مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

توقير النبي عليه الصلاة والسلام و بر آله و ذريته و أزواجه أمهات المؤمنين

 

         قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى:

 

         ومن توقيره صلى الله عليه و سلم وبره، بر آله و ذريته و أمهات المؤمنين أزواجه، كما حض عليه صلى الله عليه و سلم ، و سلكه السلف الصالح رضي الله عنهم.

       قال الله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).[سورة الأحزاب33] .

و قال تعالى : (وأزواجه أمهاتهم) [سورة الأحزاب 6] .

أخبرنا الشيخ أبو محمد بن أحمد العدل من كتابه ، و كتبت من أصله: حدثنا أبو الحسن المقرئ الفرغاني ، حدثتني أم القاسم بنت الشيخ أبي بكر الخفاف، قالت: حدثني أبي، حدثنا حاتم، هو ابن عقيل ، حدثنا يحيى، هو ابن إسماعيل، حدثنا يحيى،  هو الحماني، حدثنا وكيع ، عن أبيه ، عن سعيد بن مسروق، عن يزيد بن حيان، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنشدكم الله أهل بيتي… ثلاثاً.

قلنا لزيد: من أهل بيته ؟ قال: آل علي، و آل جعفر، و آل عقيل، و آل العباس.
و قال صلى الله عليه و سلم: إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فانظر وا كيف تخلفوني فيهما.
و قال صلى الله عليه و سلم : معرفة آل محمد صلى الله عليه و سلم براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط ، و الولاية لآل محمد أمان من العذاب.
قال بعض العلماء: معرفتهم هي معرفة مكانهم من النبي صلى الله عليه و سلم، وإذا عرفهم بذلك عرف وجوب حقهم و حرمتهم بسببه .
و عن عمر بن أبي سلمة : لما نزلت: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) و ذلك في بيت أم سلمة ـ دعا فاطمة و حسنا و حسينا، فجللهم بكساء، و علي خلف ظهره فجلله بكسائه، ثم قال : “اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس، و طهرهم تطهيرا”.

و عن سعد بن أبي وقاص : لما نزلت آية المباهلة دعا النبي صلى الله عليه و سلم عليا و حسناً و الحسين و فاطمة، و قال : اللهم هؤلاء أهلي.
و قال النبي صلى الله عليه و سلم في علي: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه.
و قال فيه: لا يحبك إلا مؤمن ، و لا يبغضك إلا منافق.
و قال للعباس و الذي نفسي بيده، لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله و لرسوله. و من آذى عمي فقد آذاني، و إنما عم الرجل صنو أبيه.
و قال العباس: اغد علي يا عم مع ولدك ، فجمعهم و جللهم بملاءته، و قال: هذا عمي و صنو أبي، و هؤلاء أهل بيتي ، فاسترهم من النار كستري إياهم فأمنت أسكفة الباب و حوائط البيت: آمين. آمين .
و كان يأخذ أسامة بن زيد، و الحسن، و يقول : اللهم إني أحبهما فأحبهما.
و قال أبو بكر: ارقبوا محمداً في أهل بيته .
و قال أيضاً: و الذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحب إلي أن أصل من قرابتي.
و قال صلى الله عليه و سلم: أحب الله من أحب حسناً و حسيناً .
و قال: من أحبني و أحب هذين ـ و أشار إلى حسن و حسين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة .
و قال صلى الله عليه و سلم: من أهان قريشاً أهانه الله.
و قال صلى الله عليه و سلم: قدموا قريشاً و لا تقدموها.
          و قال صلى الله عليه و سلم لأم سلمة: لا تؤذيني في عائشة.
و عن عقبة بن الحارث: رأيت أبا بكر رضي الله عنه، و جعل الحسن على عنقه و هو يقول: بأبي شيبه بالنبي، ليس شبيهاً بعلي، و علي رضي الله عنه يضحك.
و روي عن عبد الله بن الحسن بن حسين، قال : أتيت عمر بن عبد العزيز في حاجة، فقال لي: إذا كانت لك حاجة فأرسل إلي أو اكتب، فإني أستحيي من الله أن يراك على بابي.
         و عن الشعبي: صلى زيد بن ثابت على جنازة أمه ، ثم قربت له بغلته ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه، فقال زيد: خل عنه يا بن عم رسول الله. فقال: هكذا نفعل بالعلماء. فقبل زيد يد ابن عباس، و قال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.
          و رأى ابن عمر محمد بن أسامة بن زيد، فقال: ليت هذا عبدي، فقيل له: هو محمد بن أسامة . فطأطأ ابن عمر رأسه و نقر بيده الأرض، و قال : لو رآه رسول الله صلى الله عليه و سلم لأحبه .
        و قال الأوزاعي: دخلت بنت أسامة بن زيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر بن عبد العزيز و معها مولى لها يمسك بيدها ، فقام لها عمر، و مشى إليها حتى جعل يدها بين يديه ، و يداه في ثيابه ، و مشى بها حتى أجلسها على مجسله، و جلس بين يديها، و ما ترك لها حاجةً إلا قضاها.
و لما فرض عمر بن الخطاب لابنه عبد الله في ثلاثة آلاف، و لأسامة بن زيد في ثلاثة آلاف و خمسمائة ـ قال عبد الله لأبيه : لم فضلته، فو الله ما سبقني إلى مشهد؟ فقال له : لأن زيداً كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من أبيك، و أسامة أحب إليه منك ، فآثرت حب رسول الله صلى الله عليه و سلم على حبي.
        و بلغ معاوية أن كابس بن ربيعة يشبه برسول الله صلى الله عليه و سلم، فلما دخل عليه من باب الدار قام عن سريره و تلقاه و قبل بين عينيه، و أقطعه المرغاب لشبهه صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
       و روي أن مالكاً رحمه الله لما ضربه جعفر بن سليمان ، و نال منه ما نال، و حمل مغشياً عليه دخل عليه الناس فأفاق، فقال: أشهدكم أني جعلت ضاربي في حل.
فسئل بعد ذلك، فقال: خفت أن أموت، فألقى النبي صلى الله عليه و سلم، فأستحي منه أن يدخل بعض آله النار بسببي .
و قيل : إن المنصور أقاده من جعفر ، فقال له : أعوذ بالله ! و الله ما ارتفع منها سوط عن جسمي إلا و قد جعلته في حل لقرابته من رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و قال أبو بكر بن عياش: لو أتاني أبو بكر و عمر و علي لبدأت بحاجة علي قبلهما، لقرابته من رسول الله صلى الله عليه و سلم، و لأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أقدمه عليهما.
وقيل لابن عباس : ماتت فلانة، لبعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم، فسجد، فقيل له: أتسجد هذه الساعة ؟ فقال: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيتم آيةً فاسجدوا وأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي صلى الله عليه و سلم.
 و كان أبو بكر و عمر يزوران أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه و سلم، ويقولان: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزورها .
و لما وردت حليمة السعدية على النبي صلى الله عليه و سلم بسط لها رداءه و قضى حاجتها، فلما توفي وفدت على أبي بكر و عمر فصنعا بها مثل ذلك .

 

“الشـفـا بتعـريف حقـوق المصطـفى”

تحقـيق وتقـديم عـامر الجزار

طبعة 1425 هـ – 2004م

دار الحديث القاهرة

2/296

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق