مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةشذور

«تَحِلَّةُ قَسَمٍ»

أَرْخى ظَلامًا مِنْ شَعَرْ /// عِنْدَ الْمَسَا وَمَا شَعَرْ

ضَافِي الغَدائِرِ فَقَدْ /// أَحْكَمَهُ فَهْوَ مُمَرْ

ودُونَ سِجْفَيْهِ بَدَا /// لِذَيْلِ ثَوْبِهِ يَجُرْ

مُمَنَّعٌ فِي أهلِه /// كأنّه لَيْثٌ خَدَرْ

مُنَعَّمٌ فَلَا يَرَى /// مِنْ شِقْوَةِ الدَّهْرِ كَدَرْ

مَكْفِيُّ أَمْرِهِ فَمَا /// لِحَاجَةٍ قَطُّ سَهِرْ

عليهِ مِنْ نَوْمِ الضُّحَى /// تَفَضُّلًا مِنْهُ أَثَرْ

فَصُبْحُهُ مَا بَيْنَ نَوْ /// مٍ وَانْتِبَاهٍ مُنْكَسِرْ

وَاهِي الْيَدَيْنِ إِنْ أَرَا /// دَ حَمْلَ شيءٍ مَا قَدَرْ

نَظْرتُهُ كأنَّهُ /// ظَبْيٌ غَفَا عَلَى حَذَرْ

وإنْ مَشَى تَحْسَبُهُ /// مِنَ التَّثَنِّي قَدْ سَكِرْ

وإنْ حَكَى كَأَنَّمَا /// عِقْدٌ مِنَ الدُّرِّ انْتَثَرْ

فالشمسُ حِيك ضَوْؤُهَا /// مِنْ وَجْهِهِ حِينَ سَفَرْ

وَكُلْفَةُ الْبَدْرِ حَكَتْ /// أَنْفَاسَهُ عِنْدَ السَّحَرْ

فَهْوَ على أَتْرَابِهِ /// جَمِيعِهِمْ حُسْنًا أَبَرْ

إِذَا يكونُ فيهِمُ /// فَشُخُصٌ لَهُ نُظُرْ

يَقُومُ دُونَ عَارِضِ الـــــــــــسَّمَا إذَا اللَّيْلُ اعْتَكَرْ

يُبْدِي لِيَ الْبَدْرَ بِهِ /// بَدْرَيْنِ حُورًا وَحَوَرْ

عَجِبْتُ مِنْهُ إِذْ بَدَا /// مَعْ نُورِهِ كَيْفَ اسْتَتَرْ

بِالحُسْنِ يَدْعُو الْجَفَلَى /// لَسْتَ تَرَاهُ يَنْتَقِرْ

فَهْوَ الَّذِي لَا غَيْرُهُ /// لِأَعْيُنِ النَّاسِ سَحَرْ

لَقِيتُهُ عِنْدَ الْمَسَا /// وَمَا بِنَا إِنْسٌ شَعَرْ

فَفُزْتُ مِنْهُ غِرَّةً /// بِنَظْرَةٍ عَلَى حَذَرْ

تَشْفِي وَتُحْيِينِي وَلِي /// فِيهَا مَآرِبُ أُخَرْ

فَظُنَّ خَيْرًا مِنْ تُقًى /// وَلَا تَسَلْ عَنِ الْخَبَرْ

فَلمْ أَكَدْ أَقْضِي الهَوَى /// حَتَّى انْقَضَى اللَّيْلُ وَمَرْ

قدْ كنتُ أَشْكُو طُولَهُ /// فَمَا لهُ اليومَ قَصُرْ؟

عَجِبْتُ فِيهِ إِذْ مَضَى /// مِنْ نَابِلٍ يَرْمِي الثُّغَرْ

مِنْ سِحْرِ مُقْلَةٍ لَهُ /// قَدْ فُوِّقَتْ بِلَا وَتَرْ

رؤيتُه تَنْفِي الْقَذَى /// كَمَا به العَيْنُ تَقَرْ

إذا أَنَا كَلَّمْتُهُ /// أَبْلَتَ ثُمَّ لَمْ يَحِرْ

فَلَا يَزالُ مُطْرِقًا /// قَدْ حَالَ دُونَهُ الْحَصَرْ

نَفْسِي لَهُ الْفِدَاءُ مِنْ /// مُوَرَّدِ الْخَدِّ خَفِرْ

وَأَهْيَفِ الْخَصْرِ شَكَا /// مِنْ ظَلْمِ ثَغْرِهِ الْخَصَرْ

أَعْلَنْتُ حُبَّهُ وقَدْ /// خَافَ الوُشَاةَ فَأَسَرْ

فَصِرْتُ مَعْرُوفًا بِهِ /// وَبِهَوَاهُ مُشْتَهَرْ

لَمَّا رَأَى أُنْسِي بِهِ /// أَعْرَضَ عَنِّي وَنَفَرْ

أَنَلْتُهُ صَفْوَ الهَوَى /// فَكَلَّفَ العَيْنَ السَّهَرْ

وَكُلَّمَا اسْتَزَرْتُهُ /// يَعْتَلُّ عَنِّي بِالْعِذَرْ

ثم الْتَقَيْنَا بَعدها /// يومًا على أَمْرٍ قُدِرْ

وحينمَا سَألتُه /// مُسْتَفْهِمًا عَنِ الْخَبَرْ

أَعْرَضَ عَنِّي خَجِلًا /// وقال: سِحْرٌ مُسْتَمِرْ

ولم يَكَدْ يَصِلُنِي /// فِي يَوْمِهِ حَتَّى هَجَرْ

كأَنَّهُ الدَّهْرُ فمَا /// أَنْفَكُّ أرْقُبُ الغِيَرْ

وكنتُ مِنْهُ حَظَّهُ /// يَأْخُذُ مِنِّي وَيَذَرْ

لِكُلِّ وِرْدٍ مَعَهُ /// لا بُدَّ يومًا مِنْ صَدَرْ

يَسُوءُ طَوْرًا بِالنَّوَى /// وَبِاللِّقَا طَوْرًا يَسُرْ

فَالْهَجْرُ دَأْبُهُ مَعِي ///  وَوَصْلُهُ حَبْلٌ غَرَرْ

فَلَمْ يَصِلْ حَتَّى هَجَرْ /// وَلَمْ يَعِدْ حَتَّى غَدَرْ

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق