مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات وأبحاث

كتاب “نظم اللآلئ والدرر في اختصار مقدمة ابن حجر” لميارة الفاسي(1072هـ) (تعريف وتوصيف)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

وبعد؛

فإن اهتمام العلماء بصحيح البخاري لم يبلغه أي كتاب آخر بعد كتاب الله عز وجل، فألفوا كتبا لا تحصى ولا تعد في شرح غريبه، وإيضاح مبهمه، وبيان مشكله، واستخراج فقهه، وتعريف رجاله.

ولم يتخلفوا السادة علماء الغرب الإسلامي عن هذا الركب، فأسهموا بدورهم في الاشتغال عليه بالشرح والبيان والتعليق والتقرير والتطرير، ومن العلماء الذين أسهموا في ذلك العلامة الكبير محمد بن أحمد بن محمد ميارة  الفاسي من خلال اختصاره لمقدمة ابن حجر على صحيح البخاري، ولأهمية هذا الاختصار ارتأيت التعريف به وبصاحبه باختصار فأقول وبالله التوفيق:

أولا:   التعريف بالمؤلف[1] :

هو: أبو عبد الله مَحمد (فتحا) بن أحمد بن محمد ميارة الأكبر الفاسي، ولد بفاس سنة (999هـ).

أخذ عن جلة من الشيوخ ذكرهم في فهرسته، أذكر منهم: ابن عاشر، وأبي الحسن البطوئي، وأبي زيد عبد الرحمن بن محمد الفاسي، وأبي الفضل ابن أبي العافية،  وابن  أبي نعيم الغساني،  وأبي العباس المقري، ومحمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الدالي وغيرهم.

 أخذ عنه خلق وجم غفير، منهم: أبو سالم العياشي وأجازه، ومحمد المجاطي،  ومحمد ميارة المعروف بالصغير.

 له مؤلفات منها:  زبدة الأطاب، وشفاء العليل في اختصار شرح الحطاب لمختصر خليل،  وشرح على مختصر خليل، والشرح الكبير على المرشد المعين المسمى “بالدر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين”، والإتقان والإكمال في شرح تحفة الأحكام ، وفتح العليم الخلاق في شرح لامية الزقاق، وتميل المنهج المنتخب للزقاق، وشرحه الذي سماه: الروض المبهج بتكميل المنهج، وتأليف في الإمامة الكبرى، فهرسة منظومة في الوفيات، نظم اللآلئ والدرر في اختصار مقدمة ابن حجر أو معين القاري لصحيح البخاري، وهو الكتاب الذي أردت التعريف به.

توفي رحمه الله تعالى بفاس في جمادى الثانية سنة (1072هـ)، ودفن بالدرب الطويل بمقربة من ضريح سيدي عزيز.

ثانيا: التعريف بالكتاب.

 هذا الكتاب اختصر فيه أبو عبد الله مَحمد ميارة مقدمة ابن حجر على صحيح البخاري مع زوائد، وقد صرح في أوله السبب الباعث على اختصارها بقوله: “إنه لما مَنَّ علي المولى المتعال…بقراءة الجامع الصحيح للإمام المحدثين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري غير ما مرة قراءة تفهم وتحقيق، وتتبع وتدقيق على جماعة من الشيوخ ممن لهم في العلم قدم ورسوخ، لم يكن بدا بعد موتهم من إقرائه وقراءته، ولا من مطالعته ومراجعته، لما حصل لنا فيه عنهم من الرواية، بل وبعض التدريب والرواية.. وقد كان يقال قبل هذه الأعصر:  إن شرحه دَين على هذه الأمة، فالمطل به ثلمة ووصمة، إلى أن بادر لقضائه آخر العلماء المتقنين..شهاب الدين أبو الفضل أحمد  بن علي الكناني القسطلاني ثم المصري الشهير بابن حجر رحمه الله ونفع به،  فبدأ عليه شرحا كبيرا ضمنه للآلئ وإكسيرا، وقدمه بمقدمة في سفر كبير، أسفر فيها عن تحقيق  وتحرير أبدأ فيها، وأعاد وأتقن وأجاد، فكتب من الشرح المذكور ما شاء الله.. وشرح في آخر أخصر منه، اختصر في أوله بعض تلك المقدمة في نحو كراس، وهذا هو الشرح المتداول الآن بأيدي الناس، كما صرح هو بذلك كله في أول الشرح الصغير، وأحال فيه في مواضع من أول الكتاب على الشرح الكبير، فتأملت تلك المقدمة وفصولها، وميزت حاصلها ومحصولها، ورأيت الهمم عن تتبع جلها قصيرة، وعن الارتقاء لعلومها حقيرة، إلا ما كان من الفصل الخامس والسادس منها فلا غنى لقارئ الكتاب عنهما.. فقيدتهما في كراريس لنفسي  وللقاصرين من أبناء جنسي، فلما فرغت من تقييدهما ظهر لي أن أقدمها وأصلهما بما تكمل به الفائدة، ويكون مراجعة كالقاعدة، فلفقت من تلك المقدمة والشرح الصغير وغيرهما عدد أبواب الجنة من الفصول على اللباب تاركا غيرها خشية الملل والطول إلا الفصل والخامس والسادس فقد نقلتهما بلفظه في مقدمته من غير زيادة ولا نقصان… وسميتها: نظم  اللآلئ والدرر في اختصار مقجمة ابن حجر[2] ( ويسمى أيضا: معين القاري لصحيح البخاري).

 ثم بعد ذلك ذكر ما تشتمل عليه مقدمة ابن حجر من فصول بقوله: “قلت: وقد اشتملت مقدمة ابن حجر على عشرة فصول، واثني عشر ذكرا”[3]، فسرد هذه الفصول.

ثم انتقل إلى ذكر الخطة الجديدة التي رتب عليها اختصاره لهذه المقدمة بقوله: “وقد رتبت أنا هذا المختصر على ثمانية فصول:

 الفصل الأول: في أسانيد روايتنا لهذا “الجامع” إلى مؤلفه رضي الله عنه، وفيه التعريف بأشياخنا الذين رويناه عنهم.

  الفصل الثاني: في التعريف بالمؤلف الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنه باختصار.

 الفصل الثالث: في بيان السبب الباعث لأبي عبد الله البخاري على تصنيف جامعه، وحسن نيته في ذلك، وكيف كان الأمر قبل هذه الدواوين، وأول من جمع ذلك، وفي فضائل هذا الكتاب.

الفصل الرابع: في بيان شرط البخاري في جامعه، وبيان موضوع الكتاب والكشف عن مقاصده فيه.

الفصل الخامس: في سياق ما في الكتاب من الألفاظ الغريبة على ترتيب الغريبة على ترتيب الحروف مشروحا.

الفصل السادس: في بيان المؤتلف والمختلف من الأسماء والكنى و الألقاب والأنساب في صحيح البخاري على ترتيب الحروف.

الفصل السابع: في عدد ما لكل صحابي  في الجامع من الأحاديث الموصلة والمعلقة، مرتبا على حروف المعجم، وفيه تذكر عدة أحاديث الجامع بالمكرر وبدونه، وجملة التعاليق والمتابعات.

الفصل الثامن: في ذكر مناسبة ترتيب تراجمه أعني الكتب وذكر ما اشتملت عليه أواخرها من براعة الختم”[4].

والحاصل إن هذا المختصر على مقدمة ابن حجر على البخاري لميارة عظيم النفع، كثير الفوائد، قرب معانيها، وفتح مغالقها، وحل عويصها، وهو أيضا تمهيدا  للدخول في قراءة فتح الباري.

واعتمدت في التعريف بهذا المختصر على نسخة مخطوطة محفوظة تحت رقم: 516 بمؤسسة المالك عبد العزيز بالبيضاء.

****************

هوامش المقال:

[1]  من مصادر ترجمته: فهرسة الشيخ محمد بن أحمد ميارة، اقتفاء الأثر بعد ذهاب الأثر (فهرسة أبي سالم العياشي)(ص: 114)، الإكليل والتاج(ص: 330)،  موسوعة أعلام المغرب نقلا من نشر المثاني(4 /1500)، سلوة الأنفاس(1 /178)، شجرة النور( ص: 309).

[2]  نظم  اللآلئ والدرر في اختصار مقدمة ابن حجر مخطوط آل سعود رقم: 516 (ق: 2 ـ 3  )

[3]  نفسه(ق: 3  )

[4]  نفسه(ق: 4و ـ 4ظ).

*************

جريدة المصادر والمراجع:

  إفادة السالك بتمييز الأعلام المتشابهة في مذهب مالك، للدكتورمحمد العلمي.منشورات مركز البحوث والدراسات في الفقه المالكي ط1، 1436هـ 2015م.

إقتفاء الأثر بعد ذهاب الأثر (فهرسة أبي سالم العياشي)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ط1، سنة: 1424هـ ، تحقيق: ذ نفيسة الذهبي.

 الإكليل والتاج في تذييل كفاية المحتاج لمحمد بن الطيب القادري، ط الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، الرباط، 2009، دراسة وتحقيق: ذ مارية دادي، تقديم ذ محمد بنشريفة.

سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس لأبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني ط دار الثقافة ط1، سنة 1425ﻫ، تحقيق: ذ عبد الله الكامل الكتاني، وذ حمزة بن محمد الطيب الكتاني، وذ محمد حمزة بن علي الكتاني.

 شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد بن مخلوف، ط دار الفكر، بيروت.

فهرسة الشيخ محمد بن أحمد ميارة  الفاسي، تحقيق: بدر العمراني،  مركز التراث الثقافي المغربي، الدار البيضاء، المغرب، دار ابن حزم، بيروت، ط1: 1420/ 2009.

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق