مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الأولى)

ج- شيوخه وتلامذته:

1- شيوخه:

شيوخ الإمام الطاهر ابن عاشور كثر وأغلبهم ممن درس عليهم في جامع الزيتونة ومنهم:

عبد القادر التميمي، وقد تخرج عليه في تجويد القرآن وفي علم القراءات، وبخاصة في رواية قالون.

محمد النخلي (1286-1342هـ/1869-1924م)، وهو عَلَم بارز من أعلام التنوير والنهضة العلمية بجامع الزيتونة، وقد أسهم في تكوين الإمام.

أمّا طريقته في التدريس فقد قال عنها أحد قدماء تلاميذه وهو أحمد توفيق المدني ما يلي: «كانت طريقته في التدريس من أمثل الطرق وأفضلها. كان يعمد إلى المسألة فيوسعها تبيانا وتوضيحا، ويحقّق القول فيها تحقيق درّاكة خبير، ويهدي الجالس بين يديه سواء السبيل إلى الاستفادة من كلام الكاتبين، وهو يسمعك من آيات فصاحته وبلاغته بلا تعب ولا كلفة، ما يستهوي لبّك وسمعك ويبهر بصرك وبصيرتك»(9)، ودرس عليه من كتب علوم الوسائل القطر، والمكودي على الخلاصة والأشموني، ومقدمة الإعراب في النحو، والمطول ومختصر السعد في البلاغة، والتهذيب في المنطق. وتخرج به في أصول الفقه بدراسة الحطاب على الورقات، والتنقيح للقرافي والمحلي على جمع الجوامع، وفي الفقه المالكي بكتاب ميارة على المرشد، وكفاية الطالب على الرسالة(10)، كما درس عليه الوسطى في العقيدة.

عمر بن أحمد ابن الشيخ (1239-1329هـ)، درس عليه تفسير البيضاوي وفي طريقة تدريسه يقول الإمام محمد الخضر حسين: «أما أسلوب الأستاذ في التعليم، فمن أنفع الطرق، كان يقرر عبارة المتن، ويبسطها حتى يتضح المراد منها، ثم يأخذ في سرد عبارات الشرح، وما تمس الحاجة إليه من الحواشي والكتب التي بحثت في الموضوع، لا سيما الكتب التي استمد منها شارح الكتاب، ويتبعها بالبيان جملة جملة، ولا يغادر عويصة أو عقدة إلا فتح مغلقها، وأوضح مجملها؛ بحيث يتعلم الطالب من دروسه كيف تلتقط جواهر المعاني من أقوال المؤلفين، زيادة عما يستفيده من العلم»(11).

محمد صالح الشريف (1285-1338هـ)، وقد قرأ عليه كتاب الشيخ خالد الأزهري، والقطر لابن هشام، والمكودي على الخلاصة في النحو. والسلم في المنطق، وفي علوم المقاصد: مختصر السعد على العقائد النسفية، والتاودي على التحفة في الفقه.

عمر ابن عاشور، وقد قرأ عليه لامية الأفعال وشروحها في الصرف، وتعليق الدماميني على المغني لابن هشام في النحو، ومختصر السعد في البلاغة، والدردير في الفقه، والدرة في الفرائض.

محمد النجار الشريف (1255-1331هـ/ 1839- 1913م)، وقد قرأ عليه حاشية المكودي في النحو، ومختصر السعد في البلاغة، والمواقف في علم الكلام، والبيقونية في مصطلح الحديث، وكان «غزير العلم، كريم الأخلاق، يحب البحث ويتلقى مناقشة الطلاب بصدر رحب، امتاز عن علماء عصره بسعة الاطلاع وقوة الحفظ، والشغف بالمطالعة»(12).

محمد طاهر جعفر، وقد قرأ عليه شرح المحلي على جمع الجوامع في أصول الفقه، والشهاب الخفاجي على الشفاء للقاضي عياض في السيرة النبوية.

أحمد جمال الدين، وقد قرأ عليه القطر في النحو، والدردير في الفقه.

محمد صالح الشاهد، وقد قرأ عليه الدردير في الفقه.

محمد العربي الدُّرعي، وقد قرأ عليه كفاية الطالب على الرسالة في الفقه.

وإلى جانب هذه الثلة المباركة من الأساتذة الفضلاء نجد ثلاثة من الرجال أو الأقطاب الذين كان لهم التأثير القوي في تكوين شخصية الإمام الطاهر ابن عاشور بفضل ما خلفوه من آثار علمية أو بفضل جهودهم الإصلاحية وكذلك منهجهم في التدريس مما كان له تأثير عليه وهم:

– محمد الطاهر ابن عاشور الجد(13) (1235-1284هـ/1815- 1868م): وهو العلامة قاضي الجماعة الشيخ محمد الطاهر بن محمد بن الشاذلي بن عبد القادر بن محمد بن عاشور، جد مترجمنا للأب، أديب فقيه عالي الهمة، زكي النفس، تقلّد مناصب هامة في القضاء والتدريس والإشراف على الأوقاف والنِّظارة على بيت المال وعضوية مجلس الشورى. ومن آثاره العلمية :

– حاشية على قطر الندى لابن هشام، أسماها «هدية الأريب إلى أصدق حبيب».

– حاشية على شرح ابن سعيد الحجري على الأشموني.

– تقييده على مواضع من حاشية الصبان على الأشموني.

– شرح بردة البوصيري وسمه بـ«شفاء القلب الجريح بشرح بردة المديح».

– حاشية على المحلّي على جمع الجوامع في أصول الفقه، لم يتمها.

– تعليقات على صحيح مسلم.

– محمد العزيز بوعتور(14) (1240-1325هـ/ 1825- 1907م): وهو الوزير العالم الكاتب محمد العزيز بن محمد الحبيب بن محمد الطيب بن الوزير محمد بوعتور، تردد على حلقة شيخه محمد الطاهر ابن عاشور الأول مستزيدا من ملازمته فضلا وعلما، متخرجا على يديه أكمل تخرج. وهو جد مترجمنا لأمه، وقد ولد الطاهر ابن عاشور كما أسلفنا الذكر في بيت جده لأمه مما ربط بينهما صلة وصل «وكانت هذه الصلة بين الجد العالم والحفيد النّبيه تزداد وثوقا على مرّ الأيام»(15)، فقد وفر لحفيده محمد الطاهر عناية فائقة، فكتب له بخطه نسخة من «المفتاح» للسكاكي، ونسخ له «متن البخاري» في جزء فريد، وجمع له في دفتر كبير نصوصا من عيون الأدب وأمهات الكتب فكان المرشد الأمين والموجه القدير في شتى المجالات العلمية والأدبية والإصلاحية(16).

– سالم بوحاجب(17) (1244-1342هـ/ 1828- 1924م): هو كبير أهل الشورى، ومن أبرز أعلام عصره؛ فقيه، محقق، لغوي، أديب، شاعر. له اليد الطولى في المعقولات، ملم بطرف من التاريخ والجغرافية والرياضيات. واسع الأفق، ناقد مصيب، ومصلح إسلامي، وقد درس عليه مترجمنا كتاب البخاري والموطأ بشرحيهما، قال الطاهر ابن عاشور في دفتر دروسه: «قرأت صحيح الإمام البخاري رحمه الله ورضي عنه، على شيخنا وشيخ مشايخنا العلامة النحرير سيدي سالم بوحاجب المفتي المالكي… بشرح شهاب الدين القسطلاني رحمه الله، قراءة تحقيق بجامع الزيتونة، وقرأت عليه من الموطأ (أجزاء) بشرح الشيخ الزرقاني قراءة تحقيق»(18)، وقد أفاد رحمه الله من ملازمته له دقة نظر وسمو فكر وواسع معرفة(19).

الصفحة السابقة 1 2 3 4 5 6 7الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق