أمهات ملوك المغرب رائدات في العمل الديني – الحلقة السادسة- الأميرة للا خناتة بنت بكار المغافري أم المولى عبد الله العلوي
الدكتور مصطفى مختار
باحث في مركز علم وعمران
شكلت للا خناتة بنت بكار المغافري، زوجة المولى إسماعيل العلوي، وأم المولى عبد الله العلوي، رائدة من رواد العمل الديني خلال وجوه مختلفة:
التخلق بأخلاق العلم والتقوى:
كانت أمنا الفضلى للا خناتة "أفقه نساء مولانا إسماعيل وجواريه وأتقاهم وأورعهم وأحسن سيرة منهم"[1].
حمل القرآن الكريم، ودراسة العلوم الدينية:
حفظت للا خناتة القرآن الكريم على يد محمد المكي الدكالي. حيث "تكتب لوحها بيدها وتبعثه له مع أمتها"[2]. واهتمت بالحديث النبوي[3]، والعلوم الدينية[4].
حج بيت الله الحرام:
نهضت الأميرة المذكورة، في طريقها إلى حج بيت الله الحرام من مدينة مكناسة بعد صلاة الجمعة يوم 11 جمادى الثانية عام 1143 هـ. حيث أدت مناسك الحج[5].
الإسهام في إقرار السلم بين الملوك العلويين وسلطات الجزائر وطرابلس:
أسهمت للا خناتة في إقرار السلم والتعاون بين ملوك المغرب وسلطات الجزائر وطرابلس، بحسب الهدايا التي تلقتها وتلك التي تبادلتها[6].
إحياء ليلة المولد النبوي ببلاد مصر إبرازا للشخصية الإسلامية المغربية:
أمرت سيدتنا للا خناتة وهي ببلاد مصر "بإحياء ليلة المولد النبوي على العادة المألوفة بالمغرب، وتليت الأمداح النبوية: البردة والهمزية ودلائل الخيرات"[7].
الإحسان لأهل الحرمين الشريفين وأهل النبي صلى الله عليه وسلم:
أعطى المولى عبد الله العلوي أمّه "من الدراهم بقصد التوسعة على أهل الحرمين الشريفين مائة ألف دينار". وقدم عليها شرفاء منطقة الينبوع، "فأكرمت وفادتهم وأحسنت إليهم كعادتها المألوفة [...] وأهدت لهم كساوي من أرفع طرز وأدت لهم مائتي مثقال ذهبا مطبوعة كانت توجه لهم أيام زوجها السلطان الأعظم مولانا إسماعيل ومائة مثقال ذهبا منحة من عندها شطرها للشرفاء والشطر الآخر للشريفات". وعند إقامتها بمكة أكرمت الناس[8].
التحبيس على قراء القرآن ودارسي صحيح البخاري، بمدينة مكة:
أوقفت المترجمة، بمكة "أوقافا ذات بال منها دار اشترتها من أولاد العلامة أبي محمد عبد الله بن سالم البصري بباب العمرة أحد أبواب المسجد الحرام بما يقرب من ألف مثقال ذهب مطبوعة وحبستها على طلبة يختمون كل يوم ختمة من القرآن وعلى من يدرس صحيح [...] البخاري وعينت ناظرا على الدار المذكورة"[9].
زيارة القبور عملا بالسنة خلال مسيرها إلى الحرمين الشريفين:
مرت سيدتنا أم المغاربة الفضلى بمصراتة، بليبيا، "حيث مدفن أبي العباس أحمد زروق". ومرت بقبور الشهداء في طريقها من مكة إلى المدينة المنورة[10].
بناء ضريح أبي بكر ابن العربي، بمدينة فاس:
بنت ضريح سيدي أبي بكر ابن العربي، خارج باب المحروق، من فاس[11]. وبذلك، مثلت ملمحا من ملامح العمل الديني المغربي في الاهتمام بصلحاء البلاد.
البحث عن استتباب الأمن والمطالبة بالشرعية:
اهتمت المترجمة بمسألة أمن الحدود الشرقية المغربية. وطالبت بشرعية حكم ابنها المولى عبد الله العلوي في مواجهة طموح الجيش إلى الحكم[12].
الإسهام في تربية ولي عهد أمير المؤمنين:
أسهمت في تربية حفيدها سيدي محمد الثالث العلوي[13]، بشكل ساعد على تحمله مسؤولية إمارة المؤمنين بجدارة واستحقاق[14].
الاهتمام بإقرار السلم بين المغرب وبعض الدول الأوروبية:
شاركت أمّنا الفضلى في إقرار السلم والتعاون بين المغرب وبعض الدول الأوروبية، بحسب ما أرسلته أو تلقته من رسائل ديبلوماسية[15]. رحم الله للا خناتة، أم أمراء المؤمنين وأم المغاربة الفضلى. وجعل عملها الديني الحضاري تحفيزا لأميرات حاليات على بذل المزيد من العمل لخدمة ديننا السمح.
والله الموفق للصواب والمعين عليه.
الإحالات:
[1] نشر المثاني، ج3، 1986 م، ص38؛ وج4، ص219.
[2] نشر المثاني، ج4، ص219.
[3] انظر: الجيش العرمرم، ج1، تقديم وتحقيق وتعليق: أحمد الكنسوسي، مراكش، المطبعة والوراقة الوطنية، 1994 م، ص173؛ وكتاب الاستقصا، ج7، ص138.
[4] انظر: الجيش العرمرم، ج1، ص173؛ وكتاب الاستقصا، ج7، ص138.
[5] إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس، ج3، عبد الرحمان ابن زيدان، تقديم: عبد الهادي التازي، مطابع "إيديال"، 1990 م، ص17 وما بعدها.
[6] نفسه، ص19- 20. وراجع: المرأة في تاريخ الغرب الإسلامي، ص193.
[7] المرأة في تاريخ الغرب الإسلامي، ص193.
[8] إتحاف أعلام الناس، ج3، ص17، وص21.
[9] نفسه، ص21- 22.
[10] نفسه، ص20، وص22.
[11] انظر: سلوة الأنفاس، ج3، ص250؛ ونشر المثاني، ج4، ص240.
[12] انظر: تاريخ الضعيف، ج1، ص238؛ وحوليات نشر المثاني، محمد القادري، تقديم وتحقيق: نورمان سيكَار، مطبعة كَرافوبرانت، 1978 م، ص65- 66.
[13] انظر: نشر المثاني، ج3، ص336؛ وتاريخ الضعيف، ج1، ص298؛ وإتحاف أعلام الناس، ج3، ص148؛ وج5، ص444؛ وكتاب الاستقصا، ج7، ص131.
[14] إتحاف أعلام الناس، ج3، ص19.
[15] راجع: المرأة في تاريخ الغرب الإسلامي، ص188 وما بعدها؛ والوسيط في التاريخ الدولي للمغرب، مج3، ص219.