وحدة الإحياءدراسات محكمة

ولاية التعليم في عصر النبوة والرسالة

 تعتبر ولاية العلم من أعظم الولايات الشرعية التي اعتنى بها الإسلام عناية خاصة، ولا غرابة في ذلك، فالعلم في الإسلام هو أساس كل شيء وعليه يقوم كل شيء، فهو إمام جميع الولايات المؤسسية والفردية، الدينية والدنيوية، وهي تابعة له، فأحكامها، وقواعدها، وشروطها وكل ما يتعلق بها، لا يدرك إلا بالعلم. يقول ابن القيم مبينا ذلك: "إن كل ما سوى الله يفتقر إلى العلم، لا قوام له بدونه... فكل ما ضمه الوجود من خلقه وأمره صادر عن علمه وحكمته، فما قامت السماوات والأرض وما بينهما إلا بالعلم، ولا بعثت الرسل وأنزلت الكتب إلا بالعلم، ولا عبد الله وحده إلا بالعلم، ولا عرف فضل الإسلام على غيره إلا بالعلم"[1].

 والعلم لا يحصل إلا بالتعلم والتعليم، ومن هنا كانت ولاية التعليم من أجل الولايات وأشرف المؤسسات الدينية والدنيوية، مما يستوجب رعايتها والعناية بها، والعمل على تقويمها وترشيدها، على مستوى الوظائف والمقاصد والوسائل، والمناهج والبرامج، من منطلق الإسلام وفي إطاره، وضمن قواعده وأحكامه، ومقاصد شريعته، لتحقق بذلك مراد الله في خلقه وأرضه .

 أولا: وظائف ولاية التعليم الإسلامية ومقاصدها

إن ولاية التعليم الإسلامية، ولاية نبوية، لها وظائف جليلة، هي وظائف النبوة التي من أجلها بعث الرسول، صلى الله عليه وسلم، وأنزلت الرسالة، قال تعالى في بيانها: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ (الجمعة: 2)، فهي وظيفة التلاوة والتزكية والاتباع، ووظيفة تعليم الكتاب والحكمة.

ولهذا كانت هذه الولاية هي أشرف الولايات الدينية والخطط الشرعية، وكانت وظائفها هي أشرف الوظائف وأفضلها، وقد بين النبي عليه السلام ذلك، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مر بمجلسين في مسجد، فقال: "كلاهما على خير، وأحدهما أفضل من صاحبه، أما هؤلاء فيدعون الله ويرغبون إليه، فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وأما هؤلاء فيتعلمون الفقه أو العلم، ويعلمون الجاهل فهم أفضل، وإنما بعثت معلما، قال ثم جلس فيهم"[2]، فالنبي، صلى الله عليه وسلم، جعل المقصد من بعثته: القيام بوظيفة التعليم، وجعل التعلم والتعليم أفضل من الذكر والدعاء .

ومن هاهنا فإن المتأمل في نصوص الوحي، الدارس لسيرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في التربية والتعليم يمكنه الخلوص إلى أن وظائف ولاية التعليم الإسلامية ومقاصدها تتلخص في الوظائف التالية[3]:

تعليم الناس وتفقههم في دينهم، وإخراجهم من دائرة الجهل والأمية إلى المستوى المطلوب منهم شرعا، وحده الأدنى أن يعرف كل مكلف ما يلزمه، مما فرضه الله عليه حسب قدرته، ويمكن تسمية هذه الوظيفة الأم بوظيفة :"التفقيه في الدين"، وهي المنصوص عليها في قوله سبحانه: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ (الجمعة: 2)، وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"[4]، فالتفقه هاهنا يشمل كل مجالات الدين: الإيمانية، والتعبدية، والخلقية والسلوكية ، تفكيرا وتعبيرا وتدبيرا .

تزكية الأنفس وتربيتها وتنمية بواعث الخير فيها، والأصل فيها قوله تعالى: ﴿وَيُزَكِّيهِمْ﴾ (الجمعة: 2)، فالتزكية وظيفة النبوة ومقصد الرسالة القرآنية والبعثة النبوية، قال تعالى: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ (آل عمران: 79)، فالربانية منزلة إيمانية عالية لا تدرك إلا بتزكية الأنفس وتطهيرها وتربيتها على قيم الخير والصلاح التي رسم القرآن الكريم معالمها وأوضح سبلها ومنهجها .

إنذار الناس وتحذيرهم، والأصل في هذه الوظيفة قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ (التوبة: 123)، فوظيفة الإنذار والتحذير من أجل الوظائف التربوية لولاية التعليم في الإسلام، فهي وظيفة الفقهاء والعلماء كما بينت النص القرآني السابق .

تفقيه الناس في الواقع، وهذه الوظيفة من الوظائف المنوطة بولاية التعليم الإسلامية، حيث يجب عليها أن تفقه الناس في دنياهم كما فقهتهم في دينهم، حتى يعرفوا ما يلزمهم من فقه واقعهم، وما يلزمهم لحل مشاكلهم الدنيوية في إطار تعاليم الدين وأحكام شريعته.

والواقع هنا واقعان: واقع محلي، واقع إقليمي وعالمي، وتفقيه المسلمين فيهما إنما يكون بالقدر الذي يمكنهم من معرفة القريب من البعيد، والمصلح من المفسد، والضال من المهتدي، والعدو من الصديق، وما يجب عليهم تجاه كل صنف من تلك الأصناف.

تعليم الناس فقه تنزيل الأحكام والمعارف وكيفية تطبيقها، وهي وظيفة من أهم وظائف ولاية التعليم الإسلامية، إذ يجب عليها أن تعلم الناس فقه تنزيل فهوماتهم ومعارفهم الدينية والدنيوية على واقع حياتهم وأعمالهم اليومية، والأصل في هذه الوظيفة قوله تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ (الجمعة: 2)، فالحكمة هي فقه تنزيل الشيء وفقه تدبير الأمر بوضعه في المكان المناسب في الوقت المناسب بالقدر المناسب والكيفية المناسبة .

صياغة ناشئة الأمة على تعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه، وتعد هذه الصياغة من أهم وظائف ولاية التعليم؛ إذ لا يجوز لها تخريج المتعلمين على غير الصيغة الإسلامية، وأي انحراف عن خط القرآن ومنهجه في التربية والتعليم، يتحمل مسؤوليته ولاة أمر الأمة عامة، وولاة أمر مؤسسة ولاية التعليم خاصة، فهم أمناء الرسول، صلى الله عليه وسلم، وورثته، والواجب عليهم أن يؤذوا الأمانة ويصونوا الإرث من الضياع، وذلك بسيرهم على منهج النبوة في هذه الولاية، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، علم أصحابه وصنع منهم علماء مؤمنين بربهم عاملين بمقتضى أحكام دينهم، مرتبطين بالله موصولين به، وهم الذين تولوا قيادة الأمة وإمامتها بعده، فبلغوا رسالة الإسلام، ونشروا دعوته إيمانا منهم بثقل أمانة هذه الولاية التي ورثوها.

ومن هاهنا فإن الواجب على ولاة أمر ولاية التعليم ومؤسساتها في بلاد المسلمين اليوم، أن يدركوا ثقل هذه الأمانة وخطورة التقصير في أدائها، والشرط في ذلك أن يتوبوا إلى الله تعالى توبة منهاجية نصوحا من كل السياسات التعليمية الفاشلة، فيعملوا على صياغة سياسة تعليمية تقوم على فلسفة الإسلام، وتنطلق من توجيهاته، وتنهل من مصدره المعصوم المتمثل في الوحي قرآنا وسنة، دون إغفال أخذ النافع مما أنتجه العقل البشري في هذا المجال وراكمته تجربة العلماء المجربين وورثة الأنبياء المخلصين، إذ بصدقهم ووفائهم وحرصهم على نهج النبوة في تعليم الناس، تتحقق هذه الوظيفة التي هي المقصد الكبير لولاية التعليم، وهي صياغة الناشئة على الإسلام فكرا وتعبيرا وتدبيرا، محبة وولاء، عقيدة وشريعة، علما وعملا، تحققا وتخلقا، قلبا وقالبا .

وظيفة البحث العلمي الأكاديمي: إن من أهم الوظائف المنوطة بولاية التعليم الإسلامية، خدمة البحث العلمي الأكاديمي توجيها وتأطيرا وإنجازا، فعلى ولاة أمر هذه الولاية أن يعدوا خطة واضحة المعالم، تؤطر جميع مجالات البحث العلمي في العلوم الشرعية والكونية والإنسانية على حد سواء، وهذا يقتضي دعم الباحثين والمؤطرين ماديا ومعنويا، والدفع في اتجاه البحث الجماعي المؤسسي، فهذا النوع من البحث هو السبيل إلى تعميق البحوث العلمية ونضجها، وهو السبيل أيضا إلى إيجاد إمامات علمية مؤهلة لقيادة البحوث العلمية في المستقبل، وقيادة الدولة والمجتمع في جميع المجالات الدينية والدنيوية، ثم قيادة الأمة في مختلف مجالات العلم والمعرفة .

تأهيل الأمة تأهيلا علميا يحقق لها الكفاية المطلوبة منها شرعا في ميادين المعرفة الشرعية والكونية المادية والإنسانية، مما يجعل من المسلمين أمة قوية، في جميع ميادين العلم والمعرفة، حتى تكون مؤهلة بذلك، لتحقيق رسالة التمكين والاستخلاف والشهادة على الناس أجمعين، والوصول إلى مستوى الإمامة والقيادة للعالم تحقيقا لقوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ (البقرة: 143) فوظيفة الشهادة على الناس أجمعين، وظيفة جليلة من أشرف وظائف الأمة الوسط، أمة الخيرية التي أخرجها مخرج الناس سبحانه وتعالى للناس لأداء وظيفة الشهادة على الناس، ولا يتأتى لها ذلك إلا إذا بلغت المنزلة العالية علما وتزكية وعدالة، تفكيرا وتعبيرا وتدبيرا .

هذه هي أهم الوظائف التي أنيطت بمؤسسة ولاية التعليم في الإسلام، وهي لن تتحقق إلا إذا تم الاهتداء في المنهج التعليمي بتعاليم الإسلام وأحكامه ومقاصده المستلهمة من هدايات الوحي وبصائره، فيكون بذلك المنهج التعليمي القرآني المنهج الأقوم والأرشد والأحسن، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء: 9).

ثانيا: صفات ولاة ولاية التعليم وشروطهم

إن تحقيق تلك الوظائف والمقاصد العظيمة وتحصيل المراد منها، لا يتم إلا إذا كان أعضاء مؤسسة ولاية التعليم الإسلامية، مؤهلين لإمامة هذه الولاية علما وخلقا، حالا وتجربة، تنظيرا وتخطيطا وتنزيلا، فهذه الولاية هي أشرف الولايات وأجلها قدرا وأعظمها موقعا، فهي الولاية الوارثة لوظيفة النبوة في التعليم والتزكية والتلاوة، المنصوص عليها في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾ (الجمعة: 2).

فالقائمون بهذه الوظائف النبوية يجب أن يكونوا مستجمعين لشروط وصفات لابد منها في المرشحين لولاية التعليم والقائمين على تدبير أمرها وإصلاح شأنها ورعاية حالها، ومنها ما يلي:

أن يكون العضو في مؤسسة ولاية التعليم عالما بأحكام الدين وتعاليمه، عارفا بمقاصد شريعته، قادرا على الاجتهاد والتجديد في علوم الشريعة، أو الإبداع والابتكار في العلوم المادية والإنسانية.

أن يكون العضو مؤمنا بأمانة هذه الولاية وبثقل مسؤوليتها، وجلالة قدرها وشرف منزلتها وأهمية دورها ورسالتها في الأمة، فهذا الإيمان هو الذي يحفزه على أداء واجبه تجاهها، ويمنعه من التقصير في ذلك.

الخبرة والتجربة، إذ لا يجوز أن يكون عضوا في مؤسسة هذه الولاية من يفتقد إلى خبرة وتجربة في ميدان التربية والتعليم، فهذه الخبرة هي التي تساعد على وضع سياسة تعليمية راشدة، وعلى الاستفادة من التجارب السابقة بعد تقويمها والأخذ بالنافع منها.

القدرة على التنظير والتخطيط والتوجيه والترشيد، فولاة ولاية التعليم هم الذين يرسمون خطة هذه الولاية ويضعون سياستها العامة، ويحددون مناهجها وبرامجها ومقاصدها ووظائفها، ويسهرون على تنفيذ هذه الأمور حتى تحقق المراد منها.

الوفاء والصدق والإخلاص، إذ لا يجوز شرعا أن يتولى هذه الولاية من لا يتصف بهذه الصفات، فالوفاء صفة تحمل صاحبها على عدم خيانة مبادئه ودينه وأمته، وتحمله أيضا على صيانة ما ائتمن عليه من إرث وولاية، والصدق والإخلاص يحملانه على الجد والبذل والعطاء المستمر المتجدد، وعلى السير على خط النبوة في ولاية التعليم وعدم الانحراف عنه، وعلى ابتغاء وجه الله تعالى في جميع الأعمال ونيل مرضاته سبحانه، فاتصاف أعضاء مؤسسة ولاية التعليم بهذه الصفات، هو سبيل نجاحها وتحقق أغراضها ووظائفها، وعدم الاتصاف بها، هو سبيل الانحراف عن خط ولاية التعليم الإسلامية، واستبداله بغيره من السياسات التعليمية المستوردة، القائمة على الفلسفة المادية والعلمانية وعلى مقومات الإلحاد والإفساد، وغير ذلك من القيم المناقضة لقيم الإسلام وتعاليمه، وهذا هو الواقع الذي تعيشه معظم ولايات التعليم الرسمية في بلادنا اليوم، حيث يتولى أمرها من يفتقدون إلى هذه الصفات والشروط ، فأثر ذلك بشكل كبير على مستوى خريجيها وعلى واقع الأمة وأحوالها، فتداعت عليها الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها.

الفقه بالواقع، واقع الناس في البلد المقصود بالسياسة التعليمية، وواقع الدولة القائمة على أمر الناس، وواقع الأمة وأحوالها، وماذا يراد بها ومنها، وواقع الأعداء محليا وإقليميا ودوليا، إذ من شأن هذا الفقه أن يحمل ولاة هذه الولاية على رسم سياسة تعليمية واقعية، ممكنة التنزيل والتطبيق، قادرة على صياغة الإنسان المسلم المتمكن من معرفة الصديق من العدو، والقادر على تحليل الأوضاع والوقائع والأحداث، وعلى معرفة التوجهات الداخلية والخارجية، المحلية والعالمية، الإسلامية وغير الإسلامية.

هذه هي أهم الشروط والصفات التي يجب أن تتوفر في أعضاء مؤسسة ولاية التربية والتعليم باعتبارهم ولاة أمرها والقائمين على تدبيرها وسياسة شأنها، وأي نقصان فيها على الحد الأدنى المطلوب والمقبول شرعا وعقلا وواقعا، يعد إخلالا كبيرا وتقصيرا خطيرا، من شأنه أن يحول خط هذه الولاية عن وجهته الصحيحة، فلا تحقق الأغراض والوظائف المنوطة بها، في تربية الأجيال وتعليمها، وفي تنمية العباد وعمارة البلاد، وتأهيل الأمة للإمامة العالمية والقيام بوظيفة الشهادة على الأمم كلها .

ثالثا: المنهج النبوي في ولاية العلم والتعليم

وبيانه في عنصرين:

العنصر الأول: عناية الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالعلم والتعليم باعتبارهما ولاية دينية وخطة شرعية:

تحفل السنة النبوية والسيرة العملية لحياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالأدلة الكثيرة، التي تدل على عنايته بولاية العلم تعلما وتعليما، فقد رغب في طلب العلم وحث على التعلم والتعليم، واتخذ، صلى الله عليه وسلم، باعتباره المعلم الأول للأمة، إجراءات عملية لنشر العلم عامة، والثقافة الإسلامية وتعليم القرآن والسنة، وتبليغ أحكام الشريعة وآداب الإسلام للناس على وجه الخصوص، فرسم، صلى الله عليه وسلم، بذلك خطة ولاية التعليم المنهجية والعلمية، فكانت في غاية الدقة والإتقان، وكان القصد منها تحقيق أغراضها ووظائفها المنوطة بها.

فأما فيما يخص ترغيبه، صلى الله عليه وسلم، في التعلم والتعليم وحضه عليهما، فيشهد لذلك قوله: طلب العلم فريضة على كل مسلم[5] وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء عماد، وعماد الدين الفقه"[6] وقوله صلى الله عليه وسلم: "من جاءه الموت وهو يطلب العلم ليحيي به الإسلام فبينه وبين النبييين درجة واحدة"[7]، وبهذه الأحاديث النبوية التي ترغب في الطلب، كان، صلى الله عليه وسلم، يحبب العلم والتعلم والتعليم إلى الناس، بل إنه حذر من كتم العلم تحذيرا شديدا، فقال متوعدا كاتمه : "من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار"[8]، وأحاديثه، صلى الله عليه وسلم، في الحث على التعلم والتعليم ووجوبهما والتحذير من تركهما كثيرة جدا.

وأما فيما يخص الإجراءات العملية التي اتخذها، صلى الله عليه وسلم، لتعليم العلم وتبليغه ونشره، فيكمن تلخيصها في مسألتين هما :

المسألة الأولى: العناية بتعليم الوحي وعلومه (تعليم العلوم الشرعية)

إن عناية الرسول، صلى الله عليه وسلم، بتعليم الناس القرآن والسنة، وتعليمهم أحكامهما وشرائعهما، والتفقه فيهما، هي الوظيفة الأولى التي بعث، صلى الله عليه وسلم، لأجلها، فالله تعالى أمره بتبليغ ما أنزل إليه، فكان، صلى الله عليه وسلم، المبلغ والمعلم الأول للوحي، استجابة لأمر ربه: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ (المائدة: 69) ، فكانت وظيفة تبليغ الوحي وتعليمه من أولى أولوياته، يقول مهدي شمس الدين: "لقد كان يعلم أصحابه القرآن كلما نزل الوحي به، ويفسره لهم بقدر ما تسعه أفهامهم، وتدعوا إليه الحاجة، وكان يبلغهم أحكام الله في كل واقعة تطرأ، ويجيب على تساؤلاتهم، وقد يتريث في الإجابة حتى ينزل عليه الوحي، وكان يأمرهم وينهاهم في غير ذلك مما يتصل بمكارم الأخلاق"[9].

وقد روي أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، استعان في القيام بهذه الوظيفة ببعض الصحابة في المدينة لتعليم القرآن، ومنهم عبادة بن الصامت، وأبان بن سعيد بن العاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وأسيد بن حضير، وخالد بن سعيد بن العاص، وكان عبد الله بن رواحة ومعاذ بن جبل يتوليان وظيفة ولاية التعليم في المسجد بعد أن يغادرهم الرسول صلى الله عليه وسلم[10].

وتجدر الإشارة إلى أن النبي، صلى الله عليه وسلم، جعل مسؤولية التبليغ والتعليم عامة، على كل من يعلم، فلم تكن الحاجة ماسة إلى معلمين متفرغين في المدينة خاصة، يشهد لهذا قوله، صلى الله عليه وسلم، في إحدى خطبه بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وذكر طوائف من المسلمين فأثنى عليهم خيرا :"ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم، ولا يعلمونهم، ولا يعظونهم، ولا ينهونهم؟ وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون، ولا يتعظون؟ والله ليعلمن قوم جيرانهم، ويفقهونهم، ويعظونهم، ويأمرونهم وينهونهم، وليتعلمن قوم من جيرانهم، ويتفقهون ويتعظون أو لأعجلنهم العقوبة في الدنيا"[11]، فالمتأمل في هذا الحديث يجده يستبطن أحكاما شرعية عدة ومعالم منهجية في التربية والتعليم منها :

 أ. أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يقر قوما على الجهالة بجانب قوم متعلمين.

ب‌. أنه، صلى الله عليه وسلم، اعتبر بقاء الجاهلين جهالا، وامتناع العلماء عن تعليمهم عصيانا يستوجب العقاب.

جـ‌. أنه أعلن الحرب والعقوبة على الفريقين، حتى يبادرا إلى التعلم والتعليم، فواجب العالم التبليغ وواجب الجاهل البحث والسؤال حتى يتعلم .

د‌. أن الحديث ورد فيه أنه، صلى الله عليه وسلم، أعطاهم مهلة عام واحد للقضاء على آثار الجهالة والأمية فيما بينهم .

هـ. أن هذه الحادثة وإن وردت بشأن الأشعريين علماء وجهالا، فإن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أعلن بذلك عن مبدأ وجوب التبليغ للعلماء ووجوب التعلم للجهلاء، وبذلك يكون، صلى الله عليه وسلم، قد أعلن مكافحة الأمية والجهل في الناس واعتبر ذلك واجبا وليس حقا، وفي ذلك تقرير لمبدأ التكافل العلمي في الأمة الذي ينبغي إحياؤه في زمننا للقضاء على الجهل بكل أنواعه[12] .

ويشهد لذلك أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية"[13] فهذا الحديث يمثل إعلانا ودعوة منه، صلى الله عليه وسلم، لعموم الصحابة المتعلمين قدرا من العلم قل أو كثر لأداء واجبهم في التعليم والتبليغ، ليعم العلم بالإسلام وأحكامه وتعاليمه المسلمين جميعا، فالإسلام دين علم، ولا يقبل أن يوجد جهلة به ممن ينتسبون إليه، وقوله، صلى الله عليه وسلم، في خطبة حجة الوداع: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب"[14] يشهد لذلك كذلك.

وقد اتخذ الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تعليم المسلمين خارج المدينة وسيلة بعث الرسل إلى الناس ليعلموهم أمر دينهم، وأحكام شريعتهم، فأرسل بعض الصحابة إلى القبائل التي دخلت في الإسلام ليعلموهم القرآن وتعاليم الدين، فعن ابن عباس، رضي الله عنهما، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعث معاذ، رضي الله عنه، إلى اليمن فقال: "ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة..."[15].

وعن أنس بن مالك أن أهل اليمن قدموا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فسألوه أن يبعث معهم رجلا يعلمهم، فبعث معهم أبا عبيدة، وقال: "هو أمين هذه الأمة"[16]، وبهذا المنهج في التعليم يكون الرسول، صلى الله عليه وسلم، قد جمع بين أسلوبين: أسلوب وجوب التعليم على عموم المسلمين المتعلمين في حق غير المتعلمين منهم ، في حال تقارب أماكنهم وكثرة علمائهم ، فالتعليم على هذا المعنى فرض كفاية على عموم المسلمين المتعلمين، وأسلوب التعيين الذي يصير به التعليم فرض عين على من عينه، صلى الله عليه وسلم، لذلك، كما فعل مع معاذ ابن جبل وأبي عبيدة بن الجراح كما سلف، وهذا أسلوب منهجي في التخصص الوظيفي .

المسألة الثانية: عنايته، صلى الله عليه وسلم، بالتعليم العام (تعليم العلوم الإنسانية والمادية)

لم يقتصر اهتمام النبي، صلى الله عليه وسلم، بالحث على تعليم الإسلام، وتعلم أحكامه، وإنما أولى اهتمامه كذلك بتعليم الصحابة العلوم النافعة، فحرص على تعليمهم القراءة والكتابة، وتعليمهم الحرف والصناعات، فقد ثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، في السنة أنه حث على تعلم وتعليم الكتابة، والسباحة والرماية، وركوب الخيل يشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة، صانعه يحتسب في صنعه الخير، والرامي به، ومنبله... ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها"[17]، وكذلك تكليفه، صلى الله عليه وسلم، بوظيفة تعليم الكتابة عددا من الصحابة الذين كانوا يحسنونها، كعبد الله بن سعيد بن العاص، فقد كلفه، صلى الله عليه وسلم، بتعليمها الناس في المدينة، أول قدومه، صلى الله عليه وسلم، إليها، وتولى عبادة بن الصامت تعليم جماعة من أهل الصفة الكتابة والقرآن، فعنه، رضي الله عنه، قال: "علمت ناسا من أهل الصفة الكتابة والقرآن".[18]

ومن الثابت هنا أنه، صلى الله عليه وسلم، جعل فداء كل أسير من أسرى بدر، ممن يحسنون فن القراءة والكتابة، أن يعلم عشرة من أبناء الصحابة، فعن ابن عباس قال: "كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء، فجعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فداءهم أن يعلموا أولاد الأنصار الكتابة"[19].

وثبت أيضا أنه، صلى الله عليه وسلم، أمر زيد بن ثابت بتعلم اللغة السريانية ليتولى أعمال الترجمة والرد على الرسائل، وروي أنه تعلم بأمر منه، صلى الله عليه وسلم، العبرية والفارسية والرومية وغيرها، فعنه، رضي الله عنه، قال: "أمرني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن أتعلم لـه كلمات من كتاب يهود، قال: إني والله ما آمن يهود على كتابي، قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له، فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم"[20] وفي رواية أخرى عن زيد بن ثابت أيضا قال: "أمرني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن أتعلم السريانية"[21].

ولم تقتصر عنايته، صلى الله عليه وسلم، بتعليم هذه الفنون والعلوم للرجال فحسب، إنما اعتنى أيضا بتعليم النساء العلم والكتابة، فعن الشفاء بنت عبد الله قالت: "دخل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأنا عند حفصة، فقال لي: ألا تعلمين هذه الرقية النملة كما علمتيها الكتابة"[22].

وجملة القول، فإن ما تقدم هو قليل من كثير ورد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في شأن عنايته بالمسألة العلمية، تعلما وتعليما، أقوالا وأعمالا، مما يبرز اهتمامه الفائق بولاية العلم والتعليم.

ومن خلال عنايته تلك، يتضح أن السياسة النبوية التعليمية سياسة في غاية الدقة والإتقان، وسيتبين هذا أكثر في العنصر الموالي.

العنصر الثاني :قواعد منهجية في ولاية العلم والتعليم

إن الدارس للسنة النبوية، المتتبع لسيرته، صلى الله عليه وسلم، في شأن ولاية التعليم ، ليدرك أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يتبع في تعليم الناس وتزكيتهم وإعدادهم وصياغتهم على وفق مراد الله تعالى، خطة متقنة ومنهجا قويما، وطريقة حكيمة، مستخلصة من بصائر القرآن وهداياته المنهاجية في التفكير والتعبير والتدبير، حيث كان يختار من الأساليب والوسائل أحسنها وأجودها، وأكثرها وقعا في نفس المتعلم، وأقربها إلى فهمه وعقله، وأشدها تثبيتا للعلم في ذهنه، مراعيا في ذلك كله مستوى الطالب وعقله ونفسه وحاله وحاجته ورغبته، ولا غرابة في ذلك كله، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، هو المعلم الأول لهذه الأمة، المعد لهذه الوظيفة من الله تعالى إعدادا من طراز خاص، حتى بلغ ذروة الكمال الإنساني في كل شيء، فكان أسد الناس، وأرشدهم وأحكمهم وأعلمهم، وكيف لا وهو الذي علم المسلمين قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ (الإسراء: 9)، فلا عجب إذن أن يكون عليه السلام أهدى الناس جميعا للتي هي أقوم في كل شيء، ومن ثم أهداهم في المنهج التعليمي وأفقههم فيه، وأعلمهم بأساليبه وقواعده وخططه ومقاصده ووظائفه.

وفيما يلي أعرض أهم الأساليب والوسائل المنهجية، التي سلكها الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تعليمه لأصحابه، رغبة في بعثها من جديد، وإحيائها في النفوس الزكية، والعقول النيرة، والضمائر الحية، عساها أن تنير الطريق للراغبين من أبناء أمتنا في الاهتداء للتي هي أقوم في ولاية العلم والتعليم، فما أحوج المسلمين اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن يعودوا من جديد، بعد تيه كبير وضلال مديد، وارتماء في أحضان السياسات التعليمية المستوردة من الغرب الضال، إلى المنهج القرآني الرباني في تعليم الأمة وتربيتها، وصياغتها صياغة إسلامية مستقيمة متوازنة شاملة على وفق مراد الرسالة القرآنية والسنة النبوية .

وأهم هذه الأساليب والقواعد المنهجية النبوية ما يلي:

  1. ربطه، صلى الله عليه وسلم، المتعلمين بالله تعالى بدءا وانتهاء، فهذا الربط شرط منهجي في ترسيخ العلم بالله تعالى في قلب المتعلم، حتى إذا أراد القراءة، قرأ كل مقروء باسم الله سواء كان المقروء وحيا في الكتاب المسطور أم كونا في الكتاب المنظور، تأسيا بأمر الله لنبيه، صلى الله عليه وسلم، بذلك في أول الوحي إليه: ﴿﴾ "اقرأ باسم ربك الذي خلق..." (العلق: 1) وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أقطع"[23]، هذا في بداية التعليم، أما عند الانتهاء منه، فقد روى أبو بردة الأسلمي، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان إذا جلس في المجلس فأراد أن يقوم، قال: "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك"[24].
  2. تعليمه، صلى الله عليه وسلم، أصحابه العلم والعمل معا، فقد اتبع هذا الأسلوب في التعليم، وهو شرط منهجي في بيان القصد من العلم للمتعلم، وحمله على العمل بمقتضى ما يتعلمه، فعن عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يقرئهم العشر فلا يجاوزها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، فيعلمنا القرآن والعمل جميعا"[25]، يشهد لذلك ما رواه أحمد عن أبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني أنه قال: "حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، أنهم كانوا يقترئون من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا فعلمنا العلم والعمل"[26]، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، بهذا الأسلوب التعليمي، كان يعطيهم القدوة الحسنة، فالمعلم المربي لا يجوز له إلا أن يكون قدوة في العلم والعمل لتلاميذه وطلابه، ولهذا كان، صلى الله عليه وسلم، متحققا بعلم القرآن متخلقا بأخلاق القرآن، يقول الشاطبي: "وإنما كان عليه الصلاة والسلام خلقه القرآن، لأنه حكم الوحي على نفسه، حتى صار في علمه وعمله على وفقه، فكان للوحي موافقا، قائلا، مذعنا، ملبيا، واقفا عند حكمه"[27]، ولا غرابة في هذا، فالله تعالى اختاره ليكون أسوة حسنة فقال سبحانه: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (الأحزاب: 21).

وبهذه الطريقة استطاع الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن يجعل العمل بالعلم عند الصحابة منهجا في التعلم والتعليم، فبورك لهم في العلم والعمل جميعا، ومن ثم وجدناهم لا يهمهم الحفظ أكثر مما يهمهم العمل بما حفظ، فقد روي أن عبد الله بن عمر مكث ثماني سنين في تعلمه سورة البقرة، وروي عنه أنه قال عن أبيه:(تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزورا)[28].

وقد بين عبد الله بن مسعود هذا الأمر أكثر لما قال: (إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن، ويصعب عليهم العمل به)[29]، وأما في زمننا نحن، فقد صعب على الناس حفظه والعمل به معا، ولا حول ولا قوة إلا بالله. والقاعدة المقررة عند الشاطبي المؤطرة لهذا المسلك في التعليم هي: "إنما يكون العلم باعثا على العمل، إذا صار للنفس وصفا وخلقا"[30].

  1. اتباعه، صلى الله عليه وسلم، قاعدة: التيسير والتخفيف في تعليم الناس، وهي قاعدة عظيمة من قواعد المنهج الإسلامي العام، ومن مظاهرها البارزة مظهران هما :

أ.أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يتخول أصحابه بالموعظة حتى لا يملوا، وتخول المعلم المتعلم بالعلم سمة من سمات المنهج النبوي في التعليم، وقد شهد له، صلى الله عليه وسلم، بسلوك هذا الأسلوب الصحابة أنفسهم، فعن عبد الله بن مسعود قال: "كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يتخولنا بالموعظة في الأيام مخافة السآمة علينا"[31]، وبهذا المسلك استطاع، صلى الله عليه وسلم، أن يحبب لأصحابه التعلم، وأن يجعل رغبتهم في الطلب قوية، وقابليتهم للتلقي عالية، فعلمهم بذلك العلم والمنهج معا، إعمالا لقوله صلى الله عليه وسلم: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا"[32]، فتعلموا أن الإسلام يقوم على قاعدة التيسير ونفي التعسير في جميع الأحوال، وأن التبشير وعدم التنفير ملازم للتيسير.

ب‌. نهجه، صلى الله عليه وسلم، في التعليم سنة التدرج، فالتدرج منهج عملي في التعلم والتعليم، فقد كان، صلى الله عليه وسلم، يقدم الأهم فالأهم والأولى فالأولى، ويعلم شيئا فشيئا، ليكون ذلك أجدى في التعلم، وأثبت على الفؤاد حفظا وفهما، يقول ابن حجر في هذا المعنى -عند شرحه للحديث السابق-: "وكذا تعلم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج، لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلا حبب إلى من يدخل فيه، وتلقاه بانبساط، وكانت عاقبته غالبا الازدياد بخلاف ضده"[33]، فاتباع الرسول، صلى الله عليه وسلم، لهذه السنة في تربية أصحابه كان بغرض تعليمهم العلم ومعه المنهج المتدرج في منازل العلم،حتى يدركوا أنها سنة كونية وقاعدة شرعية، يجب على العالم مراعاتها في تعليم الناس وتربيتهم.

  1. اعتماده، صلى الله عليه وسلم، قاعدة: "الحاجة والرغبة في تلقين العلم وتعليم الناس، وهما يختلفان باختلاف الأحوال والأشخاص والزمان والمكان والإمكان"، رغبة منه، صلى الله عليه وسلم، في حصول المقصود دون إملال أو تنفير، ولهذا كان يراعي في المتعلمين أحوالهم وعقولهم، فيخاطب كل واحد بقدر فهمه، وبما يلائم منزلته، وكان يحافظ على قلوب المبتدئين، فيقدم لهم ما ينفعهم، وكان يجيب كل سائل عن سؤاله بما يهمه ويناسب حاله، كما أنه، صلى الله عليه وسلم، كان يخص بالعلم أناسا دون أناس كراهية أن لا يفهموا، فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لمعاذ: "يا معاذ، قال: لبيك رسول الله وسعديك -قالها ثلاثا- قال: ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، صدقا من قلبه إلا حرمه الله على النار قال : يا رسول الله، أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال : لا إذا يتكلوا"[34]، فكان، صلى الله عليه وسلم، يعطي لكل قوم ما تدركه عقولهم ويصلح حالهم، فأخذ الصحابة عنه، صلى الله عليه وسلم، هذا الأسلوب التعليمي، فقد روي في هذا المعنى عن عبد الله بن مسعود قال : "ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة"[35].
  2. اتباعه، صلى الله عليه وسلم، أسلوب طرح المسألة على المتعلم، فربى بذلك أصحابه على البحث واستعمال الفكر والنظر، والاعتماد على النفس في معرفة الأشياء.

ويستفاد من هذا الأسلوب أن المنهج النبوي في التعليم منهج حواري يقوم على المساءلة والجواب والمناقشة، ويشهد لذلك شواهد كثيرة منها ما رواه ابن عمر عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل الرجل المسلم، حدثوني ما هي؟ قال عبد الله: فوقع الناس في شجر البوادي ووقع في نفسي أنها النخلة، قال: فاستحييت، فقالوا : يا رسول الله ما هي؟ قال: النخلة"[36]، فكان، صلى الله عليه وسلم، يقصد من اتباع هذا الأسلوب التعليمي، اختبار ذهن المتعلم وتربيته على الحوار والمناقشة والتحليل، يقول ابن حجر مبرزا بعض فوائد حديث ابن عمر : "وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم، امتحان العالم أذهان الطلبة بما يخفى مع بيانه إن لم يفهموه... وفيه التحريض على الفهم في العلم... وفيه ضرب الأمثال والأشباه لزيادة الإفهام، وتصوير المعاني لترسخ في الذهن، ولتحديد الفكر في النظر في حكم الحادثة "....[37]

 ومن ذلك ما روي عن عبد الله بن مسعود، قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عبد الله بن مسعود، قلت لبيك وسعديك ثلاث مرات، قال أتدري أي عرى الإيمان أوثق؟ قال قلت: الله ورسوله أعلم، قال: الولاية في الله، الحب فيه والبغض فيه"[38].

وعن أبي بن كعب، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له :"أبا المنذر أي آية معك في كتاب الله أعظم؟ قلت الله ورسوله أعلم، حتى أعادها ثلاثا، فقلت: ﴿للَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ (البقرة:253)، فضرب صدري وقال: "ليهنك بالعلم أبا المنذر"[39]

هذه صور من صور المساءلة والحوار التي سلكها الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تعليم الناس، وغيرها كثير، وهي من المعالم المنهجية النبوية في ولاية التعليم .

  1. مخاطبته، صلى الله عليه وسلم، مخاطبيه بكلام فصل بين رغبة في تيسير الفهم والحفظ عليهم، فكلامه، صلى الله عليه وسلم، أفصح كلام بعد كلام الله وأسهله فهما وحفظا، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: (كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يسرد الكلام كسردكم، ولكن كان إذا تكلم، تكلم بكلام فصل يحفظه من سمعه)[40].
  2. تعليمه، صلى الله عليه وسلم، بالمحادثة والموازنة العقلية، فقد كان يسلك أحيانا مسلك المحاكمة العقلية على طريقة السؤال والاستجواب، لقلع الباطل من نفس مستحسنه، أو لترسيخ الحق في قلب مستبعده أو مستغربه[41].

 ومما يدل على هذا الأسلوب المنهجي في التربية والتعليم، ما رواه أحمد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه: (أن فتى شابا أتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله، ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه[42]، فقال صلى الله عليه وسلم: ادنه[43] فدنا منه قريبا فجلس، فقال، صلى الله عليه وسلم، له : أتحبه لأمك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك، قال :ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداك، قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم)... [44]، وفيه أتحبه لأختك؟ أتحبه لعمتك؟ أتحبه لخالتك، وكان الشاب يجيبه بنفس الجواب إلى أن قال: (فوضع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يده عليه، وقال : اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه، وحصن فرجه، قال : فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شيء)[45].

وعلق أبو غدة على هذا المنهج النبوي في التعليم فقال :"فانظر كيف استأصل النبي، صلى الله عليه وسلم، من نفس الفتى تعلقه بالزنى، عن طريق المحادثة والمحاكمة النفسية والموازنة العقلية، دون أن يذكر لـه الآيات الواردة في تحريم الزنى والوعيد للزاني والزانية نظرا منه أن هذا أقلع للباطل -في ذلك الوقت- من قلب الشاب بحسب تصوره وإدراكه"[46]، فاللجوء إلى مخاطبة العقل بالأمور الحساسة المؤثرة في النفس أسلوب تعليمي ومنهج تربوي تقتضيه أحوال المتعلمين أحيانا.

  1. استعماله، صلى الله عليه وسلم، أسلوب الإشارة مع القول في التعليم، فكان، صلى الله عليه وسلم، أحيانا يشير بيديه وهو يتكلم، توضيحا للمراد، وتنبيها على أهمية ما يذكره للمتعلمين وتفهيمهم إياه، ومن ذلك ما رواه أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، ثم شبك رسول الله بين أصابعه"[47]، وما رواه سهل بن سعد الساعدي عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين، وأشار بإصبعيه: السبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا"[48]، فكان، صلى الله عليه وسلم، يبتكر الوسائل التي يسهل بها التفهيم والتعليم، ويجدد الأساليب فلم يترك أسلوبا نافعا إلا أعمله، ممل يؤكد على سداد رؤيته التربوية ورسوخه المنهجي في التعليم .
  2. إقباله بوجهه على السائل والمتعلم، حتى يعلمه بذلك أدب التعلم والتعليم، ويرسخ في ذهنه المنهج القويم في تلقين العلم، لأنه، صلى الله عليه وسلم، كان يعد علماء وأساتذة يخلفونه في أداء رسالة التعليم والتبليغ الذي بعث من أجلها، فاستطاع بذلك أن يخرج علماء حملوا رسالة العلم والتعليم، ونشروا الخير في أصقاع العالم بعده في وقت وجيز، يقول أبو موسى الأشعري مبينا هذا الأسلوب النبوي في التعليم : "وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، جالسا إذ جاء رجل يسأل أو طالب حاجة أقبل علينا بوجهه فقال : اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما شاء"[49].

وجملة القول ها هنا، فإنه من خلال ما سبق، يتبين بجلاء أن المنهج النبوي في التربية والتعليم هو أرقى منهج على الإطلاق في تعليم الإنسان وبنائه، وصياغة فكره وسلوكه وأخلاقه، فهو المنهج المؤيد بالوحي والمسدد به والمستبصر ببصائره، ولذا فهو يمثل الكمال في قوامة المنهج ، حيث إنه استطاع به تخريج قادة من طراز خاص لم يعرف العالم مثلهم في الفهم والرسوخ والصفاء والصدق والجهاد، فحري بمناهج التربية والتعليم في مؤسساتنا اليوم أن تنهل من هذا المنهج النبوي، حتى تعيد للعلم جذوته وللمتعلم تعليمه وصياغته، وللعلماء والمربين مكانتهم، ولولاية التعليم وظيفتها وخصائصها ومقوماتها العلمية والمنهجية والحضارية[50].

  الهوامش

  1. مفتاح دار السعادة، 87/1.
  2. "الدارمي في المقدمة باب فضل العلم والعالم، رقم: 352، وابن ماجة المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم: 225، وفي رواية لمسلم في الطلاق باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلى بالنية"، "إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا" رقم: 2703.
  3. هذه الوظائف يمكن إرجاعها عند التأمل إلى وظيفة كبرى هي وظيفة التعليم، فلا تفقه ولا تزكية ولا إنذار إلا بالتعليم، ولا فقه للواقع ولا فقه للتنزيل إلا بالتعليم، ولا تأهيل للأمة إلا بالتعليم.
  4. أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، رقم الحديث: 71، ومسلم في كتاب الزكاة،باب: النهي عن المسألة، رقم: 1037، عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
  5. ابن عبد البر في جامع بيان العلم: 1/11، أنظر أطراف الحديث في سنن ابن ماجة 224، ومجمع الروائد
  6. أبو بكر الهيثمي: مجمع الزوائد: 1/121 عن أبي هريرة بهذا اللفظ، والترميذي في العلم باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة رقم: 2605 وقال حديث غريب. وابن ماجة في المقدمة رقم: 218.
  7. الدارمي في المقدمة، باب في فضل العلم والعالم، بهذا اللفظ رقم: 357.
  8. ابن حبان في صحيحه: 1/297 عن أبي هريرة رقم: 95 و1/298 عن عبد الله بن عمر بهذا اللفظ رقم: 96. والحاكم: المستدرك: 1/182 عن عبد الله بن عمرو بن العاص رقم: 346، وقال: هذا إسناد صحيح من حديث المصريين على شرط الشيخين وليس له علة. والهيثمي: موارد الظمآن: 55 باب فيمن كتم علما رقم: 95 و96. وأحمد في مسند المكثرين عن أبي هريرة رقم: 7255، وابن ماجة في المقدمة باب من سئل عن علم فكتمه رقم: 260.
  9. نظام الحكم والإدارة في الإسلام: 564.
  10. عبد الحي الكتاني: التراتيب الإدارية: 2/221-291.
  11. الحافظ المنذري: الترغيب والترهيب: 1/71 عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن جده رقم: 204. ومجمع الزوائد: 1/164. باب في تعليم من لا يعلم. وابن حجر :الإصابة في تمييز الصحابة: 1/22 .
  12. أنظر في ذلك يوسف القرضاوي: من أجل صحوة راشدة: 181 بتصرف.
  13. سبق تخريجه : وعلق ابن حجر عليه بقوله : "وقال في الحديث ولو آية أي واحدة ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآي، ولو قل ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به e " ، الفتح : 6/498.
  14. النووي: شرح صحيح مسلم: 2/56، باب بيان معنى قول النبي لا ترجعوا بعدي كفارا... والبخاري في العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب قاله ابن عباس عن النبي. وفي الحج، باب: الخطبة أيام منى عن أبي بكرة بلفظ ... "فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع"، رقم: 1625. وابن ماجة في المقدمة رقم: 229. وأحمد في مسند بني هاشم رقم: 1932
  15. البخاري في الزكاة: باب (1) وجوب الزكاة رقم: 1308. ومسلم في الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين رقم: 27. والترمذي في الزكاة ، باب ما جاء في كراهية أخذ خيار المال في الصدقة، وقال حسن صحيح.
  16. أحمد في مسند المكثرين من الصحابة رقم: 11813.
  17. النسائي في الخيل باب تأديب الرجل فرسه رقم: 3522. وأبو داود في الجهاد باب في الرمي رقم: 2152. وأحمد في مسند الشاميين رقم: 16683. ومجمع الزوائد: 5/269 . والبهوتي في كشف القناع: 4/48. وقال: وسبب ذلك أن من تعلم الرمي حصلت له أهلية الدفاع عن دين الله ونكاية العدو وتأهل لوظيفة الجهاد، فإذا تركه فقد فرط في القيام بما قد يتعين عليه.
  18. أحمد في باقي مسند الأنصار رقم: 21632.
  19. أحمد في مسند بني هاشم رقم: 2106.
  20. الترميذي في الاستئذان والآداب، باب ما جاء في تعليم السريانية رقم: 2639. وأحمد في مسند الأنصار عن زيد قال، قال لي رسول الله: "تحسن السريانية إنها تأتيني كتب؟ قلت: لا، قال: فتعلمها، فتعلمتها في سبعة عشر يوما"، رقم: 20605.
  21. نفسهما.
  22. أبو داود في الطب باب: ما جاء ف الرقى رقم: 3389. وأحمد في باقي مسند المكثرين رقم: 25847.
  23. ابن أبي شيبة في مصنفه: 5/339 ، ما قالوا فيما يستحب أن يبدأ به الكلام عن أبي هريرة بلفظ: "كل كلام ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع" رقم: 26683. وأبو يعلى في الإرشاد: 3/966 . والهيثمي في مجمع الزوائد: 2/188 عن كعب بن مالك وقال وفيه صدقة بن عبد الله ضعفه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم ووثقه أبو حاتم.
  24. الترمذي، في الدعوات باب ما يقول إذا قام من المجلس رقم: 3356 بلفظ مغاير وقال: حسن صحيح غريب. وابن ماجة في الأدب باب الاستغفار رقم: 3804. وأبو داود في الصلاة باب في الاستغفار رقم: 1295.
  25. الجامع لأحكام القرآن: م. 1، ج. 1/44.
  26. المسند، باقي مسند الأنصار، رقم: 22384.
  27. الاعتصام: 2/339.
  28. الجامع لأحكام القرآن: 1/45.
  29. نفسه، 1/45.
  30. الموافقات، المقدمة الثامنة: 1/69-70 .
  31. البخاري في العلم باب ما كان النبي يتخولهم بالموعظة والعلم، رقم: 66. ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار، باب الاقتصاد في الموعظة رقم: 5047-5048. والترمذي في الأدب باب ما جاء في الفصاحة والبيان، رقم: 278، وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة رقم: 3400- 3836- 3854، وابن أبي شيبة في مصنفه: 5/321، رقم: 1670. والطبراني في المعجم الأوسط: 4/259 ، رقم: 4138.
  32. فتح الباري: 1/216 كتاب العلم، باب ما كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا رقم: 69 .
  33. نفسه: 1/216.
  34. البخاري في العلم باب من خص بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا رقم: 125. ومسلم في الإيمان باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة رقم: 47 ، وأحمد في مسند الأنصار رقم: 21002.
  35. مسلم في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع رقم: 6.
  36. البخاري في العلم باب قول المحدث حدثنا وأخبرنا... رقم: 59. ومسلم في صفة القيامة باب مثل المؤمن مثل النخلة رقم: 5027. والترمذي في الأمثال باب ما جاء في مثل المؤمن القارئ للقرآن وغير القارئ رقم: 2793، وقال: حديث حسن صحيح . وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة رقم: 4371. وابن عبد البر في جامع بيان العلم: 1/144
  37. فتح الباري: 1/194-195، كتاب العلم، باب: 4، رقم: 61.
  38. جامع بيان العلم: 2/261، باب: 46، من يستحق أن يكون فقيها رقم: 1348. والحاكم في المستدرك: 2/522، رقم: 3790، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . والهيثمي: مجمع الزوائد: 1/90 ، باب من الإيمان الحب لله والبغض لله. والبيهقي: السنن الكبرى: 10/233، باب شهادة أهل العصبية. والطبراني في الأوسط: 4/376، رقم: 4479.
  39. مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي رقم: 1343. وأبو داود في الصلاة، باب ما جاء في آية الكرسي رقم: 1248. والحاكم في المستدرك: 3/344، رقم: 5326. وأبو نعيم في المسند المستخرج على صحيح مسلم: 2/406 ، باب فضل آية الكرسي رقم: 1836 .
  40. البخاري في المناقب، باب خاتم النبوة رقم: 3303. والترمذي في المناقب باب في كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، رقم: 3572. وقال: حديث حسن صحيح. وأحمد في المسند، باقي مسند الأنصار رقم: 25012، بألفاظ متقاربة.
  41. عبد الفتاح أبو غدة: الرسول المعلم وأساليبه في التعليم: 100.
  42. مه: اسم فعل أمر، معناه: اكفف، أو أسكت.
  43. ادنه: فعل أمر من الدنو وهو القرب، والمراد اقترب.
  44. أحمد في باقي مسند الأنصار رقم: 21185. والحديث انفرد به أحمد.
  45. نفسه.
  46. الرسول المعلم وأساليبه في التعليم: 101.
  47. البخاري في الأدب، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا رقم: 5567. ومسلم في البر والصلة، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم رقم: 4684. والترمذي في البر والصلة، باب ما جاء في شفقة المسلم على المسلم رقم: 1851، وقال : حديث حسن صحيح.
  48.  البخاري في الطلاق باب اللعان رقم: 4892. ومسلم في الزهد باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم رقم: 5296. والترمذي في البر والصلة باب ما جاء في رحمة اليتيم وكفالته رقم: 1841، وقال حديث حسن صحيح.
  49. البخاري في الأدب، باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا، رقم: 5567.
  50. أشرت في بداية هذا الفرع إلى أنني سأعرض بعض أهم أساليب ووسائل السياسة التعليمية التي قام عليها المنهج النبوي في التعليم، ولهذا فقد اقتصرت على هذه العناصر التسعة لأهميتها وبروزها. ويمكن للدارس أن يرجع إلى كتب السنة والسيرة للزيادة في استكشاف معالم وعناصر منهجه، صلى الله عليه وسلم، في هذه المسألة.
 
Science
الوسوم

د. محمد الأنصاري

أستاذ الفقه والأصول، كلية الآداب

جامعة شعيب الدكالي-الجديدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق