الرابطة المحمدية للعلماء

دور الأديان في تفعيل وترشيد وتصويب منظومة الحقوق

نحو تفعيل لدائرة المشترك بين الأديان وبين إعلانات حقوق الإنسان الدولية

تنظم جامعة السلطان مولاي سليمان كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، بالتعاون مع المجلس العلمي المحلي ببني ملال، ندوة دولية في موضوع: “حقوق الإنسان في الأديان”، وذلك أيام 24-25 يونيو 2009.
 
أرضية الندوة :

تعتبر المراجع المقررة في حقوق الإنسان إحدى أهم منجزات الفكر الإنساني المعاصر في سعيه إلى حماية الإنسان من كل أشكال العدوان التي يمكن أن يمارسها بعض على البعض الآخر. وتندرج في تلك المراجع كل الإعلانات العالمية أو المحلية المهتمة بالمجال الحقوقي .
     
لكن الناظر إلي مرجعيات هذه الإعلانات والفلسفات النظرية المؤطرة لكثير من الحقوق المندرجة تحتها، وإلى أشكال التطبيق والتنفيذ المعاصرة داخل القطر الواحد، أو بين الأقطار والشعوب المختلفة ، يلحظ أن ثمة مشكلات بنيوية تسهم في جعل تلك الإعلانات غير متحققة بمقاصدها وغاياتها من إقرار تلك الحقوق .

وبما أن المقاربة التي نروم من خلالها معالجة الموضوع مقاربة علمية معرفية بالدرجة الأولى، لأنها في تقديرنا الأصل والأساس الفكري الموجه والملهم والمؤطر، وطبعا دون إغفال الحديث عن السياسات التحكمية والمركزية الجائرة. فإننا نعتبر أن الأصول الفكرية المهيمنة على هذه الحقوق هي أصول ذات مرجعية فلسفية مادية من جهة، وذات نفوذ مركزي غربي غير عادل مع الجميع من جهة ثانية.
 
فلم ينظر إلى الحقوق من الجهة الأولى، إلا باعتبار المردودية الإنتاجية والأداء الكمي والمتعة واللذة والسعادة التي بشربها العصر الصناعي العظيم على حد تعبير أريك فروم. ومن ثم كان الإنسان في كينونته الإنسانية هو المتضرر الأول من هذا التوجه الفلسفي في إقرار هذه الحقوق. فانتقل من مركز الاستخلاف والسيادة في الكون من خلال القيم والأخلاق الفطرية فيه، إلى مركز التبعية والذوبان في منظومات قيمة وأخلاقية صناعية بديلة .
     
ثم لم ينظر كذلك إلى تلك الحقوق من الجهة الثانية، إلا من خلال خدمتها للإنسان الغربي أولا وطموحاته التوسعية، باعتباره أصلا ومركزا والباقي أطرافا وهوامش. ومن ثم يكون الحق متحيزا لإنسان دون آخر، ولشعب دون آخر، تبعا لتقسيمات وتصنيفات إثنية ودينية وسياسية وإيديولوجية تجعل جزءا من العالم متقدما وآخر متخلفا. أو بين شمال وجنوب، وشرق وغرب، ومسيحي وغير مسيحي، وأبيض وأسود …إلخ.
    
فتكون الحقوق بذلك غير خادمة للإنسان من حيث كونه إنسانا بغض النظر عن كل تلك التصنيفات والتقسيمات.
فإذا كانت هذه أهم، أو بعض خلاصات التوجه الفلسفي المادي والمركزي الغربي في التعامل مع منظومة الحقوق، حيث ما يزال الضرر لاحقا بالإنسان، إنسان الغرب نفسه وإنسان الشعوب الأخرى. فإننا نعتقد أن استبعاد الدين والفلسفات الدينية عن هذا المجال، كان له دور حاسم في إفراغ تلك الإعلانات من مضامينها الإنسانية العميقة. وأنه مهما يكن اجتهاد الإنسان في البحث عن سعادته، فإن جهده هذا يبقى قاصرا بحكم نسبيته ومحدودية معرفته في إدراك غايات ومقاصد الخلق التي لا سبيل إليها إلا من خلال الأديان، الكتب التي أنزلها الخالق دليلا ومرشدا وهاديا لسعي المخلوق وحركته في الكون .

ونحن إذ نؤكد على أهميته ودور الأديان في تفعيل وترشيد وتصويب منظومة الحقوق، نؤكد كذلك على المشترك بين الأديان في هذا الاتجاه، تغليبا له على دائرة الاختلاف التاريخي التي تحكمت في تفسير النصوص وتأويلها بين مختلف الفرق والمذاهب. فالأصل في الأديان أنها لسعادة ومصالح العباد في المعاش والمعاد.

كما نؤكد كذلك على أن دائرة المشترك بين الأديان وبين إعلانات حقوق الإنسان الدولية، واسعة. وأن البناء المرجعي لفلسفات الحقوق على أسس دينية مشتركة يكسبها أبعاد تفعيلية إضافية، كما يحول دون كثير من أشكال الإجحاف والظلم والتمييز الموجودة في المرجعيات المادية المتمركزة. ونعتقد أن تفعيل البعد الديني بإمكانه أن يسهم في تنقيح الحقوق نفسها وتصحيح مسار المشكلات النفسية والاجتماعية المدمرة للإنسان والتي هي إحدى إفرازات التطور الفلسفي المادي المحض.

ليس المراد أخيرا من هذا التوجه العودة إلى فلسفات ونزعات دينية مغلقة تقيد أكثر مما تحرر، وتضر أكثر مما تنفع. بل المراد رد الاعتبار إلى الحالة الوسط السواء والمتوازنة التي ينبغي أن يكون عليها الفرد والمجتمع، والتي تسهم في صوغها الأديان توجيها وإرشادا إلى الأصلح وفقا لغايات ومقاصد الوجود الإنساني، وتسهم فيها كذلك العلوم والمعارف المكتسبة في كل عصر بما يحقق التطور والتنمية والتحديث لصالح الإنسان كل إنسان، من غير تحيزات وتمركزات خفية أو معلنة .

وعليه، فستناقش الندوة المحاور التالية:
حقوق الإنسان في الكتب المقدسة: في القرآن الكريم والسنة النبوية، في أسفار العهد القديم، وفي أسفار العهد الجديد. كما ستعرض دراسات مقارنة بين حقوق الإنسان في الأديان،  والإعلانات العالمية والدولية . وحقوق الإنسان بين مشكلات التطبيق وإمكانات التجاوز.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق