الرابطة المحمدية للعلماء

الوسطية والاعتدال.. المرتكز والمجال

الوسطية
والاعتدال.. المرتكز والمجال

د. أحمد عبادي:
كلما سادت الوسطية والاعتدال ارتقت الأمة حضاريا..

انطلقت أعمال الأسبوع
الثقافي الذي تنظمه دار القرآن الحاج البشير بتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء
وبتنسيق مع المجلس العلمي الأعلى.. يومه الجمعة 18 ربيع الثاني1429هـ الموافق 25
أبريل 2008 بجلسة افتتاحية ألقيت فيها كلمة كل من مدير الدار الأستاذ عبد الفتاح
الفريسي، والأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء الأستاذ أحمد عبادي؛ حيث وقفت
الكلمتين على مفهوم ومكانة الوسطية والاعتدال في كل من الكتاب والسنة والتراث
الفكري للمسلمين وتجربتهم التاريخية والحضارية..

وبينما ركزت كلمة
الأستاذ عبد الفتاح الفريسي على دور العلماء في محاربة كل مظاهر الغلو في الدين،
مبرزة الطبيعة الوسطية للمذهبية الدينية التي اختارها المغاربة عبر تاريخهم الطويل
من
خلال تبنيهم العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف الجنيدي في إطار إمارة المؤمنين.. فقد أوضحت كلمة الأستاذ أحمد
عبادي كيف أن المراحل التاريخية التي سادت فيها روح الوسطية والاعتدال هي التي
شهدت فيها الأمة أرقى مظاهر تطورها الحضاري في شتى الميادين..

وفي اليوم الثاني السبت 19 ربيع الثاني1429هـ
الموافق 26 أبريل2008م، تضمنت أشغال الجلسة الأولى مداخلتين الأولى للأستاذ عبد
الله جديرة رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة الرباط حول “معالم الوسطية في الإسلام”
تتبع فيها مفهوم الوسطية في اللغة والقرآن الكريم والشعر العربي؛ مبرزا أن الوسطية
تحيل إلى المعتدل من كل شيء على الإطلاق، وما توسط بين جانبي الطرفين، وإلى العدل
والخير في الأفراد والجماعات، وأن الوسط عدل بين طرفين ولذلك فهو محمي مصان بينهما. وأن الأمة الوسط
هي خير أمة أخرجت للناس، وأن المثل الأعلى في الوسطية هو رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وتبعا لذلك فإن الأمة لن تكون أمة وسطا إلا إذا اتبعته واهتدت بهدي سيرته
وسنته.. كما تتبع معالم الوسطية في
الاعتقاد والتفكير والشعور وفي العلاقات الاجتماعية..

أما المداخلة الثانية فقد تقدم بها
الأستاذ أحمد أبو زيد تحت عنوان “مذهب أهل التوسط في العقيدة” حيث
استهلها بالتأكيد على أهمية جعل التوسط في العقيدة على رأس معالم التوسط كلها من
منطلق أن العقيدة هي أساس الدين كله بحيث إذا صح الأساس صح كل ما بني عليه، كاشفا
أن الحديث عن مذهب أهل التوسط يفيد أن هناك مذاهب غير ذلك..

وهو ما يستوجب التعريف بمذهب أهل التوسط؛
لأن معالم مذهب التشدد بدأت تظهر بين المسلمين وبدأ الخلاف يشتد بينهم حتى فيما
يتصل بأصول دينهم وهو ما يهدد بانقسامهم.. وقد وقف المتدخل طويلا منتقدا إهمال
مسألة العقيدة في حياة المسلمين، الأمر الذي ترك فراغا ترتب عليه ضرران كبيران: أولهما؛
تسرب الخرافات والشعوذة إلى عقول كثير من الناس مع ازدياد قابليتهم لتصديقها وهو
ما يؤكد مدى الفراغ في المدارسة العامة لقضايا العقيدة.. وثانيها؛
جنوح الناس عن عقيدة التوسط نظرا لجهلهم بها وهو ما يعمق الخلاف بين المسلمين في
أصول دينهم، ويغذي النزوع إلى استشراء ظاهرة التكفير والرجوع إلى مذهب غلاة
الخوارج الذين لم يتورعوا في تكفير المسلمين بالذنوب بما فيهم الخلفاء وكبار
الصحابة رضوان الله عليهم جميعا..

وفي ختام مداخلته شدد الأستاذ أحمد أبو زيد على أن أول واجب على المكلف
يتمثل في معرفة الله تعالى؛ لأن الإيمان في الإسلام علم ومعرفة، إذ لا إيمان بدون
علم.. وفي هذا السياق أبرز أن العقيدة تنور العقول فتعرف الله حق معرفته.. كما شدد
على خطورة التكفير مشيرا إلى جملة من النماذج من القرآن والسنة وسيرة الصحابة في
التعامل مع أهل الذنوب والمعاصي بالحكمة والموعظة الحسنة..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق