقيّ ذِي البعدِ المنْهجيّ؛ والنّسق المضمُونيّ ذي الأبعادِ الدّينية والفلسفيّة، والطّبيعية أيضًا؛ بغيةَ اقتراحِ معالِـم تاريخيّة للفِكر الكلاميّ في تفاعلاتِه، ومظاهره تبدُو أكثر رصانةً، واتزَانا ممّا اقترحه زمرةٌ من الباحثينَ لاسيمَا أنّنا، اليومَ، أمَام ثروةٍ مهمّةٍ منْ الكتاباتِ الكلاميّة التِي يمكنُ اعتِبارها صُورةً مفصِحَة عنْ تاريخِ العِلمِ قبْل أنْ تكونَ حامِلةً له.

وإلى هذَا فإنّ الأشعريّة، لربّما، في يدِ أبي حامِدٍ الغزاليّ – وفي فترةِ حياتِه المبحوثَة كما أسلفتْ – لم تشهدْ بعدُ تطوراتٍ منهجيةً تمسّ بعضًا منْ معالِمها الداخِليةَ؛ إلاّ إذا استثنَينا التوسّل بمناهجِ المنطقِ الأرسطيّ كما يظهَر في عَملِ الغزاليّ: الاقتصاد، وإلاّ فإنّ التصورَ المذهبيّ للوحدانية الإلهية، وتضمينَها ضمنَ فئاتٍ أخرى غير تلكَ التِي استقرّ عليهَا المتأخرون بقيَ كمَا هوَ في جوهره  إلى حينٍ من الزمانِ؛ حيث ركن حجّة الإسلام أبو حامِد، وبقي مشدودًا، إلى سجالٍ يجعلُ الفلسفةَ مقابلةً لصناعةِ الكلامِ لا يرضى أيّ واحدٍ منهما بما للثّاني ولو ظاهريّا؛ إلى أنْ شهدَت الأشعريّةُ تطوراتٍ بالغة الأهميّة، في هذَا المستوى، كانَ فيه تشغيلُ الفلسفةِ أداةً للنقَاشِ والفهمِ أمرًا مطلوبًا حتى التبسَ كلّ واحدٍ بالآخر.

والله الموفّق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يمكنً فقط الوقوف على الدراسة البيبليوغرافية المعدّة من قبل د. عبد الرحمن بدوي لمعرفة عدد المؤلفات المرجعية المؤلّفة من قِبل أبي حامد. راجع: مؤلفات الغزالي، عبد الرحمن بدوي. وكالة المطبوعات: ط:2-1977م. 

(2) Essai de chronologie des œuvres de Al-Ghazali, Maurice BOUYGES, édité et mis à jour par: Michel ALLARD. Publiés sous la direction de l’institut de lettres orientales de Beyrouth. p:10.

(3) Ibid. p:33-34

(4) ضمّن الغزاليّ هذه الرسالة كتابَه المشهور بـ: «إحياء علوم الدين»، وهِي عقيدة صغيرةٌ قدّمتْ استرسالاً من أبِي حامدٍ بلا تطويل ولا تفصيلٍ في ذكر البراهين ومناقشات الخصومِ كما في الاقتصاد. راجع الرسالة في: إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، تح: د. بدوي طبانية. مكتبة ومطبعة كرياطة فوترا، دت، (1/89) وما بعدها إلى: (1/93).

(5) تشغل هذه الرسالة عشر صفحات تقريبًا من الفصل الثالث في كتابِ: قواعد العقائد من: «إحياء علوم الدين»، وتحديدًا من: (1/104) إلى: (1/115). انظر: إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي. (1/104) وما بعدها. والرسالة تتميزُ باحتوائها على أدلة عقلية ونقلية بخلاف قواعد العقائد رغم أنّها ليست بالطويلة أيضا.

(6) Essai de chronologie des œuvres de Al-Ghazali, Maurice BOUYGES. p:10.

(7) يحيلُ الغزاليّ على عمله التهافت في كتابِه الاقتصاد بقوله: «وقد استوفينَا تحقيق الإلزامين في كتاب التهافت». الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد الغزالي. ص:172.

(8) الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد الغزالي. ص:74.

(9) الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد الغزالي. ص:75 وما بعدها.

(10) الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، أبو المعالي الجويني. ص:.54.

(11) يمكن المقارنة وتحليل مجموعة من المفاهيم الواردةِ في: «الإرشاد»، و«الاقتصاد» فيما يخصّ قضية حدوث العالم. انظر: الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد الغزالي. من ص:91 إلى ص:101، و الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، أبو المعالي الجويني. من ص:72 إلى ص:84. وقد كنتُ أودّ عقد مقارنَات بين ما ورد في النصين لكن المقام يضيق عن ذلك.

(12) قارن بين الجويني والغزالي في النشرتين المعتمدتين في القضايا التالية: إثبات صفة القدم (الاقتصاد:102، الإرشاد:87). دليل صفة البقاء (الاقتصاد:103، الإرشاد:179). دليل استحالة عدم القديم (الاقتصاد:103، الإرشاد:78). استحالة بقاء الأعراض زمانين (الاقتصاد:105، الإرشاد:180) تعليل جواز رؤية الله بالوجود (الاقتصاد في الاعتقاد:131، الإرشاد:216)… والمقارنات تطول بين النصين.

(13) المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية، أبو الحسن اليفرني الطنجي. (2/647).

(14) الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد الغزالي. ص:91.

(15) الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد الغزالي. ص:92.

(16) Essai de chronologie des œuvres de Al-Ghazali, Maurice BOUYGES. p: 41

(17) الغزالي ومصادره اليونانيّة، د. عبدالرحمن بدوي، ضمن: أبو حامد الغزالي في الذكرى المئوية التاسعة لميلاده. المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية: 1960م، ص:235.

Essai de chronologie des œuvres de Al-Ghazali, Maurice BOUYGES. p:57 (18)

(19) الغزالي ومصادره اليونانيّة، د. عبدالرحمن بدوي. ص:234.

(20) من مفهوم الواحد إلى مفهوم العلم – ابن سينا وابن رشد أنموذجًا، محمد مزوز، بحث محكّم: قسم الدراسات الدينية. منشورات موقع مؤمنون بلا حدود، ص:7: https://bit.ly/2Zo5qsS

(21) من مفهوم الواحد إلى مفهوم العلم، محمد مزوز. ص:9.

(22) الاقتصاد في الاعتقاد، أبو حامد الغزالي، ص:142.

(23) الإشارات والتنبيهات، أبو علي ابن سينا. (1/204-205).

(24) الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:345.

(25) الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:344.

(26) الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:344.

(27) الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:347.

(28) تهافت الفلاسفة، أبو حامد الغزالي. ص: 160.

(29) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 160.

(30) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 161.

(31) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 162.

(32) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 163 – 164.

(33) جاء في المعجم الفلسفي: «الكثرة ضدّ الوحدة، واللفظان متقابلان ومتضايفان … وتعرف الكثير بقولك إنّه الشيْ الذي يقبل الانقسام إلى وحداتٍ مختلفة». المعجم الفلسفي، جميل صليبا. (2/224). ويمكنُ الرّجوع إلى: المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء، الفصل الثّانِي «في الكلام في الواحد»

وقد قسّم الفلاسِفة، كما في التهافت، أصناف الكثرة إلى: (1) كثرة فعليّة أو وهميّة؛ (2) كثرة غير كميّة تحصل من مجموعِ شيئين بالحد والحقيقة؛ (3) كثرة بالصّفات؛ (4) كثرة عقلية بتركبِ جنس وفصل؛ (5) كثرة من جِهة الماهيّة. غير أنّ هذا النقل للأقسَام يحتَاج إلى معرِفة أصله.

(34) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 164-165.

(35) الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:343-344.

(36) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 164.

(37) الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:345.

(38) الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:347.

(39) ما بعد الطبيعة، موفق الدين عبداللطيف البغدادي، قدم له وحققه: يونس أجعون. دار الكتب العلمية، ط: 1-2017م. ص:269.

(40) ما بعد الطبيعة، البغدادي. ص:310.

(41) ما بعد الطبيعة، البغدادي. ص:311.

(42) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 172.

(43) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 173.

(44) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 174.

(45) شرح معالم أصول الدين، شرف الدين التلمساني. ص:290.

(46) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 174.

(47) يقُول ابن التلمساني في معرض اعتراضِه على رأي فخر الدين الرازي: «ثم تعليل هذه الوجوه المختلفة بالذات الواحدة يستلزم تعدد الوجوه المختلفة فيها، فيلزم التركيب في ذاته. وإذا كانت ذات واجب الوجود واحدة من كل وجه لزم أن تكون قابلة فاعلة معًا، وهو محال». شرح معالم أصول الدين، شرف الدين التلمساني. ص:292.

(48) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 175 بتصرف.

(49) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 175 بتصرف.

(50) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 176.

(51) تهافت الفلاسفة، الغزالي.  من ص:176 إلى ص: 183.

(52) الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:347.

(53) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 184.

(54) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 184.

(55) المعجم الفلسفيّ، د. جميل صليبا. (1/224).

(56) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 184.

(57) المعجم الشامل لمصطحات الفلسفة، د. عبدالمنعم الحنفي. ص:937.

(58) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 185.

(59) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 185.

(60) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 185.

(61) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 185.

(62) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 186.

(63) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 186.

(64) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 186.

(65) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 188.

(66) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 188.

(67) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 189.

(68) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 190.

(69) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 191.

(70) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 191.

(71) انظر: الشفاء – قسم الإلهيات، أبو علي ابن سينا. ص:347 وما بعدها.

(72) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 191.

(73) تهافت الفلاسفة، الغزالي. ص: 192.

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق