مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةقراءة في كتاب

كتاب معراج الراقي لألفية العراقي للعلامة البطاوري : تعريف بمضامين الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، الذي لا عِزَّ  إلا في طاعته، ولا ذُل إلا في الافتقار إليه، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، أدَّى الأمانة، وبلَّغ الرسالة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.

وبعد:

لا زال حديث النبي صلى الله عليه وسلم محط أنظار العلماء قديما وحديثا، ألفوا حوله مصنفات عدة في ما يخص علومه وفنونه، وعلى رأسها فن: مصطلح الحديث الشريف، ولقد أسهم علماء الغرب الإسلامي بدورهم في هذا المجال، ومن بين هؤلاء العلامة المحدث الفقيه شيخ الجماعة أبي حامد المكي بن محمد البطاوري الرباطي رحمه الله المتوفى عام (1354هـ)، الذي ألف في علوم مصطلح الحديث كتاب: "معراج الراقي لألفية العراقي"، وهو شرح مفيد لألفية العراقي رحمه الله.

ولأهمية هذا الموضوع خصصته بهذا المقال الذي سأتناول فيه:

أولا: ترجمة موجزة للعلامة البطاوري.

ثانيا: التعريف بمضامين الكتاب.

أولا: ترجمة موجزة للعلامة البطاوري:

هو العلامة الفقيه المحدث المكي بن محمد بن علي أبو حامد البطاوري شيخ الجماعة بالرباط، أصل أسرته من مدينة شرشال انتقل أسلافه منها إلى الرباط، ولد في شهر ربيع الأول عام (1274هـ)، وتربى في بيت البطاوريين ، وهو بيت مجد ووجاهة ونباهة [1].

نشأ في أسرة مشهورة بالعلم، قرأ القرآن على والده أبي عبد الله محمد بن علي البطاوري، وتلقى مبادئ الحساب وبعض علوم الآداب، وحفظ المتون على الشاعر محمد بن أحمد الرغاي الرباطي[2].

ثم سعى للأخذ عن شيوخ العلم بعد ذلك ومن بينهم: قاضي الرباط محمد بن إبراهيم الرباطي (1297هـ)، وعن عمه الشيخ التهامي بن علي البطاوري (1300ه)، وعن القاضي أحمد مُلين الرباطي (1301هـ)، وعن الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله لُبَريس الرباطي( 1307ه)، وعن الشيخ محمد بن أحمد دِينية الرباطي (1309هـ) ... وغيرهم[3] ـ

كما أخذ عنه ثلة من التلاميذ النجباء أشهرهم: محمد بوجندار الرباطي (1345هـ) [4]، ومحمد عبد السلام السايح (1367هـ) [5]، ومحمد المدني بن الحسني الرباطي (1378هـ) [6] .

ترك رحمه الله إرثا علميا زاخرا ومتنوعا في مختلف فروع الشريعة، وسأذكر هنا بعض مؤلفاته في الحديث؛ وهي: تقييد على الموطأ، وشرح نظم ابن فرح الإشبيلي في المصطلح، وطرر وهوامش على نسخة مختصر الإمام البخاري، وشرح المنظومة البيقونية في أقسام الحديث، ومعراج الراقي إلى ألفية العراقي ... الخ.

توفي رحمه الله تعالى عام (1354هـ) ببلدة الرباط. [7]

ثانيا: التعريف بمضامين الكتاب:

استهل العلامة البطاوري كتابه بالبسملة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والحمدلة، ثم ذكر ما هو بصدد العمل عليه وهو شرح معاني ألفية الحديث للعراقي، وذكر أن هذا الشرح أغلبه مما قيده عن شيخه أبي إسحاق إبراهيم بن محمد التادلي الرباطي (1311هـ) في مجالس دروسه الحديثية حول منظومة ألفية العراقي، فكان البطاوري يقتنص هذه الشوارذ منه فقال: "فكنت أقيد من تقريراته بهامش النظم ما يحل ألفاظه، وذلك بهامش الأصول المقروءة: الموطأ والشفا ، وصحيح الإمام البخاري، والشمائل، والهمزية، والبردة، فقصدت بعون من لا يخيب من قصده أن أجمع ذلك شرحا للنظم المذكور، وأضيف إليه ما اختصره مما تم به الفائدة وتشرح له الصدور"[8]

ثم شرع البطاوري بشرح النظم، يورده ، ثم يتبعه بشرح له؛ حيث شرع في بيان أقسام الحديث المعروفة، الصحيح ، والحسن، والضعيف، وشروط الصحة، وشروط الضعيف، وتحدث عن أصح الأسانيد، ثم ذكر أصح كتب الحديث وأول من صنف في الصحيح، واختلاف العلماء في الترجيح في تقديم البخاري أم مسلما، وأن الصحيحين لم يستوعبا الحديث الصحيح كاملا، وذكر عدد الأحاديث فيها بالمكرر ودونه، ثم ذكر بعض المصنفات التي جمعت الصحيح؛ كصحيح ابن حبان، وابن خزيمة، ومستدرك الحاكم، .. وغيرها، ثم ذكر المستخرجات وعرفها وأشار لفوائدها، ثم مراتب الصحيح، وحكم الصحيحين والتعليق، والتدليس، ثم نقل الحديث من الكتب المعتمدة، والحسن وأقسامه، وحجيته، ومظانه، وبين معنى تقسيم البغوي أحاديث المصابيح إلى حسان وصحاح، ثم ذكر أنه لا تلازم بين صحة الإسناد والمتن؛ لأنه قد يصح الإسناد دون المتن لعلة ما ، ثم تحدث عن الحديث الضعيف وحده، والمرفوع، والمسند، والمتصل، والموصول، والموقوف، والمقطوع، والمرسل، والمنقطع، والمعضل، والمعنعن، وتعارض الوصل والإرسال، والرفع والوقف، والتدليس، والشاذ، والمنكر، وتحدث عن الاعتبارات والمتابعات والشواهد وزيادة الثقات[9].

الخاتمة:

وفي ختام هذا المقال خلصت إلى:

-أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم كان محط أنظار العلماء قديما وحديثا ألفوا حوله مصنفات عدة.

-أن علماء الغرب الإسلامي أسهموا بدورهم في الاعتناء بعلم الحديث ومصطلحه.

-يعد العلامة البطاوري الرباطي من العلماء الذين اعتنوا بعلوم الحديث ومصطلحه من خلال مؤلفات عدة منها كتابه: معراج الراقي لألفية العراقي.

-حوى كتاب: معراج الراقي مضامين عدة، وقد ذكرتها في المقال.

والحمد لله رب العالمين.

*****************

هوامش المقال:

[1]  - انظر ترجمته ومصادرها في: إتحاف المطالع (2 /475)، وشيخ الجماعة العلامة محمد المكي البطاوري (ص: 10- 167)، من أعلام الفكر المعاصر (2/ 214)، سل النصال (ص: 80-81)، معلمة المغرب (4 /1261-1262)، ومعجم الشيوخ (ص: 181)، تعطير البساط (ص: 46-47)، التأليف ونهضته (1 /251).

[2]  - انظر: شيخ الجماعة محمد البطاوري (ص: 10) بتصرف.

[3]  - أنظر شيوخه في سل النصال (ص: 80).

[4]  - تعطير البساط (ص: 47).

[5]  - سل النصال (ص: 133).

[6]  - شيخ الجماعة محمد المكي البطاوري (ص: 24).

[7]  - سل النصال (ص: 80)

[8]  - معراج الراقي (ص: 102).

[9]  - معراج الراقي (ص: 101-275).

********************

لائحة المصادر والمراجع:

إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع. لعبد السلام ابن سودة ت: محمد حجي. دار الغرب الإسلامي. ط1 1417هـ- 1997مـ.

التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين لعبد الله الجراري. مكتبة المعارف. الرباط. ط1/ 1406هـ- 1985مـ.

تعطير البساط بذكر تراجم قضاة الرباط. لمحمد بوجندار. طبعة حجرية . (د.ت).

سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال لعبد السلام بن عبد القادر بن سودة . دار الغرب الإسلامي. ط1/ 1417هـ- 1997مـ.

شيخ الجماعة العلامة محمد المكي البطاوري الرباطي. لعبد الله الجراري. مطبعة النجاح الجديدة. الدار البيضاء ط1/ 1398هـ- 1978مـ.

معجم الشيوخ المسمى رياض الجنة. لعبد الحفيظ الفاسي. ت: عبد المجيد خيالي. دار الكتب العلمية ط1/ 1424هـ- 2002مـ.

معراج الراقي لألفية العراقي. لأبي حامد المكي بن محمد البطاوري. ت: د أحمد مصباح اسحيم الأوجلي دار أبي رقراق. ط1/ 2010مـ.

معلمة المغرب. الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر. مطابع سلا. 1410هـ- 1989مـ.

من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا. لعبد الجراري. مطبعة الأمنية. الرباط ط1/ 1391هـ- 1971مـ.

*راجعت المقال الباحثة: خديحة ابوري

Science

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق