مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

معجم الهيآت والإشارات والرموز في التراث العربي من خلال لسان العرب لابن منظور (الحلقة الثامنة عشرة)

[64]  الَّليُّ: يقال ” لَوَى كَفَّه ولَوَى يَده ولَوَى عَلَى أَصحابه لَوْياً ولَيّاً وأَلْوَى إِليَّ بِيَدِه إِلْوَاءً أَي أَشار بِيَدِهِ لَا غَيْرُ”(1)، ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

 1- السَّلام والتَّحِية: قال البحتري:

لَوَت بالسَّلامِ بَناناً خَضِيبَا                وَلَحْظاً يَشُوقُ الفُؤَادَ الطَّرُوبَا(2)

 “وقد انتقد بعضهم البحتري في استخدامه كلمة لوت، بأن رد السلام يكون بأصبع مستقيمة، ورد بعضهم فقال: من الناس من يفتلها ويلويها كأنه يقول: وعليك السلام”(3).قال الثعالبي:” فإذا حرك السبابة وحدها فهو الإلواء. قال مؤلف الكتاب: ولعل اللَّي أحسن فإن البحتري يقول:

لَوَت بالسَّلامِ بَناناً خَضِيبَا                وَلَحْظاً يَشُوقُ الفُؤَادَ الطَّرُوبَا” (4).

[65]  اللَّحْنُ: ” اللَّحْنُ الَّذِي هُوَ التَّعْريض والإِيماء […] وَيُقَالُ: جعَلَ كَذَا لَحْناً لِحَاجَتِهِ إِذا عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّح […] واللَّحْنُ وَاحِدٌ، وَهُوَ العَلَامَةُ تُشِيرُ بِهَا إِلى الإِنسان ليَفْطُنَ بِهَا إِلى غَيْرِهِ، تَقُولُ: لَحَنَ لِي فلانٌ بلَحْنٍ ففطِنْتُ”(5)، ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- التعريض والإيماءُ: قال القتال الكلابي:

وَلَقَدْ لَحَنْتُ لَكُمْ لِكَيما تَفْهَموا          ووَحَيْتُ وَحْياً لَيْسَ بالمُرْتابِ(6) 

وَمِنهُ الحديث:« أَنَّهُ بَعث رجُلين إِلَى بَعْضِ الثُغور عَيْناً، فَقَالَ لَهُمَا: إِذَا انْصَرفْتُما فَالْحَنَا لِي لَحْناً»(7)؛أَي أَشيرا إِليَّ وَلَا تُفْصِحا وعَرِّضا بِمَا رأَيتما، أَمرهما بِذَلِكَ لأَنهما رُبَّمَا أَخبرا عَنِ العَدُوِّ ببأْسٍ وقُوَّة، فأَحَبَّ أَن لَا يقفَ عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ(8).

ومنه قول عمرو بن أحمر الباهلي:

وتَعْرِفُ فِي عُنوانِها بعضَ لَحْنِها              وَفِي جَوْفِها صَمْعاءُ تَحْكي الدَّواهِيا(9) 

[66]  اللَّمْعُ: يقال ” لَمَعَ بثَوْبِه وسَيْفِه لَمْعاً وأَلْمَعَ: أَشارَ، وَقِيلَ: أَشار لِلإِنْذارِ، ولَمَعَ: أَعْلى، وَهُوَ أَن يرفَعَه ويحرِّكَه لِيَرَاهُ غَيْرُهُ فيَجِيءَ إِليه […] ولَمَعَ الرجلُ بِيَدَيْهِ: أَشار بِهِمَا، وأَلْمَعَتِ المرأَةُ بِسِوارِها وثوبِها كَذَلِكَ”(10)، ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- الإنذار: قَالَ بشرُ بنُ أَبي خازِمٍ:

ويَنَصُرُه قومٌ غِضابٌ عَلَيْكُمُ           مَتى ندْعُهُمْ يَوْمًا إِلَى الرَّوْعِ يَرْكَبوا

أَشارَ بِهِمْ لَمْعَ الأَصَمِّ فأَقْبَلُوا              عَرانِينَ لَا يَأْتِيه للنَّصْرِ مُحْلِبُ(11) 

وقَالَ الأَعشى في قصيدة يمدح بها قيس بن معد يكرب:

حَتَّى إِذا لَمَعَ الدَّلِيلُ بثَوْبِه               سُقِيَتْ وصَبَّ رُواتُها أَوْشالَها(12) 

قال الشارح:” فإذا كان وقت الغارة، وأشار الدليل بثوبه، سقيت الخيل، وهريق ما بقي من ماء، ليقاتل المقاتلون على ماء العدو”(13).

2- عدم العَجَلة والتسرع: جاء في الحديث:« فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَاعَةً وَرَفَعَ بَصَرَهُ قِبَلَ سَقْفِ البَيْتِ حَتَّى طَالَ عَلَيْنَا أَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ إِلَيْنَا شَيْئًا حَتَّى رَأَيْنَا زَيْنَبَ تَلْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ بِيَدِهَا تُرِيدُ أَنْ لاَ تَعْجَلاَ»(14) أَي تُشِيرُ بِيَدِهَا.

3- طلب الوقوف: وقال ابْن مُقْبِل:

عَيْثا بِلُبِّ ابْنةِ المكتومِ إِذْ لَمَعَت         بالرَّاكِبَيْنِ عَلَى نَعْوانَ أَنْ يَقِفَا(15) 

قَالَ عدِيُّ بْنُ زَيْدٍ العِبَادِي:

عَنْ مُبْرِقاتٍ بالبُرِينَ وَتَبْــ           ـدُو بِالأَكُفِّ اللَّامِعاتِ سُوُرْ(16) 

والمعنى أنها تلمع بسوارها أي تشير به.

-م-

[67]  الِمضُّ:” المِضُّ أَن يَقُولَ الإِنسان بِطَرَفِ لِسَانِهِ شِبْهَ لَا، وَهُوَ هِيجْ بِالفَارِسِيَّةِ […] قَالَ الفَرَّاءُ: مِضِّ كَقَوْلِ القَائِلِ يَقُولُهَا بأَضراسه”(17)، ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي أنها:

1- تقوم مَقَامَ «لا»: قال الشاعر:

سأَلْتُها الوَصْلَ فقالَتْ: مِضِّ             وحرَّكَتْ لِي رأْسَها بالنَّغْضِ(18) 

” يُقَالُ: مَا علَّمَك أَهلُك إِلا مِضِّ ومِضُّ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إِلَّا مِضّاً بوُقُوعِ الفعل عَلَيْهَا. الفَرَّاءُ: مَا عَلَّمَكَ أَهلك مِنَ الكَلَامِ إِلا مِضّاً ومِيضاً وبِضّاً وبِيضاً. الجَوْهَرِي: مِضِّ، بِكَسْرِ المِيمِ والضادِ، كَلِمَةٌ تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى لَا وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ كَلِمَةٌ مُطْمِعةٌ فِي الإِجابة”(19).

-هـ-

[68]  هَزُّ الرَّأس:” الهَزُّ: تَحْرِيكُ الشَّيْءِ كَمَا تَهُزُّ القَناةَ فَتَضْطَرِبُ وتَهْتَزُّ، وهَزَّه يَهُزُّه هَزّاً وهَزَّ بِهِ وهَزَّزَهُ.[…] وهَزَزْتُ الشيءَ هَزّاً فاهْتَزَّ أَي حَرَّكْتُهُ فَتَحَرَّكَ”(20)، ومنه هَزُّ الرأس أي تحريكه، ومن دلالات هذه الإشارة عند العرب:

1- العَجَب: قال الطائي:

وهَزَّتْ رَأْسَها عَجَباً وَقَالَتْ:                أَنا العَبْرَى، أَإِيَّانا تُرِيدُ؟

وَمَا يَدْرِي الوَدُودُ، لعلَّ قَلْبِي،             وَلَوْ خُبِّرْته وَرَقاً، جَلِيدُ(21) 

وإنما هزَّت رأسها إشارة فَهِمَ منها الشاعر عجبها وإن لم تتكلم.

-و-

[69]  وضع اليدين على الأذنين: ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- الصَّمَم: وَفِي حَدِيثِ الخُدْرِي: « أَنَّهُ وضَع يَدَيْهِ عَلَى أُذنيه وَقَالَ اسْتَكَّتا إِنْ لَمْ أَكن سَمِعْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: الذهبُ بِالذَّهَبِ وَالفِضَّة بِالفِضَّةِ مثل بِمثل»(22)، والإشارة في هذه الحالة مرافقة لقوله:” اسْتَكَّتا إِنْ لَمْ أَكن سَمِعْتُ النَّبِي”، ولا شك أن الإشارة المصاحبة للكلام أبلغ في بابها من الكلام فقط. 

[70]  الوَحْي: يقال” وَحى إِليه وأَوْحى: أَوْمَأَ […] وَقَالَ الفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ، فَأَوْحى إِلَيْهِم: أَي أَشار إِليهم، قَالَ: وَالعَرَبُ تَقُولُ أَوْحى ووَحَى وأَوْمى ووَمى بِمَعْنًى وَاحِدٍ، ووَحى يحِي ووَمى يَمِي”(23)، ومن دلالات هذه الإشارة في التراث العربي:

1- الشكوى: قال أبو تمام: 

أقولُ لها وقد أوحت بعينٍ             إليَّ تشكِّيَ الدَّنِفِ السقيمِ

بكورك أشعر الثقلين طراً       وأوفَى الناس في حَسَب صَميمِ

فمالك تشتكِينَ وأنت تحتي               وتحت محمد بَدْرِ النجومِ(24) 

2- الحُبُّ: قال الشاعر: 

نظرت إليـها نـظرة فـتـحيّرت       دقائق فكري في بديع صفاتها

فأوحي إليها الطـرف أنّي أحبّهـا        فأثّر ذاك الوحي في وجـناتها

وقَالَ الشاعر:

فأَوْحَتْ إِلينا والأَنامِلُ رُسْلُها(25) 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- لسان العرب 13/261.

2- ديوان البحتري 1/41.

3- ديوان البحتري 1/41، الهامش رقم:2.

4- فقه اللغة وسر العربية ص:134.

5- لسان العرب 13/184.

6- ديوان القتال الكلابي ص:36.

7- النهاية في غريب الحديث والأثر 4/241.

8- النهاية في غريب الحديث والأثر 4/241.

9- شعر عمرو بن أحمر الباهلي ص:174.

10- لسان العرب 13/233.

11- ديوان بشر بن أبي خازم ص:25.

12- ديوان الأعشى الكبير ص:31.

13- ديوان الأعشى الكبير ص:30.

14- سنن أبي داود 3/147، [رقم: 2985].

15- ديوان ابن مقبل ص:142.

16- البيت في ذيل ديوان عدي بن زيد ص:127.

17- لسان العرب 14/89.

18- البيت في لسان العرب 14/89 دون نسبة.

19- لسان العرب 14/89. 

20- لسان العرب 15/60.

21- البيتان في لسان العرب 15/196- 197 منسوبان للطائي ولم أقف على اسم الشاعر كاملا، ولا على البيتان في  ديوان أو كتاب معين.

22- الفائق في غريب الحديث والأثر 1/191، النهاية في غريب الحديث والأثر 2/384.

23- لسان العرب 15/171.

24- شرح ديوان أبي تمام 2/426.

25- البيت في لسان العرب 15/171، دون نسبة.

*************

المصادر والمراجع:

– ديوان ابن مقبل، عني بتحقيقه الدكتور عزة حسن، منشورات دار الشرق العربي، عام: 1416هـ/1995م.

– ديوان الأعشى الكبير ميمون بن قيس، شرح وتعليق الدكتور محمد حسنين، منشورات مكتبة الآداب بالجماميز والمطبعة النموذجية.

– ديوان البحتري، إعداد وتحقيق بدر الدين الحاضري، الطبعة الأولى 1420هـ /1999م، منشورات دار الشرق العربي، حلب، سورية.

– ديوان القتال الكلابي، حققه وقدم له إحسان عباس، عام الطبعة 1409هـ /1989م، نشر توزيع دار الثقافة، بيروت، لبنان.

– ديوان بشر بن أبي خازم الأسدي، قدم له وشرحه مجيد طراد، الطبعة الأولى 1415هـ /1994م، منشورات دار الكتاب العربي.

– ديوان عدي بن زيد العبادي، حققه وجمعه محمد جبار المعيبد، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد، بغداد عام 1385هـ/1965.

– سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو الأزدي السِّجِسْتاني، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، منشورات المكتبة العصرية، صيدا، بيروت.

– شرح ديوان أبي تمام، للخطيب التبريزي، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه راجي الأسمر، الطبعة الثانية 1414هـ/1994م، منشورات دار الكتاب العربي.

– شعر عمرو بن أحمر الباهلي، جمعه وحققه الدكتور حسين عطوان، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق.

– الفائق في غريب الحديث والأثر، للزمخشري، تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الثانية، منشورات دار المعرفة، لبنان.

– فقه اللغة وسر العربية، لأبي منصور الثعالبي، تحقيق عبد الرزاق المهدي، الطبعة الأولى: 1422هـ/ 2002م، منشورات إحياء التراث العربي.

– لسان العرب، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، الطبعة السادسة عام 2008 م، دار صادر، بيروت، لبنان.  

– النهاية في غريب الحديث والأثر، لمجد الدين ابن الأثير، تحقيق طاهر أحمد الزاوي و محمود محمد الطناحي، منشورات المكتبة العلمية، بيروت عام: 1399هـ / 1979م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق