كيف تعامل عمر مع الصّحابة والتّابعين؟ (2)

صاحب كتاب الوهمي والحقيقي في سيرة عمر بن الخطاب أورد خبرا ليدلّل على سوء تعامل أبي حفص مع الصّحابة منها:
(عن حمزة بن صهيب عن أبيه عن عمر بن الخطاب أنه قال لصهيب: إنك لرجل لولا خصال ثلاثة. قال: وما هن؟ قال: اكتنيت وليس لك ولد، وانتميت إلى العرب وأنت رجل من الروم، وفيك سَرَفٌ في الطّعام. قال: يا أمير المؤمنين، أمّا قولك اكتنيت وليس لك ولد؛ فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كنّاني أبا يحيى. وأما قولك انتميت إلى العرب وأنت رجل من الروم؛ فإني رجل من النّمر بن قاسط استبيت من الموصل بعد أن كنت غلاما قد عرفت أهلي ونسبي. وأما قولك فيك سرف في الطعام؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن خيركم من أطعم الطعام. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)([1]).
قلت: إسناده عند الحاكم هو: أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاّب بهَمْدَان، ثنا هلال بن العلاء الرَّقّي، ثنا أبي، ثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن حمزة بن صُهَيْب، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب)([2]). والذّهبي سكت عن حكم الحاكم. ولا يُعدّ ذلك إقرارا أو تصحيحا؛ لأنّ السّند فيه:
- العلاء بن هلال الباهلي الرَّقِّي. والد هلال بن العلاء. حدّث عن عُبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، وغيره.
قال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف، عنده عن يزيد بن هارون أحاديث موضوعة.
وقال النَّسَائي: يروي عنه ابنه هلال غير حديث منكر، لا أدري منه أتى أو من أبيه؟
وقال ابن حِبَّان: يقلب الأسانيد ويُغيّر الأسماء([3]).
- عبد الله بن محمد بن عقيل([4]):
قال محمد بن سعد: كان منكر الحديث لا يحتجّون بحديثه، وكان كثير العلم. وقال الحسن بن علي الحلواني عن علي بن المديني عن بشر بن عمر الزهراني: كان مالك لا يروي عنه. قال علي: وكان يحيى بن سعيد لا يروي عنه. وقال يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني: لم يُدخل مالك في كتبه ابن عقيل ولا ابن أبي فروة.. وقال يحيى بن معين: لا يُحتجّ بحديثه. وقال أحمد بن حنبل: منكر الحديث([5]).
إذن السّند غير صحيح؛ بل منكر.
فهل بمثل هذه الأخبار نَزِنُ مكانة عمر في تعامله مع الأصحاب رضي الله عنهم؟ اللهم هذا بهتان عظيم.
والله الموفّق لإيضاح الحقّ.
-------------------------------------------------------------
([2]) المستدرك على الصحيحين 4/278.