جل جنابك يا إلهي عن مخاطبتي إياه، وتعالى شأنك عن الاشتمال عليه لمخارج الحروف والأفواه، وعزت ذاتك عما وصفك المحجوبون به من النعوت والأشباه، يا من رحمته شاملة، وحكمته كاملة، ونِعمه متواصلة، يا من يخلق ويرزق، ويُسأل فيجيب، ويجود ويرحم، ويصفح ويتكرم، ويغفر ويستر، ويُعلم ويُرشد، ويهب ويتودد، ويضر وينفع، ويعطي ويمنع، وينزل بقدر ما يشاء، ويهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ويجعل من يشاء عقيما.
اللهم اجعلني ممن وسعته رحمتك الفاضلة، وغدته حكمتك الكاملة، وتوالت عليه نعمك المتواصلة، وقد خلقتني يا رب فارزقني من طيبات رزقك، وصيرني من أشراف خلقك، وقد سألتك كما أمرتني فأجبني، وأنت جواد وهَّاب فهبني، وبـجزيل كرمك ولطف رعايتك فأتحفني، ومتجاوزٌ عن الذنوب فاصفح عني وارحمني، وأطعمني يا رب واسقني، وإذا مرضت فاشفني، وسامحني فإني يا إلهي عاجز فيما أمرتني ونهيتني، عاص فيما فرضت علي وكلفتني، وأنا جاهل بحقيقة ما يجب لك علي من العبادة فعلمني وأرشدني، ونزل علي منك سكينة يطمئن بها قلبي و يتزايد بها لك إيماني وحبي، فإني محتاج إلى حسناك ومؤمل رِفدك ورضاك، وحُل بيني وبين ما يضرني بلطفك النافع، واعطني ما يقربني إليك ويبعدني من غضبك المانع، وإني أستغفرك يا إلهي من الاضطرار إلى تركيب اللفظ السمج، وأعوذ بك من مضايقة العقل في تدبير الوارد الحرج، وإبراز الخطاب في صورة الأمر والتحكيم، وإظهار المعنى في هيئة البيان والتفهيم، تعاليت يا إلهي عن مقابلتي حماك، وأن أعبد أحدا إلا إياك، فأنت أنت هو هو لا سواك احرسني من خفيات الإشراك، وانصرني على من يتوهمك ولا يراك يا عزيز يا حكيم.