وحدة الإحياءدراسات عامة

تنبيهات الحافظ ابن حجر على أوهام المتكلمين في رجال الكتب الستة

ذ. محمد بن العابدين رستم

(العدد 15)

لأهل العلم بالحديث عناية فائقة بالكتب الستة[1] التي اشتهر ذكرها، وطار صيتها، حتى صارت دواوين الإسلام، ومادة الحكام، وينابيع الكلم النبوية، وموارد المسائل الفقهية، ومصادر الأدلة الاستنباطية، وظهرت هذه العناية التامة، فيما وضع هؤلاء العلماء على هذه الكتب من تآليف جمة في شرح متونها، وبيان مشكل أسانيدها، والتعريف برجالها، وذكر مراتبهم في العلم، ومنازلهم في الرواية والسماع، والتنبيه على طبقاتهم في التعديل والتجريح…

1. تطور دراسات رجال الكتب الستة

كان العلماء قبل المائة السادسة يفردون رجال بعض الكتب الستة بالتصنيف، فيؤلف الواحد منهم في رجال “صحيح البخاري” أو في رجال “صحيح مسلم” أو قد يجمع بين رجالهما في تصنيف واحد، فحصل من ذلك تآليف مفردة نذكر منها:

1. أسامي من روى عنهم محمد بن إسماعيل البخاري من مشايخه الذين ذكرهم في جامعه الصحيح على حروف المعجم للحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني (ت 365ﻫ)، وقد طبع بتحقيق عامر صبري العراقي.

2. وللحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني (ت 385ﻫ) أربعة كتب في هذا المعنى وهي:

أ. أسماء الصحابة التي اتفق فيها البخاري ومسلم، وما انفرد به كل منهما[2].

ب. رجال البخاري ومسلم[3].

ج. ذكر أسماء التابعين ومن بعدهم، ممن صحت روايته عن الثقاب عند البخاري ومسلم، وقد طبع بتحقيق: بوران الضناوي وكمال يوسف الحوت سنة 1406ﻫ.

د. ذكر قوم ممن أخرج لهم البخاري ومسلم في صحيحيهما، وضعفهم النسائي في كتاب الضعفاء[4].

3. الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد الذين أخرج لهم البخاري في جامعه للإمام أبي نصر أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي (ت 398ﻫ)، وقد طبع بتحقيق عبد الله الليثي، سنة 1407ﻫ.

4. تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم، للحاكم أبي عبد الله النيسابوري (ت 405ﻫ)، وقد طبع بتحقيق كمال يوسف الحوت سنة 1407ﻫ.

5. التعريف بمن ذكر في موطأ مالك بن أنس من الرجال والنساء لابن الحذاء أبي عبد الله محمد يحيى الأندلسي (ت 416ﻫ)[5]

6. رجال صحيح مسلم، لأبي بكر أحمد بن علي بن منجويه الأصفهاني (ت 428ﻫ)، وقد طبع بتحقيق عبد الله الليثي سنة 1407ﻫ.

7. التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح، لأبي الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي (ت 474ﻫ)، وقد طبع بتحقيق أحمد لبزار سنة 1411ﻫ.

8. ولأبي علي الحسين بن محمد الجياني الأندلسي (ت 498ﻫ)، “تسمية شيوخ أبي داود”[6]، و”رجال سنن النسائي”[7].

9. الجمع بين رجال الصحيحين، لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي (ت 507ﻫ).

10. المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل للحافظ أبي القاسم علي ابن الحسن بن عساكر الدمشقي (ت 571ﻫ)، وقد طبع.

وأول من جمع رجال الكتب الستة في كتاب الحافظ الإمام عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي (ت 600ﻫ)، في مصنفه الحافل الكبير: “الكمال في أسماء الرجال” و “هو كتاب نفيس كثير الفائدة”[8]، ومن أجل المصنفات في معرفة حملة الآثار وضعا، وأعظم المؤلفات في بصائر ذوي الألباب وقعا”[9]. ويظهر من تتبع مصادر “الكمال” الكثيرة فضله الكبير على المؤلفات اللاحقة، التي اتخذته أساسا بنت عليه… فإن الحافظ عبد الغني نثر معلومات المكتبة الحديثية خلال تراجم كتابه، وكان يمتلك حق رواية الكثير من الكتب النفيسة التي اقتبس منها في “الكمال”، وقد أفاد من رحلته إلى مصر ولقائه بالحافظ السلفي فائدة عظيمة، لأن السلفي حوى كنوزا هائلة من كتب العلم… فسمع منه الحافظ عبد الغني المقدسي العديد من المصنفات”[10].

ولقد اعتنى كل من جاء بعد عبد الغني المقدسي بكتابه، فتناولوه بالتهذيب والاستدراك والتنقيح، ومن هؤلاء الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت 742ﻫ)، الذي أصل “كتاب الحافظ المقدسي وهذبه، وأضاف إليه أيضا ما يتم مقاصده، ويستوفي فوائده من ضبط الأسماء والكنى والبلدان ونحوها من التراجم واستيفاء شيوخ الراوي وتلامذته الرواة عنه، وسماه “تهذيب الكمال في أسماء الرجال”[11].

ولقد نوه غير واحد بتهذيب الحافظ المزي، فهذا الحافظ الذهبي (ت 748ﻫ)، يترجم للمزي، ويطنب في مدحه ويقول “وإليه المنتهى في معرفة الرجال وطبقاتهم ومن نظر في كتابه تهذيب الكمال علم محله من الحفظ، فما رأيت مثله، ولا أرى هو مثل نفسه أعني في معناه، ينطوي على دين وسلامة باطن… وكل أحد يحتاج إلى تهذيب الكمال”[12].

وقال الحافظ بن حجر (ت 852ﻫ)، فيه: “فهو الذي وفق بين اسم الكتاب ومسماه، وألف بين لفظه ومعناه”[13].

بيد أن عناية العلماء تتابعت على تهذيب الحافظ المزي اختصارا واستدراكا وإكمالا، فكان من ذلك جملة من التآليف نذكر من بينها:

1. تهذيب التهذيب “للحافظ الذهبي الذي اختصر فيه كتاب المزي، ثم لما وجده قد طال واتسع اختصره في “الكاشف في أسماء رجال الكتب الستة”[14].

2. “إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال”، للإمام الحافظ علاء الدين أبو عبد الله مغلطاي الحنفي (ت 762ﻫ)، الذي تناول فيه رجال تهذيب الكمال، فقدم روايات أخرى في تراجمهم لا نجد كثيرا منها في تهذيب الكمال، وذلك لاعتماده على مصادر مثيرة بعضها مفقود…لذلك فإنه جدير بالنشر العلمي في أقرب وقت للحاجة إليه[15].

3. التكميل في الجرح والتعديل، ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل”، للحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير (ت 774ﻫ)، وهو صهر المزي وتلميذه، وقد جمع في هذا الكتاب بين تهذيب الكمال”، و” ميزان الاعتدال” للإمام الذهبي[16].

4. إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ الإمام سراج الدين أبي علي عمر بن علي بن الملقن (ت 804ﻫ)، وهو كتاب اختصر فيه ابن الملقن “تهذيب الكمال” مع التذييل عليه من رجال ستة كتب هي: مسند أحمد، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، والمستدرك للحاكم، والسنن للدارقطني، والسنن للبيهقي[17].

5. “اختصار تهذيب الكمال” للإمام عماد الدين أبي بكر بن أبي المجد السعدي الدمشقي ثم المصري الحنبلي (ت 804ﻫ)، قال الحافظ ابن حجر في ترجمته: “سمع من المزي والذهبي وغيرهما… وله اختصار تهذيب الكمال… اجتمعت به، وأعجبني سمته وانجماعه، وملازمته للعبادة”[18].

6. لباب التهذيب للإمام المؤرخ تقي الدين أبي بكر بن أحمد بن محمد المعروف بابن قاضي شهبة الدمشقي الشافعي (ت 851ﻫ)[19].

7. تهذيب التهذيب للحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الأصل، ثم المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة.

2. منهج الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب

بين الحافظ بن حجر السبب الذي من أجله تصدى لتهذيب التهذيب فقال: “…فإن كتاب الكمال في أسماء الرجال” الذي ألفه المقدسي، وهذبه الحافظ المزي من أجل المصنفات في معرفة حملة الآثار وضعا… ولاسيما التهذيب، فهو الذي وفق بين الكتاب ومسماه… بيد أنه أطال وأطاب، ولكن قصرت الهمم عن تحصيله لطوله، فاقتصر بعض الناس على الكشف من “الكاشف” الذي اختصره منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي…، هذا وفي “التهذيب” عدد من الأسماء لم يعرف الشيخ بشيء من أحوالهم، بل لا يزيد على قوله: روى عن فلان، روى عنه فلان، أخرج له فلان، وهذا لا يروي الغلة، ولا يشفي العلة”[20].

وواضح من كلام الحافظ ابن حجر، أن الباعث له على تهذيب كتاب المزي أمران: طول الكتاب وسعة القول فيه، وإخلاله في التعريف ببعض التراجم.

ومضى الحافظ ابن حجر يتحدث عن طريقته في تهذيب التهذيب فقال: “فاستخرت الله تعالى في اختصار “التهذيب” على طريقة أرجو الله أن تكون مستقيمة وهو أني اقتصر على ما يفيد الجرح والتعديل خاصة، وأحذف منه ما أطال به الكتاب من الأحاديث التي يخرجها من مروياته العالية من الموافقات والإبدال… ثم إن الشيخ رحمه الله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة، واستيعاب الرواة عنه… وحصل من ذلك على الأكثر، لكنه شيء لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره…

فاقتصرت من شيوخ الرجل، ومن الرواة عنه إذا كان مكثرا على الأشهر والأحفظ والمعروف… ولا أعدل عن ذلك إلا لمصلحة…وأحذف كثيرا من أثناء الترجمة إذا كان الكلام المحذوف لا يدل على توثيق ولا تجريح، وربما أوردت بعض كلام الأصل بالمعنى… وربما زدت ألفاظا يسيرة في أثناء كلامه… وأحذف كثيرا من الخلاف في وفاة الرجل…ولا أحذف من رجال “التهذيب” أحدا، بل ربما زدت فيهم من هو على شرطه”[21].

ويظهر من هذا البيان الناصع، أن من مقاصد الحافظ ابن حجر في “تهذيب التهذيب”، مراعاة أمرين اثنين:

الأول: الاختصار، والاقتصار على ما هو بموضوع الكتاب أليق، وبالغرض الذي قصد بوضعه أشكل، وذلك هو الجرح والتعديل.

الثاني: الاستدراك، والتنبيه على الفوات، الذي في الكتاب أدخل، وهو به أمثل. ومن أجل الوصول إلى هذين الأمرين، حذف الحافظ ابن حجر من تهذيبه ثلاثة فصول:

الأول: في شروط الأئمة الستة، والثاني في السيرة النبوية، والثالث: في الحث على الرواية من الثقات[22]، كما ألحق الحافظ ابن حجر في الكتاب ما التقطه من “تهذيب التهذيب” للحافظ الذهبي، وهو داخل في شرط الكتاب[23].

ومن عادة الحافظ ابن حجر في “تهذيب التهذيب” أن يبدأ الترجمة بذكر الرموز الدالة على من أخرج له من أصحاب الكتب الستة[24]، ثم يبادر الحافظ إلى التعريف بالراوي، فيذكر نسبه وكنيته ونسبته، ثم شيوخه، ثم الرواة عنه، على النحو الذي شرحه في مقدمة الكتاب، وذلك بالاقتصار على الأهم والأفيد، ويسوق الحافظ ذلك مراعيا قدم رواية الراوي عن الشيخ، وتقدم رواية الراوي عنه، ثم يذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل في الراوي، ويختم عادة بذكر تاريخ وفاته.

3. منزلة تهذيب التهذيب بين كتب الجرح والتعديل

شغل الحافظ ابن حجر نفسه بتهذيب التهذيب، ففرغ منه سنة 807ﻫ[25] فخرج الكتاب، وقد استوى جامعا لمقاصد الأصل، مستدركا عليه ما ليس فيه، فدعا ذلك الحافظ إلى الرضا عنه، وحمد الله تعالى على ما هدي إليه، يقول السخاوي (ت 902ﻫ)، “وقد سمعته؛ يعني (ابن حجر) يقول: لست راضيا عن شيء من تصانيفي، لأني علقتها في ابتداء الأمر، ثم لم يتهيأ لي من يحررها معي سوى “شرح البخاري” و”مقدمته” و”المشتبه” والتهذيب”…[26].

وتظهر منزلة تهذيب التهذيب في أن مؤلفه تصدى له، بعد أن تمرس في الرجال وخبرهم، ومارس كلام أهل العلم فيهم[27]، ووقف على أصول الكتب التي وقف عليها المقدسي والمزي ومغلطاي، فنقل منها، ونقح عليها، واجتهد برأيه، فعدل وجرح، ووثق ووهن، لأنه من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال، وله ذوق أهل الفن، وتفنن أهل هذا الشأن، ولقد حكى تلميذه الأثير إليه السخاوي أنه شرب ماء زمزم لينال درجة الحافظ الذهبي في الحفظ والإتقان، وسعة الاطلاع على أحوال الرجال، وشدة الاستحضار لأخبارهم ومراتبهم في العلم[28].

ثم إن هذه الأحكام التي توصل إليها الحافظ في “تهذيب التهذيب”، و “تقريب التهذيب”[29]، هي “خلاصة جهود أئمة حفاظ: عبد الغني المقدسي، والمزي، والذهبي، ومغلطاي، وابن حجر في مرحلتين: التهذيب، ثم التقريب، وهؤلاء أئمة متأخرون، جمعوا ما عند سابقيهم باستيفاء، ولم يأت بعدهم من يدانيهم، وبهم ختمت مرحلة تجميع الأقوال في الرجال، فلا جديد بعدئذ[30].

وعكف المتأخرون على كتب الحافظ ابن حجر في الرجال، وخاصة تهذيب التهذيب، يقول جلال الدين السيوطي (ت 911ﻫ)، “…والذي أقوله أن المحدثين عيال الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المزي والذهبي والعراقي وابن حجر”[31].

ومن عناية المتأخرين بتهذيب التهذيب، إقبالهم على نسخه وكتابته، فلقد ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمة حماد بن عبد الرحيم المارديني الحنفي (ت 819ﻫ)، أنه لمحبته في الحديث وأهله، كتب كثيرا من تصانيفه، كتغليق التغليق وتهذيب التهذيب، ولسان الميزان[32].

واختص تهذيب التهذيب بمزية النقد لأقوال المتكلمين في الرجال، وبيان ما اشتمل عليه كلامهم من أوهام وأغلاط، وتحرير القول الصحيح في ذلك، وهذا المعنى هو الذي قصدنا إليه من هذه الدراسة.

4. أوهام المتكلمين في الرجال من تهذيب التهذيب

معرفة تاريخ حملة العلم النبوي فن عظيم الموقع في الدين، وعلم كثير النفع في التمييز بين صحيح الأخبار من سقيمها، ومتصلها من منقطعها ومسندها من معضلها، وفي هذا المعنى يقول الحافظ السخاوي “تواريخ الرواة والوفيات… فن عظيم الوقع في الدين، قديم النفع به للمسلمين، لا يستغنى عنه، ولا يعتنى بأهم منه، خصوصا ما هو القصد الأعظم منه، وهو البحث عن الرواة، والفحص عن أحوالهم في ابتدائهم، وحالهم واستقبالهم، لأن الأحكام الاعتقادية، والمسائل الفقهية مأخوذة من كلام الهادي من الضلالة، والمبصر من العمى والجهالة، والنقلة لذلك هم الوسائط بيننا وبينه، والروابط في تحقيق ما أوجبه وسنه، فكان التعريف بهم من الواجبات، والتشريف بتراجمهم من المهمات، ولذا قام به في القديم والحديث أهل الحديث، بل نجوم الهدى، ورجوم العدى، ووضعوا التاريخ المشتمل على ما ذكرناه، مع ضمهم له الضبط لوقت كل من السماع، وقدوم المحدث البلد الفلاني في رحلة الطالب… ليختبروا بذلك من جهلوا حاله في الصدق والعدالة… وكذا يتبين به ما في السند من انقطاع، أو فصل، أو تدليس، أو إرسال ظاهر، أو خفي…”[33].

وما زال أهل الحديث يلهجون بهذا العلم، ويضعون فيه الكتب، ويرغبون فيه طلاب العلم النبوي، ويعظمون من شأنه، حتى قال الإمام علي ابن المديني (ت 234ﻫ) “التفقه في معاني الحديث نصف العلم، ومعرفة الرجال نصف العلم”[34].

وأمعن أهل الحديث في البحث في هذا العلم، فتكلموا فيما قد يتطرق على المتصدي له من أوهام في ضبط الأسماء الملتبسة، ومعرفة الرجال الذين يتفقون في الاسم والنسبة والكنية، أو في إثبات وصف للراوي غير معروف به، أو في توثيق ضعيف أو تضعيف ثقة، أو غير ذلك، كل ذلك حسبة للأجر، وذبا عن الشرع، ودفعا للزيف.

ولقد كان الحافظ ابن حجر من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم لهذا الأمر، وذلك اقتضى منه حين شرع في تهذيب كتاب المزي ـ أن ينبه على الأوهام الواقعة في كلام أهل العلم في رجال الكتب الستة.

5. أسباب الوهم وموجباته

يمكن حصر أسباب وهم المتكلمين في رجال الكتب الستة، بعد تتبع الحافظ ابن حجر في “تهذيب التهذيب، وسبر صنيعه فيه واستقرائه ـ على هذا النحو:

أ. تصحيف اسم الراوي:

ولما كان هذا السبب فاشيا في كلام المشتغلين بتراجم الرجال، حذر منه أهل الحديث، ونفروا منه، وعدوه من أشد أنواع التصحيف[35]، وشرحوا الباعث عليه، والموجب له، وهو قلة الضبط، وتغير الحفظ، وتطرق النسيان والغفلة، ولم يقنع أهل الحديث ببيان موجبات التصحيف، وبادروا إلى ترغيب طلاب العلم في حفظ ما يلتبس من الأسماء حفظا متينا، وعدم التجاسر على إعمال القياس في ذلك، يقول أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله النجيرمي اللغوي “أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس، لأنه شيء لا يدخله القياس، ولا قبله شيء يدل عليه، ولا بعده شيء يدل عليه”[36].

ومما نبه عليه الحافظ من تصحيف أسماء رجال الكتب الستة: قوله عند ترجمة المسور بن رفاعة بن أبي مالك القرظي[37] “وذكره ابن حزم في المحلى في كتاب الرضاع، لكن وقع عنده “المستورد” بزيادة مثناة قبل الواو، ودال في آخره، وهو تصحيف، نبه عليه شيخ شيوخنا القطب الحلبي”[38].

ومنه قوله عند ترجمة الحارث بن عمرو بن الحارث السهمي الباهلي أبو سفينة[39] “الصواب أن كنيته أبو مسقبة[40]، كذلك هو عند الحاكم في المستدرك، وفي الطبقات لخليفة، وذكر مغلطاي أنه قرأه بخط الصريفيني كذلك، وقال إن صاحب الكمال صحفه”[41].

ب. تحريف الكلام المنقول عن أهل العلم

وذلك يوقع في الوهم، ومن الأمثلة التي يسوقها الحافظ ابن حجر في هذا الباب: قوله عند ترجمة الحسن بن أبي الحسناء أبو سهل البصري القواس[42]، قلت: وقال العجلي: بصري ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الأزدي “منكر الحديث”، وفرق الذهبي فيما قرأت بخطه في الميزان بين القواس، وبين الذي ذكره الأزدي وقال: إن القواس قديم، والظاهر أنهما واحد، وسبب الاشتباه أن الأزدي قال: روى عنه شريك، فحرفه الذهبي فقال: روى عن شريك، وظن أنه لهذا متأخر الطبقة”[43].

ج. اعتقاد الرجل واحد وهما اثنان:

فعند ترجمة زياد بن سليم ـ ويقال ابن سليمان ويقال: ابن سلمى العبدي اليماني أبو أمامة المعروف بزياد الأعجم، ويقال إنه زياد سيمين كوش[44]، قال الحافظ ابن حجر “والذي يظهر لي بعد التأمل الطويل أنه آخر غير زياد الأعجم الشاعر، فإني ما وجدت أحدا من المؤرخين ولا ممن ذكر من طبقات الشعراء ذكر أن اسم والد الأعجم سيمين كوش، ولا أنه لقبه، بل أطبقوا على أنه ابن سليم أو أسلم، أو سليمان، أو سلمى… وقدم البصرة وسكن خراسان، ومدح وهجا، ولا ذكر أحد منهم أنه روى الحديث، وإنما نقلت عنه حكايات فمنهم: خليفة بن خياط، والمدائني، ومحمد بن سلام الجمحي، وأبو محمد بن قتيبة، والمبرد، والهيثم بن عدي، وابن دريد، والجاحظ، ودعبل، وابن المعتز، والزبيدي، وأبو سعيد السكري، ومحمد بن حبيب، ومن المتأخرين ابن عساكر في تاريخه الكبير…

وأما أهل الحديث، فلم يذكر أحد منهم في ترجمة زياد الذي روى عنه طاوس أنه الشاعر ولا أنه من عبد القيس… ولا سكن خراسان، بل أطبقوا على أنه اليماني وأنه سيمين كوش… وذكروا أنه روى حديثا واحدا وهو المخرج في هذه الكتب… فمنهم رأسهم: البخاري وتبعه مسلم وابن أبي حاتم وابن حبان في ثقات التابعين…”[45].

د. اعتقاد الرجل اثنين وهو واحد

وهذا السبب الموجب للوهم كثير في كلام المتكلمين على رجال الكتب الستة، وتصدى الحافظ ابن حجر في تهذيبه لبيانه، فمر ذلك عند ترجمة حرملة مولى أسامة بن زيد[46]، نقل الحافظ كلام المزي في أن أبا حاتم الرازي فرق بين مولى أسامة ومولى زيد بن ثابت، ثم قال: “وكذا صنع ابن حبان في الثقات، وجعلهما ابن سعد والكلاباذي وغيرهما واحدا وهو الأشبه”[47].

ويرى الحافظ ابن حجر أن الوقوع في هذا الوهم والذي قبله، يؤدي إلى التناقض، وإثبات الشيء وعكسه، ففي ترجمة لقيط بن صبرة أبو رزين العقيلي [48]، ذكر الحافظ أن ابن عبد البر حكى عن قوم أن لقيط بن صبرة غير لقيط بن عامر قال “وليس بشيء”، ثم قال: “قلت: تناقض في هذا المزي، فجعلهما هنا واحدا، وفي الأطراف اثنين، وقد جعلهما ابن معين واحدا، وقال: ما يعرف لقيط غير أبي رزين…”[49].

ﻫ. عدم الاهتداء إلى الرجل ومجانبة الصواب في تعيينه:

وذلك نشأ عن قلة الاطلاع، واستعمال الظن والتخمين، ومن أمثلة هذا السبب في الوهم: ما أورده الحافظ ابن حجر في ترجمة محمد بن علي بن ميمون الرقي العطار[50]، قال “قلت وذكر النباتي[51] في ذيل الكامل عن إسحاق الفروي محمد بن علي العطار روى عنه المظفر بن سهل، ذكره الدارقطني في إسناد مجهول، ثم جوز النباتي أنه الرقي، لكونه من طبقته، وأيد ذلك ابن أبي حاتم، ذكر الراقي، وأن أباه أبا حاتم روى عنه، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وليس كما ظن النباتي، فإن الرقي إمام حافظ ثقة كما ترى بخلاف شيخ المظفر”[52].

و. متابعة من سبق من أهل العلم على الوهم وتقليده في ذلك

ففي ترجمة عبد الله ابن عمر النميري[53]، نقل الحافظ ابن حجر عن المزي قوله أن صاحب الكمال خلط ترجمته بترجمة عبد الله بن عمر بن غانم، وأن أبا حاتم وغير واحد قد فرق بينهما، ثم قال الحافظ “تبع عبد الغني في ذلك أبا نصر الكلاباذي وأبا إسحاق الحبال، وكذا زعم أبو الوليد الباجي في كتابه رجال البخاري وغيرهم، والصواب التفرقة بينهما”[54].

ز. النقل من نسخ سقيمة، وترك التنبيه على ما ورد في النسخ الصحيحة

وذلك موهم أن ليس يوجد إلا ما وقف عليه الوهم، ومن أمثلته: أن المزي قال عند ترجمة أسيد بن المتشمس التميمي[55] “روى له ابن ماجة هذا الحديث الواحد، ووقع عنده: أسيد بن المنتشر وهو وهم، فتعقبه الحافظ فقال “قلت: هذا وقع في بعض النسخ دون بعض، وفي كثير منها ابن المتشمس على الصواب”[56].

ح. التصرف في كلام المنقول عنه

وذلك باقتطاع طرف من كلام المنقول عنه، ونسبته إلى غيره، ومن أمثلته: أن المزي قال في ترجمة موسى بن أنس الأنصاري[57] “ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل البصرة، وقال: كان ثقة قليل الحديث، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال غيره: مات بعد أخيه النظر بن أنس” فقال الحافظ معترضا: “بل هو قول ابن حبان متصلا بكلامه في تاريخ الثقات من غير فصل”[58].

6. تصنيف الأوهام

يمكن تصنيف الأوهام المستخرجة من تهذيب التهذيب، تبعا لموضوعها على هذا النحو:

1. أوهام في ترجمة الرجل: وتشتمل على ما يلي:

أ. أوهام في تعيين اسم الرجل:

ومن أمثلته: ما ذكره المزي في ترجمة الأغر أبي مسلم المدني[59]، فإنه قال: “وزعم قوم أنه أبو عبد الله سلمان الأغر وهو وهم”، فعلق الحافظ على كلامه قائلا “قلت: منهم: عبد الغني بن سعيد وسبقه الطبراني، وزاد الوهم وهما، فزعم أن اسم الأغر مسلم، وكنيته أبو عبد الله، فأخطأ، فإن الأغر الذي يكنى أبا عبد الله اسمه سلمان لا مسلم، وتفرد بالرواية عنه أهل المدينة، وأما هذا فإنما روى عنه أهل الكوفة”، وكأنه اشتبه على الطبراني بمسلم المدني، شيخ للشعبي، فإنه يروي أيضا عن أبي هريرة، لكنه لا يلقب بالأغر، وأما أبو مسلم هذا فالأغر اسمه لا لقبه”[60].

ب. أوهام في تعيين كنيته ونسبه:

فمن الأول: أن المزي كنى ـ تبعا لصاحب الكمال ـ زياد بن رباح[61]، بأبي رباح، فتعقبه الحافظ فقال: “لم يذكر أحد ممن ألف في الكنى أنه أبا رباح، وإنما قالوا كنيته أبو قيس، وقد وقع مكنيا بها في صحيح مسلم في كتاب المغازي، وبذلك كناه البخاري ومسلم، وابن أبي حاتم، والنسائي، وأبو أحمد والدارقطني وابن حبان… وكل من سمينا من الأئمة حاشا مسلما، وإنما كنى بأبي رباح، زياد بن رباح المذكور بعد هذه الترجمة، وكان هذا سبب وقوع الوهم من صاحب الكمال”[62].

ومن الثاني: ذكر المزي ـ تبعا لصاحب الكمال ـ في نسبة إدريس الأموي أنه إدريس بن صبيح، ثم نقل عن ابن عدي أنه قال: “إنما هو إدريس بن يزيد الأودي”، فقال الحافظ: “وقول ابن عدي أصوب[63].

ج. أوهام في نسبة الرواة إلى المدن والقبائل:

ومن الأمثلة على ذلك، أن ابن الحذاء ذكر في رجال الموطأ أن أبي بن كعب[64]، سكن البصرة، فلذلك فهو معدود في أهلها، فقال الحافظ ابن حجر “وما أظنه إلا وهما”[65].

ومن أمثلته أيضا: أن عمرو بن علي زعم أن أجلح بن عبد الله الكندي[66] من بجيلة فتعقبه الحافظ بقوله “قلت: ليس هو من بجيلة”[67].

د. أوهام في تاريخ وفاة الراوي:

وتنبيهات الحافظ ابن حجر على ذلك كثيرة[68]، ونسوق منها مثالا واحدا من ترجمة عبد الرحمان بن حسان بن ثابت[69]، فقد نقل المزي عن خليفة بن خياط أن عبد الرحمن مات سنة 104ﻫ، ثم نقل عن ابن عساكر أنه قال “لا أراه محفوظا”، ثم حكى أن ترجمة أبيه أنه مات عن ثمان وأربعين سنة، فقال الحافظ ابن حجر “وبقدر سنه جزم ابن حبان ولكن فيه نظر، لأنه كان في زمن أبيه رجلا… فلا يستقيم تاريخ وفاته في هذه السنة، إلا على تقدير أن يكون عاش أكثر من ثمانية وأربعين، وفي أربع ومائة أرخه ابن جرير الطبري وابن قانع، وابن حبان، وذكره ابن مندة في الصحابة… وابن فتحون في ذيل الاستيعاب، فإن ثبت ما ذكروه يكون مات وله ثمان وتسعون”[70].

2. أوهام في حديث الراوي وتشتمل على ما يلي:

أ. أوهام في تعيين شيوخ الراوي: من ذلك أن ابن حبان ذكر في: “الثقات” إبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه[71]، وقيد مولده سنة 50ﻫ، وقال: سمع من المغيرة وأنس، فتصدى الحافظ ابن حجر لبيان ما في كلام ابن حبان من الوهم فقال “وهذا عجب من ابن حبان، يذكر أنه سمع من المغيرة، وأن مولده سنة 50ﻫ، ويذكر في الصحابة أن المغيرة مات سنة 50ﻫ، فكيف يسمع منه؟”[72].

ب. أوهام في تعيين الرواة عن الراوي: ومن الأمثلة على ذلك: ما وقع للمزي من إثبات رواية عبد الرحمن بن أبي الموالي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري[73]، قال الحافظ ابن حجر: “وما ادعاه المؤلف من أن عبد الرحمن بن أبي الموالي روى عنه ليس بشيء، وإنما روى عن ابن أخيه سأذكره بعد”[74].

ج. أوهام في المقدار الذي أخطأ فيه الراوي من الحديث: من ذلك أن العقيلي قال في ترجمة أيوب بن منصور الكوفي[75]: “في حديثه وهم”، فتعقبه الحافظ قائلا: “إنما هو حديث واحد أخطأ في إسناده، رواه عن علي بن مسهر عن هشام، عن أبيه عن عائشة، والصواب عن مسعر عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة، ومتنه “تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها”[76].

د. أوهام في نسبة الحديث إلى الراوي وليس يعرف به: ومن الأمثلة على ذلك: ما ورد في ترجمة عباد بن راشد البزار[77]، عند ابن حبان، إذ قال: “كان ممن يأتي بالمناكير عن أقوام مشاهير… وهو الذي روى عن الحسن قال حدثني سبعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وأبو هريرة وغيرهم، في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجامة يوم السبت…”[78] قال الحافظ ابن حجر “يشير إلى حدوث المناهي، وليس هو من رواية عباد بن راشد، إنما هو من رواية عباد بن كثير فهذا عندي من أوهام ابن حبان”[79].

ﻫ. أوهام في متن حديث الراوي: من ذلك أن يعقوب بن سفيان الفسوي أخرج في تاريخه بسنده عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي[80] قال: كنت يوم بدر غلاما قد شددت علي الإزار، وأنقل اللحم من السهل إلى الجبل”، قال الحافظ بعد أن ساق الحديث “لي فيه وهم في لفظة واحدة وهي قوله يوم بدر والصواب يوم حنين”[81].

و. أوهام في ترك التنبيه على أن حديث الراوي عند أحد الأئمة الستة: من ذلك قول الحافظ ابن حجر عند ترجمة زيد بن حارثة أبي أسامة[82]: “اقتصر المؤلف في ترجمته على أن النسائي وابن ماجة رويا له فقط، وقد ثبت حديثه في صحيح مسلم من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس في قصة تزويج النبي، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بزينب بنت جحش وفيه قال زيد: رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها…”[83].

ز. أوهام في ذكر رجال ليس لهم رواية في الكتب الستة وما يلحق بها: ومن الأمثلة التي وردت في تهذيب التهذيب: عند ترجمة جميع جد الوليد ابن عبد الله الزهري، فلقد أشار المزي إلى أن أبا داود أخرج له، فقال الحافظ ابن حجر: “هذه الترجمة من الأوهام التي لم ينبه عليها المزي، بل تبع فيها صاحب الكمال، وليس لجميع هذا رواية في سنن أبي داود، وإنما فيه عن الوليد بن عبد الله بن جميع: حدثتني جدتي عن أم ورقة، وهكذا في أكثر الطرق المروية في المعجم الكبير: حدثني جدي، والظاهر أنه تصحيف للمخالفة، وقد مشى الذهبي على هذا الوهم، فقرأت بخطه في كتاب الميزان “جميع لا يدري من هو”[84].

وقد يمعن المزي في ذكر أقوام، وردت أسماؤهم في متون الأحاديث، وليسوا على شرطه في إيراد تراجمهم، من ذلك ذكره لزيد بن حدير الأسدي الكوفي، في رجال البخاري، قال الحافظ ابن حجر “وليس لهذا الرجل رواية في الكتب الستة ولا غيرها من تواليف أربابها، حتى يذكره في رجالهم، ولو التزم ذلك لاستدركنا عليه جماعة لم يذكرهم، ولا سيما في صحيح البخاري، ثم إنه بعد أن ذكر هذا الرجل الذي ليست له رواية، لم يعرف بشيء من حاله، سوى ما وقع في “الجامع”، فذكره والحالة هذه وعدم ذكره سواء”[85].

وقد يتعجب الحافظ ابن حجر من مسارعة المزي إلى ادعاء أن الرجل قد أخرج له البخاري، ويكون الحال بخلاف ذلك، ومن هذا الباب: قول المزي إن البخاري قد أخرج لكعب الأحبار[86]، لما روى البخاري من حديث الزهري: عن حميد بن عبد الرحمن، أنه سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب، وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب، قال الحافظ: “قلت: هذا جميع ما له في البخاري، وليست هذه الرواية عنه، فالعجب من المؤلف، كيف يرقم له رقم البخاري معتمدا على هذه القصة، وفي ذلك نظر…”[87].

ز. مخالفة الأولى في الإشارة إلى حديث الراوي: ومن الأمثلة في هذا الباب: قول المزي إن البخاري أخرج لمحمد بن الحسن بن هلال القرشي[88]. مقرونا بغيره، قال الحافظ “ما له فيه سوى حديث واحد، ذكره عقب إسناد آخر، اجتمعا في شيخ شيخه، ولا يقال لمثل هذا مقرونا اصطلاحا”[89].

3. أوهام في الجرح والتعديل وبيان مراتب الرواة

كان لابد للحافظ ابن حجر أن يتتبع أوهام المتكلمين في رجال الكتب الستة من جهة الجرح والتعديل، ذلك لأن غاية كتابه ومقصوده، تحقيق القول في هذه الجهة، وتحرير الخلاف الواقع فيها، ليصفو في الراوي قول يؤخذ به، ويعول عليه في تحديد الطبقة، وتعيين الدرجة، وتصحيح حديثه أو تضعيفه. ومما نبه عليه الحافظ ابن حجر، في هذا الباب، من أوهام:

1. إثبات الصحبة: ذلك أنه قد يبادر المترجم إلى إثبات الصحبة لرجل ويورد ترجمته في طبقات الصحابة، فتثبت له العدالة، ويكون ذلك ـ عند البحث خطأ من الرأي يسارع الحافظ ابن حجر إلى كشف الوهم فيه، وبيان الداعي إليه، ومن أمثلته: ما ذكره في ترجمة أبي البداح بن عاصم الأنصاري[90]، من أن ابن عبد البر حكى أن له صحبة، قال “وهو غلط تعقبناه عليه”[91].

وقد ينشأ التناقض لمثبت الصحبة، فيدعيها لرجل في موضع، وينفيها عنه في موضع آخر، فيكون ذلك من أوهامه، ومن أمثلة هذا الضرب: ما ذكره الحافظ في ترجمة حابس بن سعد الطائي[92] قال “ذكره الذهبي في الميزان”، ومن شرطه أن لا يذكر فيه أحدا من الصحابة، لكن قال: يقال له صحبة، وجزم في “الكاشف”[93] بأن له صحبة، ولم يحمر اسمه في تجريد الصحابة[94]، وشرطه أن من كان تابعيا حمره، فتناقض فيه، ويغلب على الظن أن ليس له صحبة، وإنما ذكروه في الصحابة على قاعدتهم فيمن له إدراك والله الموفق”[95].

2. نقل الجرح: فقد يكون الجرح في رجل غير مقصود، فينقله الجارح على أنه قصد به الراوي الذي يبحث عن حاله، فيزل في ذلك، ويسم الراوي الذي بين يديه بميسم يثبت عليه عاره أبد الدهر وممن وقع له ذلك ابن الجوزي فقد نقل في ترجمة صخر بن عبد الله المدلجي[96] أن ابن عدي وابن حبان اتهماه بالوضع، قال الحافظ ابن حجر “ووهم في ذلك عليهما، وإنما ذكرا ذلك في صخر بن عبد الله الحاجبي، وقد أوضحته في “لسان الميزان بشواهده”[97].

ولقد صرح الحافظ ابن حجر أن مرد هذا الوهم في الجملة، التباس راو بآخر، ففي ترجمة عباد بن عباد الأزدي[98]، قال: “أورد ابن الجوزي في الموضوعات حديث أنس إذا بلغ العبد أربعين سنة من طريق عباد هذا، فنسبه إلى الوضع، وأفحش القول فيه، فوهم وهما شنيعا، فإنه التبس عليه براو آخر، وقد تعقبت كلامه في الخصال المكفرة”[99].

3. جرح الراوي: ومن أنواع الجروح التي ردها الحافظ ابن حجر، وعدها من الأوهام:

أ. تجهيل الراوي: ومن أمثلته ما ذكره في ترجمة عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي الأندلسي[100] بعد أن حكى عن ابن معين قوله فيه ” لا أعرفه”، قال: “قلت هذا الذي ذكر ابن عدي قاله في ترجمة عبد الرحمن بن آدم عقب قول ابن معين في كل منهما “لا أعرفه”، وأقره المؤلف عليه، وهو لا يتمشى في كل الأحوال، فرب رجل لم يعرفه ابن معين بالثقة والعدالة، وعرفه غيره، فضلا عن معرفة العين، لا مانع من هذا، وهذا الرجل قد عرفه ابن يونس وإليه المرجع في معرفة أهل مصر والمغرب، وقد ذكره ابن خلفون في الثقات”[101].

ب. تضعيف الراوي: ومن أمثلته ما ذكره في ترجمة خالد بن عبد الله الطحان الواسطي[102]، قال “ووقع في “التمهيد” لابن عبد البر في ترجمة يحيى بن سعيد في الكلام على حديث البياضي في النهي عن الجهر بالقرآن بالليل، رواه خالد الطحان عن مطرف عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي نحوه، وقال: تفرد به خالد وهو ضعيف، وإسناده كله مما لا يحتج به”، قلت “وهي مجازفة ضعيفة، فإن الكل ثقات إلا الحارث، فليس فيهم ممن لا يحتج به غيره”[103].

ويرى الحافظ ابن حجر أن السبب الذي يرد به جرح الجارح، عدم أهليته لهذا الشأن، أو تعنته وتشدده في النقد، فمن الأول: قوله عند ترجمة أحمد بن شبيب بن سعيد الحبطي البصري[104]، “قال أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث غير مرضي”، قلت: لم يلتفت أحد إلى هذا القول، بل الأزدي غير مرضي”[105].

ومن الثاني: قوله عند ترجمة مروان بن محمد الأسدي الدمشقي[106]: “… وضعفه أبو محمد بن حزم فأخطأ، لأنا لا نعلم له سلفا في تضعيفه إلا ابن قانع، وقول ابن قانع غير مقنع”[107].

ت. ذكر الراوي بجرح لم يثبت عليه: ومن أمثلته ما ذكره في ترجمة فليح ـ بالتصغير ـ بن سليمان المدني[108] نقلا عن مظفر بن مدرك قال: كانوا يرون أنه يتناول رجال الزهري ثم نقل عن أبي داود أن هذا خطأ، والصواب “يتناول رجال مالك، ثم قال الحافظ “وقال ابن القطان: أصعب ما رمي به ما روي عن يحيى بن معين عن أبي كامل قال “كنا نتهمه لأنه كان يتناول أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، كذا ذكر هذا، وهكذا ابن قطان في كتاب “البيان” له، وهو من التصحيف الشنيع الذي وقع له، والصواب ما تقدم، ثم رأيته مثل ما نقل ابن القطان في “رجال البخاري” للباجي، فالوهم منه[109].

4. وصف حال الرجل في الثقة والعدالة: من ذلك أن المزي ذكر تخريج ابن ماجة لحديث واحد لعثمان بن يحيى[110] عن عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن عياش عن محمد قال “وعبد الوهاب منكر الحديث جدا، وقد تابعه المسيب بن واضح، وهو قريب منه عن إسماعيل نحوه “فتعقبه الحافظ قائلا “بل هو فوقه بكثير، يكفيك أن أبا حاتم قال فيه: صدوق”[111].

وإذا كان الحافظ يحتاط في تضعيف الثقة، فإنه أيضا يرد وهم من يوثق الضعيف، الذي قيل فيه صالح، أو وسط، أو غير ذلك من الألفاظ المشعرة بالضعف والوهن، وفي ترجمة فرج بن فضالة الحمصي[112] نقل المزي عن ابن مهدي، توثيقه فقال الحافظ “لا يغتر أحد بالحكاية المروية في توثيقه عن ابن مهدي، فإنها من رواية سليمان بن أحمد، وهو الواسطي، وهو كذاب”[113].

7. منهج الحفاظ ابن حجر في بيان الأوهام

للباحث المستقرئ لأوهام المتكلمين في الرجال من تهذيب التهذيب، أن يقف على منهج الحافظ ابن حجر في الدلالة على الأوهام، وردها، وبيان الحق فيها، ومن معالم ذلك المنهج:

أ. يفصل الحافظ ابن حجر غالبا بين كلامه لنفسه، وكلام المزي بفاصل، فيقول عقب حكاية المزي للوهم، “قلت”، وقد يستعمل هذه اللفظة ابتداء في مطلع ذكره للوهم.

ب. يعتمد الحافظ ابن حجر في رد الوهم على المصادر الأصلية التي نبه أصحابها عليها، ومن هذه المصادر ما وقف عليه، ووصفه بأنه بخط مؤلفه، أو كتب بين يديه، وفيه أشياء كتبها المؤلف مستدركا بخطه[114].

ج. وإذا لم تتهيأ للحافظ ابن حجر مراجعة الأصل، لكشف الوهم، أحال عليه بقوله “فيحرر هذا”[115].

د. يبين الحفاظ ابن حجر مراجعة الأصل، الذي تبعه غيره على الوهم[116].

ﻫ. يوازن الحافظ ابن حجر بين الأقوال، ويرجع منها قولا يرد به الوهم، ويؤيد ما اختاره بدليل النقل الصحيح تارة، أو بدليل الواقع والمشاهدة تارة أخرى[117]، وإذا عدم الأمران، رجع إلى معرفته وعلمه، فرجع بهما[118].

و. إذا توقف الحافظ في شيء، لم يجزم أنه الحق، وما عداه وهم قال: “أظنه كذا وكذا…”[119] أو قال “…وليس ما قال ببعيد”[120].

ز. عبارة الحافظ ابن حجر في بيان الأوهام، في الجملة، متأدبة، ومن عادته فيها أن يقول “…وغلط فلان” أو يقول “ما قاله فلان وهم…فكان الصواب….”، أو يقول “… فوهم… وما أظنه إلا وهما” أو يقول: “…والظاهر أنه خطأ”[121]، وقد يعتذر الحافظ عن الواهم، فيرى أن ما وقع له “سبق قلم”[122].

خاتمة الدراسة:

قصدت هذه الدراسة تتبع ما نبه عليه الحافظ ابن حجر من أوهام في تهذيب التهذيب مع بيان أسباب هذه الأوهام وحقيقتها، ومنهج الحافظ في كشفها وتعقب أصحابها.

ولعل أهم ما خلصت إليه الدراسة:

1. ليس “تهذيب التهذيب” اختصارا لتهذيب الكمال فحسب، بل لقد سبر فيه الحافظ ابن حجر أقوال المتكلمين في رجال الكتب الستة، وتتبعها من مصادر كثيرة ومتنوعة، وعرضها على ميزان النقد، فبين أوهام قائليها، وأوقف غيره من المتأخرين على أخطاء أصحابها.

2. صار “تهذيب التهذيب” ـ لهذا المعنى الذي أومأنا إليه ـ مصدرا لا غنى عنه لمن أراد الوقوف على خلاصة أقوال أهل العلم في رجال الكتب الستة، بعد موازنتها، وتحقيق القول فيها، وتخليصها من أوهام أصحابها، كما أنه صار مدخلا لا معدل عنه لكتب الرجال المؤلفة قبله إلى عهد المزي والذهبي، ولكتب العلل التي تعد مصادر بيان الأوهام، ومراجع كشف الأغلاط.

3. يكشف استقراء الأوهام المستخرجة من تهذيب التهذيب[123] عن تنوعها كما يكشف ذلك عن أسماء الواهمين الذين تفاوتت درجاتهم في العلم، وطبقاتهم في المعرفة بهذا الشأن، فمنهم من أهل الحديث: أبو داود الطيالسي وإسحاق بن راهويه، والبخاري، والترمذي، وابن حبان، وابن عدي والحاكم أبو أحمد، والحاكم أبو عبد الله، وابن عبد البر، وابن الجوزي، والمزي والذهبي…. ومنهم من أهل التاريخ: الواقدي وخليفة بن خياط وبحشل، والخطيب مع تقدمه في الحديث على ما هو معروف.

ومنهم ممن كان له حظ واسع من العلوم: ابن حزم، ومنهم من أهل الأنساب: الرشاطي والدمياطي.

4. نثر الحافظ بن حجر في “تهذيب التهذيب” من عيون قواعد الجرح والتعديل الشيء الكثير، فصار كتابه بذلك خزانة لهذا العلم، ومصدرا لهذا الفن، ولقد أعانه على ذلك، استحضاره الواسع لأقوال أهل العلم في الرواة، وموازنته بينها، مع بيان العثرات، وكشف الأوهام.

وبعد: فحري بكتاب هذا بعض شأنه، وتلك بعض صفاته، أن يراه أهل العلم مطبوعا في تحقيق حافل، وعمل علمي باهر يليق به، وبمنزلة صاحبه[124]، والله أعلم وأحكم.

الهوامش


1. الكتب الستة هي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن الترمذي، وسنن ابن ماجة، هذا اصطلاح أكثر أهل العلم، وهناك اصطلاح آخر يرى فيه أصحابه أن سادس الكتب، وهو الموطأ للإمام مالك، وعليه جمهور أهل المغرب، وابن الأثير من أهل المشرق، واصطلاح ثالث يجعل السادس سنن الدارمي، واصطلاح المتأخرين على زيادة ما يلتحق بالكتب الستة من أجزاء ورسائل لمؤلفيها.

2. انظر: تاريخ التراث العربي، ج 1، ص202، الهيئة المصرية العامة للكتاب لسنة 1977م.

3. انظر المصدر نفسه.

4. انظر المصدر نفسه.

5. وهو مخطوط بخزانة القرويين بفاس برقم: 69.

6. انظر فهرسة ابن خير، ص190، تحقيق، محمد فؤاد منصور، دار الكتب العلمية، بيروت، 1419ﻫ.

7. انظر شجرة النور الزكية، ج 1، ص123، دار الفكر.

[8]. انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي (ج 1 ص48) تحقيق د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، 1406ﻫ.

[9]. انظر تهذيب التهذيب، ج1، ص5، دار إحياء التراث العربي، 1413ﻫ.

10. انظر: بحوث في تاريخ السنة المشرفة (ص170)، مكتبة العلوم والحكم – المدينة المنورة- 1415ﻫ وأفاد الدكتور أكرم ضياء العمري أن نسخة ملفقة من الكمال وصلت إلينا توجد أصولها مخطوطة في الظاهرية، ودار الكتب المصرية وبرلين.

11. انظر تقديم عبد الفتاح أبو غدة للخلاصة، للخزرجي، ص7، دار البشائر الإسلامية 1411ﻫ.

12. انظر المعجم المختصر للذهبي، ص199 و 200، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413ﻫ.

13. انظر تهذيب التهذيب، م، س، ج 1، ص5.

14. وقد طبع الكاشف عدة مرات.

15. انظر بحوث في تاريخ السنة المشرفة، ص178 و ص180، وأفاد الدكتور أكرم ضياء العمري أن من كتاب مغلطاي نسخا خطية في الأزهر واستانبول ودار الكتب المصرية.

16. انظر ذيل أبي المحاسن الحسيني على تذكرة الحفاظ، ص58، دار إحياء التراث العربي.

17. انظر لحظ الألحاظ، لابن فهد، ص200، دار إحياء التراث العربي.

18. انظر إنباء الغمر بأبناء العمر، ج 1، ص32، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية 1406ﻫ.

19. انظر شذرات الذهب، لابن العماد الحنبلي، ج 7، ص269.

20. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، م، س، ص5، وقد تصرفت في النقل.

21. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص5- 6.

22. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص8.

23. انظر المصدر السابق.

24. هذه الرموز هي: (ع) للستة، و(4) للأربعة، (خ) للبخاري، و(م) لمسلم، (د) لأبي داود، و(ت) للترمذي و(س) للنسائي، و(ق) لابن ماجة، و(خت) للبخاري في التعاليق، و(بخ) له في الأدب المفرد… وانظر بقية الرموز في التهذيب (ج 1)، ص7.

25. انظر الجواهر والدرر في ترجمة شيخ ابن حجر للسخاوي، ج 1، لوحة 268، مصورتين عن النسخة الخطية المحفوظة برقم 1500، بالخزانة الحسنية بالرباط.

26. انظر الجواهر والدرر، ج 1، لوحة 259 و 260.

27. يفهم من إحالة الحافظ في التهذيب، ج 2/، ص58، على لسان الميزان أنه ألف اللسان قبل التهذيب، فخبر بذلك أقوال النقاد، ومارس خلافهم في التعديل والتجريح.

28. انظر الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، للسخاوي، ص76، دار الكتاب العربي بلا تاريخ، ويرى السيوطي أن الحافظ ابن حجر بلغ درجة الإمام الذهبي، وزاد عليها. وانظر طبقات الحفاظ، ص547، تحقيق علي محمد عمر، مكتبة وهبة، مصر، 1415ﻫ.

29. وهذا الكتاب عجيب الوضع، مبتكر الترتيب، بديع الأحكام، مختصر لطيف، بحيث يترجم الحافظ فيه للراوي في سطر، ويحكم عليه بأصح ما ذكر فيه، وهو مع ذلك يحتاج للتقريب، ص36 وما بعدها، طبعة دار الرشيد، سوريا 1412ﻫ.

30. انظر تقديم محمد عوامة للتقريب، ص36.

31. انظر ذيل السيوطي على تذكرة الحفاظ، ص348، دار إحياء التراث العربي، ويرى د. فاروق حمادة أن هذه الكلمة ما زالت صحيحة حتى يومنا هذا: فهؤلاء الأربعة ما زالوا مدخلا ضروريا للحديث النبوي وعلومه، وخاصة الإمامين: الذهبي وابن حجر. وانظر تطور دراسات السنة النبوية ونهضتها المعاصرة وآفاقها، ص42، دار إحياء العلوم، بيروت، ودار الثقافة البيضاء، 1412ﻫ.

ولقد سعى شيخنا د. فاروق حمادة ليكون مشرفا على دراسات متعلقة بهؤلاء الأئمة الأربعة، فمما حصل له من ذلك:

أ. الحافظ ابن حجر وجهوده في الجرح والتعديل للأستاذ، الحسين آيت سعيد.

ب. الحافظ الذهبي وجهوده في الجرح والتعديل، للأستاذ عبد العزيز فارح.

ج. الحافظ المزي ومدرسته في الجرح والتعديل، للأستاذ محمد مشان.

32. انظر المجمع المؤسس للمعجم المفهرس، ص466، تحقيق محمد شكور امرير المياديني، مؤسسة الرسالة، 1417ﻫ.

33. انظر فتح المغيث شرح ألفية الحديث، ج 3، ص236، تعليق الشيخ صلاح محمد محمد عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت، 1417ﻫ.

34. انظر السير، للإمام الذهبي، ج 11، ص47، مؤسسة الرسالة.

35. ولذلك قال علي ابن المديني: “أشد التصحيف، التصحيف في أسماء الرجال”.

36. انظر الإلماع إلى معرفة الرواية وتقييد السماع، ص154، تحقيق: السيد أحمد صقر، الطبعة الثانية، دار التراث، القاهرة. والمكتبة العتيقة، تونس، وأدب الإملاء والاستملاء، للسمعاني، ص172، تحقيق ماكس فايسفاير، الطبعة الأولى، 1401ﻫ.

37. قال الحافظ في التقريب ص532: “المسور بن رفاعة بن أبي مالك القرظي، مقبول من الرابعة، مات سنة ثمان وثلاثين ـ يعني ومائة ـ قلت: أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومالك في مسنده، وانظر الخلاصة للخزرجي، ص377.

38. انظر تهذيب التهذيب، ج 5، ص442.

39. صحابي، له حديث واحد، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي. انظر الإصابة في تمييز الصحابة، ج 1، ص681، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415ﻫ.

40. قال الحافظ في ضبطه: “بفتح الميم وسكون المهلة، وفتح القاف والموحدة. انظر التقريب، ص147.

41. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص414.

42. صدوق من السابعة، أخرج له البخاري في جزء القراءة خلف الإمام، انظر التقريب، ص160.

43. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص485.

44. بكسر المهملة والميم بينهما مثناة، وبعد الميم أخرى، ثم نون ساكنة، وكاف مضمومة، وواو ساكنة، ثم معجمة. وانظر تهذيب التهذيب، ج 2، ص217، وقد أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة وقال الحافظ فيه: مقبول. وانظر تقريب التهذيب، ص219.

45. انظر تهذيب التهذيب، ج 2، ص217.

46. صدوق، أخرج له البخاري. وانظر التقريب، ص156.

47. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص462، وانظر أمثلة أخرى لهذا الوهم في: ج 1، ص 351، و ج 2، ص9، و ج 2، ص37، و ج 3، ص330، وج 3، ص338 و 339 و ج 3، ص90، و ج 8، ص398، و ج 10، ص32، من طبعة دار الفكر لسنة 1404ﻫ.

48. لقيط بن صبرة، بفتح المهملة وكسر الموحدة، صحابي أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة. انظر الإصابة، ج 5، ص507. وتقريب التهذيب، ص464.

49. انظر تهذيب التهذيب، ج 4، ص606.

50. ثقة من الحادية عشرة، أخرج له النسائي، انظر التقريب، ص497.

51. هو الحافظ الناقد أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج الأموي مولاهم الأندلسي النباتي ابن الرومية المتوفى سنة 637ﻫ، انظر ترجمته في تذكرة الحفاظ، ج 4، ص1425- 1426.

52. انظر تهذيب التهذيب، ج 5، ص229، وأيضا ج 1، ص516.

53. قال الحافظ في التقريب ص 315: “صدوق ربما أخطأ”، أخرج له البخاري.

54. انظر تهذيب التهذيب، ج 3، ص216.

55. المتشمس بضم الميم وفتح المثناة والمعجمة، وتشديد الميم المكسورة، قال الحافظ فيه: “ثقة”، وأخرج له الجماعة ابن جماعة، انظر التقريب، ص112.

56. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص220.

57. ثقة من الرابعة أخرج له الجماعة أصحاب الكتب الستة، انظر التقريب، ص549.

58. انظر تهذيب التهذيب، ج 5، ص558.

59. ثقة: أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم والأربعة، وانظر التقريب، ص219.

60. انظر تهذيب التهذيب، ج 4، ص231.

61. ثقة: أخرج له مسلم والنسائي وابن ماجة، انظر التقريب، ص219.

62. انظر تهذيب التهذيب، ج 2، ص214 و 215.

63. ثقة: أخرج له الستة، وانظر التقريب، ص97.

64. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص126.

65. من فضلاء الصحابة، أخرج له الستة، انظر التقريب، ص96.

66. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص122.

67. صدوق شيعي، خرج له البخاري في الأدب المفرد، والأربعة، انظر التقريب، ص96.

68. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص123.

69. انظر أمثلة أخرى في: تهذيب التهذيب، ج 1، ص21 و 22. و ج 1، ص451 و 452. و ج 3، ص39 و 40. و ج 3، ص130 و 131. من طبعة دار الفكر، 1404ﻫ.

70. انظر تهذيب التهذيب، ج 3، ص353 و 354.

71. ثقة إلا أنه يرسل كثيرا، أخرج له الستة. انظر التقريب، ص95.

72. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص116.

73. أخرج له الستة. انظر التقريب، ص347.

74. انظر تهذيب التهذيب، ج 3، ص403. وأمثلة أخرى في التهذيب، ج 1، ص93- 94. و ج 1، ص375. و ج 7، ص172. طبعة دار الفكر.

75. صدوق يهم، أخرج له أبو داود انظر التقريب، ص119.

76. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص260.

77. صدوق له أوهام، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة. انظر التقريب، ص29.

78. انظر المجروحين لابن حبان، ج 2، ص163، تحقيق محمود إبراهيم زايد، دار الوعي، سوريا، 1402ﻫ.

79. انظر تهذيب التهذيب، ج 3، ص64.

80. صحابي أخرج له الستة. انظر التقريب، ص288.

81. انظر تهذيب التهذيب، ج 3، ص58.

82. صحابي، أخرج له النسائي وابن ماجة، انظر التقريب، ص222.

83. انظر التهذيب، ج 2، ص235.

84. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص391.

85. انظر تهذيب التهذيب، ج 2، ص237.

86. ثقة مخضرم، له في مسلم رواية لأبي هريرة عنه، وأخرج له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير. انظر التقريب، ص461.

87. انظر تهذيب التهذيب، ج 4، ص595.

88. أخرج له البخاري والترمذي وهو صدوق فيه لين. انظر التقريب، ص474.

89. انظر تهذيب التهذيب، ج 5، ص79.

90. ثقة أخرج له أصحاب السنن الأربعة. انظر التقريب، ص621.

91. انظر تهذيب التهذيب، ج 6، ص297، وما ذكره الحافظ عن ابن عبد البر في الاستيعاب في معرفة الصحاب، ج 4، ص1608، تحقيق علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، 1412ﻫ، ولقد ذكر الحافظ ابن حجر أبا البداح في القسم الرابع من الإصابة، ج 7، ص41، وهو القسم المختلف في صحبتهم، وأورد فيه مقالة ابن عبد البر، وتعقبها.

92. أخرج له ابن ماجة. انظر التقريب، ص144.

93. يعني الذهبي في كتابه الكاشف.

94. أي لم يعلم على اسمه بالحمرة.

95. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص400.

96. مقبول، أخرج له الترمذي. انظر التقريب، ص275.

97. انظر تهذيب التهذيب، ج 2، ص545.

98. ثقة ربما وهم، أخرج له الستة. انظر التقريب، ص290.

99. انظر تهذيب التهذيب، ج 3، ص66.

100. هو أمير الأندلس روى ابن عمر، قتلته الروم بالأندلس سنة 115ﻫ، أخرج له أبو داود وابن ماجة، انظر ترجمته في: تاريخ ابن الفرضي ص210، تحقيق د. روحية السويفي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1417ﻫ، والتقريب ص345.

101. انظر تهذيب التهذيب، ج 3، ص387، ويشير الحافظ إلى قول ابن عدي: “إذا لم يعرف ابن معين الرجل، فهو مجهول، ولا يعتمد على معرفة غيره”.

102. ثقة ثبت، أخرج له الستة. انظر التقريب، ص189.

103. انظر تهذيب التهذيب، ج 2، ص62- 63.

104. صدوق، أخرج له البخاري، وأبو داود في الناسخ والمنسوخ والنسائي، انظر التقريب، ص80.

105. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص27.

106. ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة، انظر التقريب، ص526.

107. انظر تهذيب التهذيب، ج 5، ص408.

108. صدوق كثير الخطأ، أخرج له الستة، انظر التقريب، ص448.

109. انظر تهذيب التهذيب، ج 4، ص509.

110. هو الحضرمي، ضعفه الأزدي، أخرج له ابن ماجة، انظر التقريب، ص387.

111. انظر تهذيب التهذيب، ج 4، ص103.

112. ضعيف أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة، انظر التقريب، ص444.

113. انظر تهذيب التهذيب، ج 4، ص483.

114. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص338- 519.

115. انظر تهذيب التهذيب، ج 2، ص105.

116. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص339.

117. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص55، و ج 5، ص571.

118. انظر تهذيب التهذيب، ج 5، ص571.

119. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص403.

120. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص338.

121. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص23- 27- 164، من طبعة دار الفكر، 1404ﻫ.

122. انظر تهذيب التهذيب، ج 1، ص478.

123. جردت أوهام المتكلمين على رجال الكتب الستة من تهذيب التهذيب، فبلغت أكثر من أربعمائة وتسعين وهما في أسماء الرواة وأنسابهم وكناهم، وتواريخ وفياتهم وبلدانهم، وتصحيف أسمائهم، ومراتبهم في الجرح والتعديل وغير ذلك.

124. طبع تهذيب التهذيب عدة طبعات من أشهرها الطبعة الهندية، وعليها خرجت باقي الطبعات، ولا أعرف طبعة محققة تحقيقا علميا على سبيل أهل العلم في إخراج الكتب القديمة، وعسى أن يتعاقب على تحقيقه جمهرة من طلبة العلم في رسائل علمية مقدمة إلى أقسام الدراسات العليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق