وحدة الإحياءقراءة في كتاب

نقـد الثـقـافـة الغـربيـة في الاستشراق والمركزية الأوروبية

استكمل الأستاذ عبد الإله بلقزيز مشروعه الفكري حول “العرب والحداثة” بإصدار كتابه الرابع والأخير “نقد الثقافة الغربية: في الاستشراق والمركزية الأوروبية” عن مركز دراسات الوحدة العربية. وقد صدرت أجزاؤه الثلاثة الأولى: (من الإصلاح إلى النهضة، ومن النهضة إلى الحداثة، ونقد التراث، ثم كتابنا نقد الثقافة الغربية: في الاستشراق والمركزية الأوروبية) عن نفس المركز، هاته السلسلة التي ترادفت خلال تسع سنوات، تعتبر كتابا واحدا متكاملا في التاريخ النقدي للفكر العربي الحديث والمعاصر ولخطاب الحداثة في الفكر العربي في تعبيراته التنظيرية والدراسية.

وقد أكد الأستاذ بلقزيز على الصلة الشديدة بين هذا الكتاب وسابقه ( نقد التراث) في الإشكالية، لأنهما معا يتناولان الإشكالية عينها في الوعي العربي ( الأنا والآخر) من زاويتين مختلفتين في مادة الدرس.

وقد جعل من إصداره الأخير “نقد الثقافة الغربية: في الاستشراق والمركزية الأوروبية” محاولة لقراءة ذلكم الكم الهائل من الكتابات العربية المعاصرة التي دارت على موقف الفكر الغربي من التراث والثقافة والتاريخ في المجال العربي الإسلامي (زهاء قرن وربع القرن من الزمن)، والتي تدرجت من السجال، إلى الاعتراف، إلى النقد تبعا لانتقالات الخطاب العربي من لحظة الإصلاحية إلى النهضوية فالحداثية. معترفا باقتصاره على اختيار عينة فقط كتمثيل لاتجاهات الرأي في الموضوع، بلغت ما يقارب مائة وأربعين كتابا بين عربي وأجنبي.

وقد برر الأستاذ بلقزيز اختياره: نقد العرب للثقافة الغربية في حيزها الاستشراقي بأسباب عدة أهمها أن الاستشراق بالتعريف خطاب غربي، وهو أكثر إنتاج في الفكر الأوروبي والغربي اتصالا بنا، نحن العرب، وبمجتمعاتنا وثقافتنا. لذلك حاول من خلال كتابه بسط خريطة معرفية لتيارات النقد في الفكر العربي المعاصر ومكانة تيار النقد المزدوج منها.

كل ذلك من خلال تصميم منهجي ساعده في اكتمال بناء مشروعه هذا، حيث صنف الكتاب في تسعة فصول، وقسم هاته الفصول إلى أربعة أقسام، مترابطة ومتكاملة فيما بينها، وأفردها بعناوين تبرز ما يريد أن يكشفه من نقد للأنا والآخر معاً، لترى فيها الحداثةُ صورتَها: ملامحَ وقسمات.

وقد خصص القسم الأول: “النهضويون العرب والاستشراق” للكشف عن التطور في الخطاب العربي اتجاه الثقافة الغربية والتي تدرجت من السجال إلى الاعتراف إلى النقد.

وقد ضمنه فصلين اثنين:
الفصل الأول: من الانبهار إلى الحوار.
وتناول فيه:
ـ أولا: صور الصلة بالاستشراق.
ـ ثانيا: الانبهار بالاستشراق (التلمذة واستبطان المسلمات).
ـ ثالثا: مناظرة الاستشراق.
الفصل الثاني: الاستشراق – التماهي والتمايز
وتناول فيه:
ـ أولا: التعريف بالمستشرقين.
ـ ثانيا: ترجمة أعمال المستشرقين.
ـ ثالثا: تقمص الاستشراق والتماهي معه.
ـ رابعا: نقد الاستشراق.

ثم انتقل بعد ذلك للقسم الثاني وعنونه بـ: “الاستشراق والمؤسسة”، وضمنه كذلك فصلين اثنين: الثالث والرابع.
الفصل الثالث: نقد الخلفيات الكولونيالية للاستشراق: أنور عبد الملك نموذجا.

وتطرق فيه إلى:
ـ أولا: أزمة الاستشراق التقليدي.
ـ ثانيا: في رؤيتين استشراقيتين إلى الشرق.
ـ ثالثا: ملاحظات على التصنيف والمقاربة.

الفصل الرابع: الاستشراق: نقد الخطاب (إدوارد سعيد).
وتطرق فيه إلى:
ـ أولا: في المفهوم.
ـ ثانيا: صعود الاستشراق واتجاهات تطوره.
ـ ثالثا: الشرق في الإنتاج الأدبي الأوروبي.
ـ رابعا: من التبحر العلمي إلى السطحية والضحالة.

أما القسم الثالث “الاستشراق في عيون نقدية”، فقد ضمنه ثلاثة فصول:

الفصل الخامس: الأصول الأوروبية لنظرة الغرب: هشام جعيط ناقدا.
وتطرق فيه إلى:
ـ أولا: إسلام متخيل.
ـ ثانيا: تمثلات أوروبا الحديثة للإسلام.
ـ ثالثا: رؤية نقدية إلى المستشرقين.

الفصل السادس: الاستشراق وحدوده المعرفية –المنهجية: مطالعة في نقديات محمد أركون.
وتطرق فيه إلى:
ـ أولا: نقد العقل الوضعي.
ـ ثانيا: هامشية المسألة الدينية في السياق العلمانوي.
ـ ثالثا: الإسلام في العقل الوضعي: الجهل، التجاهل، الحيف.
ـ رابعا: المتخيل، المركزية الذاتية، الإيديولوجيا.
ـ خامسا: تاريخ نقدي للاستشراق.

الفصل السابع: عبد الله العروي ونقد الاستشراق.

ثم ختم بالقسم الرابع والأخير: “في نقد المركزية الأوروبية”. وضمنه فصلين اثنين كذلك، الفصل الثامن والتاسع.
وقد جعل الفصل الثامن: في نقد المركزية الأوروبية وثقافويتها: سمير أمين نموذجا.

وتناول فيه:
ـ أولا: في النزعة الثقافية والمركزية الأوروبية.
ـ ثانيا: نقد النزعة الثقافية للمركزية الأوروبية.

أما الفصل التاسع والأخير: من المركزية الأوروبية إلى المركزية الغربية في نقد مفهوم الغرب وأسطورته: جورج قرم نموذجا.
وتناول فيه:
ـ أولا الأساطير المؤسسة للغرب.
ـ ثانيا: من العبقرية إلى الانحطاط.
ـ ثالثا: نحو الكونية.

وقد وقع هذا الكتاب في مائتين وثمانية وسبعون صفحة (278)، وسع فيها الأستاذ عبد الإله بلقزيز دائرة موضوع البحث، وعدد زوايا النظر إليه إشكاليا ومنهجيا بلغة جمعت جمعا بديعا بين الصرامة النظرية والمفهومية، والرشاقة الأدبية الرفيعة والإنسانية في السرد والتحليل، مع نزعة تاريخية حادة في النظر إلى الظواهر والأفكار مقترنة بحس نقدي عال.

ذ. حسام لحرش

باحث مساعد بالوحدة البحثية للإحياء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق