مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

حكم تخصيص ليلة النصف من شعبان بالعبادة عند السادة المالكية

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

وبعد؛ فقد أودع الله سبحانه وتعالى في بعض الأماكن فضلا على غيرها في الطاعة والعبادة والدعاء، وجعل في بعض الأزمنة والأوقات مواسم للعطاء والهبات، ومن ذلك: ليلة النصف من شعبان، التي يتجلى فيها المولى سبحانه وتعالى إلى عباده بعموم رحمته، وشمول مغفرته، فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويجيب دعوة السائلين، ويفرج عن هم المكروبين، ويعتق فيها جماعة من النيران، ويكتب فيها الأرزاق والآجال والأعمال، وقد عُرف فضل هذه الليلة قديما عند الناس، فكانوا يحيونها بالعبادة، والذكر، والدعاء.

ولذلك كلما حلت هذه الليلة المباركة إلا وتثار تساؤلات بعض الناس الذين لهم اعتناء باغتنام أجر وفضل الأيام والشهور، عن حكم الشريعة الإسلامية في تخصيص هذه الليلة بالذكر والعبادة ؛ رجاء التقرب إلى الله تعالى ، ونيل فضلها وبركتها.

ومن بين المذاهب الفقهية التي اعتنت ببيان حكم الشرع في تخصيص هذه الليلة من شعبان بالعبادة ، مذهب الإمام مالك رحمه الله تعالى؛ حيث ورد عن أئمة السادة المالكية رحمهم الله تعالى أقوال مبثوثة في ثنايا كتب المذهب في شأنها ، وهل يصح تخصيصها بنوع من أنواع العبادات والطاعات؟ أم أنها مجرد ليلة كسائر الليالي ليس في فضل تخصيصها دليل صحيح؟ وانقسموا في شأنها إلى صنفين: الأول: يرى أنه لم يرد في تخصيص ليلة النصف من شعبان شيء من العبادات نص ثابت، وما جاء في ذلك موضوع ومكذوب، واعتبروا إحياءها من البدع المحدثة ، والثاني: يرى كراهة تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من العبادات؛ خاصة إذا كان ذلك جماعة في الأماكن المشهورة: كالمساجد وأنه بدعة، ويندب القيام بأعمال البر في ليلة النصف من شعبان من صلاة وغيرها؛ شرط أن يقوم به الإنسان  منفردا في بيته من غير المساجد.

ولأهمية هذا الموضع أحببت أن أخصه بهذا المقال الذي سأتناول فيه بيان أقوالهم في موضوع حكم تخصيص هذه الليلة من شعبان بالعبادة، مرتبا لها بحسب وفياتهم، من خلال مصادرهم التي نقلت هذا الحكم عنهم في هذه المسألة.

فأقول وبالله التوفيق:

رأي الفريق الأول  القائل:

أنه لم يرد في تخصيص ليلة النصف من شعبان بالعبادة نص ثابت، وما جاء في ذلك موضوع ومكذوب، واعتبروا إحياءها من البدع المحدثة.

ويرى هؤلاء إلى أن هذه الليلة ليس لها فضل على ما سواها من الليالي والأيام، وأنه لا يوجد حديث صحيح في فضل ليلة النصـف من شـعبان، وما ورد فيها من أحاديث في تخصيص ليلة النصف منه ببعض الأعمال (كصلاة الرغائب) ونحوه، موضوع ومكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وبالتالي  فهي لا فضل خاص لها؛ بل هي كسائر الليالي في شهر شعـبان، وممن ذكر  هذا الرأي من الفقهاء: ابن وضاح القرطبي(287هـ)، وأبي بكر ابن العربي الإشبيلي (543هـ)، وأبي الخطاب ابن دحية السبتي (633هـ)، وابن الحاج الفاسي (737هـ)، وعبد الله بن الصديق الغماري (1413هـ)، وتفصيل أقوالهم وفق الآتي:

1-الإمام أبو بكر محمد ابن وضاح القرطبي المالكي (287ه) رحمه الله:

حيث عقد بابا في كتابه «البدع والنهي» عنها سماه: (ما جاء في ليلة النصف من شعبان) أسند فيه رحمه الله ما رواه عن شيوخه بشأن هذه الليلة ؛ من ذلك ما رواه  عن شيخه هارون بن سعيد أنه قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال: «لم أدرك أحدا من مشيختنا، ولا فقهائنا يلتفتون إلى ليلة النصف من شعبان ، ولم ندرك أحدا منهم يذكر حديث مكحول ، ولا يرى لها فضلا على ما سواها من الليالي» . قال ابن أبي زيد: «والفقهاء لم يكونوا يصنعون ذلك»[1].

وأخرج أيضا رحمه الله بسنده عن شيخه :«ابن أبي مريم، قال: نا نعيم بن حماد قال: نا عبد الرزاق، عن معمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال: قيل له: إن زيادا النميري يقول: إن ليلة النصف من شعبان أجرها كأجر ليلة القدر ، فقال ابن أبي مليكة: «لو سمعته منه وبيدي عصا لضربته بها». وكان زياد قاضيا»[2].   

2- والإمام  القاضي أبو بكر بن العربي المالكي (543هـ) رحمه الله:

 قال في كتابه: «أحكام القرآن»: «وليس في ليلة النصـف من شعبـان حديث يعول عليه، لا في فضلها، ولا في نسخ الآجال فيها، فلا تلتفتوا إليها»[3]. وقال أيضا في «عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي» : «وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يساوي سماعه»[4].

3- والإمام الحافظ أبو الخطاب ابن دحية السبتي (633هـ) رحمه الله:

قال رحمه في كتابه: «ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان» : «وقد روى الناس الأغفال في صلاة ليلة النصف من شعبان أحاديث موضوعة، وواحدا مقطوعا؛ فكلفوا عباد الله بالأحاديث الموضوعة فوق طاقتهم من صلاة مائة ركعة، في كل ركعة الحمد مرة، وقل هو الله أحد عشر مرات، فينصرفون وقد غلبهم النوم، فتفوتهم صلاة الصبح التي ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله»[5].

وقال أيضا: «قال أهل التعديل والتجريح: «وليس في حديث ليلة النصف من شعبان حديث يصح. فتحفظوا عباد الله من مفتر يروي لكم حديثا يسوقه في معرض الخير، واستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا صح أنه كذب، خرج من المشروعية، وكان مستعمله من خدمة الشيطان لاستعماله حديثا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينزل الله به من سلطان. وذكر الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي في كتاب ذكر الحوادث والبدع التي ليس لها أصل في كتاب الله ولا سنة ولا إجماع ولا غيره، وقد حدثنا جماعة من أشياخنا عنه»[6].

وقال أيضا: «ومما أحدثه المبتدعون، وخرجوا به عما وسمه المتشرعون وجروا فيه على سنن المجوس، واتخذوا دينهم لهوا ولعبا، واللهو واللعب من شيم ذي الحظ المنحوس، الليلة التي هي ليلة الوقود التي تسمى عند العامة بليلة الوقيد، وهي ليلة النصف من شعبان التي موقدها من الثواب شر فقيد، ولم يصح فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نطق بالصلاة فيها والإيقاد ذو صدق من الرواة ولا تكلم، وما أحدثها إلا متلاعب بالشريعة المحمدية، راغب في دين المجوسية؛ لأن النار معبودهم، وقد كذبوا واضمحلت سعودهم»[7].

4-والإمام أبو عبد الله محمد ابن الحاج الفاسي المالكي(737هـ) رحمه الله:

قال في كتابه «المدخل»: «ومما أحدثوا فيه ما يفعلونه ليلة النصف من شعبان، وأول ليلة جمعة من رجب، فيسمع لهم صياح، وهرج، وبدع كثيرة حين صلاة الرغائب، وأول ما حدثت هذه البدع في المسجد الأقصى، ومنه شاعت في الأقاليم على ما نقله الإمام الطرطوشي رحمه الله  في كتاب الحوادث والبدع له، فإذا كان الإمام ينهى عن ذلك، أو يتكلم فيه كما تقدم ذكره لانحسمت المادة أو بعضها، والله الموفق»[8].

5- والعلامة د. عبد الله بن الصديق الغماري (1413هـ) رحمه الله:

قال  في رسالته : «حسن البيان في ليلة النصف من شعبان»:« لم ترد في صلاة معينة في هذه الليلة – أي: ليلة النصف من شعبان - من طريق صحيح ولا ضعيف؛ وإنما وردت أحاديث موضوعة مكذوبة لا بأس أن ننبه عليها لئلا يغتر بها العوام ومن حكمهم من العلماء الذين لا يعرفون الحديث»[9].

رأي الفريق الثاني القائل:

 أنه يكره تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من العبادات : إذا كان ذلك في الأماكن المشهورة كالمساجد جماعة،وأنه بدعة، ويندب إذا كان ذلك منفردا في بيته.  

ومن السادة المالكية رحمهم الله من قال بكراهة تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من أنواع العبادة: كالصلاة، والذكر  وغيرها من نوافل الطاعات ؛ إذا كان ذاك بصفة جماعية في الأماكن المشهورة كالمساجد، وأن ذلك من البدع المستحدثة في الدين، ويندب ذلك إذا قام به الإنسان منفردا في بيته من غير المساجد،  ومن هؤلاء الأئمة: ابن بشير التنوخي (536هـ)، وشهاب الدين القرافي (684هـ)، وخليل بن إسحاق الجندي (776هـ)، وابن ناجي التنوخي (837هـ)، و أبو عبد الله ابن المواق (897هـ)، والحطاب الرعيني (954هـ)، والخرشي (1101هـ)، وميارة الفاسي (1072هـ)، ومحمد عليش المصري المالكي (1299هـ) وغيرهم. وتفصيل أقوالهم وفق الآتي:

1-العلامة أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المالكي (536هـ) رحمه الله:

قال في كتابه: «التنبيه على مبادئ التوجيه»؛ حين تحدث عن: (حكم الجماعة للنافلة): «ومن صفاتها الانفراد والجماعة، ولا خلاف في جواز الانفراد مطلقاً. وأما الجمع فلا خلاف في جوازه في نافلة رمضان؛ لكن الانفراد عند مالك رحمه الله أفضل، وأما غير ذلك من النوافل فإن كان الجمع في الموضع الخفي، والجماعة يسيرة جاز. وقد تنفل صلى الله عليه وسلم  في بيته واقتدى به ابن عباس. وصلى عليه السلام في بيت  من بيوت أصحابه، واقتدى به الصبي والرجل والمرأة. وإن كان الموضع مشهوراً والجماعة كثيرة فكرهه عبد الملك بن حبيب، وهو مقتضى المذهب، ومنه ما يفعل في بعض البلاد من الجمع ليلة نصف شعبان وليلة عاشوراء، ولا يختلف المذهب في كراهيته. وينبغي للأئمة والفقهاء أن يتقدموا في النهي عنه، ولا يرخصوا فيه لأحد من الناس؛ فإن فعل النبي صلى الله عليه وسلم  في نافلة البيوت إنما كان ليتبرك به في صلاته، ولا يعتقد المعتقد أنه يفعل ذلك في المساجد، أو عند كثرة الجماعة في البيوت؛ فإن ذلك بدعة»[10].

2- والعلامة أبو العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي المالكي (684هـ) رحمه الله:

قال في كتابه : «الذخيرة »: «ولا يختلف المذهب في كراهة الجمع ليلة نصف شعبان، وليلة عاشوراء؛ وينبغي للأئمة المنع منه»[11].

3-والعلامة خليل بن إسحاق الجندي المالكي المصري (776هـ) رحمه الله:

قال  في كتابه: «التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب»: «(والْجَمْعُ فِيهَا فِي مَوْضِعٍ خَفِيٍّ، والْجَمَاعَةُ يَسِيرَةٌ جَائِزٌ، وإِلا فَالْكَراَهَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ) يعني: ويجوز الجمع في النافلة لحديث ابن عباس وحديث أنس بن مالك بشرطين:  أن يقل القوم. ابن أبي زمنين: كالرجلين والثلاثة. وأن يكون الموضع غير مشتهر. ووجه الباجي الكراهة في الجمع الكثير، أو الموضع المشتهر خشية أن يظنها كثير من الناس من جملة الفرائض، ومن هنا تعلم أن الجمع الذي يفعل في ليلة النصف من شعبان وأول جمعة من رجب، ونحو ذلك بدعة مكروهة. وقد نص جماعة من الأصحاب على ذلك؛ بل لو قيل بتحريم ذلك ما بعُد. وقد تولى الشيخ أبو عبد الله بن الحاج بيان مفاسده وشناعته، فتنظره في كلامه الذي هو من نور وتأييد»[12].

4- والعلامة قاسم بن عيسى ابن ناجي التنوخي القيرواني المالكي (837هـ) رحمه الله:

فال في كتابه : «شرح متن الرسالة لابن أبي زيد القيرواني (386هـ) رحمه لله» :«ومنه ما يفعل في بعض البلاد من الجمع ليلة النصف من شعبان وليلة عاشوراء، ولا يختلف المذهب في كراهته، وينبغي للأئمة أن يتقدموا في النهي عنه»[13].

5-الإمام أبو عبد الله محمد ابن المواق الغرناطي المالكي (897هـ) رحمه الله:

قال في كتابه: «التاج والإكليل لمختصر خليل»: «وقد رغب في صيام شعبان وقيل: فيه ترفع الأعمال. ورغب في صيام يوم نصفه وقيام تلك الليلة»[14].

6- والعلامة أبو عبد الله شمس الدين محمد بن محمد الحطاب الرُّعيني المالكي (954هـ) رحمه الله:

قال في كتابه: «مواهب الجليل في شرح مختصر خليل؛ حين شرح قول الإمام خليل المالكي رحمه الله» : (وجمع كثير لنفل أو بمكان اشتهر): «يريد وكذلك في الأوقات التي جرت عادة الناس بالجمع للنافلة فيها، وصرح العلماء بأن ذلك بدعة، قال في الذخيرة في باب صلاة النافلة: قال في الكتاب: يصلي النافلة جماعة ليلا أو نهارا، قال ابن أبي زمنين: مراده الجمع القليل خفية، كثلاثة؛ لئلا يظنه العامة من جملة الفرائض؛ ولذلك أشار أبو الطاهر يعني: ابن بشير، وقال: لا يختلف المذهب في كراهة الجمع ليلة النصف من شعبان، وليلة عاشوراء وينبغي للأئمة المنع منه انتهى»[15].

7- والعلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخرشي المالكي (1101هـ) رحمه الله:

قال في كتابه : «شرح مختصر خليل» ؛ حين شرح قوله في المختصر: « (وجمع كثير لنفل أو بمكان مشتهر وإلا فلا): يعني: أنه يكره اجتماع الجمع الكثير في النافلة؛ خشية الرياء، ولو في مسجده عليه الصلاة والسلام، وهذا في غير التراويح، والعيدين، والاستسقاء، والكسوف، وكذلك يكره اجتماع الجمع القليل كالثلاثة؛ لكن بمكان مشتهر، وأما بمكان غير مشتهر فلا كراهة؛ إلا أن يكون من الأوقات التي صرح العلماء ببدعة الجمع فيها كليلة النصف من شعبان، وليلة عاشوراء فإنه لا يختلف في كراهته، وينبغي للأئمة المنع من ذلك قاله ابن بشير»[16].

8-والإمام ميارة الفاسي المالكي (1072هـ) رحمه الله:

 قال في كتابه : «الدر الثمين والمورد المعين (شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين) »: «والجمع في النوافل في موضع خفي الجماعة ويسيرة جائز، فإن كان الموضع مشتهرا وكانت الجماعة كثيرة كره ذلك على المشهور، هذا في غير قيام رمضان كما مر التوضيح. ومن هنا تعلم أن الجمع الذي يفعل من ليلة النصف من شعبان، وأول من رجب، ونحوه ذلك بدعة مكروهة، وقد نص جماعة من الأصحاب على ذلك؛ بل لو قيل بتحريم ذلك ما بعد»[17].

9-والإمام أبو عبد الله محمد عليش المالكي (1299هـ) رحمه الله:

قال في كتابه:  «منح الجليل شرح مختصر خليل»: «(و) كره (اجتماع لكدعاء) وذكر، وصلاة، ونحوه، (يوم عرفة)، وليلة نصف شعبان، وسبعة وعشرين من رجب، ورمضان، بمسجد، أو غيره؛ إن قصد به التشبيه بالحجاج، أو إنه سنة في ذلك الوقت؛ وإلا فيندب»[18].

وما يستفاد من قول محمد عليش المالكي رحمه الله تعالى: «وإلا فيندب»: أن الذكر، والعبادة في  ليلة النصف من شعبان مندوب فعله بشرطين:

الأول: ألا تكون تلك العبادة والذكر في مسجد أو غيره؛ أي: بدون اجتماع عليها. الثاني: ألا يعتقد بسنية تلك العبادة المخصوصة في ذلك الوقت. والله تعالى أعلم.

وفي ختام هذا المقال أحمد الله تعالى الذي يسر لي الحديث عن: «حكم تخصيص ليلة النصف من شعبان بالعبادة  عند السادة المالكية»، وقد خلصت إلى أنهم رحمهم الله تعالى انقسموا في شأنها إلى رأيين: الأول: يرى أنه لم يرد في تخصيص ليلة النصف من شعبان نص ثابت، وما جاء في ذلك من أحاديث فهو موضوع ومكذوب؛ ولذلك عدوا إحياءها من البدع المحدثة، وهذا رأي بعض المحدثين الفقهاء من المالكية، والثاني: يرى كراهة تخصيص ليلة النصف من شعبان بشيء من العبادات كالصلاة والذكر وغيرها؛ خاصة إذا كان ذلك جماعة في الأماكن المشهورة: كالمساجد، وأنه بدعة؛ إلا ذلك إذا قام به الإنسان لخاصة نفسه منفردا في بيته من غير المساجد، أو في جماعة قليلة لا تتجاوز ثلاثة أفراد ، وألا يعتقد بسنية تلك العبادة المخصوصة في ذلك الوقت وهذا رأي تبناه أكثر فقهاء المالكية ، والله تعالى أعلم وأحكم.

فرحم الله تبارك وتعالى ساداتنا العلماء المالكية الأجلة بعظيم عفوه ورحمته ومغفرته، وجزاهم عنا وعن الإسلام خير الجزاء، سائلا المولى تعالى أن يتقبل مني هذا الجهد، وأن ينفع به، وأن يذخر لي أجره يوم لقائه،  آمين.

والحمد لله رب العالمين

***************

هوامش المقال:

[1] -  البدع والنهي عنها (ص: 53).

[2] -  المصدر السابق.

[3] -  أحكام القرآن (4/ 1690).

[4] -  عارضة الأحوذي(3 /216).

[5] -  ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان (ص: 30).

[6] -  ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان (ص: 43-44).

[7] -  ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان (ص: 45-46).

[8] -  المدخل (2 /228).

[9] -  حسن البيان في ليلة النصف من شعبان (ص: 30).

[10] -  التنبيه على مبادئ التوجيه (1/ 494).

[11] -  الذخيرة (2 /403).

[12] -  التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب (2/ 112).

[13] - شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة (1/ 162).

[14] -  التاج والإكليل لمختصر خليل (3 /319).

[15] -  مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (2/ 382).

[16] -  شرح مختصر خليل (2/ 11-12).

[17] -  الدر الثمين والمورد المعين (شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين) (ص: 338- 339).

[18] -  منح الجليل شرح مختصر خليل (1/ 335).

**************

لائحة المصادر والمراجع:

أحكام القرآن: لأبي بكر محمد بن عبد الله ابن العربي المعافري الإشبيلي المالكي، ت: علي بن محمد البجاوي، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، 1394-1974.

البدع والنهي عنها: لمحمد بن وضاح القرطبي ، ت: محمد أحمد دهمان، دار الصفا، ط1، 1411-1990.

التاج والإكليل لمختصر خليل (وهو: بهامش كتاب مواهب الجليل للحطاب): لأبي عبد الله محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي المالكي، ت:  ت: زكريا عميرات، دار عالم الكتب، (د.ت).

التنبيه على مبادئ التوجيه: لأبي الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي المالكي، ت: الدكتور محمد بلحسان، دار ابن حزم، بيروت – لبنان، ط1، 1428 – 2007.

التوضيح في شرح المختصر الفرعي لابن الحاجب: لأبي المودة ضياء الدين خليل بن إسحاق بن موسى، الجندي المالكي المصري، ت: د. أحمد بن عبد الكريم نجيب، مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث ، ط1، 1429 – 2008.

حسن البيان في ليلة النصف من شعبان: لعبد الله بن محمد بن الصديق الغماري، عالم الكتب، بيروت، ط2، 1405هـ-1985.

الدر الثمين والمورد المعين شرح المرشد المعين على الضروري من علوم الدين لابن عاشر: لأبي عبد الله، محمد بن أحمد بن محمد ميارة الفاسي، ت: عبد الله المنشاوي، دار الحديث القاهرة، 1429- 2008.

الذخيرة : لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن المالكي الشهير بالقرافي،(ج2): ت: سعيد أعراب، دار الغرب الإسلامي- بيروت، ط1، 1994.

شرح ابن ناجي التنوخي على متن الرسالة لابن أبي زيد القيرواني: للقاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي القيرواني، اعتنى به: أحمد فريد المزيدي: دار الكتب، بيروت – لبنان، ط1، 1428 – 2007.

شرح مختصر خليل للخرشي: لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الخرشي المالكي ، المطبعة الكبرى الأميرية، بولاق، مصر، ط2، 1327.

عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي : لأبي بكر محمد بن عبد الله ابن العربي ، ت: جمال مرعشلي، دار الكتب، بيروت، ط1، 1418-1997.

ما وضح واستبان في فضائل شهر شعبان: لأبي الخطاب ابن دحية السبتي، ت: جمال عزون، أضواء السلف، الرياض، ط1، 1424-2003.

المدخل: لأبي عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المالكي الشهير بابن الحاج، دار التراث، (د.ت).

منح الجليل شرح مختصر خليل: لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد عليش، المالكي، دار الفكر، بيروت، 1404 /1984.

مواهب الجليل في شرح مختصر خليل: لأبي عبد الله شمس الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي المغربي، المعروف بالحطاب الرُّعيني المالكي، ت: زكريا عميرات، دار عالم الكتب، (د.ت).

*راجع المقال الباحثة: خديجة ابوري، والباحث: يوسف ازهار

Science

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق