مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

معجم الهيآت والإشارات والرموز في التراث العربي (الحلقة السادسة والعشرون)

-ر-

[33] الرَّبَقَة: ” نقلا عن التهذيب، نَسْج من الصوف الأَسود عَرْضُه مثل عَرْضِ التِّكَّة وفيه طَريقة حمراء من عِهْن تُعقَد أَطرافُها ثم تُعلَّق في عُنق الصبي وتُخرج إِحدى يديه منها كما يُخرِج الرجل إِحدى يديه من حَمائل السيف وإِنما تُعلِّق الأَعرابُ الرِّبَقَ في أَعناق صبيانهم من العين”(1). فهي من الرموز الدالة في التراث العربي على:

1- دَفْع العَين: قال الشاعر:

وَعَقَّدَ الأَرْبَاقَ وَالحَبَائِلَا              بِجَوْزِ مَهْوَاةٍ إِلَى خَيَاعِلَا(2) 

وإنما يعقدها الرجل منهم دفعا للعين واتقاء لأذاها.

[34] الرَّتمَة: ” الرَّتَمَةُ الخيط يُعْقَدُ على الإِصبع والخاتم للعَلَامة. وفي المحكم خيط يعقد في الإِصبع للتَّذَكُّر، وفي الصحاح خيط يشد في الإِصبع لتُسْتذكر به الحاجةُ وذكره الجوهري الرَّتْمة ورأَيته في باقي الأُصول الرَّتَمَةَ”(3)، ومن دلالات هذا الرمز في التراث العربي:

1- تَذَكُّرُ الحاجة: قال أبو العلاء المعري:

وَقَدْ نَسِيَتْ حُسْنَ العُهُودِ وَمَا لَهَا                  بَنَانُ يَدٍ فِيهِ تُشَدُّ الرَّتَائِمُ(4) 

 قال الشاعر:

إِذَا لَمْ تَكُنْ فِي حَاجَةِ المَرْءِ عَانِياً              نَسِيتَ، وَلَمْ يَنْفَعْكَ عَقْدُ الرَّتَائِمِ(5) 

قال الشاعر:

إِذَا لَمْ تَكُنْ حَاجَاتُنَا فِي نُفُوسِكُمْ          فَلَيْسَ بِمُغْنٍ عَنْكَ عَقْدُ الرَّتَائِمِ(6) 

وقال آخر في المعنى نفسه:

إِذَا لَمْ تَكُ الْحَاجَاتُ مِنْ هِمَّةِ الفَتَى            فَلَيْسَ بِمُغْنٍ عَنْكَ عَقْدُ الرَّتَائِمِ(7) 

وقال آخر:

هَلْ يَنْفَعَنْكَ الْيَوْم إِنْ هَمَّتْ بِهَمّْ           كَثْرَةُ مَا تُوصِي وَتَعْقَادُ الرَّتَمْ(8) 

[35] الرَّتِيمَة: الرتيمة” أَن يَعْقد الرجلُ إِذا أَراد سفراً شجرتين أَو غُصْنين يعقدهما غُصْناً على غصن ويقول إِن كانت المرأَة على العهد ولم تَخُنْهُ بقي هذا على حاله معقوداً وإِلاَّ فقد نقضت العهد”(9)، ويدل هذا الرمز في التراث العربي على: 

1- وفَاء المرأة أو غَدرهَا: قال مهيار الديلمي:

لَمْ يَكْتُب الرَّاقِي لَهَا عطْفًا وَلَمْ          تُعْقَدْ لَهَا خَوْفًا مِنَ الْغَدْرِ الرَّتَمْ(10) 

قال جواد علي في المفصل:” فمن ذلك ما كانوا يفعلونه في أسفارهم إذ كان أحدهم إذا خرج إلى سفر عمد إلى شجرة من “الرتم”، فعقد غصنا منها، فإذا عاد من سفره ووجده قد انحل، قال: قد خانتني امرأتي، وإن وجده على حالته قال لم تخني. ويقال لذلك العقد “الرتم” و”الرتمة”. وذكر أن الرجل منهم كان إذا سافر عمد إلى خيط فعقده في غصن شجرة أو في ساقها، فإذا عاد نظر إلى ذلك الخيط، فإن وجده بحاله علم أن زوجته لم تخنه، وإن لم يجده أو وجده محلولا قال: قد خانتني”(11).

قال القلقشندي:” ومنها عقد الرّتم- وهو نبت معروف- كان الرجل إذا أراد سفرا عمد إلى رتم فعقده فإن رجع ورآه معقودا، اعتقد أن امرأته لم تخنه، وإن رآه محلولا اعتقد أنها خانته، قال الشاعر:

خَانَتْهُ لَمَّا رَأَتْ شَيْبًا بِمَفْرَقِهِ             وَغَرَّهُ حِلْفُهَا وَالْعَقْدُ لِلرَّتَمْ”(12).

2- التَّطَير: قال الجاحظ:” ولإيمان العرب بباب الطِّيرة [ والفأل] عقَدُوا الرَّتائم، وعشَّروا إذا دخلوا القرى تعشير الحمار، واستعملوا في القداح الآمر، والناهي، والمترب”(13).

[36] رَمَضُ الغَنَمِ: ” رَمِضَتِ الغنم تَرْمَضُ رَمَضاً إِذا رَعَتْ في شدّة الحر فحَبِنَتْ رِئاتُها وأَكْبادُها وأَصابها فيها قَرَحٌ”(14)، وهو عند العرب من الرموز الدالة على: 

1- دخول وقتِ صَلاة الضُّحَى: وفي الحديث: « خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى أَهْلِ قُبَاءٍ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَقَالَ: “صَلاَةُ الأَوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الفِصَالُ”»(15)، قال المرزوقي:” وهو وقت تقوم من مواضعها لتأذيها بالحر”(16).

 وهي الصلاةُ التي سنَّها سيدنا رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في وقتِ الضُّحَى عند ارتفاعِ النهار وفي الصحاح: “أَي إِذا وجَدَ الفَصيلُ حرَّ الشمس من الرَّمْضاءِ يقول فصلاة الضحى تلك الساعةَ”(17).

[37] رَفْعُ اللِّوَاء: “اللِّوَاء: لِواء الأَمير، مَمْدُودٌ. واللِّوَاء: العَلَم، وَالجَمْعُ أَلْوِيَة وأَلْوِياتٌ،  […] اللِّوَاء: الرايةُ وَلَا يُمْسِكُهَا إِلا صاحبُ الجَيْش […] وأَلْوَى اللِّوَاءَ: عَمِلَهُ أَو رفعَه”(18)، ومن دلالات هذا الرمز في التراث العربي:

1- الحَرب: قال عنترة بن شداد يذكر «يوم أقرن» ويشبه لواء ملك الكتيبة وظله بالأرض، بظل الطائر الذي يطير فيقلب جناحيه ويصرفهما:

تَصِيحُ الرُّدَيْنِيَّاتُ فِي حَجَبَاتِهِمْ            صِيَاحَ الْعَوَالِي فِي الثِّقَافِ المُثَقَّبِ

كَتَائِبُ تُزْجَى، فَوْقَ كُلِّ كَتِيبَةٍ               لِوَاءٌ كَظِلِّ الطَّائِرِ المُتَقَلِّبِ(19) 

قَالَ الشَّاعِرُ:

غَدَاةَ تَسَايَلَتْ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ              كَتَائِبُ عَاقِدِينَ لَهُمْ لِوَايَا(20) 

2- الشُّهرة: وَفِي الحَدِيثِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-: « لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنٍ »(21)؛ أَي عَلَامَةٌ يشْهَرُ بِهَا فِي النَّاسِ، لأَنَّ مَوْضُوعَ اللِّواء شُهْرةُ مَكَانِ الرَّئِيسِ.

وقال زهير:

وَتُوقَدْ نَارُكُمْ شَرَراً وَيُرْفَعْ                      لَكُمْ فِي كُلِّ مَجْمَعَةٍ لِوَاءُ(22) 

قال الأعلم الشنتمري في شرح البيت: ” وقوله « ويرفع لكم في كل مجمعة لواء» هذا أيضا مثل ضربه. أي: يظهر أمركم في المحافل ويشهر غدركم”(23).

ــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- لسان العرب 6/90.

2- البيت في ملحقات ديوان رؤبة بن العجاج ص:182.

3- لسان العرب 6/96.

4- اللزوميات 2/271.

5- البيت في لسان العرب، 13/136، دون نسبة.

6- لسان العرب 6/96، دون نسبة.

7- لسان العرب 13/136، دون نسبة.

8- لسان العرب 6/96، نهاية الأرب 3/125 دون نسبة.

9- لسان العرب 6/96.

10- ديوان مهيار الديلمي 3/253.

11- المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 12/382،  نهاية الأرب 3/125.

12- صبح الأعشى في صناعة الإنشا 1/465،  نهاية الأرب 3/125دون نسبة.

13- الحيوان 3/440.

14- لسان العرب 6/224.

15- صحيح مسلم 1/516، [رقم: 748]. 

16- الأزمنة والأمكنة ص:251.

17- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية 3/1080.

18- لسان العرب 13/262.

19- ديوان عنترة ص:34.

20- البيت في لسان العرب 13/262، دون نسبة.

21- صحيح مسلم 3/1361، [رقم: 1736].

22- شعر زهير بن أبي سلمى ص:145.

23- شعر زهير بن أبي سلمى ص:146.

***************

المصادر والمراجع:

– الأزمنة والأمكنة، لأبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي الأصفهاني، الطبعة: الأولى، 1417هـ، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– الحيوان، لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، تحقيق عبد السلام محمد هارون، منشورات دار الجيل، لبنان، بيروت، سنة النشر 1416هـ / 1996م. 

– ديوان رؤبة بن العجاج، اعتنى بتصحيحه وترتيبه وليم بن الورد البرونسي، منشورات دار ابن قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع، الكويت، بدون تاريخ. 

– ديوان مهيار الديلمي، الطبعة الأولى عام 1344هـ/ 1925م، منشورات دار الكتب المصرية بالقاهرة.

– شرح ديوان عنترة، الخطيب التبريزي، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه، مجيد طراد، الطبعة الأولى 1412هـ /1992م، منشورات دار الكتاب العربي.  

– شعر زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، عام الطبعة 2002م، المطبعة العلمية، دمشق.

– صبح الأعشى في صناعة الإنشا، أحمد بن علي القلقشندي، شرحه وعلق عليه قابل نصوصه محمد حسين شمس الدين، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، للإمام الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار، الطبعة الرابعة: 1407هـ‍/1987 م، منشورات دار العلم للملايين، بيروت.

– اللزوميات، لشاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء أبي العلاء المعري، تحقيق أمين عبد العزيز الخانجي، منشورات مكتبة الهلال، بيروت، مكتبة الخانجي، القاهرة. 

– لسان العرب، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، الطبعة السادسة عام 2008 م، دار صادر، بيروت، لبنان.  

– المسند الصحيح المختصر[ صحيح مسلم]، للإمام مسلم بن الحجاج أبي الحسن القشيري النيسابوري، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، منشورات  دار إحياء التراث العربي، بيروت.

– المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، للدكتور جواد علي،  منشورات دار الساقي، الطبعة الرابعة 1422هـ/ 2001م.

– نهاية الأرب في فنون الأدب، لشهاب الدين النويري، مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، عام الطبعة: 1342هـ/1924م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق