الرابطة المحمدية للعلماء

رسالة ملكية سامية إلى الحجاج المغاربة المتوجهين إلى الديار المقدسة

أكدت الرسالة السامية على الأثر العميق لفريضة الحج في “تجديد وشائج الأخوة، وتجسيد الوحدة الإسلامية الحقة، والاجتماع على كلمة سواء”.

وجه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس الأربعاء (12 نونبر 2008)، رسالة توجيهية سامية إلى الحجاج المغاربة الذين سينعمون بتأدية مناسك الحج لهذه السنة، وذلك بمناسبة توجه الفوج الأول منهم إلى الديار المقدسة، يذكرهم فيها ويحثهم ،حفظه الله، على استحضار وتمثل مقاصد الإسلام من شعيرة الحج، ويوصيهم فيها بالالتزام بمكارم الأخلاق..

وهذا نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق بمطار الرباط-سلا:

” الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه.
حجاجنا الميامين،
سيرا على السنة الحميدة التي دأب عليها أسلافنا الميامين، يطيب لنا أن نتوجه إليكم، معاشر الحجاج، بصفتنا أميرا للمؤمنين، وحاميا لحمى الملة والدين، مؤتمنا على رعاية شعائر الإسلام وأركانه ، ومنها حج بيت الله الحرام ، بما يقتضيه من تيسير الظروف لكافة الحجاج المغاربة، لأداء مناسكهم على الوجه المطلوب.
وإننا لنسأل الله عز وجل، وأنتم على وشك مغادرة وطنكم العزيز، إلى تلك البقاع الطاهرة، مهوى أفئدة المؤمنين، ومهبط الوحي والذكر الحكيم، أن يكون حجكم مبرورا، وسعيكم مشكورا. وندعو لكم بالفوز بكل غنم، والسلامة من كل إثم، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم ” من حج ولم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنبه كيوم ولدته أمه “.
وبهذه المناسبة المباركة، التي تغمرنا فيها وإياكم مشاعر الإيمان، نذكركم ، والذكرى تنفع المؤمنين، أنكم ستقومون بأداء فريضة إسلامية مقدسة، عظم الله شعائرها، وأحسن جزاءها، فقال صلى الله عليه وسلم : ” الحج المبرور، ليس له جزاء إلا الجنة “.

فاحرصوا، رعاكم الله، على حسن أداء شعيرة الحج ، واعمروا أوقاتكم بالطاعات، وأكثروا من القربات، مستحضرين حرمتها، والالتزام بأركانها وواجباتها، مجتنبين كل ما قد يفسد هذه الفريضة، من جدال وخصام، أو فسوق وعصيان. قال تعالى : “الحج أشهر معلومات، فمن فرض فيهن الحج، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، وما تفعلوا من خير يعلمه الله، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى “. وواظبوا على العبادات، وأداء الطاعات، في ذلكم الصعيد الطاهر، والفضاء الروحاني العامر، بالتلبية والتهليل، اللاهج بمختلف الألسنة، بالذكر والدعاء، والتسبيح والاستغفار، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال ” الحجاج والعمار وفد الله عز وجل، إذا دعوه أجابهم، وإذا استغفروا غفر لهم “.

كما أنكم ستشاركون إخوانا لكم، من كافة بقاع العالم الإسلامي، في ملتقى عظيم، وموسم ديني مهيب، حافل بالتعارف والتواصل والتضامن، عميق الأثر في تجديد وشائج الأخوة، وتجسيد الوحدة الإسلامية الحقة، والاجتماع على كلمة سواء.

فأنتم في هذا الملتقى، بمثابة سفراء لوطنكم، وممثلين لبلدكم، ولحضارته العريقة وهويته المنفتحة، وتشبثه بمقدساته الدينية والوطنية، معتزين بالمسار الذي نقوده، على درب ترسيخ قواعد التنمية والازدهار، نهوضا منا بالأمانة العظمى، التي طوقنا الله بها…

معشر الحجاج،
إننا حريصون على العناية بكم، وتوفير كل الشروط الضرورية في الذهاب والإياب، وطيلة فترة مقامهم بالديار المقدسة، لقيامكم بالشعائر على الوجه الشرعي المطلوب، الذي أوجبه الإسلام، وحددته السنة النبوية الشريفة ، لذلك لم نفتأ نوجه وزيرنا في الأوقاف والشؤون الإسلامية، كي لا يدخر وسعا، في السهر على تمكينكم من كافة الخدمات الضرورية، والحرص على أن تواكب البعثات الإدارية والصحية والإرشادية، أداءكم لمناسككم، في كل المراحل والأطوار، بما يلزم من التحلي بخصال الكفاءة والمواظبة والتضحية والتفاني.

فكونوا، رعاكم الله، متعاونين مع أطرها، مقدرين مسؤولياتهم، ملتزمين بإرشاداتهم، في انسجام والتزام بالترتيبات، التي وضعتها السلطات السعودية لصالح كافة الحجاج، وذلك على المعهود في المملكة العربية السعودية الشقيقة، من عناية فائقة بضيوف الرحمن، تنفيذا لتوجيهات أخينا الأعز الأكرم، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، وأطال عمره، وجزاه خير الجزاء عما يقدمه للأمة الإسلامية جمعاء، من جليل الخدمات، وصيانة مقدساتها، وفي طليعتها خدمة الحرمين الشريفين.
واذكروا، رعاكم الله، ما عليكم من واجب الدعاء في ذلكم المقام الطاهر، لملككم أمير المؤمنين، الذي قلده الله أمر قيادة بلدكم الآمن، بأن يمدنا بعونه وتوفيقه، في كل مبادراتنا ومساعينا، لخدمة ديننا الحنيف، وشعبنا الوفي، وأن يرينا في ولي عهدنا، صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن، وفي كل أفراد أسرتنا الملكية الشريفة، ما يقر عيننا، ويثلج صدرنا، وأن يشمل برحمته وغفرانه، جدنا ووالدنا المنعمين، جلالة الملكين، محمد الخامس والحسن الثاني، أكرم الله مثواهما، ويوفي جزاءهما على ما قدماه لهذا البلد الآمن، من عظيم التضحيات، وجليل الخدمات.

وفي الختام، ندعو الله العلي القدير لكم بالسلامة في الذهاب والإياب، والعودة إلى وطنكم وأهليكم سالمين غانمين، مشمولين بالمغفرة والرضوان، وممتعين بالحج المبرور، والسعي المشكور، والذنب المغفور، إنه تعالى هو الحليم الشكور. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته “.

(و.م.ع بتصرف)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق