مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

قاعدة تنمية الأعمال بتحسين النيات

يقول أبو عبد الله محمد بن الحاج في كتابهالمدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات”:

“قال علماؤنا رحمة الله عليهم: الإخلاص إنما يكون بالقلب، وذلك أن لابن آدم جوارح ظاهرة وجوارح باطنة، فعلى الظاهرة العبادة والامتثال، وهو قوله تعالى:”وما أمروا إلا ليعبدوا الله”، وعلى الباطنة أن تعتقد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله مخلصة في ذلك، وهو قوله تعالى:”مخلصين له الدين”، فالأصل الذي تتفرع عنه العبادات على أنواعها هو الإخلاص، وذلك لا يكون إلا بالقلب، فعلى هذا الجوارح الظاهرة تبع للباطنة، فإن استقام الباطن استقام الظاهر جبرا، وإذا دخل الخلل في الباطن دخل في الظاهر من باب أولى، فعلى هذا ينبغي للمؤمن أن تكون همته وكليته في تخليص باطنه واستقامته، إذ أن أصل الاستقامة منه تتفرع، وهو معدنها، وقد نص الحديث على هذا وبينه أتم بيان، فقال عليه الصلاة والسلام:(ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)، وقال عليه الصلاة والسلام:( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)، فالهجرة على حد واحد في الفعل، وإنما كانت هذه لله وهذه لغير الله تعالى على ما انطوت عليه الجوارح الباطنة وهي النية، وقد قال الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس رحمه الله: ألا ترى أن الساجد لله تعالى والساجد للصنم في صورة واحدة، وإنما كانت هذه عبادة وهذه كفرا بالنية. فينبغي أن يكون المؤمن محافظا على نيته ابتداء، فإذا أراد أن يزيد في عمله ينظر أولا في نيته فيحسنها، فإن كانت حسنة فينميها إن أمكن تنميتها، وما افترق الناس في غالب أحوالهم إلا من هذا الباب، لأن الغالب على بعضهم تقارب أفعالهم، ثم إنهم يفترقون في الخيرات والبركات بحسب مقاصدهم وتنمية أفعالهم”.

المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات، لابن الحاج1/11ـ12، تحقيق: أحمد فريد المزيدي، المكتبة التوفيقية، القاهرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق