هجرة جماعية في صناعة الصحف من النسخة الورقية إلى الرقمية
إكراهات البقاء تدفع الصحف الورقية نحو الصيغة المجانية في شبكة الإنترنت
على الرغم من إطلاق تسميات مختلفة على جباية الرسوم من قراء الانترنت، ابتداء من الحماقة الكبرى التي سترتكبها الصحافة الورقية والتي وجدت فيها خلاصها، ولكن قلة قليلة من وسائل الإعلام كانت سباقة إلى الاعتراف في أحاديث صحافية بأنها تعتزم الشروع خلال الأشهر القليلة المقبلة على استخدام برمجيات تسميها المنافذ الإعلامية "بريس +" (+ Press)، بينها مجلة إنتلغنسر جورنال ـ لانكستر نيو أيرا بولاية كارولاينا الشمالية، وموقع "غلوبال بوست" الإخباري في بوسطن بولاية ماسيشوسيتس، حسب ما أورده موقع "إيلاف" الإلكتروني.
وبدأ عدد صغير جدًّا من الصحف يفرض أجورًا على القراء الالكترونيين، بينها "وول ستريت جورنال" و"فايننشيال تايمز" و"نيوداي"، وفق نظام أنشأته كل صحيفة داخل مؤسستها، كما أعلنت يومية "نيويورك تايمز" مؤخرًا أنها تخطط للاحتذاء بنظيراتها السابقة، لولا أنه إزاء هبوط الإيرادات المحققة من الإعلان، دفع بالعديد من الناشرين الراغبين للتفكير في إيجاد مصادر دخل أخرى، في الانتقال إلى جباية الرسوم، على الرغم من المخاطرة بفقدانهم جمهورهم والإعلانات.
وأضاف الموقع أنه في العام الماضي استثمر رجل الأعمال ستيفن بريل وشركاؤه في هذا الاهتمام، عندما أسسوا مشروعًا باسم "جورناليزم أونلاين" من أجل تطوير نظام مرن يصبح معيارًا لبقية الصحف، والاحتفاظ بنسبة 20 في المائة من إيرادات عملائهم الذين لديهم قراء على الانترنت كرسوم تذهب إلى المشروع، ويرى بريل وشركاؤه أنهم يعملون مع زبائن محتملين في أنحاء العالم لديهم أكثر من 1300 موقع الكتروني، رافضين أن يسموا غالبية هؤلاء بالزبائن.
ويجمع مراقبون أنه في حال اتضح أن صحيفة "لانكستر" تتصدر حركة جماهيرية واسعة بين الجرائد ـ وهناك الكثير من المشككين الذين يقولون أن فرض أجور على القارئ ستكون تجربة قصيرة العمر ـ فإنّ "بريس +" ، إذا عمل بنجاح ، سيكون المسؤول التنظيمي لهذه الحركة.
ونقلت يومية "نيويورك تايمز" عن بريل قوله أن انكماش موقع الصحافة الورقية أو المطبوعة في قطاع الإعلام بصفة عامة، يدفع إلى ترسيخ الفكرة القائلة أنها ستكون ذات قيمة على الانترنت، وكون "ما أقنعنا به الآخرين هو أنهم ليسوا مضطرين إلى اتخاذ قرار جذري بل يمكن التجريب".
وبالنسبة إلى المواقع الالكترونية التي سلَّمت بوجهة نظر بريل وشركائه، فإن مثل هذه التوقعات المتواضعة تشكل جزءًا من جاذبية التوجه الجديد، حيث يرى إيرنست شرايبر، رئيس تحرير الموقع الالكتروني لصحيفة "لانكستر"، ("لانكستر أونلاين دوت كوم")، أن الصحيفة انطلقت من بداية صغيرة، وإذا تسببت خطوتها في عزوف الجمهور فإنها في هذه الحالة لا تغامر بقطاع واسع من قرائها، حيث تستخدم الصحيفة برمجيات "بريس +" منذ فترة وتعمل على تعديلها في مجرى استخدامها.
في البداية ستفرض الصحيفة التي تملكها شركة محلية، رسومًا على القرّاء من خارج منطقتها مقابل قراءة صفحة الوفيات وكلمات النعي فقط، وستتيح للقارئ أن يطَّلع على عدد محدود من كلمات النعي مجانا قبل أن يظهر إطارا على الشاشة يطالب بأجر مقطوع للاستمرار في القراءة، ولكن الصحيفة لم تحدد عدد مقالات النعي التي تسمح للقارئ بالاطلاع عليها مجانا قبل أن يظهر إطار الفاتورة.
وعموما، بحسب يومية " نيويورك تايمز"، لا يعني التوجه إلى فرض رسوم أو أجور على قراء الصحف الإلكترونية اتخاذ قرار واحد بل عشرات القرارات، كما أنه بإمكان المواقع الالكترونية أن تتيح للقراء غير المشتركين أن يروا مستهل المقال فقط، في حين يكون القراء الذين يدفعون اشتراكًا وحدهم الذين سيطلعون على المقال كاملاً، ويمكن أن تسمح بقراءة مقالات معينة وفرض رسوم على قراءة مقالات أخرى، ويمكن أن تفرض اشتراكًا شهريًّا أو عن كل نقرة، ويمكن أن تقصر القراءة المجانية على عدد معين من المقالات شهريًّا، ويمكن أن تعامل القراءة معاملة مختلفة حسب مناطق سكنهم وإقامتهم، ويمكن أن تفرض سعرًا واحدًا أو تعتمد نظامًا متعدد المستويات السعرية، ويمكن أن تمنح المشتركين في الصحيفة الورقية إمكانية الاطلاع على الطبعة الالكترونية مجانًا أو مقابل رسم أيضًا.
وجب التذكير في الأخير، أنه يُفترض ببرمجيات "بريس +" أن تغطي كل المقاربات وجمع البيانات عن كيفية عملها، وتبادل النتائج مع العملاء الذين يديرون مواقع الكترونية يريدون جباية رسوم مقابل الاطلاع على محتوياتها. وكما في أنظمة التجارة الالكترونية فإن مَنْ لديه حساب في نظام "بريس +" سيكون قادرًا على استخدامه لدخول مواقع أخرى، دون حاجة إلى إدخال رقم بطاقته الائتمانية من جديد.