مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

تقييد في ختم صحيح البخاري لمحمد بن إبراهيم السباعي

د. خالد صقلي 

كلية الآداب  والعلوم الإنسانية –ظهر المهراز. 

جامعة سيدي محمد بن عبد الله.فاس 

يحق للمغاربة باستمرار أن يفتخروا بعلمائهم الذين أبلوا البلاء الحسن في خدمة المجتمع والثقافة بامتياز كبير، وسيظل معينهم لا ينضب مصداقا لقول الله سبحانه و تعالى:﴿وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض[1]، ويشكل هؤلاء العلماء معجما ضخما يَجْدُرُ بالباحثين المساهمة في التدوين العلمي لصفحاته، كل في مجال تخصُّصِهِ، وكفى هؤلاء العلماء فخرا ما خلفوه من إنتاج فكري غزير في العلوم النقلية والعقلية، ومن تلاميذ  كانوا على شاكلتهم. وفي هذا الإطار نجد العلامة سيدي محمد بن إبراهيم بن محمد السباعي الحسني المراكشي، وقد ولد حوالي سنة 1245هـ/(1829-  1830م)، ونشأ في رعاية أسرة علمية عريقة تنتمي إلى البيت النبوي.

   وتميز مسار تحصيله العلمي بانقسامه إلى مرحلتين؛ مرحلة دراسته الأولى التي كانت بين مسقط رأسه وبين قبيلة دمسيرة التي حفظ بها القرآن الكريم وبعض المتون المتداولة، وكان من أبرز شيوخه في هذه المرحلة الفقيه العالم سعيد بولواح الدمسيري، والشريف الجليل مولاي الصادق العلوي، والعلامة المشارك سيدي أحمد المرنيسي، ثم المرحلة الثانية وهي التي رحل فيها إلى فاس قصد استكمال أصناف العلوم العربية والإسلامية، فأخذ بها عن الشريف العلامة مولاي عبد المالك الضرير العلوي، والعلامة سيدي المهدي ابن الحاج، والشريف مولاي مَحمد بن عبد الرحمان العلوي، والحاج عمر ابن سودة، والفقيه سيدي محمد المكناسي وغيرهم.[2]

    وأصبح عالما متمكنا، وكان له باع طويل في عدة علوم، منها: الحديث والتفسير والعربية والتاريخ، والفقه، وكان العلامة محمد السباعي  يعد شيخ الجماعة في زمانه، وكان مشاركا ومدرسا، انتهت إليه خطة الفتوى[3]. والجدير بالذكر أن العلامة محمد بن ابراهيم السباعي كان  قد ختم  كتاب (الشفا…) للعلامة الفذ القاضي عياض رحمه الله ليلة الخميس 19 شعبان عام 1299هـ/6 يوليوز1882م. كما ختم صحيح البخاري عام 1308هـ/(1890-1891م) بحضرة السلطان المولى الحسن الأول، وختمه أيضا 4 مرات بشرح الخرشي تارة، وبشرح الزرقاني وحاشية البناني والرهوني رحمهم الله تارة أخرى. وتولى العلامة السباعي وظيفة التدريس أزيد من نصف قرن، وعاصر أربعة من السلاطين العلويين وهم: المولى الحسن الأول، والمولى عبد العزيز، والمولى عبد الحفيظ وأوائل فترة حكم المولى يوسف رحمهم الله. وجاء أجله يوم الاثنين6  رجب عام 1332/ 31 ماي  1914 ودفن بحي القصور داخل قبة العلامة الصوفي السني الكبير الشيخ سيدي أبي محمد عبد الله الغزواني أحد رجالات مراكش السبعة رحمهم الله [4].

مدخل ضريح سيدي عبد الله الغزواني  بمراكش الذي به دفن العلامة السباعي صاحب التقييد 

ونجد من بين مؤلفات وشروح السباعي المفيدة والتي تبرهن على ثقافته الموسوعية – كما عرف عن العلماء المسلمين عموما ومنهم المغاربة  – ما يلي:

۞   رسالة في خلع السلطان  المولى عبد العزيز ومبايعة أخيه  المولى عبد الحفيظ،  توجد منها نسخة مخطوطة بالخزانة العامة في الرباط تحت رقم د3937/1[5]، وتوجد نسخة أخرى بخزانة مكتبة مؤسسة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء، وهي  تامة في 37 صفحة وخطها مغربي جيد وكتبت باللون الأسود وتخللتها كلمات باللونين الأحمر والأخضر، ومقياسها هو16× 19، ومسطرتها هي16.

الصفحة الأولى والأخيرة من (الرسالة) المذكورة  بخزانة مؤسسة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء

  وهي مرفوقة بنص فتوى قضاة وعلماء فاس في ثبوت بيعة مولانا عبد العزيز والجواب عليها، وهي في صفحتين، وجاء في بدايتها:”…عثرنا على نسخة من الفتوى التي حررها العلماء بفاس بشأن رفض دعوة مولانا عبد الحفيظ وإنكار مبايعته…” وهما مجهولي الناسخ، ومؤرخين بتاريخ 28 رمضان1325هـ /13 أكتوبر1909م .

الصفحة الأولى والأخيرة من الفتوى والجواب عليها والتي توجد بخزانة مؤسسة الملك عبد العزيز  ال سعود بالدار البيضاء

۞   سيف النصرة لدفع الإبهام مع ذكر خصائص مؤكدة لوجود محبة ذرية مولانا هشام، صنفه في ثلاث تراجم رئيسية، وزع بينها ارتساماته عن السلاطين: المولى عبد الرحمان وابنه محمد الرابع ثم الحسن الأول، وأتبع الترجمة الأخيرة بباب ذكر فيه سجناته الثلاث، فرغ من تقييده يوم 10 ربيع النبوي عام 1309هـ/14 أكتوبر1891م. ويوجد مكتوبا بخط المؤلف في الخزانة الحسنية في الرباط  تحت رقم 309 [6].

۞   البستان الجامع لكل نوع حسن وفن مستحسن في عد  بعض مآثر السلطان مولانا الحسن، استوعب فيه سياسة السلطان الحسن الأول انطلاقا من فترة ولايته للعهد، وانتقل بعدها إلى ذكر أيام تقلده للحكم، في رصد تحركاته حتى وفاته، ويلم بالإشارة إلى بيعة السلطان العزيز. وجاء تأليفه استجابة لاقتراح من السلطان الحسن الأول عن طريق رسالة من الوزير علي المسفيوي مؤرخة في يوم 9 جمادى الثاني عام 1306هـ/ 10فبراير1889م، فيحدد فيها منهجية التأليف فيما نصه: (…وآمرك أن تشرع في تأليف مصنف يكون محتويا على جميع سيرته، وتتبع فيه الوقائع الصادرة في ظغنه وإقامته من أول خلافته. ولا تتعرض فيه لوضع أحد ولا تنقيصه بما ليس فيه، وتقتصر على ما هو الأليق بالمقام، وتجنب ما كان خارجا على سياق الانسجام) ورقة: 142 ب من نسخة مخطوطة في الخزانة العامة تحت رقم د 1346[7]، كما يوجد نسختين منه بالخزانة الحسنية بالرباط وأرقامهما: 12432  و 14116[8]، ونسخة  منه تحت عدد 1138 بالمكتبة الزيدانية بمكناس وعليها خط مؤلفها، وثلاث نسخ منه بمؤسسة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء، وتعاني هذه النسخ الأخيرة من بتر في أولهم وآخرهم، ومن ثم يجهل ناسخهم وتاريخ نسخهم.

 

صورة للصفحة الأولى والأخيرة من نسخة لمخطوط (البستان الجامع) توجد بخزانة مؤسسة الملك عبد العزيز ال سعود  بالدار البيضاء، وهي مبتورة الأول والأخير. 

۞   إقامة الحجة في واضح المحجة، وهو عبارة عن تقييد علق فيه على قصيدة قدمها للسلطان المولى الحسن الأول. وشرح فيه وقائع حركاته إلى قبائل ما بين فاس ووجدة، وقبائل بني مطير وسوس وبني مكليد، وتوجد نسخة منه مخطوطة بالخزانة الحسنية بالرباط تحت رقم: 464[9].

۞   تقييد المقول بصريح الشرع المنقول، وهي عبارة عن رسالة في بيان حرمة آل البيت النبوي، وتوجد منه نسخة بخزانة مكتبة الملك عبد العزيز بالدار البيضاء، وتقع في 89 صفحة، وهي تامة كتبت بخط مغربي جيد باللون الأسود، وتتخلله كلمات باللون الأحمر، ومسطرته تتراوح بين15-16، ومقياسه هو16×20، وناسخه هو محمد الفاضل ابن عطية بتاريخ يوم الثلاثاء28 رجب سنة1321هـ /28 اكتوبر1903م..

 

الصفحة الأولى والأخيرة من التقييد 

۞   شرح على الأربعين النووية [10]

۞   اختصار كتاب (زهرة الأكم) للعلامة الكبير سيدي الحسن بن مسعود  اليوسي رحمه  الله [11].

۞   تأليف عن الحماية سماه: «كشف الستور عن حقيقة كفر أهل بسبور»، أجهل مصيره

۞    شرح خطبة الخرشي لمختصر الشيخ خليل، جهل مصيره

۞    تقييد في ختمة المختصر، أجهل مصيره

۞    رسالة في مدح القلم والحض على الكتب الخطية والاعتناء بها. أجهل مصيرها [12]

۞   تقريظ على  كتاب “إظهار الكمال”[13]

     وقد أثنى على العلامة السباعي مجموعة من العلماء كما هو الشأن بالنسبة  لتلميذه العباس بن إبراهيم  المراكشي [14].

         وبخصوص  بيت قصيد هذا المقال وهو نص  تقييد العلامة السباعي  في ختم صحيح البخاري هذا الكتاب كما هو معلوم عظمه المغاربة بامتياز كبير في عدة تجليات: تدريسا وإجازة وشرحا ونسخا وتحبيسا….- فتوجد لدي منه نسخة مخطوطة. وقد ألفه بمناسبة إقرائه مع بعض العلماء والطلبة لصحيح البخاري بجامع الرصيف الشهير في مدينة فاس خلال شهر رمضان من عام 1294هـ/ (شتنبر- اكتوبر1877م)، والتقييد مجهول الناسخ وتاريخ النسخ، ويقع في 11صفحة، ومسطرته: 21×24، ومقياسه:24,1 ×18,1.

 

بداية ونهاية تقييد السباعي الذي بين أيدينا

ونص  التقييد المذكور هو كما يلي:   

{[ص: 1]بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله عليه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

 باب قول الله تعالى:{ونضع الموازين القسط ليوم القيامة}[15]: لما كان آخر الأمور التي يظهر بها المفلح من الخاسر ثقل الموازين وصفتها، جعله المؤلف آخر تراجيم كتابه فبدأ بحديث: (إنما الأعمال بالنيات)، وفرع على ذلك ما صح عنده عن خير الأنام من أحاديث الأحكام الذي منبعها الوحي بشهادة: ﴿إن هو إلا وحي يوحى[16]، ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم[17].

    وكان غالبها منوطا بالنية لأنها يصح العمل وينمو ثوابه ولا يقبل منه إلا ما خلصت فيه النية، فبه يثقل الميزان قال تعالى:﴿وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء﴾ [18] الآية، ويرد ما كان رياء وسمعة فيحق به الميزان، قال تعالى: ﴿فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا﴾ [19]، وفي الحديث القدسي: “يقول الله تعالى: “يوم القيامة من عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو الذي أشرك“.

وفي الحِكَمِ[20]: (والمقروء وهو كلام الله تعالى القديم كما لا يلزم من حدوث المتعلق به لأن الصفة الأعمال صور  قائمة أرواحها وجود سر الإخلاص فيها، وختم جامعة هذا بكتاب التوحيد الذي ليس للمكلف عنده محيدة وأطال النفس في مسألة الكلام التي من أجلها سمي علم الكلام. وبين المذهب الحق في أفعال الخلق بأنها مكتسبة لهم عادة مخلوقة لله تعالى حقيقة، ومن جزئياتها القراءة والتلاوة. ولا يلزم من حدوثها حدوث الخلق كالخلق قد تغاير الموصوف كالخالق، وختم الكتب المذكور بترجمة الآية المذكورة للإشارة إلى أن الحكم الفصل والموعد هو الميزان، إذ به يعرف[ص:2] المحق من المبطل فينتقل بالحق ويخف بالباطل، قال تعالى:﴿فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون…﴾[21]الآية. افتتح جامعه بآية: ﴿إنا أوحينا إليك[22] وعقبها بحدي: “إنما الأعمال بالنيات[23] وختم بهذه الآية وما بعدها إشارة إلى التسبيح والحمد من أعظم ما يثقل به الميزان بعد كلام الله تعالى، ولذلك جعلا من ذكر أهل الجنة تلذذا لا تعبدا، قال تعالى: ﴿دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام…﴾[24] الآية. ولو فضلهما غيرهما لذكوره. وكان من آخر ما أمر به عليه السلام في سورة: ﴿إذا جاء نصر الله[25] التي فيها إعلامه بقرب أجله لحما مر (للحص)[26] من مسند ابن عباس، ولا تخفى مناسبة الابتداء والاحتشام لما طول به المكلف.

– قوله(ونضع): أي ننصب ونقسم والواو للاستيناس والبيان القائم مقام التعليل. وكأنه قيل: ولما سجلوا على أنفسهم بالظلم، ووضع الشيء في غير موضعه لما مستهم نفحة من عذاب ربهم فأجبت بما ذكر، وكأن المعنى: وكيف لا ونحن قد أجرينا أمر أخراهم على ما اعتادوه في دنياهم مع تحقق من حكم له أو عليه بأنا منزلون عن الظلم والجور ولا تخفى علينا خافية.

قال تعالى: ﴿ووضع الكتاب فترى المجرمين مشققين مما فيه…﴾[27] الآية، وقال:﴿وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة…﴾[28] الآية. ونبه بنون العظمة على أن الواضع عظيم يخاف عذابه يتقى عقابه، وفيه تفظيع لما يقع به الوزن كما يأتي: (الموازين): جمع ميزان [29] واو للعهد والمعهود، الميزان المعروف، لكن كمية لا كيفية كما سيأتي، وهو مما تعرف به مقادير الأشياء[30]، قال تعالى: ﴿والوزن يومئذ الحق[31] أي: يوم القيامة، أي وزن الأعمال. والتمييز بين راجحها وخفيفها وجيدها ورديئها،﴿فمن ثقلت موازينه[32] أي حسناته التي توزن فهو جمع موزون. ويجوز أن يكون جمع ميزان كما تقع جمع بإقبار اختلاف الموزونات وتعدد الوزن، لأن كل عبد ينصب له موازين بالقسط تناسب حالاته. فلبدنه ميزان يوزن به أوصافه، ولروحه ميزان يوزن به [ص:3] نعوته، ولسره ميزان يوزن به أحواله، ولخفيه ميزان يزن به أخلاقه.

    والخفي لطيفة روحانية قابلة لفيض الأخلاق الربانية. ولهذا قال عليه السلام: “فأوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق“، وذلك لأنه ليس من نعوت المخلوقين بل هو من أخلاق رب العالمين، والعباد مأمورون بالتخلق بأخلاقه، والخلق ملكة في الإنسان تصدر الأفعال عنه بسهولة. ثم إن كانت الأفعال حسنة كالحلم والعفو والجود ونحوها سمي خلقا حسنا، وإن كانت سيئة كالغضب والعجلة والبخل سمي خلقا سيئا. قال وهب: “ما تخلق عبد بخلق أربعين صباحا إلا جعل الله ذلك طبيعة فيه” انتهى. فالخلق الحسن يكتسب، والسيئ يجاهد حتى يزول، والخلق الحسن يعدل الصيام وهو ثمرة التصوف. فمن لم يحسن خلقه فتصوفه أشجار بلا ثمار. ومرجع حسن الخلق ألا تغضب ولا تغضب ولا تبخل ولا تحقد وبالله التوفيق.

-(فأولئك): الجمع باعتبار معنى: (هم) ضمير فضل يفيد اختصاص المسند بالمسند إليه.

-(المفلحون):[33] الفائزون بالنجاة، الفطرة السليمة التي فطرت عليها واقتراف ما عرضها للعذاب، قالوا: الخسران إذهاب رأس المال، ورأس المال الإنسان نفسه. فإذا هلك بسوء عمله فقد خسر نفسه[34]. والذي عليه الجمهور أنه ميزان واحد عبر عنه في القرآن بلفظ الجمع. في السنة به وبالإفراد، وجمعه للتفخيم والتعظيم كقوله تعالى: ﴿كذبت قوم نوح المرسلين[35] وإنما هو رسول واحد، وكقوله تعالى:﴿يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا[36]. والمخاطب نبينا عليه الصلاة والسلام على أحد التأويلين، وقيل: جمع باعتبار أجزائه التي هي العمود واللسان والكتفان. ويجب اعتقاد ظاهره عند أهل السنة لثبوته فنقل الفخر الرازي[37] عن عبد الله بن سلام في وصفه. وروى عن حذيفة [ص:4] موقوفا ونحوه للحاكم مرفوعا أنه ذو كفين وعمود ولسان، وأنه لو وضعت السماوات والأرض وما فيهن في إحدى كفيه لوسعتهن إحدى كتفيه، وقد جاء أن كفة الحسنات من نور والأخرى من ظلام، وأن الجنة توضع عن يمين العرش والنار عن يساره. وينصب الميزان بين يدي الرحمان عز وجل: كفة الحسنات عن يمين العرش مقابلة للجنة، وكفة السيئات عن يسار العرش مقابلة للنار.

وعن حذيفة موقوفا أن صاحب الميزان يوم القيامة جبريل عليه السلام. وعند البيهقي [38] عن أنس مرفوعا أن ملك الموت موكول بالميزان، ووقف بأن صاحبه الآخذ بعموده ينظر إلى لسانه جبريل، والذي تولى وضع الأعمال فيه لتوزَنَ ملك الموت. فيكون كل منهما تولى ما لم يتول الأخر. وفي تفسير الثعلبي فيما رواه البزار البيهقي في الشعب[39] عن أنس أن ملكا يوكل يوم القيامة بميزان ابن آدم، فإن ثقل نادى بصوت يسمع جميع الخلائق إلا سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا. وإن خف نادى إلا شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله يا آدم قد جعلتك حكما بيني وبين ذريتك قم عند الميزان فانظر ما يرفع إليك من أعمالهم فمن رجح منهم خيره على شره مثقال ذرة فله الجنة حتى تعلم أني لا أدخل منهم النار إلا ظالما.

وروي أن داوود عليه السلام سأل ربه أن يريه الميزان فلما رآه أغمي عليه من هوله. ثم أفاق فقال: (إلهي من يقدر أن يملأ كفة هذا الميزان حسنات؟) فقال: (يا داوود إذا رضيت عن عبدي ملأته بثمرة واحدة)، ولذلك قال أبو الحسن الشادلي[40] رضي الله عنه: (واجعل سيئاتنا حسنات من أحببت ولا تجعل حسناتنا حسنات من أبغضت). فالإحسان لا يقع مع البغض منك، والإساءة لا تصر مع الحب منك، ورجحانه يستلزم رجحان الميزان كالعكس، خلاف ما حكاه الزركشي عن بعضهم أن رجحان الوزن في الآخرة بصعود [ص:5] الراجح عكس وزن الدنيا مستدلا بقوله تعالى: ﴿إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه[41] فإنه غريب مصادم لقوله تعالى: ﴿والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت….﴾[42] إلى آخره، ولقوله: ﴿فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت…﴾[43]. الآية. ولا يشكل بكثرة من يوزن عمله لأن أمور الآخرة لا تكيف.

قال تعالى: ﴿والله سريع الحساب[44]: يحاسب عباده على كثرتهم وكثرة أعمالهم في مقدار لمحة. قيل لعلي: (كيف يحاسب الله عباده في ساعة واحدة؟). وقوله: (القسط): أي العدل[45]. وهو منصوب على أنه نعت للموازين وأفرد لأنه في الأصل مصدر، والمصدر يوصف به المتعدد كالواحد، أو على أنه حذف مضاف أي ذوات القسط، أو المعنى: الموازين المقسطة أي المقسط واضعها وهو الله تعالى. فالإسناد مجازى ليوم القيامة ثبت لأبي ذر وثبت للباقين، واللام بمعنى عنده أو فيه أو لحسابه على حذف مضاف اللام للتعليل. وسمي بذلك لقيام الخلق فيه من قبورهم وقيامهم لرب العالمين، قال تعالى: ﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين[46] وقيام الروح فيه والملائكة صفا، قال تعالى: ﴿يوم يقوم الروح والملائكة صفا[47]. وله أسماء أنهاها في البذور السافرة إلى ثماني، وذلك يوذن بعظمته وهو ما يجب اعتقاده، وأنه آت لا محالة بدلائل قطعية. وإن أعمال بني آدم وقولهم: (يوزن) على رواية فتح أي قالوا: وعاطفة لمفرد مقدر على مذكور. والمعنى:

باب قول الله (انم)[48] وذكر(أنم)[49] وعلى كسرها قالوا وعطفت جملة بلا محلى على مثلها، وعلى كونها لاستيناف فلا عطف وأعمال فمع عمل وتركيبه من الفعل وغيره بدل على عمومه كما قاله الصغاني. والحق أن القول لا يدخل في الأعمال إلا مجازا، ولذلك عطفه (الحص)[50] عليها عطف مغاير. قال تعالى: ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد[51]، وفي الحديث: “وهل يكبد الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم” وحذفت النون من بني آدم [ص:6] أي اسم مصدره الذي هو الأقساط، ويحتمل أنه استعمل الثلاثي في معنى الرباعي، ولا حدق لقول (الزجاج)[52] أنه يستعمل في المعنيين فيكون مشتركا من أسماء الأضداد كالقرء للطهر والحيض، ولكن مضارع ما للعدل من باب نصر وضرب كما في القاموس، ومصدره بكسر القاف، وما للجوز من باب ضرب فقط، ومصدره بفتح القاف وهو أي المقسط العامل قال تعالى: ﴿والله يحب المقسطين[53] في الحديث: “إن المقسطين على منابر من نور يوم القيامة” وأما القاسط فهو الجائر، قال تعالى: “وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا[54] فالثلاثي بمعنى جار، والرباعي بمعنى عدل بناء الراجح.

وقد قال الحجاج لسعيد بن جبير: (ما تقول في قال: قاسط عادل؟) فأعجب الحاضرين، فقال (ويلكم جعله جائرا كافرا ألم تسمعوا قوله تعالى: ﴿وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا[55]، وقوله تعالى: ﴿ثم الذين كفروا بربهم يعدلون[56]. وفي نظم ابن المرجل للفصيح:

           وأقسط المومن فهو يقسـط  ****   وقسط الفاجر فهو يقسـط    

           والمقسط العادل في أفعالـه   ****   والقاسط الجائر في أحواله

حدثنا أحمد ابن (إشكاب)[57] فكسر الهمزة وفتحها عجمي غير مصروف أو عربي مصروف ثم المصري، قال الحافظ: لم أر هذا الحديث إلا عن طريقه،وأخرجه باقي الستة كلهم من طريقه، قال الترمذي[58]🙁حسن صحيح غريب)، قال: حدثنا محمد بن فضيل الضبر عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة أيضا الكوفي عن أبي زرعة (برم)[59] بن عمرو بن جرير بن عبد الله اليلي عن أبي هريرة رضي الله عنه عبد الرحمن بن صخر الدوسي أسلم زمن خيبر من فقهاء الصفة ضيوف الإسلام من المكثرين الحديث عن رسول الله قال. حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين فأما أحدهما فلو فشيته لكم لقطع منه هذا البلعوم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (كلمتان) تثنية كلمة بمعنى كلام فهو من باب إطلاق الكلمة على الكلام. مبتدأ موصوف بالصفات الثلاث بعده خبره سبحان الله (إنح)[60] مرارا [ص:7] به لفظه على حد هجير أبي بكر:لا إله إلا الله، فلا يحتاج لرابط لأن الجمل الواقعة خبرا كالمفرد الجامد حين يراد لفظهما. وهذا هو الأصل ولا الخبر هو محط الفائدة التامة من غير ضميمة شيء آخر فيه بخلافه على العكس،فلا يكون الخبر محط الفائدة التامة إلا بضميمة صفاته الثلاث إليه ولا يظهر العكس إلا إن أريد التشويق كقوله: ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها البيت. وعليه فله محلان النصب باعتبار الحكاية يقال: والرفع باعتبار الابتداء، وأطال الكلمة على الكلام (فحار)[61] مرسل وهو شائع في الكلام (حبيبتان): تثنية حبيبة أي محبوبة المراد محبو قائلها. فالإسناد مجاري وإنما أتت الوصف المذكور مع ذكر موصوفه معه، والقاعدة أن فعيلا إذا كان معنى مفعول يستوي فيه المذكور والمؤنث إذا ذكر الموصوف نحو مثيل وامرأة مثيل، فإن لم يذكروا الموصوف بينهما نحو قتيل وقتيله إما مشاكلة لما بعده. وأما ندور أو في الألفية ومن فعيل كقتيل (ارتبع)[62] البيت، ومحبة المولى لعبده أضل لمحبة العبد لمولاه المولى للعبد،إرادته إيصال الخير والتكريم. وخص اسمه الرحمان دون غيره من الأسماء الحسنى لأن كل اسم منها إنما  يذكر في المكان اللائق به. وهذا من محاسن البديع الواقع في الكتاب العزيز وغيره من الفصيح كقوله تعالى: ﴿استغفروا ربكم إنه كان غفارا[63].وكذلك هنا لما كان من يسبح بحمده الرحمة. ذكر في سياقها الاسم المناسب لذلك وهو الرحمن. ومحبة العبد لمولاه حالة يجدها في قلبه تحمله على مزيد التعظيم والتبجيل والتكريم وامتثال الأوامر واجتناب النواهي والزواجر، لأن المحب لمن يحب مطيع، وفيما يجلب رضاه بصير سميع.

وقوله: (إلى الرحمان): متعلق بما قبله. وإنما لم يصل إلى الرحيم للتوازي في السجع، ولأنه لا اسم بعد الجلالة أخص بالذات العالية منه، قال تعالى:﴿قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمان[64]. ولأنه أليق بالمقام، لأن المراد {ص:8} بيان كثرة رحمته وسعتها لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، والرحمة إما بمعنى إرادة الإحسان فهي صفة ذات قديمة، أو بمعنى الإحسان بالفعل، فهي صفة فعل حادثة، وهي خاصة من حيث التسمية، عامة من حيث المتعلق. قال تعالى: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء[65] ولما طمع فيها الرحيم. قال الرحيم:﴿فسأكتبها للذين يتقون…﴾[66] الآية.وفي الصحيح أن الله جعل الرحمة في مائة جزء. فأمسك فدل تسعة وتسعين جزءا وأنزل في الأرض جزءا واحدا. فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه. وفي صحيح مسلم: (إن رحمتي سبقت غضبي) أي: أعم وأشمل وأكثر.

-(خفيفتان على اللسان): لين خروجهما وسرعة النطق بها وسهولة خروجها من مخارجها. ولا يخفى ما في الكلام من الاستعارة.

-(ثقيلتان في الميزان): هما أو ذاكرهما أو صحائفهما حقيقة عن مثبتي الوزن. وفيه تعريض بأن سائر التكاليف صعبة، شاقة ثقيلة، وهذه حقيقة سهلة عليها مع أنها تثقل في الميزان ثقل غيرها من التكاليف فلا تتركوها، ولا يخفى ما في الكلام من الطباق.

-(سبحان الله): قال في القاموس[67](سبحان الله تنزيلا لله من الصاحبة والولد معرفة ونصب على المصدر أي أبره الله من السوء براءة أو معناه السرعة إليه، والخفة في طاعته. وسبحان من كذا العجب منه، وأنت أعلم بما في سبحانك أي في نفسك) انتهى. وقال القسطلاني[68]: (اسم مصدر يقال سبح يسبح تسبيحا، لأن قياس فعل التشديد إذا كان صحيح اللام التفعيل كالتسليم والتكريم. وقيل إن سبحان مصدر لأنه سمع فعل ثلاثي). انظر بقية كلامه انتهى.

والأوجه أن مصدر نوعي مضاف للفاعلين أو للمفعولين باعتبارين مختلفين. والأصل أسبح الله ثم أبدل المصدر من الفعل فقيل تسبيحا الله ثم أضيف فقيل: تسبيح الله. ثم أقيم اسمه مقامه. فقيل: سبحان الله فإن كان مصدرا قياسا سبح بالتخفيف فهو موكل ككليم الله موسى تكليما. ومعناه لغة الاستثناء نحو لولا تسبحون الله [ص:9] أي تستثنون بإن شاء الله والتباعد نحو: ﴿وإن لك في النهار سبحا طويلا[69] أي تباعدا أو فراغا.والتعجب نحو: ﴿فسبح بحمد ربك[70] أي تعجب لتيسر ربك ما لأجله بعثت ولم يبق إلا التهيأ لملاقاته، واصطلاحا التنزيه والبعد عما لا يليق وأضيف بخصوص الجلالة ليعم تنزيه الكل. وكأنه قيل: أنزهه ذاتا وإسما وصفة بخلاف ما لو قال: سبحان العليم مثلا لتوهم أن المراد تنزيهه من حيث صفة العلم فقط وهو اسم الله الأعظم إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى. وتخلف الإجابة للبعض لعدم وجود شرطها وهو علم لا صفة، عربي لا معرب، جزئي لا كلي، وإلا لما أفادت الهيللة. التوحيد مشتق لا جامد. وقدم التسبيح الذي هو تخلية على الحمد الذي هو تحلية لأن التنزيه مقدم على التنويه طبعا فقدم عليه وضعا ولذلك قدم النفي على الإثبات في الهيللة.

-وقوله: (وبحمده): الواو للحال المقدرة أو للعطف والباء للملابسة فالمعنى على الأول أسبحه متلبسا بحمدي له من أجل توفيقه لي للتسبيح ونحوه. انتهى. وعلى الثاني أي أسبح وألتمس بحمده. وأما الباء فيحتمل أن تكون سببية أي أسبح الله وأثني عليه بحمده، وقيل غير ذلك. انظر: القسطلاني: والمصدر فيما مضاف للمفعول، والجملة متحدة على الحالية ومتعددة العطفية. وقال القسطلاني: (والحمد مضاف للفاعل أي: أسبحه بما حمد نفسه إذ ليس كل تنزيه محمودا إلى نظره انتهى.

     والأليق يفسر التسبيح في حقه تعالى بالتنزيه عن سمات المحدثات لا من صفات النقص. إذ لا يبقى الشيء عن الشيء. إلا إذا صح إثباته له كما قيل في قوله تعالى:﴿لا تدركه الأبصار[71]، وأيضا لا كبير مدح في ذلك مثل الملك ليس بجزار وهو السيف أخبر من العصى، وقد قيل لبعض المشايخ: (لم تقتصر في الذكر على الاسم المفرد الله الله ولا تقول لا إله إلا الله) فقال: (نفي العيب، حيث يستحيل العيب عيب) ولا خصوصية للإنسان بالذكر المذكور بشهادة،﴿وإن من شيء إلا يسبح بحمده[72]،لأن وقوع شيء الفكرة بعد أن القافية ومن الموكدة نص في العموم،قال تعالى في الملائكة: ﴿يسبحون[ص:10] الليل والنهار لا يفترون﴾ [73]، هو الذي يسبح الرعد بحمده[74].وعن أنس: (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ كفا من حصباء فسبحن في يده حتى سمعنا التسبيح. ثم صبهن في يد أبي بكر فسبحن حتى سمعنا التسبيح. ثم صبهن في يد عمر فسبحن حتى سمعنا التسبيح ثم صبهن في يد عثمان فسبحن حتى سمعنا التسبيح. ثم صبهن في أيدينا فما سبحن).وعن أبي هريرة: (كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يوكل).

-وقوله: (سبحان الله العظيم): ختم بها ليجمع بين مقامي الرجاء والخوف إذ معنى الرحمان يرجع إلى الإنعام والإحسان، ومعنى العظيم: يرجع إلى الخوف من هيبته تعالى. فالرحمان يرجى فضله والعظيم يخاف عدله. وإنما لم يعطف على ما قبله لما بينهما من كمال الاتصال، وتقدير العاطف على تقدير حذفه خاص بالضرورة والمتغير في تفسير العظمة: علو القدر ورفعة الشأن، وهو من الصفات الجامعة كالجلال والعزة والكبرياء فمن تخلق بها فمومن الأغنياء. ففي الحديث القدسي:(الكبرياء راءي والعصمة إزائي فمن نازعني في واحد (منهما)[75] أدخلته جهنم)، فالعظمة من صفات الخالف، والعبودية من سمات المخلوق. ولم تكمل في واحد إلا في نبينا المصطفى زاده الله شرفا. ولذلك إذا أطلق العبد في القرآن العزيز انصرف إليه. قال تعالى:﴿وأنه لما قام عبد الله[76]،﴿سبحان الذي أسرى بعبده[77]. 

وعن الأوزاعي:(بلغني أن الله يقول: وعزتي لو يعلم العباد قدر عظمتي ما عبدوا غيري)انتهى. وحقيق أنه لو علموها ما عدوا ولا خافوا غيره. ولا طمعوا في غيره. وسئل بعضهم عن عظمة الله فقال: (ما تقول فيمن له عبد له ستمائة جناح لو نشر منها جناحا واحدا سد الحافقين هذا).ومما ورد في فضل التسبيح في الجملة ما رواه مسلم عن سمرة رفعه: (أفضل الكلام سبحان الله والحمد لله والله أكبر). وما رواه الترميذي وقال حديث حسن غريب عن ابن مسعود رفعه قال: (لقيت إبراهيم عليه السلام ليلة أسري بي فقال: يا محمد اقرئ أمتنا مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قبعان، وأن غراسها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)،[ص:11]وفي الحديث: (لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة)، زاد في رواية: (وذكرهم الله فيمن عنده). وقد نصوا على أن الذكر مع الحضور أفضل من الذكر اللساني المجرد، والإدمان على هذا قد يجر إلى ذلك وإلى طاعة المذكور. لأن ما لا يمكن كله لا يترك كله.

ومما ورد في ختم المجلس عن أبي هريرة رفعه: (ما جلس أحد مجلسا فكثر لغطه. فقال قبل أن يقوم من مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك عملت سوءا..إلخ. إلا غفر له ما كان في مجلسه. في الصحيح سيد الاستغفار: سبحانك أنت ربي لا إله أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك……إلخ. وحديث البغوي[78] عن علي كرم الله وجهه: من أراد أن يكتال بالمكيال إلا وفى فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه: ﴿سبحان ربك  رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ،والحمد لله رب العالمين﴾.[79]

قال جامع هذا التقييد، عبيد ربه وأفقر العبيد، السائلين من كرم مولاه السلامة والعافية في دنياه وأخراه، وأن يؤمنه يوم يدع الداع ويوفقه دائما لأفضل الأعمال وأحسن المساعي محمد بن إبراهيم السباعي: لما من الله الفتاح الكريم الباري بختم صحيح الإمام البخاري، إقراء مع بعض نجباء الأحبة وفضلاء الطلبة في الثامن والعشرين من أفضل الشهور نبض القرآن، الذي هو الشهر المعظم شهر رمضان، بدا لي عند الختم أن أفرد شيئا فقيدت هذا التقييد وجمعته وبه قرأت آخر الجامع وختمته. وكان البدء والختم بجامع  الرصيف[80] من محروسة فاس أدام الله أمنها وحفظها من كل مكروه وبأس.

انتهى في سنة أربع وتسعين ومائتين وألف. اللهم أصلح منا ما ظهر وبطن واجعلنا من أول الشاربين من الحوض والكوثر حتى نضرب بعطر.

     وصفوة القول إن العلامة محمد السباعي رحمه الله هو نموذج للعلماء المغاربة الذين كرسوا حياتهم وفكرهم لخدمة المجتمع والثقافة والعلوم الإسلامية، وسيظل التاريخ منوها بهم والاستفادة من آثارهم العلمية مستمرا…



[1] ) الاية 17 من سورة الرعد

[2] ) انظر :ذ.محمد فوزار، مركز الابحاث والدراسات واحياء التراث

http://www.almarkaz.ma/Article.aspx?C=5663 

[3] ) انظر:ابن بكار السباعي، الأنس والإمتاع في أعلام الأشراف أولاد أبي السباع، مطبعة وراقة داكـار، الرباط ، 2005 ط2، ص.177-180. – ابن المأمون السباعي، الإبداع والإتباع  في تزكية شرف أبناء أبي السباع، مطبعة الجنوب، البيضاء، ص.89 

[4] ) سيدي عبد الله بن عجال الغزواني، ولد بفاس وعاش بها. وهو صوفي جليل، رحل إلى مراكش فأصبح من تلامذة الشيخ سيدي عبد العزيز التباع وسابع رجالاتها، توفي سنة 935 هـ، ودفن بها بزاويته بحومة القصور، وعلى قبره قبة غاية في الصنع والإتقان، وضريحه مشهور يتبرك به، ومن مؤلفاته  كتاب النقطة الأزلية في سر الذات الإلهية، وقد ترجم له العديد من معاصروه. 

[5] ) انظر:العباس بن إبراهيم المراكشي، الإعلام بمراحل مراكش وأغمات من الأعلام، ج7، ص 204-205 

[6] ) انظر:الاعلام،م.س، ج7، ص202-204. وانظر: كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية، المطبعة والوراقة المغربية، مراكش،ط1، 2007، ص234 

[7] ) انظر:”مع المؤرخ السباعي في مخطوطه(البستان الجامع)”، لعبد القادر زمامة، مجلة دعوة الحق، العدد 286 ، صفر-ربيع 1-ربيع 2/ شتنبر-أكتوبر-نونبر سنة 1991

[8] ) انظر:كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية،م.س،ص56.

[9] ) انظر:كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية، م.س،ص42.

[10] ) انظر:عبد السلام ابن سودة، إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث والرابع، دار الغرب الإسلامي، بيروت ،1997،ج2، ص407.

[11] ) انظر: إتحاف المطالع، م.س،ج2، ص407.

[12])  ورد ذكر الكتب الأربعة عند: ذ.محمد فوزار، م.س 

[13] ) انظر: الإعلام، م.س، ج1 ص 56

[14] ) انظر: جواهر الكمال في تراجم الرجال، لمحمد ابن احمد العبدي الكانوني، نشر جمعية البحث والتوثيق والنشر،2004، ص44-45.- الإعلام للمراكشي،ج7، م.س،ص190-210.- الأعلام لخير الدين الزركلي، ج5،ص305.- ابن سودة، دليل مؤرخ المغرب الأقصى،ج2، ص131. عبد الرحمان ابن زيدان، معجم طبقات المؤلفين في عهد دولة العلويين، تحقيق حسن الوزاني،  منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية،2009، ج2، ص265-266.- معلمة المغرب  بإشراف المرحوم  د. محمد حجي، ج14،ص4840-4841. عبدالقادر زمامة، “مع المؤرخ السباعي في مخطوطه (البستان الجامع)” مجلة دعوة الحق:العدد: 286 صفر-ربيع 1-ربيع 2/ شتنبر-أكتوبر-نونبر 1991

[15] ) الآية 47  من سورة الأنبياء. 

[16] )الآية 4 من سورة النجم.

[17] ) الآية  4 4 من سورة النحل. 

[18] ) الآية 5  من سورة البينة. 

[19] ) الآية 105 من سورة الكهف 

[20] ) حكم ابن عطاء الله السكندري هو كتاب جمع فيه أراء الطائفة الشادلية وذكر فيه كثيرا من المواعظ والدعوات الصالحات وقد اعتبر من المؤلفات الأساسية في التصوف واستمرت دراسته عبر العصور فتعددت تحقيقاته وطبعاته، وانظر: يوسف سركيس، (معجم المطبوعات)، مطبعة سركيس،القاهرة، 1346-1928، ج1،ص (184-185).

[21] ) الآية 102 من سورة المومنون. 

[22] ) الآية 163 من سورة النساء

[23] )   حديث صحيح، أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم. 

[24] )  الآية 10 من سورة يونس

[25] ) الآية 1 من سورة النصر

[26] )كذا ورد

[27] ) الآية 49 من سورة الكهف

[28] ) الآية 61  من سورة يونس

[29] ) انظر:المعجم الوسيط، ابراهيم انيس واخرون، ط2،ج2، ص1030، مادة (وزن)

[30] ) انظر إسماعيل ابن كثير القرشي، تفسير القرآن العظيم، ج3، طبع دار المعرفة، بيروت، 1402-1982، ص (180-181).

[31]) الآية 8 من سورة الأعراف. 

[32] ) الآية 8 من سورة الأعراف. 

[33] ) الآية 8 من سورة الأعراف. 

[34] ) انظر: ابن كثير، (التفسير)، ج2، طبع دار الفكر، بيروت، الطبعة الأولى: 1404-1984، ص:203.

[35] ) الآية 105 من سورة الشعراء. 

[36] ) الآية 51 من سورة المومنون

[37] ) الرازي هو محمد بن عمر أصله من طبرستان، ومولده في الري اشتهر بإجادة كثير من العلوم وخاصة علم التفسير وتوفي سنة 606/1210. وله تآليف وافرة.و انظر:خير الدين الزركلي، الأعلام، ج7، الطبعة الثالثة، بدون مطبعة، بيروت 1389-1969، ص: 203. 

[38] ) البيهقي هو العلامة العباس أحمد بن الحسين. توفي عام 458/1066 ونجد من كتبه المطبوعة: الأسماء والصفحات في جزء واحد والسنن الكبرى في 10 أجزاء.

[39] ) البيهقي السالف الذكر له كتاب مختصر شعب الإيمان طبع في المطبعة المحمودية التجارية في القاهرة بدون تاريخ في جزء واحد تصحيح وتعليق: حافظ أحمد.

[40] ) أبو الحسن علي بن عبد الجبار الشاذلي يتصل نسبه بالمولى إدريس بن عبد الله الكامل، وكان مولده بقبيلة غمارة قرب سبتة وعاش معظم حياته في تونس التي قصدها بأمر من شيخه عبد السلام بن مشيش. وكانت وفاته في صعيد مصر في طريق سفره إلى الحرمين الشريفين وأنشأ الشادلي مدرسة صوفية متميزة بطريقتها البسيطة القريبة من تعاليم الكتاب والسنة،وتعتبر من أكثر الطرق انتشارا في العالم الإسلامي ولها أتباع ينقسمون إلى فرق كثيرة ومتشعبة. انظر:*خير الدين الزركلي، الأعلام، ج2، ص120.*عبد الوهاب الشعراني، الطبقات الكبرى، ج2، مطبعة مصرية بدون، ص: 4.

[41] ) الآية    10  من سورة   فاطر   

[42] ) الآية 8 من سورة الأعراف

[43] ) الآية 6 من سورة القارعة

[44] ) الآية  202  من سورة البقرة، والآية 39 من سورة  النور.

[45] ) انظر:المعجم الوسيط، م.س،ج 2،ص734،مادة(قسط)

[46] ) الآية  6  من سورة المطففين   

[47] ) الاية 38 من سورة النبأ

[48] ) كذا ورد

[49] ) كذا ورد

[50] ) كذا ورد

[51] ) الآية 18 من سورة ق

[52] ) كذا ورد

[53] ) لم تستخرجه

[54] ) الآية 15 من سورة الجن

[55] ) الآية 15 من سورة الجن

[56] ) لأية 1 من سورة الأنعام

[57] ) كذا ورد

[58] ) الترميذي هو أبو عيسى محمد بن عيسى توفي سنة 279/292 وهو صاحب كتاب السنن المعروف كذلك بالجامع الصحيح وطبع في المطبعة السلفية بالمدينة المنورة الطبعة الثانية عام 1394-1974 من تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف في 5ج.

[59] ) كذا ورد

[60] ) كذا ورد

[61] ) كذا ورد

[62] ) كذا ورد

[63] ) الآية 10  من سورة  نوح 

[64] ) الآية 10 من سورة الإسراء 

[65] ) الآية 156 من سورة الأعراف

[66] ) الآية 156 من سورة الأعراف

[67] ) يقصد بالقاموس كتاب القاموس المحيط والقاموس الوسيط الجامع لما ذهب من كلام العرب شماطيط لمحمد بن يعقوب بن محمد الفيروزابادي المتوفى سنة 817/1415. وطبع عدة طبعات.

[68] ) القسطلاني وهو أحمد بن محمد المصري المتوفى عام 923/17-1518. وله مصنفات قيمة ونجد منها كتاب المواهب اللدنية بالمنح المحمدية الذي طبع في 2ج في مطبعة مصرية بدون. 

[69] ) الآية 7 من سورة المزمل. 

[70] ) الآية 3 من سورة النصر

[71] ) الآية 103 من سورة الأنعام

[72] ) الاية44 من سورة الإسراء

[73] ) الاية20 من سورة الأنبياء

[74] )  يقول تعالى  ( ويسبح الرعد بحمده ).الآية 13 من سورة الرعد

[75] ) كذا ورد

[76] ) الاية19 من سورة الجن

[77] ) الآية 1 من سورة الإسراء

[78] ) البغوي هو أبو محمد الحسين بن مسعود الشافعي، قيل توفي سنة 515/1122 وقيل السنة الموالية وله مصابيح السنة وطبع، 2ج، في مطبعة محمد علي صبيح وأولاده في القاهرة بدون تاريخ

[79] ) الآيات ( 180- 182 ) من سورة الصافات

[80] ) وضع الحجر الأساسي لهذا المسجد  الشهير خلال عهد السلطان العلوي المولى اليزيد، واكتمل بناؤه سنة 1206/1791 خلال عهد خلفه السلطان المولى سليمان . ونجد ان أول عالم تقلد به خطط الإمامة والخطابة والتدريس هو عبد الواحد بن امحمد الفاسي القصري المتوفى سنة 1213/1799 والذي حققت كتابه: (غاية الأمنية…)، وأرجوزته (إغاثة اللهفان…).وحول تأسيس المسجد المذكور انظر:+ أحمد الناصري (الاستقصا)، ج8، طبع دار الكتاب، البيضاء، 1376/1956، ص: 68.+ عبد الرحمان ابن زيدان، الدور الفاخرة بمآثر العلويين بفاس الزاهرة، المطبعة الاقتصادية، الرباط، 1356-1937 ص68.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق