مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

معجم الهيآت والإشارات والرموز في التراث العربي من خلال لسان العرب لابن منظور (الحلقة الخامسة عشرة)

-ص-
[50] صَرْفُ الأَنيَاب: ” الصَّرِيفُ: صَوْتُ الأَنيابِ والأَبوابِ. وصَرَفَ الإِنسانُ والبعيرُ نابَه وبنابِه يَصْرِفُ صَرِيفاً: حَرَقَه فَسَمِعْتَ لَهُ صَوْتًا”(1)، ومن دلالات صرف الأنياب في التراث  العربي:
1- الغيظ وشدة الغضب: ومن أقوالهم وأمثالهم “إِنه ليَحْرِقُ عليكَ الأُرَّم”(2)، أَي الأَسنان، وقالو في تفسير المثل: أَرادوا أَنه كان يُصَرِّف بأَنيابِه من شدَّة غضَبه حتى عَنِتَت أَسناخُها من شدة الصريف، وقالوا أيضا:” تَرَكْتُهُ يَصْرِفُ عَلَيْكَ نَابَهُ”(3)؛ قال الميداني في تفسير المثل:” يُضْرب لمن يَغْتَاظُ عليك”(4). قال زهير:

-ص-

[50] صَرْفُ الأَنيَاب: ” الصَّرِيفُ: صَوْتُ الأَنيابِ والأَبوابِ. وصَرَفَ الإِنسانُ والبعيرُ نابَه وبنابِه يَصْرِفُ صَرِيفاً: حَرَقَه فَسَمِعْتَ لَهُ صَوْتًا”(1)، ومن دلالات صرف الأنياب في التراث  العربي:1- الغيظ وشدة الغضب: ومن أقوالهم وأمثالهم “إِنه ليَحْرِقُ عليكَ الأُرَّم”(2)، أَي الأَسنان، وقالو في تفسير المثل: أَرادوا أَنه كان يُصَرِّف بأَنيابِه من شدَّة غضَبه حتى عَنِتَت أَسناخُها من شدة الصريف، وقالوا أيضا:” تَرَكْتُهُ يَصْرِفُ عَلَيْكَ نَابَهُ”(3)؛ قال الميداني في تفسير المثل:” يُضْرب لمن يَغْتَاظُ عليك”(4). قال زهير:

أبَى الضَّيمَ، والنعمانُ يحرقُ نابهُ                 عليه، فأفضى، والسيوفُ معاقلُهْ(5) 

قال الأعلم الشنتمريّ:” قوله « يحرقُ نابهُ » أي: يصرف من الغيظ”(6).

2- التهديد والتهويل: قال الشاعر:

بِذِي فِرقَين يوم بَنُو حُبَيبٍ            نيوبَهُمُ علينا يَحْرِقُونَا(7) 

وقال الشاعر:

عَلَى كلِّ ضُوبانٍ، كأَنَّ صَريفَهُ           بنابَيْهِ، صَوْتُ الأَخْطَبِ المُتَرَنِّمِ(8) 

قال العجير السلولي:

فجئت وخصمي يَعْلِكُون نُيُوبَهم         كما صَرَفَتْ تَحْتَ الشِّفَار جَزُورُ(9)

-ض-

 

 [51] ضَمُّ الأصابع: ” الضَّمُّ: ضَمُّكَ الشيءَ إِلَى الشَّيْءِ، وَقِيلَ: قَبْضُ الشَّيْءِ إِلَى الشَّيْءِ، وضَمَّه إِلَيْهِ يَضُمُّه ضَمّاً فانضمَّ وتَضامَّ. تَقُولُ: ضَمَمْتُ هَذَا إِلَى هَذَا، فأَنا ضامٌّ وَهُوَ مَضْموم. الجَوْهَرِيُّ: ضمَمْتُ الشيءَ إِلَى الشَّيْءِ فانْضَمَّ إِلَيْهِ وضامَّهُ”(10)، ومن دلالات ضم الأصابع في التراث العربي:

1- تعيين عدد معين: جاء في الحديث: أَخْبَرَنِي سَلَمَةُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ ضَمَّ أَصَابِعَهُ الثَّلَاثَ وَأَيْنَ المُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَخَرَّ عَنْ دَابَّتِهِ، فَمَاتَ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَإِنْ لَدَغَتْهُ دَابَّةٌ فَمَاتَ، فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، […] فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ قُتِلَ قَعْصًا فَقَدِ اسْتَوْجَبَ الجَنَّةَ»(11).

وضمه – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصابعه الثلاث دال على الحالات الثلاث الأولى وهي: المجاهد الذي خَرَّ عن دَابتِه، والمجاهد الذي لَدَغَته دَابة، والحالة الثالثة المجاهد الذي مَاتَ حَتْفَ أنفِه.

[52] ضَمُّ الإبهَام والخنصَر: ومن دلالات ضم الإبهام والخنصر في التراث العربي:

1- التَّسوِية بين الشيئين: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» ضَمَّ بَيْنَ إِبْهَامِهِ وَخِنْصَرِهِ(12).

والمرادُ بذلك التسوية بين دية أصابع اليد، فلا فرق بينها في مقدار الدية، وهي عُشْر دية النفس، كما ذكر الشُّرَّاحُ.

 [53] ضرب الأذن: ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- الإعلام بوقف العطاء: وفي المثل: « لِكُلِّ جَابِهٍ جَوْزَةٌ، ثُمَّ يُؤَذَّنُ »(13)، قال الميداني في تفسير المثل:” وقولهم “ثم يؤذَّن ” يُقَال: أذَّنْتُه تأذينا، أي رَدَدْتُه، وتلخيص المعنى لكل مَنْ ورد علينا سَقْية ثم يُمْنَع من الماء ويُرَدُّ. يضرب للنازل يُطيل الإقامة”(14)، وفي «المحكم» أَي لكل مستسق سقية ثمَّ تضرب أُذُنه إعلاما أَنه لَيْسَ لَهُ عِنْدهم أَكثر من ذَلِك(15).

[54] ضرب الأرض بالكفين: ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- طريقةُ التَّيمم وكيفيته: جاء في الحديث: «حدثنا آدم قال حدثنا شعبة حدثنا الحكم عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال  : جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب أما تَذْكُرُ أنا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تُصلِّ، وأما أنا فَتَمَعَّكْتُ فصليت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ( إنما كان يكفيك هكذا ) . فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه»(16).

 وإنما ضرب بكفيه الأرض ليعلم أصحابه رضوان الله عليهم طريقة التيمم بالفعل والحركات وهي أوكدُ وأبلغ من القول المجرَّد.

-ع-

 

[55] عَقْدُ التِّسعِين:” عَقْدُ التِّسْعِينَ: مِنْ مُواضَعات الحُسّاب، وَهُوَ أَن يَجْعَلَ رأَس الإِصبع السَّبابة فِي أَصل الإِبهام وَيَضُمُّهَا حَتَّى لَا يَبين بَيْنَهُمَا إِلا خَلَلٌ يَسِيرٌ “(17)، قال البغدادي في «خزانة الأدب»: ” وَاعْلَم أَن العُقُود وَالعقد نوع من الحساب يكون بأصابع اليَدَيْنِ يُقَال لَهُ: حِسَاب اليَد. وَقد ورد مِنْهُ فِي الحَدِيث: وَعقد عقد تسعين. وَقد ألفوا فِيهِ كتبا وأراجيز مِنْهَا أرجوزة أبي الحسن عَليّ الشهير بِابن المغربي”(18)، وتدل هذه الإشارة في التراث العربي على:

1- شدة القرب: جاء في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: « فُتِح اليومَ من رَدْمِ يأْجوج ومأْجوج مثلُ هذا. وعَقَدَ بيده تسعين»(19).

قال ابن حجر في تفسير الحديث:” وَوَجْهُ إِدْخَالِهِ فِي التَّرْجَمَةِ أَنَّ العَقْدَ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ لِإِرَادَةِ عَدَدٍ مَعْلُومٍ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الإِشَارَةِ المُفْهِمَةِ فَإِذَا اكْتَفَى بِهَا عَنِ النُّطْقِ مَعَ القُدْرَةِ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى اعْتِبَارِ الإِشَارَةِ مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّطْقِ بِطَرِيقِ الأَوْلَى”(20).

قال أحمد البربير في كتابه «الشرح الجلي» يشرح العقد في الحديث:” أي فُتِحَ فتح نافذ فيه وإن كان ضيقا جدا”(21) ومن هنا وجه الشبه بين هذا الفتح وبين هيئة عقد التسعين في الحديث الشريف.

ويمكن التمثيل لهذه الإشارة أي عقد التسعين بالرسم البياني الموجود في الدائرة أسفله:

قال الموصلي في قصيدة “حساب القبضة باليد”:

وفي عَدِّ تِسعِينَ المسبِّحَة اقبضَن           لمَا بَينَ إبهامٍ وما بينها اخْتِــــلَا

   وإبهامَكَ اجعلْ فوقَهَا مثلَ حَيَّةٍ          تَرُوم وُثُوباً؛ والميِينَ ألَا اجعَلَا(22) 

قال الشارح:” أي: وتُعَدُّ التسعون بأن يضم طرف المسبحة إلى أصلها ضما محكما حتى تنطوي العقدتان اللتان فيها وتصير هيئتها هيئة حية تروم الوثوب”(23).

وقال أبو الحسن علي الشهير بابن المغربي في منظومته الموسومة بـ ” لوح الحفظ”:

وشَبَّهُوا التسْعِينَ في انعقَادِهَا         كَلَفَّة الحَية فِي رُقَادِها

والفرقُ بين عقدِهَا والعشرهْ           بأنها مَضمُومةٌ منْحَصرَِهْ(24) 

قال محيي الدين عبد القادر بن علي بن شعبان العوفي في شرح البيتين:” أشار إلى أن عقد التسعين يحصل بوضع رأس السبابة على رأس الإبهام كالحية إذا نامت”(25).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- لسان العرب 8/230.

2- مجمع الأمثال 1/69.

3- مجمع الأمثال 1/181.

4- مجمع الأمثال 1/181.

5- شعر زهير بن أبي سلمى– صنعة الأعلم الشنتمري –  ص:60.

6- شعر زهير بن أبي سلمى – صنعة الأعلم الشنتمري – ص:61.

7- شرح ديوان الحماسة 2/410، منسوب  لعامر بن شقيق.

8- البيت في لسان العرب 9/71، دون نسبة.

9- شعر العجير السلولي،  بحث منشور بمجلة المورد العراقية،  المجلد الثامن ص:219.

10- لسان العرب 9/63.

11- المستدرك على الصحيحين 2/97، [رقم: 2445].

12- رواه البخاري 6/2526 [رقم: 6500].

13- مجمع الأمثال 2/238.

14- مجمع الأمثال 2/238-239.

15- المحكم والمحيط الأعظم 7/523.

16- صحيح البخاري 1/129، [رقم:331].

17- لسان العرب 6/138.

18- خزانة الأدب 6/538.

19- صحيح البخاري 3/1221، [ رقم:3169].

20- فتح الباري 9/437.

21- النص مأخوذ من كتاب « textes arabes relatifs à la dactylonomie» للمستشرق شارل بيلا ص:60، لأنني لم أعثر على نسخة مطبوعة من كتاب « الشرح الجلي»، وقد جمع هذا المستشرق شارل بيلا في هذا الكتاب  مجموعة من النصوص العربية النادرة الوجود لذلك كثر نقلي عنه في هذا الباب للسبب الذي ذكرته وهو ندرة الكتب التي أخذ عنها فيما يتعلق بهذا النوع من الحساب.

22- نصوص عربية للمستشرق شارل بيلا ص:59، والبيتان مأخوذان من “قصيدة الموصلي”.

23- نصوص عربية للمستشرق شارل بيلا ص:59، والنص مأخوذ من “قصيدة الموصلي” وشرحها للأب أنتاس الكرملي البغدادي.

24- نصوص عربية للمستشرق شارل بيلا ص:103، والبيتان مأخوذان من منظومة ” لوح الحفظ”.

25- نصوص عربية للمستشرق شارل بيلا ص:103، والنص مأخوذ من منظومة ” لوح الحفظ” محيي الدين عبد القادر بن علي بن شعبان العوفي.

*************************

المصادر والمراجع:

– الجامع الصحيح المختصر [صحيح البخاري]، للإمام البخاري، تحقيق الدكتور مصطفى ديب البغا، الطبعة الثالثة: 1407هـ/1987م، منشورات دار ابن كثير، اليمامة، بيروت.

– خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، لعبد القادر بن عمر البغدادي، بتحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون، الطبعة الرابعة عام 1418هـ/1997م، مطبعة المدني، منشورات مكتبة الخانجي بالقاهرة.

– شرح ديوان الحماسة لأبي تمام، لأبي علي أحمد بن محمد بن الحسن المرزوقي، علق عليه وكتب حواشيه غريد الشيخ، وضع فهارسه إبراهيم شمس الدين، الطبعة الأولى 1424هـ /2003م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– شعر العجير السلولي، صنعة محمد نايف الديلمي، بحث منشور بمجلة المورد العراقية،  العدد الأول ربيع 1979م.

– شعر زهير بن أبي سلمى، صنعة الأعلم الشنتمري، تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة، عام الطبعة 2002م، المطبعة العلمية، دمشق.

– فتح الباري شرح صحيح البخاري، أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي، قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب، عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، منشورات  دار المعرفة، بيروت، 1379هـ.

– لسان العرب، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، الطبعة السادسة عام 2008 م، دار صادر، بيروت، لبنان.

– مجمع الأمثال، لأبي الفضل أحمد بن محمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري، قدم له وعلق عليه نعيم زرزور، الطبعة الثالثة عام 2010م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– المحكم والمحيط الأعظم، لأبي الحسن علي بن إسماعيل بن سيده المرسي، تحقيق عبد الحميد هنداوي، الطبعة الأولى: 1421هـ/ 2000م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.

– المستدرك على الصحيحين، للحاكم، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، الطبعة الأولى: 1411هـ / 1990م، منشورات دار الكتب العلمية، بيروت.

– مسند أحمد، لأحمد بن حنبل، تحقيق شعيب الأرناؤوط وآخرون، الطبعة الثانية: 1420هـ/1999م، منشورات مؤسسة الرسالة.

– Textes Arabes relatifs à la Dactylonomie; Charles Pellat; Maisonneuve El Larose; Paris 1997.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق