مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

دفع شبه المستشرقين في الميلاد النبوي الشريف: عرض ، ونقد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين حق حمده، الذي أنعم علينا بعظيم فضله، فلا يُعبد بحق سواه، ولا يُدعى من دونه إلا إياه، جلَّت قُدرته وعظمته، وتباركت عزته وجبروته، والصلاة والسلام على حبيب القلوب، ما طلعت شمس أو قاربت إلى الغروب، وعلى آل بيته الشرفاء، وصحبه أهل الصدق والوفاء.

وبعد؛ فقد وجد المستشرقون في أحداث السيرة النبوية، وأخبار المولد الشريف مادة دسمة، وميدانا فسيحا لإسقاط مناهجهم البحثية، وطرائقهم في التحليل والاستنتاج، التي ابتدعوها واعتمدوها، منهجا علميا – زعموا -؛ ولكن في الحقيقة ما هي إلا آراء وأحكام مسبقة، وتصورات مغلوطة عن جهل، أو علم، معدة سلفا؛ وذلك لنسف ثوابت تاريخ المسلمين المشرق، وعلى رأسه ميدان السيرة النبوية العطرة، والميلاد الميمون، الذي يعد جزءا لا يتجزأ من هذا التاريخ الأصيل المنيف.

وفي هذا المنحى يقول د. خالد إبراهيم المحجوبي في كتابه الاستشراق والإسلام مطارحات نقدية:" كانت السيرة النبوية من أوسع الحقول التي خاض خلالها المستشرقون، وقد كانت مناهج البحث التي اعتمدوها في بحث السيرة مختلفة غير موحدة، ومن ثم جاءت نتائجهم التي حصدوها من هذا الحقل الشريف متباينة، ومن ذلك أنهم عندما تصدوا لبحث ودراسة شخصية النبي ﷺ جاؤوا بآراء، وأقوال تثير العجب"[1].

ولأهمية هذا الموضوع؛ ولتعلقه بالمقام الشريف، والميلاد المنيف؛ فقد أفردته بهذا المقال الذي سأذكر فيه إن شاء الله تعالى بعض آراء المستشرقين في موضوع المولد النبوي مقتصرا في ذلك على آراء ثلاثة منهم، وهم: المستشرق البلجيكي اليسوعي هنري لامانس، والمستشرق الألماني كارل بروكلمان، والمستشرق البريطاني برنار لويس ، ثم أرد عليهم من خلال النصوص الشرعية ، وأقوال أئمة العلم.

وقبل خوض غمار هذا الموضوع، سأعرف أولا – باختصار - (الاستشراق) من حيث الاصطلاح ، حتى يُعلم هذا المفهوم، وتُعلم أهدافه؛ لأن العلم بالشيء فرع عن تصوره.

فأقول وبالله التوفيق:

أولا: تعريف مصطلح الإستشراق:

مصطلح الاستشراق، أو الدراسات الاستشراقية من المفاهيم التي وقع فيها خلاف عريض بين العلماء في تعريف حدوده، وقضاياه، ولست هنا بصدد استقصاء تلك التعاريف المختلفة؛ إلا أن الدكتور المبروك الشياني المنصوري بعد ذكره لتلك التعاريف استخلص تعريفا جامعا لها فقال: "الدراسات الاستشراقية    Oriontalisment Of OriontaL Studies فهي دراسات كتبت بصفة فردية، أو في إطار مؤسسات عاضدة، وحكمتها أيديولوجيا نفعية، سواء كانت صريحة أو ضمنية، وارتبطت بالاستعمار المباشر وغير المباشر، وبالمصالح الغربية المادية، والثقافية، والفكرية؛ ولذلك فإن الاستشراق منتج استعماري أساسا؛ مهما ادعى العلمية، أو الموضوعية، أو الحياد"[2].

ثانيا: بعض شبه المستشرقين في الميلاد النبوي الشريف عرضها والرد عليها:

لقد حاول المستشرقون التشكيك في تحديد تاريخ ولادة النبي ﷺ، واختلفوا في ذلك اختلافا بينا ، فمنهم من يرى أنها مجهولة تماما يعسر معرفتها بدقة، ومنهم من ينفي أصلا أن تكون ولادته ﷺ عام الفيل، كما هو مجمع عليه عند علماء السيرة والمغازي والتاريخ،  ومنهم من يذهب مذهبا بعيدا عجيبا في أن مولده متأخر، أو متقدم على ما هو معروف في كتب التاريخ والسيرة.

يقول د. خالد إبراهيم محجوبي منبها على هذا التخبط الحاصل للمستشرقين في ميلاد النبي ﷺ :" اختلف المستشرقون في تحديد سنة الميلاد، فمنهم من يرى أنها مجهولة نهائيا، فهذا المستشرق مكسيم رودنسون  M.Rodinson    يجزم بأن أحدا لا يمكنه تحديد سنة الميلاد، ويضيف أن عليه الصلاة والسلام لم يولد عام الفيل كما هو شائع، ويشك مونتجمري وات Montgomery Watt في كونه ولد بعد وفاة أبيه عبد الله[3].

والهدف من ذلك كله، هو التشكيك في نبوته ﷺ، ومن هؤلاء المستشرقين الذين تناولوا الميلاد النبوي بهذا المنهج العجيب: هنري لامانس، وكارل بروكلمان، وبرنار لويس .

1- المستشرق البلجيكي اليسوعي هنري لامانس Henri Lammans (1937 م):

وهو مستشرق بلجيكي ، وراهب يسوعي شديد التعصب ضد الإسلام، يفتقر افتقارا تاما إلى النزاهة في البحث والأمانة في نقل النصوص وفهمها، ويعد نموذجا سيئا جدا للباحثين في الإسلام من بين المستشرقين[4].

وقد تناول لامانس مولد النبي ﷺ، وسعى ليؤخر تاريخ مولده ﷺ المشهور إلى عشر سنوات.

 قال د. عبد الله محمد الأمين:" وكما يذكر عمر فروخ فإن الأب هنري لامنس قد حاول أن يؤخر ذلك –أي مولد النبي ﷺ – عشر سنوات؛ حتى ينقض القول الشرعي الذي يقول إن محمد بعث على رأس الأربعين من عمره. ويخرج إلى القول أنه ما دام الأنبياء يبعثون على رأس الأربعين، ومحمد قد صدع بالدعوة على رأس الثلاثين، فمحمد ليس نبيا"[5].

وقال د. لخضر شايب: " أما لامانس فإنه يتأخر عن هذا التاريخ بعشر سنوات على الأقل؛ وذلك لكي يقف رأيه – حسب ما كان يهدف – حجر عثرة أمام الرأي الشائع عند المسلمين من أن الأنبياء يبعثون على رأس أربعين سنة"[6].

2-المستشرق الألماني كارل بروكلمان  Brockelmmann, G (1956م):

وهو مستشرق ألماني ولد في روستوك، وتخرج باللغات السامية على أعلام المستشرقين ومنهم: نولدكه. ونبغ فيها وطارت له شهرة في فقه العربية، وقراءاتها قراءة فصيحة، وكتابتها كتابة سليمة، وفي التاريخ الإسلامي، وتاريخ الأدب العربي، حتى عد إماماً من أئمتها. وعين أستاذاً لها في جامعات: برسلاو (1893 - 1903)، وكونسبرج (1903 - 9)، وهاله (1909 - 20)، وبرلين (1920 - 21)، وعاد إلى برسلاو (1921 - 37)، ومديرة (1932)، وفي هاله (1937 - 47)، وانتخب عضواً في مجامع برلين، وليبزيج، وبودابست، وبون، ودمشق، وجمعيات آسيوية كثيرة[7].

وقد خصص المستشرق الألماني اليهودي كارل بروكلمان للمولد النبوي في كتابه تاريخ الشعوب الإسلامية فصلا كاملا بعنوان ب:(محمد الرسول) مستفتحا قوله بتوظيف منهج الشك الديكارتي قائلا:" لسنا نعلم علم اليقين السنة التي ولد فيها النبي ، والمشهور أن ولادته كانت سنة 570م؛ ولكن الذي لا شك فيه أنها متأخرة بعض الشيء"[8].

3- المستشرق البريطاني اليهودي برنار لويسLewis,  Bernard (المولود عام 1916).

وهو مستشرق بريطاني تخرج من جامعتي لندن وباريس. وعين معيداً للتاريخ الإسلامي في جامعة لندن (1938)، والتحق بوزارة الخارجية (1941 - 54)، وأستاذاً لتاريخ الشرقين الأدنى والأوسط في جامعة لندن (1949)، وأستاذاً للتاريخ في جامعة كاليفورنيا (1955 - 56)[9]

تناول المستشرق برنار لويس قضية المولد النبوي من خلال الحديث عن السنة التي ولد فيها ﷺ، وسلك في ذلك مسلك الاحتمالات والشكوك، وطغى على رأيه التباين والاختلاف ، وعدم القرار على رأي واحد في المسألة.

وقد نبه مازن مطبقاني على هذا التخبط  الحاصل عند لويس في القضية حين قال: "تحدث لويس عن ولادة الرسول ﷺ، ونسبه، وحياته، وحياته الأولى قبل البعثة، قائلا: أن النبي ولد في مكة سنة 570، أو 580 لعائلة بني هاشم القرشية المشهورة، أما عن نسبه، فيرى أن ما عرف عنه كان قليلا، وكذلك ما عرف عن طفولته، وحتى هذا القليل تضاءلت قيمته أمام الدراسات الغربية، ومن المحتمل أنه عاش يتيما تحت كفالة جده لأبيه، وفي شبابه عمل في التجارة؛ لكن هذا الأمر محتمل، وليس أكيدا"[10].

ثالثا: الرد على هذه الشبه:

إن ملخص ما أورده المستشرقون الثلاثة: هنري لامانس، وكارل بروكلمان، وبرنار لويس من الشبهات والدعاوى؛ هو اتفاقهم العجيب في الشك في تحديد العام الذي ولد فيه رسول الله ﷺ، وتأخيره بعشر سنين بعد عام الفيل، وهذه الفرية ابتدعها هنري لامانس أولا، ثم انتشرت انتشار النار في الهشيم؛ حيث تلقفها عنه من جاء بعده من التلاميذ والأتباع، وعلى رأسهم تلميذه النجيب بروكلمان، ثم نقلها عنهما من جاء بعدهما من المستشرقين وعلى رأسهم برنار لويس.

ولم يأت  هنري لامانس، ولا تلميذه بروكلمان ولا برنار لويس بجديد في المسألة ؛ وإنما هي آراء وتمحلات لا يعضدها الدليل الصريح، ودعاوى  عريضة لا تسعفها الحجج الدامغة:

 وهذه الدعاوى العريضة يُرد عليها من خلال الرجوع إلى المصادر الإسلامية الصحيحة التي تناولت مولد النبي ﷺ من كتب الحديث والسيرة، والرجوع إلى دليل إجماع أهل العلم من المؤرخين، وأصحاب السير والمغازي الأثبات الثقات المعتنون بدقائق سيرته ﷺ في المسألة، وبعض ممن وافقهم من الأعلام المعاصرين الذين أثبتوا كلهم أن مولده ﷺ كان عام الفيل.

ومن الأدلة الكاشفة لشبهات هؤلاء المستشرقين في المولد المنيف الآتي:

أولا: الحديث النبوي الشريف :

حيث حسمت أحاديث النبي ﷺ الخلاف في تاريخ مولده ﷺ ، وأزالت الغشاوة عن الدعاوى التي أوردها المستشرقون في الأمر؛ حيث يقول في هذا المعنى د. سعيد بن علي المغناوي :"لقد حسمت كتب الحديث زمن ولادة الرسول ﷺ بأنه كان في عام الفيل الذي يوافق 570م، أو 571م؛ حيث ورد ذلك في سيرة ابن هشام، وفي المستدرك للحاكم وفي غير ذلك من كتب التواريخ العامة"[11].

حيث ورد في الحديث الشريف من رواية ثلاثة من الصحابة الكرام: أولهم ترجمان القرآن عبد الله ابن عباس الهاشمي ، وقيس بن مخرمة  القرشي المطلبي ، والقباث بن أشيم الليثي الكناني رضي الله عنهم ما يثبت أن النبي ﷺولد عام الفيل؛ من ذلك:

1- حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «ولد النبي ﷺ عام الفيل»[12].

2- وحديث قيس بن مخرمة رضي الله عنه: «ولدت أنا ورسول الله ﷺ عام الفيل، كنا لدين»[13].

3- وحديث القباث بن أشيم رضي الله عنه حين سئل: أنت أكبر أم رسول الله ﷺ؟ فقال: بل رسول الله ﷺ أكبر مني، وأنا أسن منه «ولد رسول الله ﷺ عام الفيل، وتنبأ على رأس الأربعين من الفيل»[14].

ثانيا: إجماع علماء السيرة والمغازي على أن تاريخ مولده هو عام الفيل:

حيث وقع إجماع علماء السيرة والمغازي والتاريخ أن ميلاد النبي ﷺ كان عام الفيل منهم: محمد بن إسحاق (151هـ) في السيرة، وإبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري (236هـ)، وخليفة بن خياط العصفري(240هـ) في التاريخ، وابن عبد البر القرطبي(463هـ) في التمهيد، وابن القيم الجوزية (751هـ) في زاد المعاد، وابن كثير الدمشقي(774هـ) في السيرة النبوية...وغيرهم.

1-ابن إسحاق (151هـ): قال :" ولد رسول الله ﷺ يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل"[15].

2- إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري (236هـ): قال: " قول ابن شهاب هذا وهم لا يشك فيه أحد من علمائنا، وذلك أن رسول الله ﷺ ولد عام الفيل لا يختلفون في ذلك ونبئ على رأس أربعين سنة من الفيل ﷺ "[16].

3- خليفة بن خياط (240هـ): قال:" والمجتمع عليه عام الفيل"[17].

4- ابن عبد البر القرطبي(463هـ) في التمهيد قال:" ولا خلاف أنه ولد يوم الاثنين بمكة في ربيع الأول عام الفيل، وأن يوم الاثنين أول يوم أوحى الله إليه "[18].

5- ابن القيم الجوزية(751هـ): قال: "ولا خلاف أن مبعثه ﷺ كان يوم الاثنين، واختلف في شهر المبعث. فقيل: لثمان مضين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من عام الفيل"[19].

 وقال أيضا :"لا خلاف أنه ولد ﷺ بجوف مكة، وأن مولده كان عام الفيل"[20].

6- ابن كثير (774هـ):  قال: "قال ابن إسحاق: وكان مولده عليه الصلاة والسلام عام الفيل. وهذا هو المشهور عن الجمهور"[21].

ثالثا: العلماء المعاصرون الذين أثبتوا أن مولده ﷺ كان في عام الفيل:

وقد وافق العلماء المعاصرون سلفهم من المتقدمين، وأثبتوا أن مولده ﷺ كان في عام الفيل من ذلك : د. لخضر شايب، و د.مازن مطبقاني، د. إقبال بن عبد الرحمن إبداح، و د.أكرم ضياء العمري...وغيرهم.

قال د. لخضر شايب :"وحاول المستشرقون التشكيك في تاريخ ميلاد النبي ﷺ، وقد ذكر علماء السيرة أنه قد ولد عام الفيل، كما حددوا يوم وشهر مولده فجعلوهما الثاني عشر من ربيع الأول، كما طرح بعضهم يوم عشرين من هذا الشهر تاريخا لهذا الميلاد. أما لامانس فإنه يتأخر عن هذا التاريخ بعشر سنوات على الأقل؛ وذلك لكي يقف رأيه – حسب ما كان يهدف – حجر عثرة أمام الرأي الشائع عند المسلمين من أن الأنبياء يبعثون على رأس أربعين سنة" [22].

وقال أيضا د. لخضر شايب: "جميع الدلائل تؤكد مولده ﷺ عام الفيل، أي الموافق لسنة أربعين قبل بعثته، أو 53 قبل الهجرة، ونستدل على ذلك بمجموع الروايات التي تؤكده، إضافة إلى أن الحادث الذي اقترن به ميلاده كان حدثا مهما في حياة الحجاز كله، وخصوصا المكيين؛ وبالتالي فإن حفظه كان ميسورا لكل أحد؛ حتى إنه ليستحيل أن يشكك فيه باحث" [23].

وقال د. مازن مطبقاني :" من الواضح أن لويس متأثر في هذه الآراء حول ولادة الرسول ﷺ، ونسبه بآراء أستاذه هاملتون جب، الذي اعتبر أن المعلومات أكيدة حول حياة محمد ﷺ وظروفه المبكرة قليلة جدا، وشبهة عدم تحديد سنة ولادة الرسول ﷺ استمدها من مصادر استشراقية سابقة عليه، وهذا للشك في نبوته، وتأخير أحداث التاريخ الإسلامي، عبر عشر سنوات، وإحداث ارتباك، وخلط شديد في ترتيب أحداث السيرة"[24].

وقال د. إقبال بن عبد الرحمن إبداح :" ولكن من المحسوم والمقطوع أمره، والذائع حد الاشتهار أنه عليه السلام ولد في عام الفيل، إضافة إلى إجماع المصادر التاريخية على أن ولادته ﷺ كانت عام 570 أو 571 للميلاد، وهو العام الذي يعرف بعام الفيل"[25].

وقال د. أكرم ضياء العمري: " وقد صح أن مولد النبي ﷺ كان يوم الاثنين، وتفيد أقوى الروايات التي وصلت إلينا أن مولده كان عام الفيل. وقد ذكر خليفة أنه: "المجتمع عليه"[26]؛ فكأنه لا يعتد بمن خالف، والحق: أن الروايات المخالفة كلها معلولة الأسانيد ، وهي تفيد أن مولده بعد الفيل بعشر سنوات، أو ثلاث وعشرين سنة، أو أربعين سنة، وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بمولده عام الفيل، وأيدتهم الدراسة الحديثة التي قام بها باحثون مسلمون ومستشرقون اعتبروا عام الفيل موافقاً للعام 570، أو 571 الميلادي"[27].

الخلاصة:

وفي ختام هذا المقال خلصت إلى الآتي:

1- أن المستشرقين وجدوا  في أحداث السيرة النبوية، وأخبار المولد الشريف مادة دسمة، وميدانا فسيحا لإسقاط آرائهم ومناهجهم البحثية، وهي  في الحقيقة ما هي إلا آراء وأحكام مسبقة، وتصورات مغلوطة عن جهل أو علم.

2- فهنري لامانس سعى ليؤخر تاريخ مولده ﷺ المشهور إلى عشر سنوات. حتى ينقض القول الشرعي الذي يقول إن محمدا بعث على رأس الأربعين من عمر، وبالتالي إسقاط نبوته ﷺ.

3 -أما كار بروكلمان فقام بتوظيف منهج الشك الديكارتي في تناوله مولد النبي ﷺ وأنه لا يعلم بدقة السنة التي ولد فيها ﷺ.

4 -أما برنار لويس فسلك في ذلك مسلك الاحتمالات والشكوك، وطغى على رأيه التباين والاختلاف ، وعدم القرار على رأي واحد في المسألة.

5- حسمت أحاديث النبي ﷺ الخلاف في تاريخ مولده ﷺ؛ بأنه كان في عام الفيل من خلال روايات ثلاثة من الصحابة : عبد الله ابن عباس ، و قيس بن مخرمة  ، والقباث بن أشيم رضي الله عنهم.

6- وحسم أيضا إجماع علماء السيرة والمغازي والتاريخ أن ميلاد النبي ﷺ كان عام الفيل منهم: ابن إسحاق، وإبراهيم بن المنذر، وخليفة بن خياط، وابن عبد البر، وابن القيم، وابن كثير.

7- ووافق العلماء المعاصرون من تقدمهم، و أثبتوا أن مولده ﷺ كان في عام الفيل من ذلك : د. لخضر شايب، و د.مازن مطبقاني، د. إقبال بن عبد الرحمن إبداح، و د.أكرم ضياء العمري.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

**********************

هوامش المقال: 

[1] - الاستشراق والإسلام: مطارحات نقدية للطروح الاستشراقية: لخالد إبراهيم المحجوبي (ص: 39).

[2] - صناعة الآخر: المسلم في الفكر الغربي من الاستشراق إلى الإسلاموفوبيا: د.المبروك الشياني المنصوري، (ص: 48).

[3] - الاستشراق والإسلام: مطارحات نقدية للطروح الاستشراقية: لخالد إبراهيم محجوبي (ص: 41-42).

[4] - موسوعة المستشرقين:  د. عبد الرحمن بدوي(ص: 347) وقد بسط في ترجمته لمن أراد التوسع وزيادة بيان.

[5] - الاستشراق في السيرة النبوية دراسة تاريخية لآراء وات، بروكلمان، فلهاوزن مقارنة بالرؤية الإسلامية: لعبد الله محمد الأمين النعيم (ص: 58).

[6] - نبوة محمد ﷺ في الفكر الاستشراقي المعاصر: لخضر شايب (ص: 385).

[7] - انظر المستشرقون: لنجيب العقيقي (2 /777)، وأيضا توسع في ترجمته عب الرحمن بدوب في موسوعة المستشرقين (ص: 57-66).

[8] - تاريخ الشعوب الإسلامية: لكارل بروكلمان (ص: 32).

[9] - انظر: المستشرقون: لنجيب العقيقي (2 /561).

[10] - الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي: لمازن  مطبقاني (ص: 259).

[11] -  السيرة النبوية في الكتابات الفرنسية والإنجليزية: لسعيد بن علي المغناوي(ص: 99).

[12] -  أخرجه الحاكم في المستدرك (2 /658)(4180)، وقال : "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".

[13]- أخرجه ابن إسحاق في السيرة (ص: 25)، ومن طريقه رواه أحمد في المسند (29/ 422)(17891)، والحاكم في المستدرك  (2 /659)(4183) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه".

[14] -  أخرجه  الترمذي في أبواب المناقب عن رسول الله ﷺ، باب: ما جاء في ميلاد النبي (3619)، والحاكم في المستدرك (3 /724)( 6624). وقال الترمذي: " هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق". واللفظ للحاكم.

[15] -  السيرة النبوية: لابن هشام (1 /183).

[16] -  التمهيد: لابن عبد البر (10 /29).

[17] -   التاريخ: لخليفة بن خياط العصفري (ص: 53).

[18] -  التمهيد: لابن عبد البر (3/ 26).

[19] -  زاد المعاد: لابن بالقيم (1/ 76).

[20] -   زاد المعاد: لابن بالقيم (1/ 74).

[21] -   السيرة النبوية: لابن كثير (ص: 35).

[22] -  نبوة محمد ﷺ في الفكر الاستشراقي المعاصر: لخضر شايب (ص: 385).

[23] -  نبوة محمد ﷺ في الفكر الاستشراقي المعاصر: للخضر شايب (ص: 385).

[24] - الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي: لمازن مطبقاني (ص: 260).

[25] - الوحي القرآني بين المفسرين والمستشرقين دراسة تحليلية مقارنة: د. إقبال بن عبد الرحمن إبداح (ص: 197).

[26] - تقدم توثيقه.

[27] - السيرة النبوية الصحيحة: لأكرم ضياء العمري ( 1 / 96-97 ).

*******************

لائحة المصادر والمراجع:

الاستشراق في السيرة النبوية دراسة تاريخية لآراء وات، بروكلمان، فلهاوزن مقارنة بالرؤية الإسلامية: لعبد الله محمد الأمين النعيم، المعهد العالمي للفكر الإسلامي،  ط1، 1417هـ/1997م.

الاستشراق والاتجاهات الفكرية في التاريخ الإسلامي: لمازن مطبقاني، عالم الأفكار للنشر والتوزيع، الجزائر، 2011م.

الاستشراق والإسلام: مطارحات نقدية للطروح الاستشراقية: خالد إبراهيم محجوبي، أكاديمية الفكر الجماهيري، دار الكتب الوطنية، بنغازي، ليبيا، 2010م.

تاريخ الشعوب الإسلامية: كارل بروكلمان، نقلها إلى العربية: نبيه أمين فارس، ومنير البعلبكي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط5، 1968م.

التاريخ: لخليفة بن خياط شباب العصفري البصري، ت: د. أكرم ضياء العمري، دار طيبة، الرياض، ط2، 1405هـ/1985م.

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: لأبي عمر يوسف بن عبد الله ابن عبد البر القرطبي، ت: سعيد أحمد أعراب، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، 1401هـ/1981م.

زاد المعاد في هدي خير العباد: لمحمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية، ت: شعيب وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت ، ط3، 1418هـ /1998م .

سيرة ابن اسحاق المسماة: بكتاب المبتدأ والمبعث والمغازي، لمحمد بن إسحاق بن يسار، ت: محمد حميد الله، طبع معهد الدراسات والأبحاث للتعريب، الرباط 1396هـ/1976م.

سنن الترمذي: لأبي عيس محمد بن عيسى الترمذي، اعتنى به: مشهور حسن سلمان. مكتبة المعارف الرياض. ط1(د.ت).

السيرة النبوية في الكتابات الفرنسية والإنجليزية: لسعيد بن علي المغناوي، دار العبيكان، 2018م.

السيرة النبوية: لأبي الفداء إسماعيل بن عمر ابن كثير الدمشقي، ت: مجمود عمر الدمياطي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط3، 2011م.

السيرة النبوية: لعبد الملك بن هشام الحميري المعافري، ت: عمر عبد السلام تدمري، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، ط3، 1410هـ/1990م.

صناعة الآخر: المسلم في الفكر الغربي من الاستشراق إلى الإسلاموفوبيا: د.المبروك الشياني المنصوري، مركز نماء للبحوث والدراسات، بيروت، لبنان، ط1، 2014م.

 المستدرك على الصحيحين، لأبي عبدالله محمد بن عبدالله الحاكم النيسابوري، ت: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت ط2، 1422هـ/ 2002م.

المستشرقون: لنجيب العقيقي، دار المعارف القاهرة، ط3، 1964 م.

موسوعة المستشرقين: د. عبد الرحمن بدوي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، ط1،  1984م.

نبوة محمد ﷺ في الفكر الاستشراقي المعاصر: لخضر شايب، مكتبة العبيكان، الرياض، 2002م.

الوحي القرآني بين المفسرين والمستشرقين دراسة تحليلية مقارنة : د. إقبال بن عبد الرحمن إبداح في كتابه ، دار دجلة ، عمان، الأردن، ط1، 2011م.

*راجعت المقال الباحثة: خديجة ابوري

Science

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق