
أتَى رمضانُ اليُمنِ وَالْبَركاتِ /// وجاءتْ ليالي الخير والرَّحماتِ
وأقبل شهر الغَفْر والعِتق والرِّضى /// وشهر الهدى والبشر والنَّفحاتِ
فلله عبدٌ قانتٌ أحسنَ القرى /// بنفع الورى والصوم والصلواتِ
وأقبل عن قلبٍ منيبٍ لربه /// ومالكه في سائر اللحظاتِ
وأقبل للرحمان في حركاتِه /// وأقبل للرحمان في السكناتِ
وشدَّ إلى الخيراتِ مئزره ولم /// يمَلَّ ولم يُقْصِرْ عن الدعواتِ
ومرّغ في تُرْبِ الخُضوع خدودَه /// بحب وصدقٍ دائمَ الحسراتِ
إذا الليلُ أرخى مثل موجٍ سُدولَه /// بَكَى ناحباً منْ شدةِ الزَّفراتِ
ولم يغتَرِرْ مِنْ سَجدةٍ أو ركيعةٍ /// ولم يغتَرِرْ منْ كثرةِ الصَّدقاتِ
فذلك صومُ العارفين لربهمْ /// وشيمة أهل القُرْب والقرباتِ
من ادَّرعوا الإخلاص في جلواتِهمْ /// وراعَوا حقوق الحق في الخلواتِ
وجَافَوْا عن الفَرْش الوثيرِ جنوبَهمْ /// وقاموا لذكر الله في الظلماتِ
فَنُوا وبَقُوا في الله واستأنسُوا به /// وناؤوا عن الأهواء والشهواتِ
وفيه سيوفَ العزم قد جرَّدوا بلا /// كلالٍ ولم يستمرئوا الشبهاتِ
ولم يَكِلُوا إلا إليه أمورَهمْ /// ولم يركَنُوا للخلق في الأزَماتِ
هم القوم لا يشقى جليسهمُ ولا /// يلاقي سوى الغفران والبركاتِ