مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكشذور

تحري العـلماء للصحيح

     

           قال الشيخ الفقيه الحافظ الناقد القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى ورضي عنه:

         الحمد لله مظهر دينه المبين، وحائطه من شبه المبطلين، وتحريف الجاهلين، بعث محمدا عليه السلام إلى كافة خلقه، بكتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وضمن تعالى حفظه، فما قدر العدو على إدخال الخلل في لفظه، مع كثرة الجاحد الجاهد على إطفاء نوره، وظهرة المعادي المعاند لظهوره، وبيّن على لسان نبيه من مناهجه وشرعته، ما وكل نفي التحريف عنه لعدول أعلام الهدى من أمته، فلم يزالوا رضوان الله عليهم يذبون عن حمى السنن، ويقومون لله بهداهم القويم الحسن، وينبهون على من يتهم بهتك حريمها، ومزج صحيحها بسقيمها، حتى بان الصدق من المين، وبان الصبح لذي عينين، وتميز الخبيث من الطيب، وتبين الرشد من الغي، واستقام ميسم الصحيح، وأبدى عن الرغوة الصريح.

         ثم نظروا رحمهم الله بعد هذا التمييز العزيز والتصريح المريح، نظرا آخر في الصحيح، فيما يقع لآفة البشرية من ثقات رواته من وهم وغفلة، فنقبوا في البلاد عن أسبابها، وهتكوا ببارع معرفتهم ولطف فطنتهم سجف حجابها، حتى وقفوا على سرها، ووقعوا على خبيئة أمرها، فأبانوا عللها وقيدوا مهملها وأقاموا محرفها وعانوا سقيمها وصححوا مصحفها، وأبرزوا في كل ذلك تصانيف كثرت صنوفها، وظهر شفوفها واتخذها العالمون قدوة، ونصبها العالمون قبلة، فجزاهم الله عن سعيهم الحميد أحسن ما جازى به أحبار ملة”.

مشارق الأنوار على صحاح الآثار في شرح غريب الحديث

الموطأ والبخاري ومسلم، للقاضي عياض.

 الطبعة الأولى 1423هـ – 2002م، دار الكتب العلمية، 1/11.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق