
قال العلامة الإمام المفسر الأصولي الفقيه، أبو القاسم محمد بن أحمد بن جُزي الغرناطي الكلبي (ت741هـ) رحمه الله تعالى: اختلفت مذاهب الناس في صحبة الناس؛ فمنهم من اختار الصحبة لقصد النفع والانتفاع، ولفضل الأخوة في الله تعالى، ومنهم من اختار الانقباض والعزلة؛ لأنها أقرب إلى السلامة، ولأن شروط الصحبة قلَّ ما توجد.
والناس ثلاثة أصناف: أصدقاء، وقليل ما هم، ومعارف، وهم أضر الناس عليه، ومن لا يعرفك ولا تعرفه فقد سلمت منه وسلم منك.
فأما الصديق فشروطه سبعة:
الأول: أن يكون سنيا في اعتقاده.
الثاني: أن يكون تقيا في دينه، فإنه إن كان بدعيا أو فاسقا ربما جر صاحبه إلى مذهبه، أو ظن الناس فيه ذلك، فإن المرء على دين خليله.
الثالث: أن يكون عاقلا، فصحبة الأحمق بلاء.
الرابع: أن يكون حسن الخلق، فإن كان سيء الخلق لم تؤمن عداوته، وتختبرُه بأن تغضبه، فإن غضب فاترك صحبته.
الخامس: أن يكون سليم الصدر في الحضور والغيبة، لا حقودا ولا حسودا ولا مريدا للشر ولا ذا وجهين.
السادس: أن يكون ثابت العهد غير مَلُول ولا مُتَلَوّن.
السابع: أن يقوم بحقوقك كما تقوم بحقوقه، فلا خير في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل الذي ترى له.
وحقوق الصديق سبعة:
الأول: المشاركة في المال حتى لا يختص أحدهما بشيء دون الآخر.
الثاني: الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات، وتقديم حاجته على حاجتك.
الثالث: الموافقة له على أقواله، والمساعدة له على أغراضه من غير مخالفة ولا منازعة، فإن المخالفة توجب البغضاء.
الرابع: العفو عن هفوات الصديق، والإغضاء عن عيوبه؛ فمَن طلب صديقا بلا عيب بقي بلا صديق.
الخامس: النصيحة له في دينه ودنياه.
السادس: الخلوص في مودّته ظاهرا وباطنا حاضرا وغائبا، والانتصار له في غيبته.
السابع: الدعاء له بظهر الغيب.
من كتاب القوانين الفقهية، لابن جزي الغرناطي، دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية 1427هـ-2006م.
انتقاء: د. مصطفى عكلي.