مركز الدراسات القرآنيةدراسات عامة

حوار الحق سبحانه مع ملائكته وإبليس: بعض الأصول والآداب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد أخذ الحوار أشكالًا متعددة في القرآن الكريم، فنجد حوار الله سبحانه وتعالى مع الملائكة، وحوار الله سبحانه وتعالى مع الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه، وحوار الله سبحانه وتعالى مع إبليس، وحوار الله مع الأقوام عن طريق الرسل، وحوار الله مع الإنسان كإنسان، وحوار الإنسان مع الإنسان – حوار أهل الجنة والنار- وحوار الرسل مع أقوامهم، وحوار الإنسان مع المخلوقات الأخرى- الهدهد والنمل- وحوار الأنبياء مع الطغاة والحكام والجبابرة، وحوار الإنسان مع الجماد، مثل حوار الإنسان مع أعضائه التي تشهد عليه وتنطق يوم القيامة، وغيرها …

وفي الدراسة اخترت أن أقدم بعض الأصول والآداب الحوارية المستنبطة من خلال الحوار الذي جرى بين الباري عز وجل وملائكته وبين الحق سبحانه وتعالى مع إبليس.

وقد استقريت جميع موارد الآيات التي ورد فيها الحوار بين الباري عز وجل وملائكته وإبليس، واستنبطت بعض الأصول والقواعد والآداب الحوارية من خلال الحوار بينهم.

وقبل الخوض في موضوع البحث، ارتأيت أن أقدم له بمحور يبين المقصود من الحوار لغة واصطلاحا، ثم علاقة الحوار بالجدل والفرق بينهما.

أولا: مفهوم الحوار في اللغة والاصطلاح

1ـ الحوار في اللغة:

الحوار أصله من الحَوْر ـ بفتح الحاء وسكون الواو ـ، وهو الرجوع إلى الشيء وعن الشيء، قال الخليل الفراهيدي: «الحَوْرُ: الرُّجوعُ إلى الشّيءِ وعَنْه… يقال: حارت تَحُور، وأَحَارَ صاحبها، وكلُّ شيءٍ تَغَيَّر من حالٍ إلى حال، فقد حار يَحُور حَوْراً …

والمُحاورةُ: مُراجَعة الكلام، حاوَرتُ فلاناً في المنطق، وأَحَرْتُ إليه جوابا، وما أحار بكلمة، والاسم: الحَوِير، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحوِارَهما، والمَحْوَرةُ من المُحاوَرة، كالمَشْوَرة من المُشاوَرة، وهي مَفْعلة»[1].

وفي الحديث كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ: «من الحور بعد الكور»[2]، ومعناه يتعوذ بالله من النقصان بعد الزيادة.

وهذه المعاني اللغوية وردت في سياق الآيات الكريمة التي وردت فيها مادة (حور) أربع مرات، في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ﴾ (سورة الانشقاق، من الآية: 14) أي: لن يرجع حياً مبعوثاً .. فالحور في كلام العرب الرجوع[3].

وفي سورة الكهف في معرض الحديث عن قصة صاحب الجنتين مع صاحبه، قال الله تعالى عنهما: ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا﴾ (سورة الكهف، الآية: 34)، وفي موضع آخر: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا﴾ (سورة الكهف، الآية: 36).

ووردت أيضا في سورة المجادلة في الآية الأولى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ (سورة المجادلة، الآية: 1).

مما سبق يتبين أن الحوار في معناه اللغوي هو مراجعة الكلام وتداوله، وهو ما يكون عادة بين شخصين أو بالأحرى بين طرفين أو أكثر.

2ـ الحوار في الاصطلاح:

لم تبتعد تعريفات أهل الاصطلاح للحوار عن المعاني اللغوية السابقة، فقد أكدتها وأضافت إليها بعض المعاني.

ومن هذه التعريفات تعريف الدكتور صالح بن حميد، إذ اعتبر الحوار: «مناقشة بين طرفين أو أطراف، يُقصد بها تصحيح كلامٍ، وإظهار حجَّةٍ، وإثبات حقٍ، ودفع شبهةٍ، وردُّ الفاسد من القول والرأي» [4].

وعرّفه بسام داود عجك بأنه: «محادثة بين شخصين أو فريقين حول موضوع محدد لكل منهما وجهة نظر خاصة به، هدفها الوصول إلى الحقيقة أو إلى أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النظر، بعيداً عن الخصومة أو التعصب، بطريقة تعتمد على العلم والعقل، مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة ولو ظهرت على يد الطرف الآخر» [5].

3ـ علاقة الحوار بالجدل والفرق بينهما:

الجدل أو الجدال يعني: شدة الخصومة، والقدرة عليها، والمجادلة: المخاصمة، فالجدل والجدال والمجادلة كل ذلك ينحو منحى الخصومة، بمعنى أن استخدام هذه المادة يلزم الخصومة، في أي صورة من صورها، ولو بمعنى التمسك بالرأي والتعصب له.

إذا فالتعبير بلفظ الجدال أو المجادلة في اللغة والاصطلاح يأتي في مجال الخصومة، أو أنه يرد في موضع يدل على أمر غير مرغوب فيه.

وأما كلمة الحوار فهي تدل على مراجعة الكلام، ويمكن التوسع فيها لتدل على موقف الخصومة، وأيضا على موقف غير الخصومة، ما دام الطرفان يراجعان الكلام بكل عقلية ومنطق [6].

ثانيا: حوار الله مع الملائكة

ذكر  الحق سبحانه حواره وملائكته في سبعة مواضع من القرآن الكريم، مرة يورد الحوار مفصلا كما في سورة البقرة [7]، ومرة يورده مجملا كما في سورة الأعراف[8]، وسورة الحجر [9]، وسورة الإسراء [10]، وسورة الكهف [11]، وسورة طه [12]، وسورة ص [13].

وفيما يلي بعضا من أصول الحوار وأساليبه التي استنبطتها، من خلال الحوار الذي دار بين الحق سبحانه والملائكة.

1ـ أصل الاستشارة وطلب المشُورة:

لمّا أراد الله تعالى عمارة الأرض، بعد أن عمر السموات بالملائكة، أخبر الملائكة بما هو صانع من ذلك تنويهاً بآدم وتشريفاً لذريته، وتعليما لعباده أمر المشاورة، فقال لهم: ﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (سورة البقرة، من الآية: 29)، يخلفني في أرضي وتنفيذ أحكامي [14].

قال القشيري: «فظاهر هذا الخطاب يشبه المشاورة» [15]، فالحق سبحانه لم يستشر ملائكته الكرام في استخلافه خليفة في الأرض، وغاية ما في الأمر أنه أخبرهم بما قدره، وإن الحكمة في إخباره إياهم باستخلاف آدم في الأرض هي تعليم العباد أن يتشاوروا في أمورهم قبل أن يقدموا عليها [16].

2ـ أصل الاستدلال بالترجيح والأولوية:

كان جواب الملائكة: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ (سورة البقرة، من الآية: 29) استدلالا بالترجيح والأولوية، أي: من سبح وقدس لك هو أولى بالإيجاد والجعل فيها ممن يفسد فيها ويسفك الدماء [17].

قال ابن كثير: «وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله، ولا على وجه الحسد لبني آدم، كما قد يتوهمه بعض المفسرين…»[18].

فكان سؤالهم هذا، سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، لا سؤال اعتراض يقولون: يا ربنا، ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء، فإن كان المراد عبادتك، فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك، أي: نصلي لك كما سيأتي، أي: ولا يصدر منا شيء من ذلك، وهلا وقع الاقتصار علينا؟[19].

نعم، سؤالهم هذا كان من قبيل الاستدلال بالترجيح والأولوية، وكان جواب الله لهم بالترجيح أيضاً من جهةٍ أُخرى ولهذا لم يرد عليهم قولهم، إذ قد علم سبحانه أن الذي ظنوه فيهم ووصفوهم به كائن، بل عدل الله سبحانه إلى أمر مجملٍ فقال: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (سورة البقرة، من الآية: 29).

3ـ أصل إرخاء العنان للمحاور:

حاور الحق سبحانه الملائكة، حين أراد أن يستخلف آدم عليه السلام في الأرض: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ (سورة البقرة، من الآية: 29)، فهذا حوار صدر عن الباري عز وجل القادر العارف القاهر فوق عباده، ومع ذلك خاطب محاوره بأسلوب فيه إذعان أو إرخاء العنان للمحاور: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (سورة البقرة، من الآية: 29)، وهو نوع من أسلوب المناظرة، يعني أنك ترخي العنان للمحاور ـ تتركه على طبيعته [20].

وهنا أيضا استدلال بالترجيح من الحق سبحانه: ﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، فما استند إليه الملائكة من قرائن، تهافتت أمام المنطق الرباني والحكمة الإلهية من خلق آدم، المتمثلة في عمارة الأرض وتسخيرها.

قال نجم الدين الطوفي: «وتقريره: لا أسلم أن الخليفة الذي أجعله في الأرض يكون منه ما ذكرتم لأني أعلم أنه سيكون منه العبادة والتوحيد لي والذرية الطيبة الفاعلة لذلك ما لا تعلمونه أنتم، ثم عجل لهم أنموذج ذلك بامتحانهم بآدم وتعجيزهم به…» [21].

4ـ التسليم والرضا بالنتائج:

سلم الملائكة أجمعون ورضوا بحكمة الله تعالى من خلافة آدم في الأرض قولا وفعلا، بعد أن رد الله عليهم مقالتهم ـ باستفسارهم وتعجبهم ـ، استسلمت بقولها: ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ سورة البقرة، من الآية: 31، وامتثلت عندما أمرها بالسجود لآدم عليه السلام: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا﴾(سورة الإسراء، من الآية: 61).

ثالثا: حوار الله مع إبليس

ورد الحوار الذي جرى بين الحق سبحانه وإبليس في سياق متصل مع الحوار الآنف الذكر، وقد ذكر في سبعة مواضع من القرآن الكريم، مرة ورد مجملا كما في سورة البقرة [22] وسورة الكهف [23]، وسورة طه[24]، ومرة ورد مفصلا كما في سورة الأعراف[25]، وسورة الحجر[26]، وسورة الإسراء[27]، وسورة ص[28].

فالقرآن الكريم بين لنا بجلاء المغالطات التي وقع فيها إبليس، والاستدلالات الفاسدة التي بنى عليها دليله في تبريره لموقفه، الذي ينقض بعضه بعضا وحمل خطابه مغالطات استدعت أن أبينها كما ساقها القرآن الكريم، ومن أهم ما استدل به إبليس في اعتراضه على السجود لآدم:

1ـ الاستدلال بالقياس الفاسد:

أول من قاس قياسا فاسدا إبليس، قال ابن عباس وابن سيرين: أول مَنْ قاسَ إبليس، يعنيان بذلك: القياسَ الخطأ، وهو هذا الذي ذكرنا من خطأ قوله: ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ (سورة الأعراف، الآية: 11)، وبعده من إصابة الحق، في الفضل الذي خص الله به آدم على سائر خلقه: من خلقه إياه بيده، ونفخه فيه من روحه، وإسجاده له الملائكة، وتعليمه أسماء كلِّ شيء، مع سائر ما خصه به من كرامته، فضرب عن ذلك كلِّه الجاهلُ صفحًا، وقصد إلى الاحتجاج بأنه خُلق من نار وخلق آدم من طين!![29].

ذكر إبليس حجته في الاستنكاف عن السجود لآدم، وهي أنه خير منه، لأنه خلق من نار، والنار حسب ظنه أشرف مما خلق منه آدم عليه السلام وهو الطين، فنظر إبليس إلى أصل العنصر، ولم ينظر إلى التشريف العظيم، وهو أنه تعالى خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه، فقاس قياسا فاسدا في مقابلة النص: ﴿فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾ (سورة ص، الآية:71)، فأخطأ ﴿قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ (سورة الأعراف، من الآية: 11)، فقبحه الله في قياسه الفاسد، ﴿قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾ (سورة الأعراف، من الآية: 12).

فقياسه تم بناء على أنه لا يسجد الفاضل للمفضول: ﴿خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ﴾ قال ابن الحنبلي في مضمون كلام إبليس الفاسد: «أن النار جوهرٌ لطيفٌ شفافٌ له قوة الإشراق وسلطان الإحراق، والطين جسمٌ مظلمٌ كثيفٌ، ليس باللطيف ولا الخفيف، والسجود خدمة يتضمن تعظيم المسجود له والأَوْلى بها الأعلى منهما» [30].

وهذا الاستدلال على الخيرية بالمادة استدلال فاسد مردودٌ عليه من وجوه:

منها: أنه عارض النص بالقياس وهو فساد في الاعتبار وعدم استبصار؛ لأن العمل بالنص مقدم على القياس؛ لأن سهام القياس تصيب مرة وتخطئ أُخرى، وكلام المعصوم المنزه عن الغلط والزلل لا يخطىء [31].

ومنها: أن الماء والتراب والهواء والنار أصول الأجسام وموادُّ المركبات، فلا يقوم جسم إلاَّ باجتماعها، وإذا كانت متكافئة في التأثير فاختصاص أحدها بالأفضلية لا دليل عليه.

ومنها: أن الطين اشتمل على أصلين من الأصول الأربعة وهما: الماء والتراب، فكيف يكون أصل واحدٍ منهما خيراً من أصلين متكافئين، وعلى تقدير تسليم التفاضل فالماء افضل؛ لأن سلطانه يقهر سلطان النار إذا التقيا.

ومنها: على تقدير صحة قياسه فالترجيح للسجود من وجهين: أحدهما: أن مصلحة امتثال الأمر راجحةٌ على الامتناع؛ لأن امتثال الأمر آمن من العقاب المرتب على المخالفة، والوجه الثاني: أن الامتناع من السجود بهذا التعليل المذكور من جهته يلزم منه تخطئة الأمر إلى وضع الشيء في غير موضعه، وذلك في غاية الجناية على الإله الحكيم»[32].

2ـ سوء الأدب مع الحق سبحانه:

فلقد أساء الأدب مع الحق سبحانه حينما قال إبليس: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ يدل على أنه أضاف إغواءه إلى الله تعالى، والإغواء إيقاع الغي في القلب والغي هو الاعتقاد الباطل وذلك يدل على أنه كان يعتقد أن الحق والباطل إنما يقع في القلب من الله تعالى، وهذا باطل لأن العاقل لا يختار الغواية مع العلم بكونها غواية[33].

قال الطبري: «وفي هذا بيان واضح على فساد ما يقول القدرية، من أن كل من كفر أو آمن فبتفويض الله أسبابَ ذلك إليه، وأن السبب الذي به يصل المؤمن إلى الإيمان، هو السبب الذي به يصل الكافر إلى الكفر»[34].

3ـ المسؤولية الفردية عن الاختيار:

اختار إبليس بإرادته أن يمهله الحق سبحانه إلى يوم القيامة، من أجل غواية بني آدم ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا﴾ (سورة الإسراء، الآية: 62)، فكان من نتائج اختياره ﴿قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (سورة ص، الآية: 83).

فهذه كانت بعض أصول الجهل والغباوة التي أوقع إبليس فيها حسده لآدم واستكباره عن طاعة الله بالسجود له، فكان بدء الذنوب الكبر، قال عز وجل: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ﴾ (سورة الحجر، الآية: 30ـ31).

فكان جزاؤه اللعنة والطرد من رحمة الله تعالى، قال سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾ (سورة البقرة، الآية: 34ـ35).

خاتمة:

الحوار الذي دار بين الحق سبحانه وملائكته، كان من بواعثه، حب الاسترشاد والبيان عما جهلوا حكمته، فغاية سؤالهم كان هو التسليم لأمر الله والانقياد له والرضا بما قسم من فضل، وما صرف من أمر وقد أمرهم الله بالسجود لآدم تكريما له، وإظهارا لفضله.

وأما باعث إبليس، باعث حسد ونقمة على الشرف العظيم، الذي خص الله به آدم عليه السلام، والغرور بأصل مادته بأنه خلق من نار ولها قوة الإشراق وسلطان الإحراق، فكانت نظرته مادية محضة وهي فاسدة، وبالتالي استحقت طرده وإبعاده من رحمة الله التي وسعت كل شيء، حيث كان جداله اعتراضا على حكمة الله ومثارا لكل شبهة ضالة، وأساسا لكل قياس فاسد.

ومن مجموع ما تقدم من حوار الملائكة وجدال إبليس يظهر لنا الفرق بين الحوارين، فالملائكة في حوارهم لم يظهروا خلافا ولا عصيانا، بل طلبوا بسؤالهم البيان والإيضاح، وأما إبليس فقد جادل وأفتى وعلل واعترض على حكمة الله تعالى وأمره، فباء باللعنة  وخزي الدنيا وعذاب الآخرة.

الهوامش:

[1] العين: (3/287) مادة: «حور».

[2] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره، الحديث رقم: (1343).

[3] انظر: الجامع لأحكام القرآن (19/ 273).

[4]  أصول الحوار وآدابه في الإسلام: (ص: 6).

[5]  الحوار الإسلامي المسيحي: (ص:20).

[6]  أسلوب المحاورة في القرآن الكريم: (ص:20).

[7]  ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ، وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ، قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ، وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ سورة البقرة، الآيات: 30ـ31.

[8] ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ سورة الأعراف، الآية: 10.

[9] ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ سورة الحجر، الآيات: 28ـ30.

[10] ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا﴾ سورة الإسراء، من الآية: 61.

[11] ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا﴾ سورة الكهف، من الآية: 49.

[12] ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا﴾ سورة طه، من الآية: 113.

[13] ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ سورة ص، الآيات: 71ـ73.

[14] انظر: البحر المديد في تفسير الكتاب المجيد (1/93).

[15] لطائف الإشارات: (1/74).

[16] انظر: موسوعة بيان الإسلام: (م 4/ج7، ص: 70).

[17] انظر: استخراج الجدال من القرآن الكريم (ص:31).

[18] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير: (1/216).

[19] تفسير القرآن العظيم: (1/216).

[20] انظر: ثقافة الحوار كما أسسها القرآن الكريم، د. عباس الجراري: (ص: 109 ـ 111).

[21] علم الجذل في علم الجدل: (ص:96).

[22] ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ سورة البقرة، الآية: 33.

[23] ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ سورة الكهف، من الآية: 49.

[24] ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى﴾ سورة طه، من الآية: 113.

[25] ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ، قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ، قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ، قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ، قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ سورة الأعراف، الآيات: 11ـ18.

[26] ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ، قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ، قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ، قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ سورة الحجر، الآيات: 31 ـ 39.

[27] ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا، قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا، قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا، وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا، إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا﴾ سورة الإسراء، من الآية: 61 ـ 65.

[28] ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ، فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ، إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ، قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ، قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ، وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ سورة ص، الآيات: 71 ـ 83.

[29] انظر: جامع البيان في تأويل القرآن (12/327).

[30]  استخراج الجدال من القرآن الكريم: (1/63).

[31] نفس المصدر السابق: (1/61)

[32] استخراج الجدال من القرآن الكريم: (1/63ـ64).

[33] مفاتيح الغيب: (14/211).

[34] جامع البيان في تأويل القرآن: (12/334).

المصادر والمراجع:

القرآن برواية ورش عن نافع.

ـ استخراج الجدال من القرآن الكريم، ابن الحنبلي، تحقيق: الدكتور زاهر بن عواض الألمعي، مطابع الفرزدق التجارية، ط. 2، 1401 هـ.

ـ أسلوب المحاورة في القرآن الكريم، عبد الحليم حنفي، مطبعة السنة المحمدية، القاهرة، د.ط، 1977م.

ـ أصول الحوار وآدابه في الإسلام، صالح بن عبد الله بن حميد، دار المنارة، جدة ـ مكة، ط.1، 1415هـ ـ 1994م.

ـ البحر المديد في تفسير الكتاب المجيد، لابن عجيبة، تحقيق: أحمد عبد الله القرشي رسلان، الناشر: الدكتور حسن عباس زكي، القاهرة، د.ط، 1419 هـ.

ـ تفسير القرآن العظيم، لابن كثير، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط.2، 1420هـ ـ 1999م.

ـ ثقافة الحوار كما أسسها القرآن الكريم، د. عباس الجراري، الدروس الحسنية.

ـ الجامع البيان في تأويل القرآن، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، تحقيق: أحمد محمد شاكر، مؤسسة الرسالة، ط.1، 1420 هـ  ـ 2000م.

ـ الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية ـ القاهرة، ط.2، الثانية، 1384هـ ـ 1964م.

ـ الحوار الإسلامي المسيحي، المبادئ ـ التاريخ ـ الموضوعات ـ الأهداف، بسام داود عجك، دار قتيبة، ط.1، 1418هـ/1998م.

ـ علم الجذل في علم الجدل، نجم الدين الطوفي، تحقيق: فولفارت هاينريشس، فرانز شتاينر بفيسبادن، 1408هـ ـ 1987م.

ـ العين، للخليل الفراهيدي، تحقيق: د مهدي المخزومي ود إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، د.ط، د.ت.

ـ لطائف الإشارات،  عبد الكريم القشيري، تحقيق: إبراهيم البسيوني، الهيئة المصرية العامة للكتاب – مصر، د.ط، د.ت.

ـ مسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلم بن الحجاج، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، د.ط، د.ت.

ـ مفاتيح الغيب، فخر الدين الرازي، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط.3 الثالثة، 1420 هـ..

ـ موسوعة بيان الإسلام: الرد على الافتراءات والشبهات، تحت إشراف: نخبة من العلماء، دار نهضة مصر، مصر، ط.1، 2013م.

د. محمد لحمادي

باحث بمركز الدراسات القرآنية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وجزاكم الله خيراً،،، ورفع قدرك.

اترك رداً على سمير إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق