الرابطة المحمدية للعلماء

كيف نبني حداثة تنظر إلى المستقبل ولا تعرض عن الماضي؟

د. المسيري: الانفتاح على العالم مدخل لإدراك
الحقيقة الإنسانية في غناها وتعددها

يرى المفكر الموسوعي د. عبد الوهاب المسيري أن الدين،
إلى جانب كونه يُمثل حقيقية روحية لا معنى للحياة بدونها، يُشكل مقولة تحليلية
متكاملة، وعنصرا أصيلا من الكيان الإنساني التاريخي ليس عارضا ولا منفصلا عنه.

كما شدد على ضرورة التمييز بين النص الديني وبين التراث
الثقافي، مؤكدا أن النص المقدس أساس كل حضارة.. وأنه لا يمكن تصور الوجود الإنساني
دون مقولات قَبْلِية، وأن كل من يحاول -يقول المسيري- أن يستغني عن النص المقدس -تماما-
سيجد نفسه يبحث عن نص مقدس آخر عبارة عن مقولات وفلسفات…


وأشار المسيري في مدارسة فكرية مع مجلة الإحياء، ستُنشر
في العدد المقبل (28)، إلى أن العقل العربي لم يبدع نماذج مجتمعية وحضارية تساهم
في دخول الإنسان العربي العصر الحديث، وأوضح أن نموذج الحداثة السائد غير مشجع
بالمرة، وأن عمليات التحديث في المجتمعات العربية الإسلامية “قامت بتفكيك
تراثها دون أن تعطيها البديل الذي يستجيب لاحتياجاتها الفعلية وينسجم مع شخصيتها
الثقافية والحضارية”.

وفي هذا السياق دعا المسيري إلى تطوير فكر جديد مبدع
يساعد الإنسان العربي والمسلم على دخول عالم الحداثة دون أن يتخلى عن ذاكرته وعن
قيمه وعن هويته وتراثه، وإلى تطوير حداثة عربية جديدة تنظر إلى المستقبل لكنها لا
تعرض عن الماضي.

من ناحية أخرى أضاف المسيري أن الانفتاح على العالم
بمختلف تجاربه ورؤاه، وليس على العالم الغربي فحسب، يمكن أن “يسعفنا في أن
نستوعب وندرك ونرى الحقيقة الإنسانية في غناها وتعددها، وهكذا يغدو الغرب نسبيا
وليس مطلقا؛ نتعلم منه ونتفاعل معه بإرادتنا وبكامل وعينا وخصوصيتنا”.

كما دعا المسيري إلى صياغة “عقد اجتماعي جديد”
ينطلق من القيم الأخلاقية المشتركة بين الإسلام والمسيحية، بل وبين المنظومات
الأخلاقية التي لا تستند إلى المرجعية الدينية..

وأبرز المسيري في هذه المدارسة كيف أنه لا يمكن تصور
وجود مجتمع مدني قوي في غياب دولة قوية، مشددا على أن الدولة تشكل هوية وذاتا
جماعية، ويمكن للأجيال الجديدة أن تبحث عن هويتها من خلالها -أي هذه الدولة- ، وأن
اختفاءها سيجعلهم عرضة للاجتثاث..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق