مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةمفاهيم

قواعدُ في صناعة الشعر– القاعدة الثالثة: مطالعة كتب النقد (الحلقة الرابعة)

من قواعد صناعة الشعر وآداب الشاعر التي يتأكد معرفته ويتحتم على الشادي الأخذ بها مطالعةُ كتب نقد الشعر، والنظرُ في مَآخذ النّقاد على الشعراء، وفائدة ذلك أن يقف على ما هجُن وعِيبَ كالألفاظ السخيفة والمعاني النازلةِ فيتجنّبه ويحذر من الوقوع فيه، ويعرف ما حسُن وظرُف كمحاسن التشبيهات وبدائع الاستعارات فيأخذ بِه ويعمل على شاكلته، وكذلك فإنَّ العلماء لم يتصدّوا لذلك تطاولا على الشعراء الأعلام، ولا تعاليًا على أمراء الكلام، ولا غضًّا من نُبْلِهم، أو نيلًا من فضلِهمْ، وإنما نبهوا على هفواتهم النادرة وسقطاتهم الباردة، لأغراض شريفة ومقاصد مقبولة.

يقول المظفّر العلويّ (ت:656هـ) في فصل أسماهُ بـ«في ما يجب أن يتوخّاه الشاعرُ ويتجنبه ويطَّرحه ويتطلبه» ما نصّه: «وإنّما ينَبَّهُ على مساوئِ الشاعرِ المتقدّمِ ليتجنّبَ المتأخِّر ما أُخِذَ عليه وأخطأ فيه، وليسَ الغرضُ بذلك الغَضَّ من نُبلِه، ولا الاستنقاصَ بفضلِهِ»(1)، ويقول أيضا: « ولا ينبغي الاقتداءُ بمن أساءَ من الشُعراءِ القدماءِ، بل بمن أحسنَ منهم وأجاد. ولا يحذو إلا حذْوَ الشِّعر الجيّد، والنظم المختار، والطريقة الحسنة، والسُنّة الهادية…»(2).

ويقول المرزباني (ت:384هـ) في مقدمة موشّحه: «سَألتَ – حرس الله النعمة عليك، وأسبغ الموهبة لديك – أن أذكر لك طرفا مما أنكر على الشعراء فى أشعارهم من العيوب التي سبيل أهل عصرنا هذا ومن بعدهم أن يجتنبوها ويعدلوا عنها»(3).

ويقول ابن جني (ت:392هـ): «لَا يَضعْ في نفسه أنّ الشعر موضع اضطرار، وأنّه يسلك سبيل من كان قبله، ويحتج بالأبيات التي قد عيبت على قائليها، فليس يُقتدَى بالمُسيءِ، وإنما الاقتداء بالمحسن»(4).

وتختلف هذه الأخطاء والأغلاط؛ فمنها ما يرجع إلى الإعراب، أو إلى العروض والقافية، ومنها ما يتعلق بالألفاظ أو المعاني والتشبيهات والاستعارات وهلمّ جرا، والكيّس الحاذق من تفطّن لها وتحاماهَا وانزوى عنها.

ومن الكتب المفيدة في ذلك ما يلي:

– عيار الشعر، لأبي الحسن ابن طباطبا العلوي (ت:322هـ)،

– ونقد الشعر، لأبي الفرج قدامة بن جعفر (ت:337هـ)،

– الموازنة بين شعر أبي تمّام والبحتري، لأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي (ت: 370هـ)

– والموشح في مآخذ العلماء على الشعراء، لأبي عبد الله محمد بن عمران المرزباني (ت:384هـ)،

– حلية المحاضرة في صناعة الشعر، لأبي عليٍّ محمد بن الحسن الحاتميّ (ت:388هـ)

– والعمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، لأبي علي الحسن بن رشيق القيروانيّ (ت:463هـ)

– نضرة الإغريض في نصرة القريض، للمظفّر العلوي (ت:656هـ)

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وسلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

(1) نضرة الإغريض (ص:411)

(2) نضرة الإغريض (ص:390)

(3) الموشّح (ص:1)

(4) الخصائص (3/188)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق