مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامأعلام

نساء فقيهات (2) عمرة بنت عبد الرحمن: حياتها وفقهها- الجزء الأول-

  • مولدها ونسبها:

عمرة بنت عبد الرحمن التابعيةالجليلة، الفقيهة العالمة الثقة الحجة، كذا وصفها نقاد الحديث والتراجم والسير.

اختُلف في جد عمرة؛ فقيل: سعد بن زرارة[1]، وقيل: أسعد بن زرارة[2]، بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار[3]، ونقل الحافظ المزي عننوح بن حبيب القومسي، قوله: “من قال عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة فقد أخطأ إنما هم ولد سعد بن زرارة، وهو أخو أسعد، فأما أسعد فلم يكن له عقب، وإنما غلط الناس فيه، لأن المشهور هو أسعد، وإنما الولد لسعد، سمعت ذلك من علي ابن المديني، ومن الذين يعرفون نسب الأنصار”[4].

ثمة من أورد أن لوالد عمرة صحبة، فقد وقع في كتاب معرفة الصحابة لأبي النعيم؛ قوله: “عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره بعض المتأخرين، روى عن يزيد بن هارون، عن ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن يحيى بن عباد، عن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، فذكره”[5]. وإلى مثل هذا ذهب ابن الأثير في أسد الغابة؛ قال: “عبد الرحمن بن أسعد، وقيل: عبد الرحمن بن سعد بن زرارة. وقد تقدم النسب عند أسعد بن زرارة، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم”.

وأما عن أمها، فقدأورد ابن سعد أن أم عمرة هي”سالمة بنت حكيم بن هاشم بن قوالة”[6].

لم تذكر المصادر –فيما وقفنا عليه- شيئا عن تاريخ مولدها، بيد أننا نقف على ثلاثة أقوال في وفاتها:

أحدها: أنها ماتت سنة ثمان وتسعين، كذا ذكر ابن حبان[7] وأبو حسان الزيادي.

ثانيها: أنها توفيت سنة ثلاث ومائة، نقله ابن حجر في تهذيب التهذيب عنابن أبي عاصم[8].

ثالثها: أنها توفيت في سنة ست ومائة، كذا نقل المزي عن أبي عبيد محمد بن يحيى ابن الحذاء[9].

ونُقل أنها ماتت “وهي بنت سبع وسبعين سنة”[10]، فإذا صح ذلك فقد كان مولدها في سنة 21ه باعتبار القول الأول، أو سنة 26ه على القول الثاني، أو سنة 29ه على القول الثالث.

  • نشأتها:

نشأت عمرة وأخواتها في كنف عائشة رضي الله عنها؛ جاء في الطبقات: ” كانت هي وأخواتها في حجر عائشة وعندها”، ولعل ذلك بعد وفاة والدهن.

و”كانت أم المؤمنين تحبها كثيرا، ونظرا إلى حب أم المؤمنين لها كان الناس كذلك يدارونها ويحترمونها، فكانت هي التي يتأخاها الناس وتستلم هدايا الناس لعائشة رضي الله عنها، فكانت تثيب الناس وترد عليهم”[11].

  • زواجها وأبناؤها:

تزوجت عمرة من عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان بن نفع بن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك، ولا يعلم لها ولد منه سوى محمد بن عبد الرحمن، المعروف بأبي الرجال[12].

  • حياتها العلمية:
  • روايتها للحديث الشريف:

كان لنشأة عمرة في كنف عائشة رضي الله عنها أثر بارز في تكوينها العلمي؛إذ كانت من أكثر الناس ملازمة لها، وأخذا عنها، فعدت لذلك من أهم ورثة علم أم المؤمنين؛ يقولسفيانبن عيينة:”أثبَتُ حديثِ عائشةَ، حديثُ عمرة، والقاسم، وعروة”. و”قال أبو بكر: حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، قال: رأيت القاسم بن محمد يسأل عمرة”[13]. كما نُقل عن علي بن المديني،أنه لما ذكر عمرة بنت عبد الرحمن،فخّمَ مِن أمْرِها، وقال: “عمرة أحدُ الثقات العلماء بعائشة الأثبات فيها”[14].

لم تكتف عمرة بالأخذ عن عائشة رضي الله عنها؛ فقد روت أيضا عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وحمنة بنت جحش وهي أم حبيبة، وأم هشام بنت حارثة بن النعمان وهي أختها لأمها، ورافع بن خديج، وعبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي، ومروان بن الحكم، وحبيبة بنت سهل[15].

على أن مجرد الصحبة والملازمة لا تصنع من المرء عالما، يشهد له نقاد الحديث وأهله بالتوثيق، ويتسابقون إلى الأخذ عنه، إذا لم ينضف إلى ذلك سلامة فكر، ورجاحة رأي، وقوة حافظة. وكذلك كانت عمرة بنت عبد الرحمن وقادة الذكاء، حادة الحفظ، مستقيمة السيرة، فوثقها العلماء لذلك ونَوهوا بها؛ قال عنها ابن معين: ثقة حجة. وقال العِجْليُّ: مدنية، تابعية، ثقة”[16].

ولفضلها وسعة علمها، نجد في رسالة عمر بن العزيز إلى عامله وقاضيه أبي بكر بن حزم، تنصيصا على العناية بمروياتها في الجمع الرسمي الأول للسنن؛ فعن “يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم؛ أن انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سنة ماضية، أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن فاكتبه فإني قد خفت دروس العلم وذهاب أهله”[17].

  • تلامذتها:

روى عن عمرة بنت عبد الرحمن جمع غفير؛ منهم:

ابنها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، وأبناؤه ومنهم: حارثة بن أبي الرجال،ومالك بن أبي الرجال.ومن الرواة عنها أيضا: محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعبد ربه بن سعيد الأنصاريوعمرو بن دينار، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار،وسعد بن سعيد الأنصاري،وابن أختها أبو بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم،ومحمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، ورزيق ابن حكيم، وأخوها ويقال: ابن أخيها محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أخيها يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، ورائطةالمزنية، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير[18].

 

( يتبع..)

[1] الثقات لابن حبان (5/288).

[2] الطبقات الكبرى، ابن سعد (8/480).

[3]نفسه.

[4] تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي (35/243).

[5] معرفة الصحابة، لأبي نعيم الأصبهاني (4/1855).

[6]الطبقات الكبرى، ابن سعد (8/480).

[7]ينظر: الثقات، لابن حبان (5/288).

[8]ينظر: تهذيب التهذيب، ابن حجر (12/439).

[9]ينظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي (35/243).

[10]تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي (35/243)، تهذيب التهذيب، ابن حجر (12/439).

[11]سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، السيد سليمان الندوي الحسيني، ص: 324.

[12]الطبقات الكبرى، ابن سعد (8/480).

[13]التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح، أبو الوليد الباجي (3/1293).

[14]التاريخ وأسماء المحدثين وكناهم، المقدمي، ص: 199.

[15] ينظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي (35/243).

[16] التكميل في الجرح والتعديل، ابن كثير (4/281).

[17]الطبقات الكبرى، ابن سعد (8/480).

[18]تهذيب الكمال في أسماء الرجال، المزي (35/243).(بتصرف).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق