الرابطة المحمدية للعلماء

جراحة المعدة تخفف من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب

أثبتت العمليات الجراحية لعلاج البدانة المرضية نجاعتها في الحد من أخطار ارتفاع ضغط الدم والسكري لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن المفرطة. وأظهرت دراسة سويدية نشرت يوم الأربعاء في جريدة الجمعية الطبية الأميركية (JAMA)، أن هذا النوع من التدخل الجراحي يخفف كثيرا من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والشرايين أو السكتة الدماغية .

وتعتبر الدراسة المستقبلية “SOS” التي أنشئت في السويد بهدف تقييم التقنيات الثلاث للجراحة المخصصة لعلاج البدانة، سواء تمت من خلال عملية ربط المعدة أو استئصالها أو تجاوزها، كبيرة كونها مرجعا يعتمد عليه، لأنها أنجزت في مجال تكاد تكون التجارب والمحاولات فيه نادرة، وهو ما صرح به البروفيسور أرنو بادفون رئيس مركز البحوث الطبية والبدانة بإحدى مستشفيات باريس.

وقد قارن المختصون بين حالة 2010 شخص أجريت لهم عمليات جراحية لعلاج السمنة وبين 2037 مصاب بالبدانة استفادوا من نظام غذائي خاص بوضعهم الصحي وعلى مدى خمسة عشر عاما، فكانت النتيجة هي أن الوفاة بسبب النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، أصبحت قليلة وبشكل ملحوظ لدى الفئة التي أجريت لها العملية. وبالتالي فبإنقاص حوالي 15 أو 20 ٪  كيلو خلال مدة قدرها عشر سنوات، تؤدي لا محالة إلى الحد من الحوادث القلبية الوعائية بنسبة 30 ٪، وأيضا النقص من مادة الستاتين المخفضة للكوليسترول وخاصة لدى النساء البدينات، رغم أن مخاطر القلب والأوعية الدموية، منذ البداية، ليست مرتفعة لديهن، وهو ما أكده البروفيسور ميشيل كرامبف، رئيس شعبة التغذية بالمستشفى الجامعي بمدينة نانت الفرنسية، وهو ما يعني حسب المختصين، ضرورة معالجة 28 رجلا مقابل 83 امرأة للحد من إصابات القلب والشرايين.

ويبقى من الصعب إخضاع جميع الأشخاص المصابين بالبدانة إلى هذا النوع من العمليات الجراحية، بل يستفيد منها فقط المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة، بحيث يكون مؤشر كتلة الجسم لديهم قد تجاوز الأربعين، خاصة الفئات المصابة بمرض السكري، وارتفاع ضغط الدم، وتوقف التنفس أثناء النوم.

وتجدر الإشارة إلى أن السمنة مرض يصيب حوالي 1 ٪ من الساكنة الفرنسية عامة، و2.5 ٪ من سكان منطقة السين، وأن 28 ألف شخص تم إخضاعهم لهذه العمليات الجراحية خلال سنة 2010. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن مؤشر كتلة الجسم، عندما يتجاوز الدرجة 35 فإن خطر الوفاة يتصاعد بنسبة 2.5 بالمائة.

ويتم اللجوء إلى ثلاث تقنيات جراحية للحد من السمنة، ويعتبر ربط المعدة للتقليل من حجمها وإبطاء مرور الطعام إليها أكثرها شيوعا، أما عملية ما يعرف بتجاوز المعدة، فإنها تُمكِّن من تمرير الغذاء مباشرة إلى الأمعاء الدقيقة، مما يعني أن الأطعمة المشبعة بالدهون، لن تمتص بسهولة وبالتالي النتيجة ستكون هي فقدان الوزن، في حين نجد أن الأسلوب الثالث، وهو الأقل استخداما، يتم فيه اللجوء إلى الاستئصال الطولي للمعدة، بحيث يزال من حجمها حوالي أربعة أخماس بهدف حصر سعتها في 100 مل فقط.

وأثبتت الدراسة السويدية SOS، أن جميع التقنيات المتبعة تحقق النتيجة نفسها، فضلا عن ذلك فإن التخفيف في عدد الحوادث والوفيات الناتجة عن السمنة، يبقى كما هو، كيفما كان مؤشر كتلة الجسم. ولم يلاحظ المختصون استفادة إضافية لدى المرضى المصابين بالسمنة (مؤشر كثلة الجسم لديهم بين 35 و 40)، في حين أن الفائدة كانت كبيرة لدى المرضى الذين يعانون من ارتفاع مستويات الأنسولين في الدم، وهو ما يساعد المختصين  في تحديد المرضى ذوي الأسبقية في العلاج، كما يصرح بذلك البروفسور ارنو بادفون، مضيفا أن السؤال اليوم، هو هل هناك جدوى من جراحة المعدة لعلاج البدانة عند المرضى الذين مؤشر كتلة جسمهم أقل من 35.

ويعتبر جراح السمنة الفرنسي جان مارك كاتلين بمستشفى سان دوني، أن الرهان يكون كبيرا، عند معرفة أن 10 ٪ من المواطنين الفرنسيين مؤشر كتلة الجسم لديهم تجاوز 30، محذرا من المساس بالإجماع الدولي.

ويضيف أن المسألة تبقى مطروحة بالنسبة للمرضى الشباب ومؤشر كتلة الجسم يقع بين 35 و 40 مع عدم وجود أمراض مرتبطة. ويحذر أيضا من الآثار الجانبية الطويلة الأمد أو تلك التي تكون بعد جراحة المعدة مباشرة، إذ أن ثلث المرضى يضطرون للقيام بها مرة أخرى. ومع ذلك، يؤكد على أنها هي العلاج الوحيد والفعال للبدانة المرضية خلال العشرين سنة القادمة.

ترجمة فاطمة الزهراء الحاتمي
عن يومية “لوفيغارو” الفرنسية
عدد 4 يناير 2012.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق