مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةتراث

قصيدة في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم لدفع المكاره للعلامة أبي زكرياء الداودي المناني الحاحي (1035هــ)-تقديم وضبط

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وبعد؛

فكثيرا ما تجد الناس يتوجهون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويتوسلون بشفاعته، إذا حل بهم مكروه أو حزن أو ضر ليرفع عنهم رب العالمين هذا الكرب والهم والغم، وقد نظم السادة العلماء منظومات كثيرة في التوسل بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، ومن بينها ما أنشده الأديب الأريب الصوفي أبو زكرياء المناني الحاحي في التوسل بالنبي وأصحابه وقرابته وذريته، ولأهميتها ارتأيت ضبطها والتعريف بها وبصاحبها. فأقول وبالله التوفيق:

التعريف بالناظم[1]

  هو: يحيى بن عبد الله بن سعيد بن عبد المنعم، أبو زكرياء الداودي المناني الحاحي، فقيه متصوف، ينتسب إلى الأسرة النَّعِيمِيَّة، إحدى أكبر وأشهر الأسرالعلمية بحاحا في جنوب غرب المغرب، وكان جده سعيد بن عبد المنعم (ت 953هـ) أشهر أعلام هذه الأسرة علما وعملا، ومن أهم شيوخه: والده أبو محمد عبد الله بن سعيد، والشيخ الصوفي المحدث أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد الدرعي السوساني المعروف بأدافال، وأخذ بفاس عن قاضي الجماعة عبد الواحد بن أحمد الحميدي، والفقيه المتفنن أبو القاسم بن أبي النعيم الغساني الفاسي،  وغيرهما، وممن أجازه أيضا أحمد بابا السوداني التنبكتي.

  ولقد ورث أبو زكرياء الحاحي عن أبيه عبد الله بن سعيد زاويته، فتصدى للتدريس والتعليم والتربية، وكان من أهم تلامذته: الشيخ أبو زيد عبد الرحمان التمنارتي، والفقيه الأديب داود بن عبد المنعم الدغوغي، والشيخ محمد بن بلقاسم الحسن اللكوسي.

 وأثنى عليه العلامة محمد المختار السوسي بقوله: «العلامة الجليل  الرئيس المتبوع، فرع كل آل سوس في عصره»[2].

  ولم تثن الصراعات السياسية الشيخ يحيى الحاحي عن التأليف والتصنيف، فألف كتبا منها: أجوبة في مسائل شتى، ومؤلف في الجداول، و له أيضا قصائد رائقة، ومواعظ مبكيات.

  وكانت وفاته ليلة الخميس سادس جمادى الثانية من سنة 1035هــ بقصبة رودانة، وحمل من الغد إلى رباط والده فدفن بجنبه رحمه الله.

  التعريف بالقصيدة:

هي قصيدة مباركة رائية في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه وأزواجه وذريته وأهل بيته وبالصالحين المفلحين من أمته للشيخ الإمام العالم الرباني أبي زكرياء يحيى بن عبد الله بن سعيد الداوودي المناني رحمه الله. أنشدها رضي الله عنه يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان المعظم عام ست بعد الألف توسل بها في دفع وباء وقع إذ ذاك تقبل الله توسله وبلغه في الدارين أمله. وعدد أبيات هذه القصيدة:  42 بيتا.

واعتمدت في ضبطها،  على نسخة بالمكتبة الوطنية، وهي ضمن مجموع من ص: 1 إلى 3 تحت رقم: 47ك  .  و3 نسخ بالخزانة الحسنية  الأولى تحت رقم:2701  ضمن محموع ص:  (2أ)، والثانية تحت رقم: 2858ضمن مجموع من 4ب إلى 5ب، والثالثة تحت رقم: 13312 ضمن مجموع من 116أ إلى 116ب.

نص القصيدة:

صلاة وتسليم على سيد الورى

 

محمدٍ المنجي من الضيقِ والعُـسر

سألتُك يا لله يا كاشف الضـر

 

بجاه النبي المصطفى وأبي بكر

وبالسيد الفاروق ثُمَّتَ[3] بالرضى

 

عليّ وبالسبطين بعد أبي عمر

بطلحةَ ربي بالزبير بِسَعْدِهم

 

بجاه سعِيدٍ بابن عوفٍ أخِ اليسـر

بعاشرهم أبي عُبيدة ثم مَن

 

مِن أصحاب خير الرسل جاهد في بدر

إلهي بإبراهيم نجلِ نبينا

 

وقاسِمِه والطيِّبِ الطيب الذكر

وبالطاهر الأرضى بزينب بنته

 

بفاطمة  الزهراء الملازمة السِّتر/2/

بباقي بناته رقية ثم أم

 

كلثوم  يا ذا  الصَّفح والعفو والبر

بزَوْج رسول بنت خويلد

 

وسودة مع ميمونة الفخمة القدر

بحفصة أيضا مع جُوَيْرَية كذا

 

بعائشة ذات البراءة في الذكر

بعاتكة مع بنت جحش  بزينب

 

برَملة مع مارية  بعد بالأثر

بقربي النبي المؤمنين به بمن  

 

يمُتُّ إليه بالقَرَابة والصِّهر

بمن شاهد الغَرَّاء بَيْعته  الرضى

 

ويوم حنين يوم أُيّد بالنصـر

بأصحابه طُرا بتابعهم بمن

 

رآهم من أهل الدين والعِلم والخير

بجاه البخاري مع رواة حديثه

 

وبالترمذي وبالنسائي ذي البر

كذا بأبي داود مع مسلم  بِمَن

 

رووا عنه من عدل أخٍ ثقة بر

بمالك الأرضى بأحمد مع أبي

 

 حنيفة ثم الشافعي ذوي الفخر

وبالراسخين النجْب في العلم جُملةً

 

وبالفقهاء السَّبعة الأنجُم الزُّهر

وبالسبعة القراء بقادتهم إلى

 

أبي ّبمن يدلي إليهم بمن يُقر

بمن قد مـضى في الدهر من كل صالح

 

 بالأبدال بالأوْتَاد  في كل ما عُصْـر

بجملة أهل الزهد في كل بلدة

 

وبالذاكرين الله في العـسر والـيسر

إلهي  بأقطاب الوجود بقطبهم

 

بعبدك عبد القادر الأوحد الصدر

وبالنجباء الفاضلين وكل مَن

 

يُعَدُّ نقيبا بالإمامين بالحَبر

بقطب زماني يا مغيث بغوثه

 

أغثنا  بعفو عاجلٍ منك يا ذخر

إلهي  لجأنا نحو بابك خُضَّعا

 

منيبين نرجوا العفو من راحم بر

نناديك جهرا بل وسرا ويَقَظَة

 

ونوما لهذا الأمر يا مالك الأمر

أجرنا أجرنا من بلائك واكْفِنا

 

بحِفْظِك ما نخشاه يا عالم الـسر

سألناك عفْوا  يا عفوّ ورحمة

 

ورفعا لهذا الضـر يا جابر الكـسر

إلهي اكفنا هذا الوباء وشرها

 

به جاء بالعِلم المَصون وبالذكر

ويا حيُّ  يا حنَّان يا حق نجنا

 

من الطَّعن والطاعون يا كشف الضـر

وأنت حكيم يا حليم فعافنا

 

ولا تُرْدِنَا وأبْدُل الـعُسْر باليُسـرِ

ويا مُومِنٌ أمنْ بأمنك خوفنا

 

وأمِّنْ بلادا نحن فيها من الـشر

وَصِل يا وصُول حِفظنا دائما وقِ

 

جماعتنا كلَّ المكاره والـضر

سألناك حفظا يا حفيظ فجد به

 

لنا واكفنا من كل شر ومن ضر

بأمنك يا كافي اكفنا  وتولنا

 

برعيك يا مولانا في السـر والجهر

 ومُنَّ بلطف يا لطيف وكُن بنا

 

رءوفا  رحيما  يا رحيم مدى الدهر

لجودك يا مُعطي مَدَدْنَا  أَكُفَّنا

 

وفضلك يأبى أن ترد على صِفر 

دخلنا حمى من قد ذكرنا استجب لنا

 

وأمِّن قلوبا  لا تقر من الدُّعر

إلهنا وفقنا لطاعتك التي

 

هي العروة  الوثقى ويسـر بها أمرِ

وصل وسلم دائما متواصلا

 

على أحمد المبعوث للعبد والحر

وأصحابه طُرا  وأهل وِداده

 

صلاة وتسليما تجل عن الحصـر

فيا رب بالمختار أحمد عافنا

 

وعجل شفاء لا يغادر ذا الـضر

 هوامش المقال:

*****************

[1] من مصادر الترجمة: وفيات الرسموكي (ص: 29)، طبقات الحضيكي (2/ 598 ـ 599)، الاستقصا (6/ 32 ـ 50)، الإعلام بمن حل مراكش (10 /222 ـ 245)، المعسول (19/ 84 ـ. 93)، سوس العالمة (151 ـ 152)، (183)، الأعلام (8 /155)،  له ترجمة وافية بقلم  بوشعيب شبون رحمه الله منشورة بموقع مركز إحياء الثرات التابع للرابطة المحمدية، ثم بعد ذلك بقلم محمد اليولو منشور بموقع مركز ابن القطان.

[2] المعسول (19/ 84)،

[3] في نسخة الحسنية ذات الرقم: 2858  : تمنا

**************

المصادر والمراجع:

الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى لأبي العباس أحمد بن خالد بن محمد الناصري، تحقيق جعفر الناصري محمد الناصري، دار الكتاب، سنة النشر 1418هـ/ 1997م.

الأعلام لخير الدين الزركلي دار القلم للملايين ط15، 2002م.

سوس العالمة  لمحمد المختار السوسي،  منشورات مؤسسة “بنميد” البيضاء،  ط2، 1984م ـ 1404هـ.

طبقات الحضيكي لمحمد بن أحمد الحضيكي، تحقيق  أحمد بومزكو، مطبعة النجاح الجديدة ـ الدار البيضاء ط1 1427هـ  2006 م.
الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام  للعباس بن إبراهيم، تحقيق عبد الوهاب بن منصور، المطبعة الملكية بالرباط 1403هـ ـ 1983م.

 المعسول لمحمد المختار السوسي ، مطبعة النجاح، البيضاء 1383هـ ـ 1963م.

 وفيات الرسموكي ، حققه وهيأه للطبع العلامة محمد المختار السوسي، مطبعة الساحل الرباط، ط1 ، 1408هـ ـ 1988 م.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار 

 

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق