مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

قطر المحبرة في ترجمة أبي العلاء إدريس المنجرة 1137ه‍

أبو العلاء، إدريس بن مـحمد بن أحمد الـحسني الإدريسـي الـمعروف بـ«الـمنجرة الكبير»([1]) (ت1137ﻫ)*.

ولد بفاس في أواسط ذي القعدة عام ست وسبعين وألف، وبها نشأ ودرس، وتلقى عن جلة شيوخ زمانه، ثم رحل إلى الـمشرق وحج واعتمر وأخذ عن شيوخ الـمشرق أيضاً، قال عنه صاحب السلوة: «الفقيه العلامة، الأستاذ الـمحقق الفهامة، الشيخ الحجة البركة الرحال، الـمرجوع إليه في علـم القراءة وأحكامها بلا مـجال، شيخ الجماعة بالـمغرب، أبو العلاء إدريس بن مـحمد بن أحمد الـحسني الإدريسـي الـمعروف بالـمنجرة.

كان رحمه الله عالـما ماهرا في علوم القراءات، وشيخ الـمقرئين بفاس وبالـمغرب كله، إليه الـمرجع في ذلك، وتخرج على يده فيه كثير من القراء، بل لا ترى من سوس الأقصى إلى طرابلس ونواحيها إلا من قرأ عليه أو على أحد من تلامذته، حتى إن من لـم يقرأ عليه وبطريقته لا يعد قارئا، وكان يجلس للقراءة عليه بعنزة القرويين من طلوع الشمس إلى ضحوة النهار كما كان يفعل ولده بعده… وكان كثير الزيارة لصلحاء الـمغرب، كأبي يعزى وغيره، كثير التهجد بالليل حضرا وسفرا، كثير الذكر، لا يفتر لسانه عن قراءة القرآن، والذكر والتدريس والتعليم، وكان فصيحا كثير الفصاحة، جيد التلاوة، محبا للـمساكين وأهل الخير والعلـماء، معظما لجانب الرب وجانب الرسول ﷺ، قويا في ذات الله معظما لكتابه وشريعته وسنة نبيه، لا تأخذه في الله لومة لائم، قويا على الظلـمة والـمبتدعة.. أخذ العهد والورد عن الشيخ سيدي أحمد ابن ناصر الدرعي، وناوله السبحة، وصافحه وشابكه ولقنه.

ولقي أيضا أشياخا جلة في القطر الـمغربي والـمشرقي وانتفع بهم، وهم مسطّرون في فهرسته التي سماها بـ«عذب الـمواريد في رفع الأسانيد»([2]).

وحج واعتمر وزار الروضة الشريفة سنة 1106ﻫ، قال في «فهرسته»: «عذبِ المواريد» :«مَنَّ الله سبحانه علينا بالرحلة للحرمين الشريفين لأداء فرض الحج وزيارة قبر الـمصطفى سيدنا ومولانا محمد ﷺ، وذلك يوم الأربعاء تاسع رجب سنة ست ومائة وألف»([3]).

غان عن البيان أن أبا العلاء إدريس الـمنجرة الكبير، هو أول من عمّر الديار الـمغربية بالقراءات الثلاث من طريق الدرة والتحبير؛ إذ لـم يكن لأهل الـمغرب بذلك أخذ ولا قراءة على الـمشهور، إلا بعد رحلة الـمنجرة الـمباركة، رحمة الله عليه تترا، والـمتأمل لـما توفر لدينا من مكتبته القرائية، يلفي له إسهامات في الثلاث توزعت بين الرسم والتصدير وشرح الخلف وما إليه؛ فإن له «فتح الـمجيد» يقفو «درة» ابن الجزري كالشـرح لها، وله «التكميل» قصيدة لامية في الوقف للثلاثة، وله مثلها في رسمها، وله التدريس والرواية، وكفى بهما آلة وغاية.

قال عنه تلـميذه عبد السلام بن محمد الـمدغري في أول كتابه «نزهة الأنظار»: «إن الـمغرب كان من العشـر الكبير خاليا حتى جاء به الأستاذ أبو الـمعالي الشـريف إدريس بن محمد بن أحمد الـمنجرة حيث حصله على بعض الـمشايخ بالـمشـرق عام حجته سنة 1108 فأذاعه بفاس، لأنه كان نزيلها يعني البالية، فاشتغل بتدريسه وإقرائه له بها، وقد رواه عنه أناس كثيرون فظهر وانتشر»([4]).

قلتُ: كذا الاعتقادُ عندي بناءً على نتائج بـحثي أن المنجرة الكبير هو أول من أذاع القراءات الثلاث بالمغرب، ولكني لا أكتم ما  بلغني بحثي:

إذ وقفتُ على قطعة مـخطوطة ليس عليها ما يقوّيها،  أنقل نصَّ كلامها هنا، فتحا لبعضِ أبواب البحث التي يشير إليها هذا العمل([5])، والنصُّ بـحرفه هو : «قال الإمام أبو زيد سيدي عبد الرحمن بن سيدي عبد القادر الفاسي([6]) [1096ه‍] في بعض تآليفه ما نصه: «لازمتُ شيخنا الأستاذَ الحافظ أبا عبد الله محمدَ بنَ محمد بنِ سليمان بن منصور بن علي البوعناني [1063ه‍] في القراءات، ثم لازمتُ شيخَنا ومـجيزنا الأستاذَ الحافظ الراويةَ أبا زيد عبدَ الرحمن بنَ أبي القاسم بن القاضي [1082ه‍]، فتلوتُ عليه القرآن كله بالروايات السبع في ختمة، ثم بالروايات العشـر لنافع، وسمعتُ عليه الشاطبية بلفظي، وكذلك الدرر([7])، والتفصيل لابن غازي بلفظي، وأجازني في جميع ذلك.

ثم لازمتُ شيخَنا ومولانا أبا عبد الله مـحمدَ بنَ عبد الله بنِ علي بن طاهر الحسني السجلـماسي([8]) [1089ه‍] في القراءات الثلاث: رواية أبي جعفر الـمدني الأول، ويعقوب الحضرمي، وخلف بن هشام البزار، من طريق الدرة والتحبير لابن الجزري، وسمعتُ عليه الدرة من أولها إلى آخرها بلفظي، وأجازني في ذلك كله، وذلك في رجب سنة سبعين وألف[1017ه‍]»([9]). انتهى بحرفه.

مشيخته:

أثبت ـ رحمه الله ـ شيوخه وما قرأ به عليهم وما تلقى عنهم من علوم، فقال في فهرسة مشيخته الموسومة بـ: «عذب المواريد في رفع الأسانيد»:

«فإني أريد بعون الله وتوفيقه أن أسطر في هذه الفهرسة ذكر بعض أشياخي في التعليم والتربية، وبعض من اجتمعت به من السادات الهداة القادات، بالمغرب حضورا وغيبة، وفي المشرق في رحلتي إلى مكة وطيبة، تبركا بأهل هذا الطريق، ومحبة فيمن انخرط في سلك هذا الرفيق»، ثم ذكر منهم في فهرسته:

ـ أبو عبد الله سيدي محمد، ابن رحمون، الشـريف الحسني العلمي، قال : «قرأت عليه القرآن العزيز بثلاث ختمات برواية ورش، وقرأت عليه مورد الظمآن، وذيله، والدرر اللوامع، والجرومية، وألفية ابن مالك، ومقدمة الشيخ السنوسي في العقائد، ورسالة ابن أبي زيد القيرواني في المكتب.. توفي رحمه الله في حدود العشـرة الثانية أو الثالثة أولها ومائة وألف»([10]).

ـ أبو محمد سيدي عبد العزيز بن سليم السوسي الأصل، الفاسي الدار، قال: «الفقيه الصالح الصائم القائم المكاشف، المتبرك به» «على يده دخلت المكتب، كان رحمه الله من التالين لكتاب الله القائمين به، المتهجدين بالأسحار، المتلذذين بالأذكار.. توفي رحمه الله في حدود العشرة التاسعة وألف»([11]).

ـ أبو عبد الله، سيدي محمد بن محمد السلوي الأندلسي، قال: «قرأت عليه القرآن العزيز بمقرإ نافع وعبد الله بن كثير المكي الدار، وعرضت عليه مورد الظمآن، وذيله الملحق به، والدرر اللوامع، والجرومية وألفية ابن مالك، وصدرا من مختصر الشيخ خليل، وصغرى الإمام السنوسي عرضا جيدا من صدري غير ما مرة، وكان شديد الحرص على التعليم، قليل المزاح، ما أذكر أني رأيته يضحك أبدا.. توفي رحمه الله فاتح القعدة عام عشرين ومائة وألف»([12]).

ـ أبو زيد، سيدي عبد الرحمن بن محمد بن عمران السلاسي([13]) المحتد، الفاسي الدار والمولد، قال: «قرأت عليه الجرومية، وألفية ابن مالك مرارا، قراءة تحقيق، وباحثته في علم العروض واللغة، وكان له تحصيل في مهمات العربية والتصريف.. توفي .. سنة ثمانية عشر ومائة وألف»([14]).

ـ أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن المسناوي الدلائي، قال: «الشيخ الإمام العلامة الدراكة النحوي اللغوي الأصولي المحدث الحافظ اللافظ المتقن المفتي الخطيب البليغ المتفنن، إمام الخمس بمسجد الشرفاء من فاس، أبو عبد الله سيدي محمد بن الفقيه الأستاذ سيدي أحمد بن المسناوي.. قرأت عليه الجرومية وألفية ابن مالك مرتين، قراءة تحقيق وتدقيق، وتلخيص المفتاح، وكثيرا من رسالة ابن أبي زيد، وصدرا من الشفا، ودالية أبي علي اليوسي عديمة النظير.. توفي رحمه الله بعد الزوال يوم السبت سادس عشر شوال سنة ست وثلاثين ومائة وألف»([15]).

ـ سيدي الشادلي بن سيدي محمد بن أبي بكر الدلائي، قال: «الفقيه الإمام العالم العلامة  المفتي الخطيب البليغ المشارك الأديب البارع، المنفرد في عصـره بعلم اللغة وأيام العرب وأقوالها، والسير والأمثال وأصلها، الحافظ لدواوين المتقدمين والمتأخرين سيدي الشاذلي.. قرأت عليه رحمه الله شمائل المصطفى للحافظ أبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي بالمدرسة المتوكلية قراءة تحقيق، وكثيرا من مقطعات الأدب، تصحيحا للمتن، وتفقها في ما لابد منه.. توفي شيخنا الشاذلي المذكور صبيحة يوم الأحد من جمادى الأول سنة ثلاث ومائة وألف»([16]).

ـ أبو عبد الله، سيدي محمد بن أحمد القسنطيني الحسني، قال: «الشيخ الإمام القدوة العلامة الدراكة الحافظ المتقن الضابط المدرس البركة، ملحق الأواخر بالأوائل، وعلم السراة القادة الأفاضل، أبو عبد الله.. قرأت عليه ـ رحمه الله ـ صحيح البخاري عدا الربع الأخير، اخترمته المنية في أثنائه، وصغرى الإمام السنوسي، وكتاب الشفا مرتين: الأولى بقراءة غيري، والثانية بقراءتي إلى آخره، قراءة تحقيق وتدقيق، وكذلك صدرا من مختصر الشيخ خليل بن إسحاق المالكي، كان رحمه الله آية من آيات الله في الحفظ والتدريس والإتقان.. وتوفي شيخنا القسنطيني الحسني المذكور رحمه الله عند غروب شمس يوم الجمعة سنة ستة عشـر ومائة وألف»([17]).

ـ أبو العباس، سيدي أحمد بن العرب، ابن الحاج به عرف، قال: «الشيخ الإمام البركة الصوام القوام المدرس النفاع المشارك الحاج الأبر.. من أولاد السبكي حسبما حدثناه بعض الأندلسيين.. قرأت عليه رحمه الله قراءة تحقيق مختصـر خليل بن إسحاق إلى باب الزكاة، وكتاب كنز المعاني شارح حرز الأماني تصنيف الإمام برهان الدين إبراهيم الجعبري إلى أثناء ياءات الإضافة.. ولازمت مجلسه في التفسير ورسالة ابن أبي زيد والعهود وطبقات الشعراء، وقرأت عليه بعض القرآن العزيز للأئمة السبعة.. توفي ـ رحمه الله ـ ضحوة الأربعاء فاتح ربيع الأول النبوي سنة عشـر ومائة وألف»([18]).

ـ أبو محمد، عبد الواحد بن محمد بن محمد الشريف البوعناني، قال : «الخطيب البليغ القاضي أبو محمد.. قرأت عليه الألفية، والخزرجية، ومقامات الحريري، وقلائد العقيان، والحديث، والتفسير، وباحثته في غير ذلك وعاشرته.. توفي رحمه الله يوم الاثنين عاشر صفر سنة ستة عشر ومائة وألف»([19]).

ـ والده، سيدي محمد بن محمد الشريف البوعناني، قال: «كان رحمه الله حسن الخلق ينزل الناس منازلهم، وله مشاركة، خطيبا قاضيا.. وقد قرأت على سيدي محمد القاضي البوعناني.. نحو اثني عشر جزءاً من القرآن العزيز، وتوفي رحمه الله يوم الجمعة تاسع جمادى الثانية سنة ثمان وتسعين وألف»([20]).

ـ أبو سعيد، عثمان السوداني، قال: «الفقيه النحوي اللغوي المدرس أبو سعيد عثمان السوداني، قرأت عليه بعض ألفية ابن مالك، وباحثته في غيرها من العلوم.. توفي رحمه الله في حدود العشرة الأولى ومائة وألف»([21]).

ـ أبو الحسن علي بن أبي القاسم جميل، قال : «الفقيه الأستاذ المحقق الصوفي أبو الحسن.. قرأت عليه القرآن العزيز أربع ختمات: الأولى برواية ورش من طريق أبي يعقوب الأزرق، والثانية للإمام نافع بن عبد الرحمن المدني من رواية ورش والطريق المذكورة، ورواية قالون من طريق أبي نشيط محمد بن هارون المروزي، والإمام عبدالله بن كثير المكي، وأبي عمرو ابن العلاء البصري، واثنين للأئمة السبعة برواياتهم المشهورة عنهم بمضمن الحرز وأصله، والخامسة إلى قوله تعالى ﴿وعندهم قاصرات الطرف أتراب﴾ من «ص» رأس التسع والأربعين على عدد المدني الأخير.

وسمعت عليه المورد، وذيله، والدرر، والحرز بقراءتي، غير ما مرة، قراءة تحقيق، وكذلك بعض شراح الحرز، وبعض تآليف الحافظ الداني والشيخ ميمون وأبي زيد ابن القاضي وغيرهم.

وأجازني رحمه الله جميع ذلك، وكل ما يصح إسناده عنه.. توفي رحمه الله يوم السبت رابع عشر رمضان سنة اثنين ومائة وألف»([22]).

ـ أبو عبد الله، سيدي محمد بن عباد المسراتي، قال: «الفقيه الأستاذ العدل الأرضى أبو عبد الله.. قرأت عليه القرآن العزيز لنافع من رواياته العشـرة، وأجاز لي ذلك وكل ما يصح إسناده عنه، توفي رحمه الله في حدود العشرة الأولى من القرن الثاني عشر»([23]).

ـ أبو عبد الله، سيدي محمد بن عبد الله السرغيني الهواري، قال: «الشيخ الفقيه الأستاذ المحقق المعمر أبو عبد الله.. شيخ الإقراء بفاس القرويين، قرأت عليه نحو ثمان عشـر ختمة، منها: ثمانية لورش، واثنان لقالون: إحداهما جمعا بينه وبين ورش، والثانية فردا له، والحادية عشر جمعا بين مقرإ نافع وعبد الله بن كثير وأبي عمرو ابن العلاء البصـري، وسبعة للسبعة حسبما في التيسير والشاطبية، وعرضت عليه المورد وذيله، والدرر، والجرومية، والحرز، وصدراً من رسالة ابن أبي زيد، وصدراً من ألفية ابن مالك، وصدراً من مختصر خليل، وصدراً من التيسير، وأجاز لي رحمه الله جميع ذلك، وكل ما يصح إسناده عنه.. توفي رحمه الله يوم الأربعاء عشرين رمضان المعظم سنة أربع ومائة وألف»([24]).

ـ أبو السعادات، سيدي محمد بن عبد القادر بن علي الفاسي، قال: «الشيخ الإمام العلامة الهمام القدوة البركة الحجة الصوفي شيخ الإسلام أبو السعادات.. لازمته واستفدت منه وانتفعت به، ما رأت عيناي مثله فيمن لقيت من العلماء شرقاً وغرباً.. وقد توفي شيخنا أبو عبد الله الفاسي ـ رحمه الله ـ يوم الخميس قرب الزوال ثامن عشرين رجب سنة ستة عشر ومائة وألف»([25]).

ثم ختم مشيخته المغربية قائلا: «فهؤلاء من الأئمة المغاربة الذين أخذت عنهم بعض فنون العلم، قراءة وإجازة خاصة وعامة، وقد أدركت الإمام الرباني الصوفي سيدي عبد القادر بن علي الفاسي، وتبركت منه ودعا لي، وكتب لي بخطه في لوحي آيات من القرآن العزيز عندما ختمته على العادة المعروفة، وسمعت منه، والحمد لله، ما نجده مدخرا في يوم المغفرة، وكذلك أدركت الشيخ الإمام سيدي الحسن اليوسي، وتبركت به، وأجازني بخطه في ذي الحجة سنة تسع وتسعين بتقديم المثناة وألف([26]).

وأما المشارقة، فلما مَنَّ الله سبحانه علينا بالرحلة للحرمين الشريفين لأداء فرض الحج وزيارة قبر المصطفى سيدنا ومولانا محمد ﷺ، وذلك يوم الأربعاء تاسع رجب سنة ست ومائة وألف، التقيت بمكة شرفها الله وزادها عزا وشرفا:

ـ بالفقيه الإمام العلامة الأستاذ المحقق أبي محمد سيدي عبد الجواد المنوفي الضـرير الشافعي: قرأت عليه بالحرم المكي بعض القرآن العزيز للأئمة السبعة بمضمن التيسير والشاطبية، وتذاكرت معه في بعض العلوم، واستفدت منه، وأجازني، أبقى الله بركته([27]).

ـ ومنهم الفقيه الإمام العلامة الأستاذ المشارك، أبو التأييد، تقي الدين، سيدي منصور المنوفي الضرير الشافعي، حافظ عصره بمصره: سمعت عليه بعض تلخيص المفتاح، كان يستحضر المطول بلفظه، ويمليه حرفا حرفا، بجامع الأزهر من مصـر القاهرة، وقرأت عليه الدرة في القراءات الثلاث الزائدة على السبعة، نظمها الحافظ شمس الدين ابن الجزري، وبعض شرحها للإمام النويري صاحب التكملة، وأجازني، واستفدت منه، أبقاه الله([28]).

ـ ومنهم الفقيه الإمام النحوي اللغوي المحدث الحافظ الضابط المتفنن البدر، سيدي أبو العباس بن أبي عبد الله محمد الفقيه المصري الشافعي: قرأت عليه بجامع الأزهر بعض القرآن العزيز، وسمعت عليه كثيرا من الجامع الصغير بقراءة غيري، قراءة تحقيق وتدقيق.. وتذاكرت معه وباحثته  ـ أسماه الله ـ في النحو واللغة والعروض، واستفدت منه، وأجازني بخطه ولفظه إجازة عامة([29]).

ـ ومنهم الفقيه الإمام المدرس البركة الصوفي سيدي أحمد النفراوي…سمعت عليه بعض مختصر الشيخ خليل المالكي([30]).

ـ ومنهم الفقيه الإمام المسن البركة سيدي عبد الحق بن عبد الحق الشـرنبابلي.. الحنفي المصري، وأجازني بخطه ولفظه([31]).

ـ ومنهم الفقيه المشارك المدرس المعمر الفرضي، سيدي صالح بن حسن المصري الحنبلي: حضرت مجلسه في تلخيص المفتاح والفرائض، وأجازني كتبا ولفظا([32]).

ـ ومنهم الفقيه الإمام العلامة المعمر البركة الصوفي الناظم الناثر المشارك الأستاذ المحقق أبو عبد الله سيدي محمد بن قاسم بن إسماعيل البقري.. المصري الشافعي الضرير، شيخ الجماعة بالديار المصرية: قرأت عليه القرآن العزيز للأئمة العشرة بمضمن التيسير والشاطبية والتحبير والدرة، وحضـرت مجلسه في النحو والحديث والتصـريف، وأجازني، وله ـ رحمه الله ـ تخميس على أواخر فاتحة الحرز في آداب ووصايا.. وتوفي شيخنا سيدي محمد البقري المذكور سنة إحدى عشـر ومائة وألف نيف على مائة سنة متعه الله في رضاه، آمين([33]).

ـ ومنهم المسن الدراك الحيسوبي، سيدي محمد بن موسى الشريف التستوتي، قرأت عليه الحساب والأوفاق.. توفي رحمه الله في حدود آخر العشـرة الأولى ومائة وألف.. ([34])

ـ ومنهم الفقيه الإمام الأستاذ المحقق المشارك الصوفي، أبو السماح سيدي أحمد ضرغام البقري بلداً، الشافعي مذهباً، الأشعري اعتقاداً، الصوفي صحبة ونسبة: قرأت عليه القرآن العزيز بجامع الأزهر من مصـر القاهرة ختمتين للأئمة العشـرة من طرق «الشاطبية» و«التيسير» و«الدرة» و«التحبير»، وغير ذلك من بعض كتب القراءات، وأجازني إجازة عامة، كاتبا متلفظا، نفعه الله وبه، وهو آخر من انتفعت به من أشياخ التعليم، وهو في قيد الحياة إلى الآن سنة أربع وثلاثين ومائة وألف.

جزاهم الله خيرا، وجعل ذلك لهم ذخرا، آمين»([35]). انتهى كلام المنجرة من «عذب المواريد».

وغيرهم

ومن تلامذته أذكر:

ـ أشهرهم: ولده، أبو زيد عبد الرحمن بن إدريس، الشهير بالـمنجرة الصغير، توفي سنة تسعة  وسبعين ومائة وألف.

ـ العلامة الـمقرئ سيدي عبد الله بن محمد ابن يخلف الأنصاري.

ـ أبو عبد الله محمَّد بن القاسم بن محمَّد بن أحمد الـمرابط.

ـ الشيخ عبد السلام بن محمد بن علي الـمدغري التازناقتي.

ـ أبو القاسم بن علي الشاوي المعروف بابن درى.

وغيرهم.

إسناده المختار:

أما عن إسناده الذي يختاره للإجازة، فمنتقى من إجازة منه لولده أبي زيد عبد الرحمن المنجرة الصغير([36])، ومضمنها «نيف وعشرون ختمة جمعا وإفرادا»:

ـ ثلاثة للأئمة السبعة برواياتهم حسبما في التيسير والحرز.

ـ واثنتان للأئمة الثلاثة الزائدين عليهم مكملي العشـرة.. بطرقهم ورواياتهم بمضمن «التحبير» و«الدرة».

ـ ختمة للإمام نافع المدني من طرقه العشرة وفق الدرر والتفصيل.

ـ ختمة جمعا بين نافع وابن كثير والبصري «سما» .

ـ ختمتان جمعا بين نافع وابن كثير.

ـ ختمتان لنافع جمعا بين روايتيه ورش وقالون.

وما بقي من النيف والعشرين قرأه إفرادا لورش.

وقرأ عليه «الحرز» و«الدرر» و«المورد» و«ذيله»، وسمع عليه «دالية» ابن المبارك، وتقييده عليها من «الشرحين»([37])، والشمائل، وجل كنز الجعبري، والنشر لابن الجزري، وصدرا من الألفية، وعرض عليه الجرومية وصدرا من رسالة ابن أبي زيد القيرواني.

قال المجيز المنجرة الوالد: «وقد أجزته إجازة عامة بشرطها المعتبر، عند أئمة القراءات والأثر، في كل ما قرأه علي، ونظيره في كل ما يصح إسناده عني، وما لي، وما قيدته من منظوم أو منثور..»([38]). ثم قال:

«وحدثته بما ذكر من طريق المغاربة.

أما علم القراءات فعن شيخنا محمد بن عبد الله السرغيني الهواري، عن أبي زيد بن القاضي بسنده.

وعن سيدي محمد البوعناني عن والده عن ابن شعيب بسنده.

ومن طريق المشارقة، فعن شيخنا محمد بن قاسم البقري، عن عبد الرحمن اليمني، عن والده شحاذة، عن الطبلاوي، عن زكريا، عن رضوان، عن ابن الجزري بسنده»([39]).

مكتبته القرائية:

  • «نزهة الناظر والسامع في إتقان الأداء والإرداف للجامع»([40]) .
  • ·          «عذب الـمواريد في رفع الأسانيد»، وهي فهرسة مشيخته، أعمل على تـحقيقها: مع ذيلها: إجازته لابنه.
  • ·                   «الـمقاصد العالية في شرح الدالية»، أو «الشرح الصغير»، ألَّفه  عام 1114ه‍.
  • ·                   «النهج المتدارك في شرح دالية ابن الـمبارك» أو «الشرح الكبير»، ألّفه عام 1136ه‍.

وله في باب وقف حمزة وهشام على الهمزة غيرهما، أعني:

  • ·                   «تقريب الكلام في تخفيف الهمز لحمزة وهشام»: تقييد في ست صفحات:

قال: «وهـأنا أشرع في المقصود إن شاء الله تعالى مقتصـرا على ذكر بعض التخفيف بالقياس، على حسب ما ثبتتْ به الرواية اليوم عن أهل فاس، كما تلقيناه عمن أدركناه: صناديدهم وقدوة جهابيذهم، وكما حدثنا خلفا عن ماض، مما قرأ به واقتصـر عليه المحقق شيخ الإقراء بفاس أبو زيد سيدي عبد الرحمن بن القاسم بن القاضي رحمه الله»، قال: «ثم اعلم أني اصطلحتُ فيه على أن أتكلم على الهمزة المبتدأة وما في حكمها، متحركة كانت أو ساكنة، وعلى  المتوسطة، والمتطرفة كذلك، على حسب التَّرتيب، فأجعل ترجمة كلٍّ من الأقسام الثلاثة بابا، وأقسّمها بالفصول، وأسأل الله تعالى العافية في البدء والختم بجاه سيدنا ومولانا محمد المصطفى الرسول.

وسميته «تقريب الكلام في تخفيف الهمز لحمزة وهشام». انتهى.

  • مصدرة في السبع.
  • مصدرة في الثلاث.
  • مصدرة في العشر النافعية([41]).
  • ·          «كفاية الطلاب»: أرجوزة في الرسم والضبط في مائة بيت على ما وقفتُ عليه في نسخة خاصة، وذُكر في بيانات نسختها بخزانة تطوان أن أبياتها مائة وواحد وخمسون، والتسمية منه رحمه الله قال «سميته كفاية الطلاب ـــ أرجو به الجزا من الوهابِ».
  • ·                   «رسم ما خالف فيه الثلاثةُ السبعةَ»: قصيدة على الطويل، في ثمانية أبيات.
  • ·                   «الإرشاد» في وقف السبعة ووصلهم:

قصيدة لامية على البحر الطويل في ثمانية وعشرين بيتا، وضعها في «إرشادِ خُلف الستة لنافع في الوقف والوصل».

قال: «وبعد، فذا إرشاد خلف بدورنا ـــ لنافعهم في الوقف والوصل يجتلى»

  • «التكميل»:

قصيدة لامية في واحد وعشرين بيتا على الطويل أيضا، كمّل بها قصيدة «الإرشاد» بذكر «حكم الوقف والوصل في خلف الثلاث» تكملة لسبع «الإرشاد»، قال:

«وبعدُ، فها حكمَ الوقوف ووصله ـــ في خلف الثلاث للبدور مكمّلا»

  • ·                   «حاشية على الجعبري»، نقل منها ولده الـمنجرة الصغير في حاشيته على الكنز «فتح الباري».
  • ·          «فتح الـمجيد الـمرشد لضوال القصيد»: مؤلف في نثر خلاف القراءات الثلاث الـمتممة للعشـر على سور القرآن، جرى فيه على طريقة الشيخ ابن غازي في «إنشاد الشـريد».
  • ·          «أجوبة في القراءات»، كثيرة متنوعة الموضوعات، ومنها المنظوم والمنثور، حُقِّق بعضها تحت إشراف الدكتور توفيق العبقري، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة القاضي عياض، مراكش.
  • ·                   «لامية في إدغام أبي عمرو البصـري»، و«شرحها»:

اللامية في اثني عشر بيتا على البحر الطويل، قال:

«وبعد، فخذْ ما في الـمماثل مدغمٌ ـــ وفي الجنس والمشروك حققْ لتفضلا

وما خصَّ بالإدغام فيه وعكسه ـــ وما شأنه الإظهار عن ولد العلا».

  • «إزالة الشكوك والسهى عن ما في معتقد بعض الفقها».

نهايته:

قال الكتاني في «سلوته»: «وتوفي بعد صلاة الظهر من يوم الثلاثاء الثاني والعشـرين من مـحرم الـحرام فاتح عام سبعة وثلاثين ومائة وألف.. ودفن بـجوار سيدي عبد الواحد بن عاشر، قرب الـمصلى، وكان دفنه بعد صلاة الظهر من غد يوم وفاته، وازدحم خاصة الناس وعامتهم على جنازته، وبني عليه شاهد كبير»([42]).


(*)كانت سابقة الترجمة لهذا العلم، في عمل مشترك تحقيقا لكتاب نزهة الناظر والسامع في إتقان الأداء والإرداف للجامع، تقديم وتحقيق: محمد البخاري ويوسف الشهب، ينظر من ص 11 إلى ص 28.

([1]) كذا وسمه غير واحد ب «الكبير» تمييزا له عن ولده الآخذ عنه أبي زيد عبد الرحمن الـمنجرة الابن «الـمنجرة الصغير». وانظر مصادر ترجمته: التقاط الدرر: 332 رقم 492، وسلوة الأنفاس لـمحمد الكتاني: 2/307 رقم 726، والإعلام بمن حل بمراكش للتعارجي: 3/19 رقم 334، وفهرس الفهارس لعبد الحي الكتاني: 2/568 برقم 324، ومعجم طبقات الـمؤلفين لابن زيدان 2/106، والقراء والقراءات لأعراب: 117-141.

([2]) سلوة الأنفاس لـمحمد الكتاني: 2/307 رقم 726

([3]) عذب الـمواريد في رفع الأسانيد، مخطوط، أحقِّقه، مذيلا بإجازته لولده أبي زيد عبد الرحمن المنجرة الصغير.

([4]) نزهة الأنظار في قراءة الثلاثة الأخيار، مخطوط.

([5])  نعم، يطرح هذا العمل كثيرا من القضايا التي، لا شك، تستدعي مزيد البحث والنقاش؛ لاستحالة الجزم بالحكم والرأي فيها، إلا بعد الاستقراء والإحصاء، والتتبع والتدقيق.

([6])    ولد عام 1040 و توفي عام 1096ه‍، ن صفوة من انتشـر 337، ونشـر الـمثاني 2/325، والتقاط الدرر 1/230، والسلوة 1/357، وشجرة النور 315.

([7])  كذا يظهر لي، إذ على الـمرسوم علامة التشطيب، وصح منه «الدرر»، وجرى ذكر «الدرر»من محفوظ الـمتون ومقروئها على الشيوخ.

([8])  عرف ب «مولاي بن علي»، ووالده عالـم جليل مشهور، من تلامذة الـمنجور ويروي عنه فهرسته ت 1044ه‍،  والـمذكور ابنه فقيه مشارك، ، توفي عام 1089ه‍، ن الصفوة 341، وإتحاف الأخلاء 90.

([9])  أصل التقييد بالـخزانة الـحسنية مـخطوط رقم 2209.

([10]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 2

([11]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 2

([12]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 2

([13]) كذا في المخطوط.

([14]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 2-3

([15]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 3-4

([16]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 4-5

([17]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 6-7

([18]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 7-8

([19]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 8

([20]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 8

([21]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 8

([22]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 8-9

([23]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 9

([24]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 9-10

([25]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 10-13

([26]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 13- 14

([27]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 14

([28]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 14

([29]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 14

([30]) عذب المواريد، مخطوط 6778

([31]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 14

([32]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 14

([33]) عذب المواريد، مخطوط لوحة:14 – 15

([34]) عذب المواريد، مخطوط لوحة: 15

([35]) عذب المواريد، لوحة: 15

([36]) يعمل على تحقيقها الأستاذ يوسف شهاب مع فهرسة المؤلف: عذب المواريد.

([37])  «المقاصد العالية» و«النهج المتدارك»، كلاهما له.

([38]) إجازة المنجرة لولده، مخطوط.

([39]) إجازة المنجرة لولده، مخطوط

([40])  صدر بتحقيق يوسف الشهب ومحمد البخاري، عن مدرسة ابن القاضي للقراءات.

([41])  صدرت بتحقيق وتعليق يوسف الشهب، عن مدرسة ابن القاضي، تحت عنوان «قطوف من فن التصدير عند المغاربة».

([42])  سلوة الأنفاس لـمحمد الكتاني: 2/307 برقم 726.

د.يوسف الشهب

  • باحث متعاون بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق