مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«مفاهيم في التماسك ووحدة بناء النص» من خلال كتاب « نمط صعب ونمط مخيف» محمود محمد شاكر دراسة إحصائية معجمية (حلقة 5)

 (غ)

غمس

[انغماس]

سياق المصطلح:

« … وَرَأَيْتُ أَنِّي إِذَا وُفِّقْتُ فِيهِ إِلَى إِظْهَارِ مَا في القَصِيدَةِ مِنْ أَسْرَارِ جَمَالِهَا، وَمِنْ دِقَّةِ تَرْكِيبِهَا وَبِنَائِهَا، وَمِنْ تَدَفُّقِ أَلْفَاظِهَا بِمَعَانِيهَا، وَمِنْ تَحَدُّرِ أَلْفَاظِهَا عَلَى أَنْغَامِهَا بِبَرَاعَةٍ مُحْكَمَة، وَمِنْ فَخَامَةِ أنْغَامِهَا وَدَلَالَتِهَا عَلَى المَعَاني، وَمِنْ انْغِمَاسِ أَلْفَاظِهَا وَتَرَاكِيبِهَا وَأَنْغَامِهَا جَمِيعًا في أَحْدَاثِهَا انْغِمَاسًا يَقْطَعُ بِصُدُورِهَا عَنْ شَاعِرٍ عَاشَتِ الأَلْفَاظُ وَالأَحْدَاثُ وَالأَنْغَامُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى نَضِجَتْ شِعْرًا يُتَغَنَّى بِه، كَانَ ذَلِكَ دَليلًا لَا يَكَادُ يُنْقض عَلَى أَنَّ شَاعِرَهَا شَاعِرٌ مُتَمَيِّزٌ بِخَصَائِصِ الشِّعْرِ».[1]

« …أَنْ يَنْغَمِسَ هَذَا الانْغِمَاسَ المُذْهِلَ في أَحْدَاثٍ غَيْر مُتَاحَةٍ لِمِثْلِهِ في عَصْرِ الإِسْلَامِ أَنْ يُعَانِيهَا أَوْ يَشْهَدَهَا، وَأَنْ يُبِينَ عَنْهَا بِتَوَهُّجٍ سَاطِعٍ يَتَلَأْلَأُ، لَا يَكَادُ يَخْفَى أَثَرُهُ في كُلِّ لَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِ القَصِيدَة، وفي كُلِّ نَغَمٍ مِنْ أَجْزَائِهَا وَأَبْيَاتِهَا عَلَى حِدَة، ثُمَّ في أَقْسَامِهَا السَّبْعَةِ جَمِيعا، ثُمَّ في نَغَمِهَا المُتَكَاملِ مِنْ أَوَّلِ بَيْتٍ إلَى آخِرِ بَيْتٍ.»[2].

التعريف اللغوي:

جاء في لسان العرب: غمس: الغَمْسُ: إِرْسابُ الشَّيْءِ فِي الشَّيْءِ السَّيَّال أَو النَّدَى أَو فِي مَاءٍ أَو صِبْغ حَتَّى اللُّقْمَةِ فِي الخَلِّ، غَمَسَه يَغْمِسُه غَمْساً أَي مَقَلَه فِيهِ، وَقَدِ انْغَمَسَ فِيهِ واغْتَمَس. والمُغَامَسَة: المُمَاقَلَة، وَكَذَلِكَ إِذا رمَى الرَّجُلُ نَفْسَهُ فِي سِطَة الْحَرْبِ أَو الْخَطْبِ. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ عَامِرٍ قَالَ: يكتحِل الصَّائِمُ ويَرْتَمِسُ وَلَا يَغْتَمِس.

قَالَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ: الاغْتِماس أَن يُطِيل اللُّبثَ فِيهِ، والارْتماس أَن لَا يُطِيلُ الْمُكْثَ فِيهِ. واخْتَضَبَتِ المرأَة غَمْساً: غَمَسَتْ يدَيها خِضاباً مُسْتَوِياً مِنْ غَيْرِ تَصْوِير. والغمَّاسَة: طَائِرٌ يَغْتَمِس فِي الْمَاءِ كَثِيرًا. وفي التَّهْذِيبُ: الغَمَّاسَة مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ غَطَّاط يَنْغَمِسُ كَثِيرًا. والطَّعْنَة النَّجْلاء: الواسِعَة، والغَمُوس مثلُها. قال ابْنُ سِيدَهْ: الطَّعْنَةُ الغَمُوس الَّتِي انْغَمَسَتْ فِي اللَّحم، وَقَدْ عُبِّر عَنْهَا بِالْوَاسِعَةِ النَّافِذَةِ؛ قال أَبو زيد:

ثُمَّ أَنقَضْتُه، ونَفَّسْتُ عَنْهُ  *** بغَمُوسٍ أَو طعنةٍ أُخْدُودِ

والأَمر الغَمُوس: الشَّدِيدُ. وَفِي حَدِيثِ المَوْلود: يَكُونُ غَمِيساً أَربعين لَيْلَةً؛ أَي مَغْمُوساً فِي الرَّحمِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: فانْغَمَسَ فِي العَدُوِّ فَقَتَلُوهُ؛ أَي دَخَلَ فِيهِمْ وغاصَ. واليمينُ الغَموس: الَّتِي تَغْمِس صاحبَها فِي الإِثم ثُمَّ فِي النَّارِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهَا، وَقِيلَ: هِيَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ الَّتِي تُقْتَطع بِهَا الحُقوق، وسُمِّيت غَمُوسًا لِغَمْسِهَا صَاحِبَهَا فِي الإِثم ثُمَّ فِي النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أعظمُ الْكَبَائِرِ الْيَمِينُ الغَمُوس.  والمُغَامَسة: الْمُدَاخَلَةُ فِي الْقِتَالِ، وَقَدْ غَامَسَهُمْ. والغَمُوس: الشَّدِيدُ مِنَ الرِّجَالِ الشُّجَاعُ، وَكَذَلِكَ المُغامِس. يُقَالُ: أَسد مُغامس، وَرَجُلٌ مُغامِسٌ، وَقَدْ غامَس فِي الْقِتَالِ وَغَامَزَ فِيهِ. قَالَ: ومُغَامَسة الأَمر دُخُولُكَ فِيهِ؛ وأَنشد:

أَخُو الحرْبِ، أَما صَادِرًا فَوَشِيقُهُ *** حَمِيلٌ، وأَمَّا وارِداً فَمُغامِسُ [3]

التعريف الاصطلاحي:

انغماس ألفاظ القصيدَة: دخُولُ ألفاظها في مَعانيها واخْتِلاطُهَا بها والغَوْصِ في دقَائقِهَا وأسْرارِها وامْتِزاجِها فيها، حَتّى تُؤلِّفَ شعرًا مُتَماسكَ التَّراكيبِ والبناءِ مُتَّصلَ الأَجزاءِ.

****

 (ق)

قوم

[الاستقامة]

 سياق المصطلح:

«وَكَثِيرٌ مِنَ القَصَائِدِ الّتِي وَقَفْتُ عَلَيْهَا مُخْتَلَّةَ البِنَاءِ في رِوَايَةٍ مِنْ رِوَايَاتِ العُلَمَاءِ القُدَمَاءِ الثُّقَاتِ، أَمْكَنَنِي بِالتَّقَصِّي وَالتَّفْتِيشِ أَنْ أَجْمَعَ لَهَا رِوَايَاتٍ أُخْرَى مُخْتَلِفَة في المَخْطُوطِ وَالمَطْبُوعِ مِنَ الكُتُبِ وَالدَّوَاوِين، فَصَحَّحَ بَعْضُ هَذِهِ النُّصُوصِ بَعْضًا، حَتَّى وَجَدْتُها قَد اسْتَقَامَتْ عَلَى نَهْجٍ وَاضِحٍ يَنْفِي عَنْهَا افْتِقَارَهَا إِلَى صِحَّةِ البِنَاء،  أوْ إِلَى مَا يُسَمُّونَهُ «الوَحْدَة»»[4]

التعريف اللغوي:

جاء في الصِّحاح: [قوم] القَوْمُ: الرجال دون النساء، لا واحد له من لفظه. قال زهير:

وما أدري وسَوف إخالُ أدري*** أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أم نساءُ

وقال تعالى: « لا يسخر قومٌ من قومٍ» وأقامَ الشيءَ، أي أدامه، من قوله تعالى: «ويُقيمونَ الصَّلاةَ» . والمُقامَةُ بالضم: الإقامَة. والمَقامَةُ بالفتح: المجلسُ، والجماعة من الناس. والاستقامة: الاعتدال. يقال: استقام له الأمر. وقوله تعالى: «فاسْتقيموا إليهِ»؛ أي في التوجُّه إليه دون الآلهة. وقومت الشيء فهو قَويمٌ، أي مُستَقيمٌ.[5]

التعريف الاصطلاحي:

استقامَ الشيءُ: اسْتَوى واعْتَدَلَ، واستقامَت النصوصُ  الشعريّةُ اتّزنَتْ بِميزانِ الشِّعرِ وبِنائهِ لِتُؤلفَ وحْدةً مُتلاحِمةً هي القَصيدةُ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

[1] نمط صعب ونمط مخيف، ص: 341

[2] نفسه، ص: 342

[3] لسان العرب،  6/ 156-157

[4] نمط صعب ونمط مخيف، ص: 44

[5] الصحاح، 5/2016-2017

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق