مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

من تضرعات القوم (3)

     يا إلهي إني أخاطبك بلسان العبودية المخلوق للعبادة التي هي المعرفة بالآيات لتسامحني في السؤال، وأتضرع إليك بمقام العجز الكامل في البشرية التي هي محل قضائك وقدرك لتنقذني من الأهوال في الأحوال، وأتوسل بك إلى كرمك أن تهبني وَالِيَ توفيقك، وتهيئ لي  والي علمك، أن توقظني والي حلمك، أن تسترني والي لطفك، أن ترفدني ولي  إحسانك، أن يشملني والي نصرك، أن تنجدني والي نورك، أن تحيط بي والي رزقك، أن تفيض علي والي شكرك، أن تنطق به على لساني والي قهرك، أن يقصم أعدائي والي حكمتك، أن ترسخ في قلبي والي عافيتك، أن تلازمني والي سلطانك، أن تدافع عني والي الشيطان، أن يخرج مني يا لطيف يا قهار، يا حكيم يا جبار، يا مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار، يا جاعل الظلمات والأنوار، يا رب الاقتدار ومن كل شيء عنده بمقدار، يا خالق الفلك الدوار، يا مرسل السحاب والأمطار، يا عالم الضمائر والأسرار، صل على عبدك ورسولك ونبيك وحبيبك وصفيك، وخيرتك من خلقتك وحافظ سرك، ومبلغ رسالاتك والحجة على عبادك، والمبين لأوامرك ونواهيك، والدليل إلى معرفتك والواسطة بينك وبين خلقك، وعلى آله مصابيح الظلم وهداة الأمم والطريق الأقوم، واجعلني ممن كنفته عنايتك  وحفته رعايتك، ولحق بعبادك المقربين واتصل بأنبيائك الصالحين، ودخل في زمرة أولياءك المتقين الموقنين ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

    اللهم إني أسالك أن توقظني من سهو الغفلة، وتنبهني من سَنة الجهالة، وتجذبني من شواغل الطبع، وتخلصني من مرضيات الهوى، وتؤنسني من وحشه الذنوب، وتنقذني من ورطات الشيطان؛ حتى أراك في الوحدانية بلا ضد وأشهدك في الوحدة بغير نِدٍّ، فإنه يا إلهي لم يبق معي غير جسدي الخوار، محل الاضطرار، بيت النار الهارب الفار، معيار الليل والنهار، الضعيف المختار، تعشقته نفسي وهو بيت حسي، يدخله الهوى بطاقات المنى، ويطوف به الشيطان لانتهاز الفرص وايقاع الغصص، وأنا تحت الخوف من غفله نفسي؛ إذ هي مرتبطة به في تحليله وتركيبه أن يخرجها من هُداها باتباع هواها، ومتى أهملتني يا إلهي خشيت مغاليط مناصبه، ووقعت في أعماق هُوَيات مطالبه، فأخرج من حضرة رضاك،  ويلتبس فِـيَّ التدين فيجرني إلى ما فيه سخطك، اللهم إن مسني خير فمن فيض إحسانك، وإن مسني ضر فمن نقص مقامي في جنبك كمالك، ولا حيلة لي مع عجزي إلا اعترافي لك بالقوة والقدرة علي، يا من له الوجود صفة، والموجود نعتا، والجود ذاتا، والرضا جنة، والسخط نارا، والحق سبيلا، ارحم عبدك المتمسك بك المتشبث بأهداب رحمتك، القائم بدعوى محبتك، المستمع من وراء حجابك، الداخل عليك من بابك، يا موزل الأزل، يا واحدا لم يزل، يا معلل العلل، اغفر لي ما قدمت وأخرت وأعلنت وأسررت، وما تعمدت وما أغفلت، وما أنت أعلم به مني، يا حليم يا كريم يا علي يا عظيم.

Science

ذ. محمد المنصوري

باحث بمركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصة بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق