وحدة المملكة المغربية علم وعمرانفهارس

جامعة القرويين تمنح أول إجازة في الطب

تعتبر هذه الإجازة بمثابة اعتراف بما قام به طبيب مغربي مارس الطب والصيدلة والبيطرة بمدينة فاس، وهو عبد الله بن محمد بن صالح الشجار الكتامي أستاذ ابن البيطار، ويعتبر من أطباء القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي.

وقد صادفت سنة (595هـ) التي منحت فيها هذه الإجازة وجود السلطان محمد الناصر بمدينة فاس التي قد دخلها وقام ببناء قصبتها وأسوارها ولم يغادرها إلا في شهر شوال سنة (604هـ).

وهذا محتوى الإجازة:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه

إجازة في الطب من جامعة القرويين بفاس

الحمد لله الذي زين الإنسانية بحب العلم وجعل الانتماء إليه من أعظم الوسائل وأقوى الأسباب، وكتب الشفاء لمن شاء بما شاء على يد من شاء من بريته، وأنزل الماء ثجاجا برحمته، فأخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا بحكمته، وأخرج من نبات شتى، وأنعام ترعى، ودواب تسعى، منافع كثيرة ومشارب عديدة.

خلق الإنسان وعلمه البيان، وأبرز له معالم في كل زمان ومكان، من أدوية جافة وأدوية نافعة شافية، بواسطة من شاء من الحكماء الأعيان الأعلام، مما لا تدركه بعادة حكمته غاية الصفوة والأفهام، حمدا يليق بكماله، والحكيم العليم واللطيف الحليم، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله النبي الأواب، الناطق بالحكمة وفصل الخطاب، اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه صلاة تدلنا بها عليك، وتقربنا بها إليك، والحمد لله رب العالمين.

وبعد فإن علم الطب من أفضل مهمات العلوم، بل علم شريف شرعي، والأحاديث فيه كثيرة كقوله : «إن الذي أنزل الداء هو الذي أنزل الدواء» وأمر عليه السلام بالكي والحجامة، وقد ألف فيه جماعة من العلماء الفحول، وبسطوا فيه الكلام والأبواب والفصول، وبحثوا فيه علاج الإنسان والدواب بما يقتضيه الأمر من المركبات والأعشاب، وحيث كان هذا العلم بهذه المنزلة، وكان الطبيب الأرضي عبد الله بن صالح الكتامي الانتماء، قد تصدر لمداواة الناس والدواب ومعالجتهم بالحضرة الإدريسية، وكانت له الأهلية لفهم الأطباء في دواوينهم، وطلب ممن خالطوه أن يشهدوا له بالإجازة في علم الطب على عادة الأطباء الأقدمين، واحتاج في ذلك للإذن لمن له الأحكام الشرعية بحضرة مدينة فاس الإدريسية، ورفع أمره إليه فأذن له في تلقي الشهادة من العلماء المعترف لهم بالعلم والورع وحسن التدبير.

لقد شهدوا له بكونه بحرا يقف فحول الأطباء بساحله، وعجزوا عن مجاراته في ميادين صناعة الطب والبيطرة والصيدلة ودلائلها، عارفا مهندسا، وحاذقا كيسا، وهو رجل صالح لا يتهم بجريمة ولا خيانة، ملازم للصلوات الخمس بالجماعة، وكثرة الأذكار وغير ذلك من أفعال البر، ويشهد الأطباء والحجامون بأنه عارف بميادين الطب والبيطرة والصيدلة، وأنهم يشهدون بإجازته في ذلك كله إجازة تامة شاملة عامة، وذلك في العاشر من شهر رجب عام 603 هجرية بحضور ابن البيطار، الطبيب أبو العباس النباتي (النبطي) والطبيب ابن الحجاج الإشبيلي كان الله لهم.

الحمد لله أشهد العبد الفقير العلامة الأمثل قاضي الجماعة بالحضرة العليا أعزها الله تعالى بثبوت الرسم أعلاه عنده الثبوت التام، قاضي فاس محمد بن عبد الله الحسيني. 

 

نقلا عن كتاب «جامعة القرويين تمنح أول إجازة في الطب»، للدكتور محمد زين العابدين الحسيني، الدار العالمية للكتاب للطباعة والنشر والتوزيع، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2017م.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق