مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةقراءة في كتاب

كتاب الأنوار الإلهية على متن المقدمة السنوسية

 

“شَرحُ العلاَّمة عبد الغني النابلسي المسمى الأنوار الإلهية على متن المقدمة السنوسية”، تحقيق سيف الإسلام سيبويه الإندونيسي؛ هو كتاب في أصله رسالة ماجستير تقدم بها المحقق لنيل شهادة التخصص من كلية أصول الدين بالقاهرة قسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر. وقد اختار مخطوطتها للتحقيق لما تحويه من علم غزير وتقرير لمذهب أهل السنة والجماعة في الإلهيات والنبوات[1].
ولما كانت المخطوطة هي شرح العلامة عبد الغني النابلسي على مقدمات السنوسي كان لا بد للمحقق أن يعرٍّف بهاتين الشخصيتين العلميتين قبل أن يقوم بتحقيقها، ومن ثم جاء الكتاب مشتملا على دراسة تاريخية عن الإمام السنوسي صاحب المتن أولا؛ مبينة الحالة السياسية والاجتماعية والعلمية لعصر الإمام السنوسي، ثم التعريف به أولا وبكتابه المقدمات ثانيا. 
فالإمام السنوسي هو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن عمر شعيب السنوسي، وبه اشتهر نسبة لقبيلة بالمغرب، والحسني، نسبة للحسن بن علي بن أبي طالب من جهة أم أبيه، وكان مولده بعد الثلاثين وثمانمائة بسنتين (832ﻫ). نشأ الإمام السنوسي خيِّرا مباركا فاضلا صالحا، تربَّى وأخذ العلم بداية عن أبيه أبي يعقوب يوسف، عالم تلمسان وصالحها وزاهدها وكبير علمائها، ثم بعده على خيرة علماء عصره؛ أخذ عنهم علم المعقول والمنقول وأدب الولاية، فانتفع بعلمهم وببركة دعائهم، وتصدَّر لمجالس العلم، وأدى ما تلقاه منها على أحسن وجه. وقد صنّف السنوسي في مختلف الفنون؛ في التصوف والحديث والطب وفي العقيدة وعلم الكلام، منها: “عقيدة أهل التوحيد والتسديد المخرجة من ظلمات الجهل وربقة التقليد، المرغمة أنف كل مبتدع عنيد”؛ وتسمى العقيدة الكبرى، المشهورة بكبرى السنوسي، وشرحها وسمّاها: “عمدة أهل التوفيق والتسديد في عقيدة أهل التوحيد”، و”أم البراهين” وهي العقيدة الصغرى؛ وهي المشهورة بالسنوسية الصغرى، و”المقدمات في التوحيد”؛ وهي مقدمات على العقيدة الصغرى، ثم شرحها، وهي ثمان مقدمات في أصولي الفقه والدين، وشرح كلمتي الشهادة، و”شرح أسماء الله الحسنى”؛ حيث يفسر الاسم، ثم يذكر حظّ العبد منه، إلى غيرها من المؤلفات الكثيرة. وتوفي السنوسي عام خمسة وتسعين وثمانمائة (895هـ)[2]. 
ثم دراسة أخرى عن شخصية العلاَّمة عبد الغني النابلسي صاحب الشرح؛ والذي عرّفه الزركلي في الأعلام بقوله : (عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي: شاعر، عالم بالدين والأدب، مكثر من التصنيف، متصوف. ولد ونشأ في دمشق. ورحل إلى بغداد، وعاد إلى. سورية، فتنقل في فلسطين ولبنان، وسافر إلى مصر والحجاز، واستقر في دمشق)[3] ، وعاش ما بين (1050– 1143هـ). له مصنفات كثيرة جدا، منها: “الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية” و”تعطير الأنام في تعبير المنام” و”ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأحاديث” فهرس لكتب الحديث الستة، و”حلة الذهب الإبريز في الرحلة إلى بعلبكّ وبقاع العزيز” و”الحقيقة والمجاز، في رحلة الشام ومصر والحجاز” و ” قلائد المرجان في عقائد أهل الإيمان”، و ” شرح أنوار التنزيل للبيضاوي” و “شرح المقدمة السنوسية” موضوع هذا المقال. ثم وضع المحقق بعد ذلك دراسة بين فيها الحالة السياسية والاجتماعية والعلمية لعصره، هذا بالإضافة إلى وضع دراسة علمية عن القضايا التي يتناولها الكتاب. 
كتاب الأنوار الإلهية:
أما الدراسة التي وضعها المحقق على شرح النابلسي على المقدمة السنوسية فقد ابتدأها بتحقيق نسبة الكتاب إلى صاحبه؛ حيث أثبتت بإجماع كل من أرخ له على أنه من تأليفه، ثم التعريف بموضوعه وأنه في علم التوحيد، شرح فيه مؤلفه “أم البراهين” للإمام السنوسي، وذكر أنه  قد ألَّفه إسعافا لرغبة بعض أصحابه في وضع شرح لطيف عليها.
منهج المؤلف:
أما عن منهج النابلسي في هذا الكتاب، فقد بين المحقق أنه اعتمد الخطوات التالية:
1- شرح النابلسي العقيدة السنوسية (أم البراهين) شرحا ممزوجا؛ حيث مزج فيه عبارته بعبارة المتن.
2- اهتم كثيرا بتوضيح عبارات المتن وشرح ألفاظها.
3- أبدى فيه آراءه الخاصة في كثير من المسائل.
4- اهتم بتقرير مذهب أهل السنة والجماعة والدفاع عنهم.
5- اهتم بمناقشة المذاهب في دعواها وإبطالها.
6- لم يهتم النابلسي بالنقول عن العلماء السابقين إلا في مواضع يسيرة.
7- تأثر النابلسي بمنهجه الصوفي في تناوله لبعض قضايا الكتاب.
نسخ المخطوط:
وقد اعتمد المحقق على ثلاث نسخ لهذا المخطوط هي: 
1- النسخة رقم 393 (علم كلام)- دار الكتب العلمية
2- النسخة رقم 1 (توحيد)- دار الكتب المصرية
3- النسخة رقم 3250 (توحيد) – مكتبة الأزهر الشريف
نماذج من القضايا التي تناولها الكتاب بالدراسة:
1- أول قضية من القضايا التي تناولها النابلسي في كتابه هذا هو الحكم العقلي وأقسامه:
وقد عرف النابلسي الحكم مطلقا بأنه: ( إثبات أمر أو نفيه). 
ثم عرف الواجب بأنه: (ما لا يتصور في العقل عدمه).
والمستحيل بأنه: (ما لا يتصور في العقل وجوده).
والجائز بأنه: (ما يصح في العقل وجوده وعدمه). متابعا في ذلك تعريف المصنف وشارحا في نفس الوقت لمفردات التعريف.
2- ما يجب على كل مكلف معرفته شرعا؛ ذكر النابلسي أنه يجب وجوبا شرعيا على كل مكلف أن يعرف ما يجب لله تعالى وما يستحيل وما يجوز، وأن يعرف ما يجب للرسل – عليهم السلام- وما يستحيل وما يجوز في حقهم. ثم ذكر أن المعرفة هنا تقتضي الجزم من غير شك ولا تردد جزما مستندا إلى الأدلة العقلية والبراهين القطعية.
3- صفات الله تعالى وأقسامها: ذكر المؤلف أن: (الصفات الكمالية الثابتة لله تعالى التي يجب اعتقادها تفصيلا بالدليل الذي دل عليها بخصوصها عشرون، وقد تفضل المولى سبحانه وتعالى بإسقاط التكليف بالباقي الذي لم ينصب لنا عليه دليلا رأفة منه ورحمة، لأن صفاته الكمالية لا نهاية لها. قال النابلسي: فمن بعض ما يجب وجوبا عقليا لمولانا عز وجل عشرون صفة، وهذا مقدار ما وصلت غليه عقول البشر من معرفة الله تعالى وقدرت على إقامة الدليل عليه، وإلا فلله تعالى صفات لا عدد لها، إذ كمالاته تعالى لا تتناهى.
وهذه الصفات العشرون هي: الوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس والوحدانية والقدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام وكونه قادرا ومريدا وعالما وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما تنقسم إلى أربعة أقسام: نفسية وسلبية ومعان ومعنوية.
وهذا التقسيم هو الذي جرى عليه السنوسي في هذا الكتاب، وبيانه: (أن الصفة إما أن يكون مدلولها نفيا لما لا يليق بالله فهي السلبية كالقدم وما ذكر معه،ة وإن كان مدلولها إثباتا فإما أن تكون موجودة أم لا، فإن كانت موجودة فهي الصفات المسماة بالمعاني كالقدرة والإرادة، وإن لم تكن موجودة فهي الصفة المسماة حالا: فإن لازمت صفة معنى سميت حالا معنوية كقادر أو مريد، وإن لم تلازم معنى قائما بالذات سميت حالا نفسية كالوجود).
4- ما يجب للرسل عليهم السلام من الصفات وما يستحيل وما يجوز: هذا هو النوع الثاني مما يجب على المكلف معرفته وهو ما يتعلق بالرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو ما يجب في حقهم وما يستحيل وما يجوز.
وقد ذكر النابلسي أن ما يجب للرسل عليهم السلام ثلاث صفات؛ وهي كلها داخلة في العصمة الواردة لهم عليه السلام التي يجب على الأمة اعتقادها في حقهم، وهي: 
1- الصدق في القول والفعل والاعتقاد
2- الأمانة؛ اي المحافظة على أوامر الله تعالى القطعية والظنية، ونواهيه القطعية والظنية ظاهرا وباطنا.
3- تبليغ ما أمروا بتبليغه للخلق.
ثم بين ما يستحيل على الرسل عليهم السلام من أضداد الصفات الواجبة لهم؛ من الكذب والخيانة والكتمان. وأوضح أن ما يجوز في حق الرسل عليهم السلام ما هو من الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية كالمرض ونحوه، مفصلا في ذلك بالقول: (أن جميع ما ورد عنهم عليهم الصلاة والسلام مما ظاهره النقص في حقهم عليهم السلام فهو كمال في مراتبهم وشرف في مقاماتهم عليهم السلام، ولكن خفي على أفهامنا إدراك حقيقة معناه، فتوهمناه نقصا وليس بنقص، وغنما النقص في استعداداتنا عن قبول معاني تلك الأسرار الإلهية الظاهرة في مظاهر المحن والابتلاء).
الهوامش: 
[1] طبعات الكتاب: 
طبع الكتاب بدار البصائر- القاهرة- الطبعة الأولى/2014
وطبع بدار الكتب العلمية-بيروت/لبنان- 2013 – ويليه : النفحة الزكية لنظم العقيدة السنوسية
[2] ترجمته في: نيل الابتهاج بتطريز الديباج، لأحمد بابا التنبكتي، ص: 563. وتعريف الخلف برجال السلف، لأبي القاسم محمد الحفناوي، ج:1 ص 176. و شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، لمحمد بن محمد مخلوف، ص 266. وثبت أبي جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي، ص: 436/446. ومعجم أعلام الجزائر لعادل نويهض، ص: 180/181. ومعجم المؤلفين، ج: 12 ص:132. والأعلام للزركلي، ج: 5 ص:301.
[3] مصادر ترجمته: ترجمته في سلك الدرر 3: 30، والجبرتي 1: 154، ومعجم سركيس: 1832، وبروكلمان، التكملة 2: 473، وتراجم أعيان دمشق لابن شاشو: 67، والزركلي 4: 158، وعدّ له بروكلمان 144 مؤلفاً.
إعداد الباحث: منتصر الخطيب

“شَرحُ العلاَّمة عبد الغني النابلسي المسمى الأنوار الإلهية على متن المقدمة السنوسية”، تحقيق سيف الإسلام سيبويه الإندونيسي؛ هو كتاب في أصله رسالة ماجستير تقدم بها المحقق لنيل شهادة التخصص من كلية أصول الدين بالقاهرة قسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر. وقد اختار مخطوطتها للتحقيق لما تحويه من علم غزير وتقرير لمذهب أهل السنة والجماعة في الإلهيات والنبوات[1].

ولما كانت المخطوطة هي شرح العلامة عبد الغني النابلسي على مقدمات السنوسي كان لا بد للمحقق أن يعرٍّف بهاتين الشخصيتين العلميتين قبل أن يقوم بتحقيقها، ومن ثم جاء الكتاب مشتملا على دراسة تاريخية عن الإمام السنوسي صاحب المتن أولا؛ مبينة الحالة السياسية والاجتماعية والعلمية لعصر الإمام السنوسي، ثم التعريف به أولا وبكتابه المقدمات ثانيا. 

فالإمام السنوسي هو أبو عبد الله محمد بن يوسف بن عمر شعيب السنوسي، وبه اشتهر نسبة لقبيلة بالمغرب، والحسني، نسبة للحسن بن علي بن أبي طالب من جهة أم أبيه، وكان مولده بعد الثلاثين وثمانمائة بسنتين (832ﻫ). نشأ الإمام السنوسي خيِّرا مباركا فاضلا صالحا، تربَّى وأخذ العلم بداية عن أبيه أبي يعقوب يوسف، عالم تلمسان وصالحها وزاهدها وكبير علمائها، ثم بعده على خيرة علماء عصره؛ أخذ عنهم علم المعقول والمنقول وأدب الولاية، فانتفع بعلمهم وببركة دعائهم، وتصدَّر لمجالس العلم، وأدى ما تلقاه منها على أحسن وجه. وقد صنّف السنوسي في مختلف الفنون؛ في التصوف والحديث والطب وفي العقيدة وعلم الكلام، منها: “عقيدة أهل التوحيد والتسديد المخرجة من ظلمات الجهل وربقة التقليد، المرغمة أنف كل مبتدع عنيد”؛ وتسمى العقيدة الكبرى، المشهورة بكبرى السنوسي، وشرحها وسمّاها: “عمدة أهل التوفيق والتسديد في عقيدة أهل التوحيد”، و”أم البراهين” وهي العقيدة الصغرى؛ وهي المشهورة بالسنوسية الصغرى، و”المقدمات في التوحيد”؛ وهي مقدمات على العقيدة الصغرى، ثم شرحها، وهي ثمان مقدمات في أصولي الفقه والدين، وشرح كلمتي الشهادة، و”شرح أسماء الله الحسنى”؛ حيث يفسر الاسم، ثم يذكر حظّ العبد منه، إلى غيرها من المؤلفات الكثيرة. وتوفي السنوسي عام خمسة وتسعين وثمانمائة (895هـ)[2]. 

ثم دراسة أخرى عن شخصية العلاَّمة عبد الغني النابلسي صاحب الشرح؛ والذي عرّفه الزركلي في الأعلام بقوله : (عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني النابلسي: شاعر، عالم بالدين والأدب، مكثر من التصنيف، متصوف. ولد ونشأ في دمشق. ورحل إلى بغداد، وعاد إلى. سورية، فتنقل في فلسطين ولبنان، وسافر إلى مصر والحجاز، واستقر في دمشق)[3] ، وعاش ما بين (1050– 1143هـ). له مصنفات كثيرة جدا، منها: “الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية” و”تعطير الأنام في تعبير المنام” و”ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الأحاديث” فهرس لكتب الحديث الستة، و”حلة الذهب الإبريز في الرحلة إلى بعلبكّ وبقاع العزيز” و”الحقيقة والمجاز، في رحلة الشام ومصر والحجاز” و ” قلائد المرجان في عقائد أهل الإيمان”، و ” شرح أنوار التنزيل للبيضاوي” و “شرح المقدمة السنوسية” موضوع هذا المقال. ثم وضع المحقق بعد ذلك دراسة بين فيها الحالة السياسية والاجتماعية والعلمية لعصره، هذا بالإضافة إلى وضع دراسة علمية عن القضايا التي يتناولها الكتاب. 

كتاب الأنوار الإلهية:

أما الدراسة التي وضعها المحقق على شرح النابلسي على المقدمة السنوسية فقد ابتدأها بتحقيق نسبة الكتاب إلى صاحبه؛ حيث أثبتت بإجماع كل من أرخ له على أنه من تأليفه، ثم التعريف بموضوعه وأنه في علم التوحيد، شرح فيه مؤلفه “أم البراهين” للإمام السنوسي، وذكر أنه  قد ألَّفه إسعافا لرغبة بعض أصحابه في وضع شرح لطيف عليها.

منهج المؤلف:

أما عن منهج النابلسي في هذا الكتاب، فقد بين المحقق أنه اعتمد الخطوات التالية:

1- شرح النابلسي العقيدة السنوسية (أم البراهين) شرحا ممزوجا؛ حيث مزج فيه عبارته بعبارة المتن.

2- اهتم كثيرا بتوضيح عبارات المتن وشرح ألفاظها.

3- أبدى فيه آراءه الخاصة في كثير من المسائل.

4- اهتم بتقرير مذهب أهل السنة والجماعة والدفاع عنهم.

5- اهتم بمناقشة المذاهب في دعواها وإبطالها.

6- لم يهتم النابلسي بالنقول عن العلماء السابقين إلا في مواضع يسيرة.

7- تأثر النابلسي بمنهجه الصوفي في تناوله لبعض قضايا الكتاب.

نسخ المخطوط:

وقد اعتمد المحقق على ثلاث نسخ لهذا المخطوط هي: 

1- النسخة رقم 393 (علم كلام)- دار الكتب العلمية

2- النسخة رقم 1 (توحيد)- دار الكتب المصرية

3- النسخة رقم 3250 (توحيد) – مكتبة الأزهر الشريف

نماذج من القضايا التي تناولها الكتاب بالدراسة:

1- أول قضية من القضايا التي تناولها النابلسي في كتابه هذا هو الحكم العقلي وأقسامه:

وقد عرف النابلسي الحكم مطلقا بأنه: ( إثبات أمر أو نفيه). 

ثم عرف الواجب بأنه: (ما لا يتصور في العقل عدمه).

والمستحيل بأنه: (ما لا يتصور في العقل وجوده).

والجائز بأنه: (ما يصح في العقل وجوده وعدمه). متابعا في ذلك تعريف المصنف وشارحا في نفس الوقت لمفردات التعريف.

2- ما يجب على كل مكلف معرفته شرعا؛ ذكر النابلسي أنه يجب وجوبا شرعيا على كل مكلف أن يعرف ما يجب لله تعالى وما يستحيل وما يجوز، وأن يعرف ما يجب للرسل – عليهم السلام- وما يستحيل وما يجوز في حقهم. ثم ذكر أن المعرفة هنا تقتضي الجزم من غير شك ولا تردد جزما مستندا إلى الأدلة العقلية والبراهين القطعية.

3- صفات الله تعالى وأقسامها: ذكر المؤلف أن: (الصفات الكمالية الثابتة لله تعالى التي يجب اعتقادها تفصيلا بالدليل الذي دل عليها بخصوصها عشرون، وقد تفضل المولى سبحانه وتعالى بإسقاط التكليف بالباقي الذي لم ينصب لنا عليه دليلا رأفة منه ورحمة، لأن صفاته الكمالية لا نهاية لها. قال النابلسي: فمن بعض ما يجب وجوبا عقليا لمولانا عز وجل عشرون صفة، وهذا مقدار ما وصلت إليه عقول البشر من معرفة الله تعالى وقدرت على إقامة الدليل عليه، وإلا فلله تعالى صفات لا عدد لها، إذ كمالاته تعالى لا تتناهى.

وهذه الصفات العشرون هي: الوجود والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس والوحدانية والقدرة والإرادة والعلم والحياة والسمع والبصر والكلام وكونه قادرا ومريدا وعالما وحيا وسميعا وبصيرا ومتكلما تنقسم إلى أربعة أقسام: نفسية وسلبية ومعان ومعنوية.

وهذا التقسيم هو الذي جرى عليه السنوسي في هذا الكتاب، وبيانه: (أن الصفة إما أن يكون مدلولها نفيا لما لا يليق بالله فهي السلبية كالقدم وما ذكر معه،ة وإن كان مدلولها إثباتا فإما أن تكون موجودة أم لا، فإن كانت موجودة فهي الصفات المسماة بالمعاني كالقدرة والإرادة، وإن لم تكن موجودة فهي الصفة المسماة حالا: فإن لازمت صفة معنى سميت حالا معنوية كقادر أو مريد، وإن لم تلازم معنى قائما بالذات سميت حالا نفسية كالوجود).

4- ما يجب للرسل عليهم السلام من الصفات وما يستحيل وما يجوز: هذا هو النوع الثاني مما يجب على المكلف معرفته وهو ما يتعلق بالرسل عليهم الصلاة والسلام، وهو ما يجب في حقهم وما يستحيل وما يجوز.

وقد ذكر النابلسي أن ما يجب للرسل عليهم السلام ثلاث صفات؛ وهي كلها داخلة في العصمة الواردة لهم عليهم السلام التي يجب على الأمة اعتقادها في حقهم، وهي: 

1- الصدق في القول والفعل والاعتقاد

2- الأمانة؛ اي المحافظة على أوامر الله تعالى القطعية والظنية، ونواهيه القطعية والظنية ظاهرا وباطنا.

3- تبليغ ما أمروا بتبليغه للخلق.

ثم بين ما يستحيل على الرسل عليهم السلام من أضداد الصفات الواجبة لهم؛ من الكذب والخيانة والكتمان. وأوضح أن ما يجوز في حق الرسل عليهم السلام ما هو من الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية كالمرض ونحوه، مفصلا في ذلك بالقول: (أن جميع ما ورد عنهم عليهم الصلاة والسلام مما ظاهره النقص في حقهم عليهم السلام فهو كمال في مراتبهم وشرف في مقاماتهم عليهم السلام، ولكن خفي على أفهامنا إدراك حقيقة معناه، فتوهمناه نقصا وليس بنقص، وإنما النقص في استعداداتنا عن قبول معاني تلك الأسرار الإلهية الظاهرة في مظاهر المحن والابتلاء).

الهوامش: 

[1] طبعات الكتاب: 

طبع الكتاب بدار البصائر- القاهرة- الطبعة الأولى/2014

وطبع بدار الكتب العلمية-بيروت/لبنان- 2013 – ويليه : النفحة الزكية لنظم العقيدة السنوسية

[2] ترجمته في: نيل الابتهاج بتطريز الديباج، لأحمد بابا التنبكتي، ص: 563. وتعريف الخلف برجال السلف، لأبي القاسم محمد الحفناوي، ج:1 ص 176. و شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، لمحمد بن محمد مخلوف، ص 266. وثبت أبي جعفر أحمد بن علي البلوي الوادي آشي، ص: 436/446. ومعجم أعلام الجزائر لعادل نويهض، ص: 180/181. ومعجم المؤلفين، ج: 12 ص:132. والأعلام للزركلي، ج: 5 ص:301.

[3] مصادر ترجمته: ترجمته في سلك الدرر 3: 30، والجبرتي 1: 154، ومعجم سركيس: 1832، وبروكلمان، التكملة 2: 473، وتراجم أعيان دمشق لابن شاشو: 67، والزركلي 4: 158، وعدّ له بروكلمان 144 مؤلفاً.

 

                                               إعداد الباحث: منتصر الخطيب 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق