مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةتراث

ضبط القصيدة الموسومة بـ: ” المولدية في مدح خير البرية ” لمحمد بن محمد بن أبي بكر المرابط الدلائي(1089هـ)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام أشرف المرسلين

وبعد؛

فإن العلماء والأدباء تفننوا في طرق تعظيم اليوم الذي ولد فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، والتذكير بالحدث الذي وقع فيه؛ وأظهروا فنا من فنون التأليف متعلقا بهذا الحدث العظيم، ونظموا قصائد خاصة بالمولد النبوي، يسمونها بـ”المولدية في مدح خير البرية”   يذكرون فيها: مولده الشريف، وما ظهر فيه من الآيات المصاحبة له، ونسبه الشريف، وشمائله، ومعجزاته صلى الله عليه وسلم. ومن بين هذه القصائد: قصيدة الفقيه محمد بن محمد بن أبي بكر الصغير الدلائي المدعو بالمرابط في المولد التي ارتأيت ضبطها والتعريف بصاحبها بهذه المناسبة العظيمة، فأقول وبالله التوفيق:

أولا: التعريف بالناظم[1]

هو أبو عبد الله المغربي محمد المرابط بن محمد بن أبي بكر القشتالي المعروف بالصغير الدلائي ولد سنة  1021هـ. أخذ عن والده، وأبي حامد العربي الفاسي، والولي محمد بن عبد الهادي ابن العالم أبي محمد عبد الله بن علي بن طاهر السجلماسي، وله رواية عن الشيخ عبد القادر الفاسي، وأخيه أحمد وغيرهم. وتتلمذ على يديه جماعة منهم: محمد بن أحمد المسناوي، والشيخ الحسن بن مسعود اليوسي، قدم القاهرة سنة 1080 هـ، وأقبل عليه فضلاؤها واستفاد منه نجباؤها. وحج ولقي أعلاماً وأجازوه. له مصنفات منها: البركة البكرية في الخطب الوعظية،  “التحرير الاسما في إعراب الزكاة اسما”،  و”الدرة الصدفية في محاسن الشعر وغرائب العربية”، والدلائل القطعية في تقرير النصب على المعية، وديوان شعري، رفع اللبس عن ورود تفعل بمعنى فعل وبالعكس، وفتح اللطيف للبسط والتعريف، وفصل الخصمين في متعلق الظرفين، والمعارج المرتقات إلى معاني الورقات لإمام الحرمين، ونتائج التحصيل في شرح التسهيل، ونزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي”. توفي في جمادي الآخرة سنة 1089 تسع وثمانين وألف.

ثانيا: ضبط القصيدة

تعد هذه القصيدة المولدية في مدح خير البرية من القصائد الرائعة في مدح النبي صلى الله عليه، وذكر المعجزات المصاحبة لولادة  سيد البشرية ومنقذها  من الظلام الدامس إلى النور الساطع، ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، وقد اعتمدت في ضبطها على نسخة خطية جميلة مكتوبة بخط مغربي حسن، محلى باللون الأحمر، وهي ضمن مجموع تحت رقم:   2857د من 264 إلى 266. بالمكتبة الوطنية بالرباط.

نص القصيدة[2]:

  وللشيخ الفقيه سيدي محمد بن محمد بن أبي بكر الصغير المدعو بالمرابط رحمه الله تعالى ورضي وعنه آمين.

هو أحمدٌ ومحمد والمُصطفى والمُجْتَبى المُخْتَار خير الأنَام
قف بالطلُول وبُثَّ بَعْض هِيَامِ وسل المواسِمَ عن بدور خيام
وإذا الرُّبُوعُ بَدَتْ فَعَرِّج بِالحِما وَأدع بَلاَبِلَ لَوْعَتِي وَغَرَامِ
وقل للمُعذَّب بالصّدود والجفا ما زال حِلفُ وحِلف كلامِ
الله في دمِ عاشِقٍ قد هاله بَيْنٌ دعا فسطى[3] نثر نظام
مَا رام كِتْمان الصَّبابة والْهَوى إلا ومُقلة  تَـشِي بسجام
ألِف السُّهاد فما يُقرّ قَرَاره فجُفُونه لم تَكتحل بمنام
واحَيْرتي بين الأحبة فاعْتَدَى قلبي يُكابد زَفْرَتي وضِرَامِ
والَهْفَ نفـسي على  الألى صنعوا وقد ظنوا بتوديعٍ وردِّ سلامِ
ماذا عليهم لو رثوا لِقتيلِهم بعجيب وصْلِهم وَرَعيِ ذِمام
أقسمتُ بالقلب الُمبَرَّح لوْعَةً لا زلتُ أهواهم ليوم حِمَامِ
يا سائقَ الأضعان هل من ساعة أُحْظَى بتوديعي فِداك مرام
وأُعَفِّرُ الوَاجِنات في تُرْبِ الِحما فَخُطَى المَطِيِّ يَخُطُّه بِدَوامِ
زَمُّوا الركائب للسـُّرى وتَيَمَّمُوا شَمس النبوءة بدرَ كل ظلام
طه البشير أجل مبعوث ومن يهدي به الأرض وضوب غمام
قمرٌ بِطيبة قد تألق نوره فَبَدَت بِرَأْي العين أرض شَامِ
ياسينَ قد أوْمت لسُدَدِه وَمن طه الطهارة ما اخْتَفَتْ بِلِثَامِ
هُو صفوة الله الأمينُ لِوَحيه وَلَه لَدَى الرحمان خَيرُ مَقام
هو الشفيع في الأنام ومن به يوم المِيعاد يلوذ كل هُمَام
كم آية قبل الِملاد وبعدَه بَدت لخير الرسل بَدْرِ تَمَام
ما احتزها من قبل أحد ولم تَظْهَر مِن غَير نبينا من إمام
كالشمس إن رُدَّتْ بُعَيْد غُرُوبِها حتى حباه الله كل مَرَام
والبَدْر بعد كماله قَد شُق إذ رام البدا والعجزُ كل لئام
مِن كفّه نبع للزُّلال وفيه للحصباء تسبيحٌ بخير كلام
يا من له دنت الكواكبُ فاغتدت تَثْنِي عليه من ورى  وأَمَام
لك حن جِذع النخل إذ فرقتَه وكذا الغزالةُ أفصحت بسلام
في الغار قد نسج العناكب سرعة وكذا الحَمام حماك أيُّ حَمَام
لقد أخْمدتْ نيران فارس رهبة وتَضَعْضَعَ الإيوان بَعْدَ قَوَام
كم آية لك في الحروب قد أعْلنت بعُلاء قَدْرِك في الورى بِتسنامِ
جدَّلت أبطال العِدى ودوَّقتَهم بِقَواطِعِ القَـسِيّ سُمّ حِمام
جاهدتُّم في الله حق جهاده فَجَزَاك عنا الله يا بن كرام
يا مَن له سَمَتِ السمواتُ العلا وَبالبسيطة شُرِّفت بدوام
إني امْتَدَحتُك والذنوبُ قَد أوْهَنَتْ ظَهْرِي  فخذ بِيَدِي في يوم زِحَامِ
ماذا أقولُ وَمَا عسى وَإلَهُنَا لِكلامه أثْنَى وأي كلام
وعليك وللآل الكرام تحية تَزهوا بِرَياها وعطر ختام

انتهت المولدية في مدح خير البرية.

*****************

هوامش المقال:

[1]: شجرة النور(1 /454)، الأعلام(7 /64) .

[2]: هذه القصيدة قد سبق نشرها  بتحقيق عبد الجواد السقاط ضمن ديوان الدلائي الذي قام هذا الأخير بتحقيقه، كما نشرها المحقق نفسه ضمن مقاله المعنون بـ: من نبويات أبي عبد الله المرابط الدلائي في مجلة دعوة الحق العدد 256  عام 1406هـ 1986.

[3]: كذا الأصل

*******************

جريدة المصادر والمراجع:

-الأعلام لخير الدين الزركلي الجزء الاول دار العلم للملايين ، ط5، 1980م.

-شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد بن عمر بن علي ابن سالم مخلوف (1360هـ)، علق عليه: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 1424 هـ ـ2003 م.

-مجلة دعوة الحق العدد 256 رجب-شعبان-رمضان 1406ـ أبريل ـ ماي 1986.

*راجعت المقال الباحثة: خديجة ابوري

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق