مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةتراث

تقييد في حكم “قال” الواقعة بين رجال الإسناد للعلامة محمد بن أحمد بن محمد بِنِّيس(ت: 1213هـ) تقديم وضبط

الجزء الأول

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

وبعد؛

فإن علم الحديث  من أهم أنواع العلوم وأنفسها وأشرفها وأعظمها طلبا، وقد اعتنوا العلماء به عناية كبيرة جدا، لا تجد عالما من علماء الإسلام إلا وقد شارك في خدمته بكثير أو قليل، فألفوا حوله المؤلفات، والشروحات، والرسائل، والتقاييد المبينة لقضاياه ومسائله ومباحثه، ومن العلماء المغاربة الذين ألفوا في علم الحديث  عدة تآليف ا لعلامة محمد بنيس، منها: تقييد في حكم “قال” الواقعة بين رجال الإسناد، ولأهميته ارتأيت ضبطه والتعريف بصاحبه، فأقول وبالله التوفيق:

أولا: التعريف بالمؤلف.

ـ اسمه ونسبه:

هو: محمد بن أحمد بن محمد بِنِّيس([1])، أبو عبد الله المغربي الفاسي([2])، ينتمي إلى أسرة مغربية معروفة اشتهرت بهذا الاسم (بنيس)، وأصلها من مدينة فاس.

والبنيس: يطلق على الإناء المصنوع من الفخار، وأكثر ما يستعمل للخمر([3]).

ـ ولادته ونشأته:

ولد ليلة الإثنين منتصف رجب عام ستين ومائة وألف (1160ﻫ)([4]). ثم نشأ وترعرع ودرس بفاس.

ـ شيوخه:

أخذ عن شيوخ كُثْر، منهم: أبو عبد الله محمد بن قاسم جسوس شيخ الجماعة في وقته، وأبو زيد عبد الرحمن المنجرة، وأبو عبد الله محمد بن الحسن البناني، وأبو محمد عبد القادر ابن شقرون، وأبو عبد الله محمد بن عبد السلام الفاسي.

تلاميذه:

أخذ عنه جلة من العلماء([5]) منهم: السلطان أبو الربيع سليمان بن محمد العلوي، وأبو الفيض حمدون بن الحاج، وأبو العباس أحمد بن عجيبة، وأبو محمد عبد القادر بن أحمد الكوهن ([6]).

ـ مكانته العلمية:

كان الشيخ بنيس علامة، فقيها، عالما، فرضيا، أديبا، مدرسا، له مشاركة في مجموعة من العلوم، وقد حلته كتب التراجم بصفات، منها:

فقد قال عنه صاحب سلوة الأنفاس: «الشيخ، الفقيه، العلامة، الدراكة، المحقق، الضابط المتقن، المبارك المتفنن، الماهر في الفرائض والحساب، الفائق في جميع الطلاب» ([7]).

وحلاه تلميذه ابن عجيبة: «العلامة الفقيه الفهامة، فرضي وقته، وإمام عصره» ([8])   

وأثنى عليه ابن سودة بقوله: «كان علامة مشاركا مدرسا مستحضرا » ([9]).

وقال عنه الزركلي: «فرضي، له علم بالأدب» ([10]).

ووصفه كحالة، بقوله: «فقيه، فرضي، مشارك في بعض العلوم» ([11]).

كما أنه كان زهدا ورعا، جاء في سلوة الأنفاس: «البركة الصالح، المهتدى بهداه الواضح»([12]).

ـ رحلته:

رحل للحج عام ستة وتسعين ومائة وألف (1196ﻫ)، فحج وزار، ولقي جماعة من الأبرار، ثم رجع لفاس ([13]).

ـ مؤلفاته:

له مؤلفات، منها:

* بهجة البصر في شرح فرائض المختصر (مختصر الشيخ خليل المالكي).

* لوامع أنوار الكوكب الدري في شرح همزية البوصيري.

* حاشية على بغية الطلاب في شرح منية الحسّاب لابن غازي.

*تقييد في حكم “قال” الواقعة بين رجال الإسناد.

*شرح الأربعين النووية، (الربع الثالث).

ـ وفاته:

مات بالوباء بفاس سنة: 1213ﻫ، وقيل: 1214ﻫ([14])،ودفن بروضة داخل باب عجيسة تعرف بهم بفاس.

ثانيا: التعريف بالتقييد.

هو تقييد تناول فيه محمد بن أحمد بنيس لفظة “قال” الواردة في أثناء إسناد الحديث، فأفاد وأجاد رحمه الله في هذه المسألة.

وقد بين سبب تقييده له في مقدمته بقوله: “وقد جرت المذاكرة بين يدي مولانا المنصور المؤيد مولانا أبو الربيع سليمان أبقاه الله كهفا للإسلام في لفظة قال الواردة في أثناء إسناد الحديث هل لا بد من التلفظ بها أو يكتفي بتقديرها في التحديث، فجنح بعض من حظ إلى التعيين الأول فأمر أيده الله بتقييد ما يكون عليه المعول”، ثم بدأ في تفصيل الكلام في حكم هذه المسألة.

وسأعتمد في ضبط هذا التقييد على نسخة مكتوبة بخط العلامة جعفر بن إدريس الكتاني في مجموع من الورقة: 25أ إلى الورقة: 27ب تحت رقم: 202جك، في الجزء الثاني من هذا المقال إن شاء الله.

يتبع….

*********************

هوامش المقال:

([1])  بنيس: بكسر الباء الموحدة، وكسر النون المشددة، ثم ياء، وسين مهملة. انظر: سلوة الأنفاس (1 /124).

([2])  الأعلام للزركلي (6/ 15)، معجم المؤلفين (8/ 240). معجم المطبوعات العربية والمعربة (2/ 593).

([3])  انظر: «البنيس وألفاظ أخرى»، مقال كتبة الأستاذ عبد الله كنون، منشور بمجلة: المجمع العلمي العربيّ بدمشق، المجلد 35، الجزء 1، 1379 /1960، ص: 123.

([4])  الأعلام للزركلي (6/ 15)، إتحاف المطالع (1/ 91).

([5])  إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع (1/ 91).

([6])  انظر: سلوة الأنفاس (1 /124)، إتحاف المطالع  (1/ 91).

([7])  سلوة الأنفاس (1 /124).

([8])  سلوة الأنفاس (1 /124).

([9])  إتحاف المطالع (1/ 91).

([10])  الأعلام للزركلي (6/ 15).

([11])  معجم المؤلفين (8/ 240).

([12])  سلوة الأنفاس (1 /124).

([13])  سلوة الأنفاس (1 /125).

([14])  الأعلام للزركلي (6/ 15).

*******************

جريدة المصادر والمرجع:

سلوة الأنفاس سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، للشريف أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، تحقيق: عبد الله الكامل الكتاني، حمزة بن محمد الطيب الكتاني، ومحمد حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة البيضاء، ط:1 /1425-2004م..

الأعلام، لخير الدين الزركلي ط/ دار العلم للملايين، ط15 /2002م

معجم المؤلفين لعمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني كحالة، ط/دار إحياء التراث العربي بيروت

معجم المطبوعات العربية والمعربة ليوسف بن إليان بن موسى سركيس، مطبعة سركيس بمصر 1346 هـ – 1928 م

البنيس وألفاظ أخرى، مقال كتبة الأستاذ عبد الله كنون منشور بمجلة: المجمع العلمي العربيّ بدمشق، المجلد 35، الجزء 1، 1379 /1960.

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق