وحدة المملكة المغربية علم وعمرانأعلام

بعض أعلام حاضرة المضيق وضواحيها

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

 

شكلت قرية الصيادين، بفم المضيق، إرهاصات تشكل نواة عمرانية ما فتئت تتوسع [1] لتصبح حاضرة المضيق الحالية الجميلة، بفضل مختلف جهود الفاعلين الرسميين [2] وغير الرسميين.

  ومن بين هؤلاء الفاعلين المجاليين، بمنطقة حوز تطوان الشامل لقرية الصيادين- الرنكون- ومحيطها: الشيخ محمد بن محمد بن يعقوب الخلَنجي، تلميذ الشيخ محمد بن محمد الحراق. درس ببني يدر، وبتطوان. وأقرأ صبيان مدشر بني سالم، بحوز تطوان، وأمّ بمسجدهم. وشيد الزاوية الخلنجية، بإذن شيخه، ثم زاوية النساء، بمدشر الشويخيين بني سالم، بموضع جماعة الملاليين، من قبيلة الحوز، مثل ما شيد زاوية الخلنجي، بحومة السويقة من تطوان. وتوفي عام 1283 هـ [3].

  ومن أعلام المنطقة: سبعةُ رجال [4]، دفناء مقبرة قرية الصيادين، المضيق حاليا. حيث ذهب أكثر من واحد إلى أنهم من المغاربة الذين قاوموا جنود الحماية الإسبانية [5]. إذ حفزت قبتهم المشيدة عام 1342 هـ/ 1924 م السيدَ أحمد الدردابي، المنخرط في القوة الوطنية (القوات المساعدة حاليا)، على بناء محراب مسجد للصلوات الخمس [6]، مثل ما حفزت الأحباس على بناء كُتاب قرب القبة نفسها عام 1355 هـ [7]. وستتوسع هذه النواة العمرانية ببناء جامع عام 1358 هـ [8].

  ومن أعلام المنطقة : سيدي أحمد بن محمد البقالي، دفين تطوان، بوصفه أول قاضٍ على قبيلة الحوز بعد فتح المحكمة الشرعية، بالمضيق، تابعة لمقر الملاليين الإداري، بحسب ظهير خليفي صادر عن المولى الحسن بن المهدي العلوي، بتاريخ 9 شعبان عام 1346 هـ/ 1 فبراير 1928 م[9]. ويبدو أن المترجم كان مدرسا[10].

  قال عنه الفقيه أحمد الرهوني، رحمه الله: "قرأ معنا على أشياخنا. ثم حضر علينا دروسا غير قليلة. واشتغل بالشرط بمدشر شَمسَة، والعدالة بتطوان. ولا زال على حالته تلك، مع المسكنة والمروءة، وملازمة ما يعنيه. حفظه الله.

 وكان ناصري الطريقة، ثم انتقل للطريقة التجانية. وولي عام 1347 [11]، قضاء قبيلة الحوز، ولا زال قاضيا إلى شوال، عام 1348 ثم أخر عنه. وتوفي، رحمه الله، في تطوان، عام 1360. ودفن بحوش هارون، الذي تحت الطريق الممرور عليها لخندق المرس" [12].

  ومن أعلام منطقة حوز تطوان، بما فيها فم المضيق، الفقيه محمد بن الحاج اسماحة، بوصفه خليفة قاضي تطوان بالحوز، ترشيحا من المولى الحسن بن المهدي العلوي، الخليفة السلطاني، بتاريخ 18 رجب 1358 هـ. حيث ظل بالوظيف نفسه، مترددا بين مقر سكنه ومقر عمله بالحوز، إلى أن توفاه الله عام 1359 هـ [13].

  وتُبين رسالة مبعوثة إلى المترجم كثرة القضايا المعروضة بحوز تطوان، بشكل جعل السلطات القضائية، تلحق قضايا الأملاك بالمحكمة الشرعية، بالمضيق [14].    ومن أعلام بادية الحوز الشاملة لفم المضيق: سيدي محمد بن محمد العثماني، بوصفه خليفة قاضي تطوان بالحوز، بحسب رسالة في 2 ذي القعدة عام 1365 هـ. قدم والد المترجم من قرية وادي الليل، بحوز تطوان، إلى الحاضرة الأخيرة.

 حيث نشأ المترجم، بحارة العيون منها، متعلما بمكتب سيدي العربي بن محمد الزواقي، بالحومة نفسها. وتابع تلقيه مختلف العلوم بأنجرة، وبني يدر، والفحص، وجامع القرويين بفاس، فتطوان. ثم التحق ببادية الحوز واعظا مرشدا إلى أن عُيّن مدرسا بالمعهد الديني، بتطوان، فخليفة قاضيها بالحوز. وتمت ترقيته إلى قاضي الحاضرة الأخيرة، فمشتغلا، بعد إعفاءه، بالعدالة والوعظ والإرشاد ببعض مساجد هذه الحاضرة [15]. وظل يتردد على الزاوية الحراقية، بتطوان، وجنانها، ببوجراح، إلى أن توفي في 8 شوال عام 1410 هـ. ودفن بروضة باب المقابر [16].

 ومن أعلام فم المضيق وباديته العلامة محمد بن محمد السراج، مؤلف كتاب "خلاصة تاريخ سبتة بالأثر والمأثور"، من مواليد مدشر أزغار، بقبيلة بني زيات من غمارة. انتقل متلقيا العلوم إلى عدد من مداشر قبيلة بني زجل (تلانبوط-إغرمان)، ضواحي شفشاون، وقبيلة أنجرة (بني حلو- ملوسة- حسّانة).

  عُيّن مدرسا، بحاضرة الناظور، إلى جانب الخطابة بمسجدها، وإلقاء الدروس بالمنطقة. ثم تولى الخطابة بالمسجد الأعظم، بمدينة مليلة [17]، بعد تدشينه في رمضان عام 1361 هـ. وتولى خطة القضاء بالمدينة نفسها خلال العام المذكور.

  وبعد الاستغناء عن محكمة مدينة مليلة، عين المترجم تباعا خليفة قاضي قبيلة بني بويفرور، بمقاطعة الكرت، عام 1364 هـ، فقاضيا بقبيلة بني سعيد، بالمقاطعة نفسها، عام 1365 هـ، فقاضيا بقبيلة بني الزيات، عام 1367 هـ، فخليفة لقاضي تطوان بالحوز عام 1368 هـ، فقاضيا بحاضرة سبتة عام 1371 هـ. حيث سعى لبناء مسجد سبعة رجال وحائط مقبرتهم، بالمضيق [18].

 وبعد الاستقلال عاد المترجم إلى قطاع التعليم [19]، مدرسا بالمضيق. قال عن الكُتاب المرفق بقبة سبعة رجال: "ونُقلت أنا من سبتة إليه بتاريخ 13 أكتوبر 1956 معلما، ولما كثر التلاميذ سعينا في بناء مدرسة كاملة الفصول، فسوعدنا ولكنها لا زالت في حاجة إلى زيادة الفصول" [20].

  ثم عُيّن المترجم بمدرسة المعلمين الإقليمية، بتطوان، فثانوية خديجة أم المؤمنين بها [21]، مترددا على مدشر بليونش رفقة أصدقاءه من العدول والفقراء طلبا للراحة والاستجمام [22].

  ومن الطريف أن المترجم انتخب عضوا في المجلس القروي المضيق سابقا، المجلس البلدي حاليا، في انتخابات عام 1390 هـ/ 1970 م. وخلال هذه الفترة أصدر مع آخرين مجلة البعث، بتأسيس قائد المنطقة: عبد المجيب العراقي، عن جمعية البعث، لواء الجمعية الثقافية والرياضية والترفيهية بالفنيدق [23].

  وبعد أن أحيل على التقاعد عام 1391 هـ ظل يشتغل عدلا، بمحكمة تطوان، ابتداء من عام 1394 هـ، إلى أن توفي عام 1405 هـ. ودفن بمقبرة المدينة [24].

  وإلى جانب الأعلام المذكورين، أسهم فاعلون مجاليون حاليون في تنمية مجال مدينة المضيق وضواحيها. من بينهم الفقيه عبد السلام الطويلب، المقرئ بقرية الفنيدق سابقا. حيث قرأ عليه محمد بن عبد السلام البغديدي، مؤلف كتاب "الفنيدق بين الأمس واليوم"، القرآن الكريم قبل أن يشتغل بمسجد سبعة رجال العتيق ثم يلتحق تلميذا بمدرسة رأس الوطا الجديدة، فثانوية القاضي عياض بتطوان، فمدرسة ابن الخطيب للمعلمين، بفاس، ليلتحق معلما بعدد من مدارس ضواحي المدينة الأخيرة. فينتقل إلى مدرسة أحمد بن عجيبة، بالفنيدق، ويزاوج بين العمل الثقافي والجمعوي، فمستشارا جماعيا، بجماعة تغرامت القروية، ثم جماعة الفنيدق الحضرية [25].

  ومن بين أعلام حاضرة المضيق وضواحيها: الشيخ سيدي الغالي الحراق الذي شيد عام 1402 هـ /1982 م مسجدا للصلاة والذكر، بالمدينة المذكورة، تابعا للزاوية الحراقية، بحاضرة تطوان [26]. ومن بينهم سيدي علي الخلنجي، خطيب مسجد مدشر الشويخيين بني سالم، جماعة الملاليين، من قبيلة حوز تطوان. ومنهم الفقيه محمد زويدار إمام مسجد هذه القرية، ومقرئ صبيانها [27].

  ومنهم الفقيه أحمد بن عبد السلام الرباحي، من مدشر وادي أكلا، بقبيلة حوز تطوان. حيث تابع تلقيه العلم على فقهاء مدشره ثم على فقهاء الحوز وأنجرة ووادراس، فعلماء طنجة، وتطوان (المعهد الديني- الجامع الكبير). حيث اشتغل في أكثر من موضع (مسجد الفدان- بعض مساجد حي العيون- زاوية عبد الله الحاج البقالي، بالفدان) إلى أن توفي عام 1421 هـ/ 2000 م. ودفن بمقبرة تطوان [28].

  وإذ تحدثنا عن بعض أعلام حاضرة المضيق وضواحيها، بحسب ما توصلنا إليه، نشير إلى أن هذه المنطقة الجميلة تستحق كثيرا من الدراسات لمواكبة تنميتها المحلية.

 

والله الموفق للصواب والمعين عليه.

الإحالات:

[1] خلاصة تاريخ سبتة بالأثر والمأثور وما جاورها من المداشر والقرى حتى كدية الطيفور، محمد السراج، منشورات المجلس العلمي المحلي لعمالة المضيق- الفنيدق، رقم 6، فاس، مطبعة Globaling، 2018 م، ص190- 191، وص194- 195؛ وتاريخ مدينة المضيق، محمد الحبيب الخراز، مطبعة الحمامة، 2024 م، ص77، وص113، وص390- 391.

[2] نشكر هنا فضيلة الدكتور توفيق الغلبزوري، رئيس المجلس العلمي المذكور أعلاه، على مجهوداته وأياديه البيضاء دون أن ننس فضل العاملين معه بالمجلس.

[3] تاريخ تطوان، ج6، محمد داود، المطبعة المهدية، 1966 م، ص315، وص327؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص387- 388، بتحفظ؛ ومادة الخَلَنْجي، محمد، عبد الله المرابط الترغي، في: معلمة المغرب، ج11، ص3803.

[4] استأنس بـ: الفنيدق بين الأمس واليوم، ج1، محمد البغديدي، د. ت، ص153- 160، وص381. وخلاصة تاريخ سبتة بالأثر والمأثور، ص182، وص183.

[5] خلاصة تاريخ سبتة بالأثر والمأثور، ص190- 191، وص194؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص112- 113. استأنس بـ: المرجع نفسه، ص83- 84.

[6] خلاصة تاريخ سبتة بالأثر والمأثور، ص190، وص193؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص112.

[7] خلاصة تاريخ سبتة بالأثر والمأثور، ص194.

[8] نفسه، ص190، وص193- 194.

[9] عمدة الراوين، ج6، أحمد الرهوني، مطبعة الخليج العربي، 2001 م، ص262؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص125، بتحفظ جزئي؛ ومادة البقالي، أحمد بن محمد، محمد ابن عزوز حكيم، في: معلمة المغرب، ج4، ص1303.

[10] على رأس الأربعين، ج1، محمد داود، تقديم وتعليق: حسناء داود، مطابع الشويخ، 2001 م، ص202.

[11] قابل بـ: تاريخ مدينة المضيق، ص125.

[12] عمدة الراوين في تاريخ تطاوين، ج6، ص262.

[13] تاريخ مدينة المضيق، ص127- 131.

[14] نفسه، ص130.

[15] إسعاف الإخوان الراغبين، بتراجم ثلة من علماء المغرب المعاصرين، محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي، مطبعة الخليج العربي، 2016 م، ص154- 156؛ وتراجم أعلام أنجرة، ج1، أحمد بنيابة، مطبعة لوبرينتر، 2015 م، ص109- 115؛ وج2، مطبعة برانت، 2016 م، ص69- 80؛ ومشاهير علماء المعاهد الدينية بمدن شمال المغرب، عبد الرحيم أحمد الجباري، مصلحة الطباعة، 2012 م، ص65- 66؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص131- 145.

[16] تاريخ مدينة المضيق، ص145، وص146، بتصرف؛ وإسعاف الإخوان الراغبين، ص156.

[17] استعملنا هنا الاسم الأصيل بدل الاسم المستحدث (مليلية).

[18] خلاصة تاريخ سبتة بالأثر والمأثور، ص193؛ وتراجم أعلام أنجرة، ج1، ص101- 104؛ وج2، ص51- 63؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص146- 149.

[19] تراجم أعلام أنجرة، ج1، ص104؛ وج2، ص53؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص157.

[20] خلاصة تاريخ سبتة بالأثر، ص194.

[21] تراجم أعلام أنجرة، ج1، ص104؛ وج2، ص53؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص157.

[22] خلاصة تاريخ سبتة بالأثر، ص177؛ وتراجم أعلام أنجرة، ج1، ص105؛ وج2، ص54.

[23] الأخير، ج1، ص104؛ وج2، ص53؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص157.

[24] تراجم أعلام أنجرة، ج1، ص104، وص106؛ وج2، ص53، وص55؛ وتاريخ مدينة المضيق، ص158.

[25] الفنيدق بين الأمس واليوم وتطلعات المستقبل، ص9- 31.

[26] تاريخ مدينة المضيق، ص387.

[27] نفسه، ص387- 388.

[28] من أعلام شمال المغرب، ج1، عبد الله المرابط الترغي، مطابع جريدة طنجة، 2014 م، ص263- 265.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق