وحدة المملكة المغربية علم وعمرانأعلام

خناثة بنت الشيخ بكار عبد الله المغافري

خناثة بنت الشيخ بكار المغافري، هي إحدى النساء المغربيات المتميزات بتربيتهن وثقافتهن، فكانت عالمة بالحديث والقراءات السبع والتصوف، وذكر القادري في كتابه "نشر المثاني" أن خناثة بنت بكار كانت في بداية تفقهها، تخط بيدها في اللوح ثم تبعث بذلك إلى الشيخ المكي الدكالي ليصحح لها، و كانت زوجا للسلطان المولى إسماعيل، وأما للسلطان مولاي عبد الله، وجدة السلطان سيدي محمد بن عبد الله، وكانت أول امرأة تتولى الوزارة في المغرب، فكانت من العالمات اللائي أسهمن في الحياة  السياسية والفكرية للمغرب آنذاك....

هي خناثة بنت الشيخ بكار بن علب بن عبد الله المغافري من عرب معقل بالصحراء المغربية زوجة المولى إسماعيل، إذ من الثابت أنه كانت له سياسة في اصطفاء الأنصار واختيار الأصهار... فتوجه على تخوم الصحراء المغربية سنة 1089هـ، أي بعد تربعه على العرش بنحو سبع سنوات لأمور يرمي إلى تحقيقها هناك سياسيا وعسكريا ومنها أنه يريد توثيق عرى الروابط الدموية والأخوية بينه وبين أخواله عرب معقل من أعراب الصحراء حيث أن أمه من هؤلاء، وكان يعتمد عليهم في تدعيم ملكه باتخاذه منهم سرايا وفيالق منظمة فأصهر إليهم بتزوجه بالأميرة خناثة الموصوفة عند المؤرخين بأنها ذات أدب وعلم ودين وقال فيها صاحب الجيش اكنسوس: كانت صالحة عابدة عالمة حصلت العلوم في كفالة والدها الشيخ بكار وقال: رأيت خطها على هامش نسخة من الإصابة لابن حجر[1].

وكان لها كلام ورأى وتدبير مع مولانا أمير المؤمنين رحمه الله ومشاورة في بعض أمور الرعية، وكانت له وزيرة صدق وبطانة خير، تأمره بالخير وتحرضه عليه وتتوسط في حوائج الناس ويقصد بابها أهل الحياء والحشمة وذوو الحاجات وكانت في ذلك ركنا من الأركان جزاها الله بالخير. [2].

قال في حقها الشيخ محمد بن على بن فضل الحسينى الشافعي الطبرى إمام المقام الإبراهيمى ما لفظه: ثمرة الشيوخ المعتبرين المنتخبين من أكرم سلالة، وأفلاذ أكباد العلماء المتغذين بلبان الجلالة، مغارس طابت في ربى المجد فألقت على الخلف معدن السودد وكيمياء السعادة، وعنصر الحمد ومفرق السيادة، الملكة خناثة بنت المرحوم المبرور الشيخ بكار المغفرى زوجة المرحوم المقدس مولانا السلطان إسماعيل أعلى الله مقامه في الجنان ورفع لهذه الملكة أعلام السيادة على مر الزمان[3]..

وبعد مرور أربع سنوات من تولي ابنها مولاي عبد الله الملك، قامت بأداء فريضة الحج صحبة حفيدها سيدي محمد بن عبد الله، وقد خرجت من مكناسة الزيتون، وسط حاشية عظيمة وفي أبهة فائقة، يوم الجمعة حادي عشر جمادى الثانية من عام 1143 هـ، حاملة معها مائة ألف دينار هدية للحرمين[4].

وجاء في كتاب إتحاف أعلام الناس" رحلت إلى الحج وزيارة خير الأنام مع حفيدها سيدى محمد بن عبد الله وكان خروجها من دار الخلافة بمكناسة الزيتون بعد صلاة الجمعة الحادية عشرة جمادى الثانية عام ثلاثة وأربعين ومائة وألف، وهي السنة الرابعة من إمارة ولدها السلطان مولاى عبد الله، وقد بلغ عدد ما زودها به ولدها المذكور من الدراهم بقصد التوسعة على أهل الحرمين الشريفين مائة ألف دينار كما قاله حفيدها العلامة الثبت أبو محمد عبد السلام بن محمد بن عبد الله في مؤلفه، درة السلوك وريحانة العلماء والملوك" [5]..

وكان خروجها للحج في أبهة من أبهات الملك كبيرة، وأسباب من أسبابه أثيرة، وكان مبيتها على الربوة المشرفة على وادى ويسلين حيث ضربت لها هنالك القباب الملونة، التي جللت الأرض وملأت الأعين منظرا وبهاء وكثرة أمتعة كتاب السيدة خناثة بنت بكار لأهل جدة وعليه طابعها[6].

ولما وصلت خناثة إلى ينبوع الحجازـ زارها شرفاء هذه الناحية فأوستعهم عطاء وهبات، وأخيرا دخلت مكة صبيحة سابع ذي الحجة من نفس السنة، فاشترت عقارات أوقفتها في سبيل الله، ومنها دار بباب العمرة، أحد أبواب البيت الحرام، أوقفتها على الطلية خاصة، وبقيت في مكة عشرة أيام، سارت بعدها إلى المدينة المنورة، ومكثت فيها ثلاثة أيام، قبل أن تأخذ طريق العودة إلى المغرب[7].

وقال عنها الوزير الشرقي الذي صحبها في رحلتها الحجازية «ما تعلم واحدة من الحرائر التي دخلت دار الخلافة من أزواج مولانا إسماعيل تشبه هذه السيدة ولا تدانيها همة وصيانة ورزانة وحصانة عقل ومتانة دين وكان لها كلام ورأي وتدبير مع مولانا أمير المؤمنين ومشاورة في بعض أمرو الرعية وكانت له وزيرة صدق وبطانة خير تأميره بالخير وتحرضه عليه وتتوسط في حوائج الناس ويقصد بابها أهل الحياء والحشمة وذوو الحاجات، وكانت في ذلك ركنا من الأركان[8].

وماتت خناثة بنت بكار بفاس في شهر جمادى الأولى من عام 1159 ماي، ودفنت بضريح الأشراف في فاس الجديد[9].

[1] - دعوة الحق – أميرات مغربيات حافظن على العرش المغربي- عدد:96

[2] - إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 3 ص  29  الطبعة الاولى 2008 م.

[3] - إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 3 ص  29  الطبعة الاولى 2008 م.

[4] - الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية ص243  دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء.

[5] - إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 3 ص  29  الطبعة الاولى 2008 م.

[6] - إتحاف أعلام الناس بجمال حاضرة مكناس ج 3 ص  29  الطبعة الاولى 2008 م.

[7] - الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية ص243  دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء.

[8] - دعوة الحق – أميرات مغربيات حافظن على العرش المغربي- عدد:96

[9] - الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية ص243  دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء.

ذة. رشيدة برياط

باحثة بمركز علم وعمران

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق