مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

العلامة أبو عبد الله محمد بن الطيب الصميلي الشرقي الفاسي (ت 1170هـ) وجهوده في الحديث الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه  ومن والاه.

وبعد، فقد عرف عهد الدولة العلوية ازدهارا كبيرا؛ حيث نشطت فيه الحركة العلمية بشكل لافت للنظر، في شتى العلوم، والمعارف، وعلى رأسها علم الحديث النبوي الشريف، هذا العلم الذي نبغ فيه ثلة من الأعلام المغاربة، من حيث الاعتناء، والتأليف، والتدريس.

فنشطت حلقات الحديث في عهدهم سواء في المساجـد، أو المدارس، أو الزوايا، وغيرها، وازداد طلبة الحديث وقوي الإقبال على حفظه، ودراسته، وكثـر التأليف فيه، وزينت الخزائن العلميـة الرسمية، والخاصة، بفضل ما أضيف إليهـا من شروح، وحواشي، وتعليقـات على كتب السنة، كمـا برز في أيامهم محدثـون كبار، وما زالت آثارهـم شاهدة عليهم.

ومن بين هؤلاء الأعلام المغاربة الذين اعتنوا بالسنة المشرفة العلامة الحافظ المحدث أبو عبد الله محمد بن محمد بن الطيب الشرﮔي، ولأهمية جهوده في علم الحديث الشريف، خصصت له هذا المقال، متناولا فيه ترجمته، وجهوده في علم الحديث، من حيث اعتناؤه بهذا الفن، وما تركه من مؤلفات في الحديث، وعلومه، وإسهامه في تدريس هذا العلم الشريف، ونشره بين الناس.

أولا: ترجمته:

هو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن الطيب بن محمد بن محمد بن موسى الصميلي الفاسي المالكي، المعروف «بالشرﮔي»، قال الشيخ عبد الحي الكتاني: “الشرﮔي بالقاف المعقودة لا بالفاء إجماعا نسبة إلى شراكة على مرحلة من فاس، وقد أخطأ خطأ فاحشا من ذكره بالفاء وعده من أولاد الشرفي الأندلسيين، الذين بـ”فاس” وليس منهم، بل هو من أولاد «الصميلي». كما وجدته بخط القاضي أبي الفتح محمد الطالب ابن الحاج، وكما للزيادي في رحلته وغيرهما”[1].

 ولادته:

ولد ابن الطيب الشرﮔي سنة (1110هـ)ـ بمدينة فاس[2].

شيوخه:

نشأ ابن الطيب في أحضان أسرة جل أفرادها من أهل العلم، والورع، والدين، فجده لأبيه وهو أبو عبد الله محمد بن موسى عالم صالح أديب بارع، وكان عنده جد منعوت بـ”الفقيه المقرئ الصالح”، وأما أبوه محمد الطيب فهو معدود في جملة شيوخه، الذين أخذ عنهم، وقد ترددت الرواية عنه في كثير من مؤلفات[3].

وفي “عيون الموارد” يروي ابن الطيب عن عمته الزهراء بعض المسلسلات الحديثية منها مسلسل الرحمة، ومسلسل الشعراء، ويصفها لذلك (بالمسندة)، وبـ”الشيخة البرة النقية البارعة في الفنون”[4].

تتلمذ الشيخ محمد بن الطيب الصميلي على يد طائفة من العلماء الأجلاء، الذين ذكرهم في فهرسته الصغرى الموسومة بـ”إرسال الأسانيد وإيصال المصنفات والمسانيد”، وأفاد أن عددهم يقارب المئتين، على أن مفهوم الشيخ عنده دائما الشخص الذي أخذ عنه بالمشافهة والمباشرة، وإنما يطلقه أحيانا على كل من أخذ عنه بالإجازة العامة أو الخاصة ولو لم يلقه مرة في حياته[5].

قال عبد الحي الكتاني: “وقد بلغ عدد شيوخه نحو 180 شيخا كما عندي بخطه في إجازته لولد ابن عبد السلام بناني، وهذا ما بعد العهد به عن أقرانه في المغرب منذ قرون”[6]، ومن أبرز شيوخه: أبو سالم العياشي (ت1090ه)[7]، وأبو العباس أحمد بن محمد بن ناصر الدرعي التمكروتي (ت1129هـ)[8]، وأبو عثمان سعيد بن أبي القاسم العميري (ت1131هـ)[9]، وأبو عبد الله محمد بن أحمد ابن المسناوي (ت1136هـ)[10]، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الشاذلي (ت1137هـ)[11]، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن محمد الدرعي السباعي (ت1138ه)[12]، وأبو العباس أحمد بن علي الوجاري (ت1141هـ)[13]، وأبو الحسن علي الحريشي(ت1143هـ)[14]، وأبو الطاهر محمد بن إبراهيم بن حسن الكوراني المدني (ت1145ه)[15]…وغيرهم.

تلاميذه:

بلغ الإمام محمد بن الطيب الشرﮔي مرتبة عظيمة في العلم، وسعة الإطلاع، وشدة الحفظ، وتحقيق المسائل، وتحرير الفوائد، بحيث لا يشق له غبار، ولا تكدره الدلاء. شهد له بذلك العلماء، فدرس، وألف، ونهل من علمه المغاربة، والمشارقة.

ومن أشهر تلامذته نذكر:

أبو العباس أحمد بن عبد العزيز السجلماسي الهلالي (ت1175ه)[16].

محمد بن علي بن إبراهيم الزهري الشرواني المدني، (ت1179ه)[17].

أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الغلام المدني (ت1187ه)[18].

محمد سعيد بن محمد أمين سفر المدني، (ت1194ه)[19].

عبد الرحمن بن عبد الكريم الأنصاري (ت1195ه)[20].

عبد الرحمن محمد بن المشرع (ت1195ه)[21].

سليمان بن يحيى بن عمر الأهدل الزبيدي (ت1197ه)[22].

أبو الفيض محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت1205هـ) الذي قال عنه في طالعة شرحه على القاموس:”وهو عمدتي في هذا الفن، والمقلد جيدي العاطل بحلي تقريره المستحسن”[23]، وفي محل آخر من مقدمة التاج:”لا أدعي فيه دعوى فأقول شافهت، أو سمعت، أو شددت، أو رحلت، أو أخطأ فلان، أو أصاب، أو غلط القائل في الخطاب، فكل هذه الدعاوى لم يترك فيها شيخنا لقائل مقالا، ولم يخل لأحد فيها مجالا، فإنه عني في شرحه عمن روى، وبرهن عما حوى، ويسر في خطبته فادعى، ولعمري لقد جمع فأوعى، وأتى بالمقاصد فوفى”[24].

أبو البركات مصطفى بن محمد بن رحمة الله بن عبد المحسن الأيوبي، (ت1205ه) [25].

عبد القادر بن أحمد الكوكباني (ت1207ه)[26].

ثناء العلماء عليه:

أثنى على العالم المشارك محمد بن الطيب الشرﮔي الصميلي غير واحد من العلماء منهم:

أبو الفيض محمد المرتضى الزبيدي (ت1205ه)، الذي كان يثني بذكر شيخه ابن الطيب في كل مؤلفاته[27]، قال في تاج العروس:«…شيخنا المحدث الأصولي اللغوي، نادرة العصر أبو عبد الله محمد بن محمد بن موسى الشرقي الفاسي…»، وقال عنه في «ألفية السند»[28]:

محدث العصر الفقيه الماهر***وكم له بين الورى مفاخر

وقال عنه المرادي (ت1206ه):”كان له الباع الطويل في اللغة والحديث وكان فردا من أفراد العالم فضلا وذكاء ونبلا وله حافظة قوية وفضله أشهر من أن يذكر”[29]، وفي موضع آخر: “وصار إمام أهل اللغة والعربية في وقته محققا فاضلا متضلعا في كثير من العلوم ودرس بالحرم الشريف النبوي، وانتفعت به الطلبة، ورحل للروم من الطريق الشامي ورجع منها على الطريق المصري وأخذ عنه في الشام ومصر خلق كثيرون وحصل بينه وبينهم مباحث في فنون من العلم”[30].

ووصفه عبد القادر بن أحمد الكوكباني (1207ه) بـ”العلامة الحافظ محمد بن الطيب الفاسي ثم المدني، وكان إماما في التفسير، والحديث، والبيان، واللغة”[31].

أثنى عليه ابن الحاج (1258ه) بقوله: “لم يكن في زمانه أحفظ منه بالنحو، واللغة، والتصريف، والأشعار إماما في التفسير والحديث والتصوف والفقه”[32].

وقال عنه الشيخ عبد الحي الكتاني(1382ه):”كان هذا الرجل نادرة عصره في اتساع الرواية، وقوة العارضة ورزق فيها سعدا مبينا، وأخذ عنه بالشام، والحجاز، والعراق، ومصر، وغيرها من البلاد”[33].

وفاته:

ومات الشيخ ابن الطيب الشرقي بالمدينة المنورة سنة 1170هـ رحمه الله تعالى، وأرضاه، بعد أن ألم به مرض كان سببا في إنهاء حياته، ودفن عند قبر السيدة حليمة رضي الله عنها[34].

ثانيا: جهود أبي عبد الله محمد بن الطيب الشرقي الصميلي في الحديث الشريف:

كان ابن الطيب الشرﮔـي كثير الأسفار، لا يكاد يستقر بمكان غربا، وشرقا، وجاور الحرم المكي سنتين، درس خلالهما كتب الصحاح الستة، وغيرها من أمهات المساند، وكان علم الحديث والإسناد تخصصه الثاني بعد اللغة العربية وعلومها وفقهها[35].

اعتنى العلامة ابن الطيب الشرﮔي الفاسي المدني بعلم الحديث الشريف، وهو في سن مبكرة؛ حيث شغف بكتب الحديث، وعلومه، ومصادره، وهو في سن الرضاعة، قال الكتاني: “واستجاز له والده من أبي الأسرار حسن بن علي العجيمي المكي وعمره سنتان، قال الحافظ مرتضى في ” ألفية السند [36]” لما ترجمه:

وصح أن حسن العجيمي…أجازه كتبا بغير ضيمي

وطاف الأرض طولا وعرضا، حتى أشار في ديباجة حاشية على القاموس أنه ما أملى سطرا منها إلا في شطر من الأرض، وأنشد:

يوما بفاس وفي مكناسة زمنا ***وتارة في زوايا العم والخال

وبرهة سفري صفرو وآونة   *** تازا وطورا أرى أفلى الفلا الخالي

وأقام بمكة سنتين، وختم بالمسجد الحرام الصحاح الستة، وغيرها من الأصول الحديثية، ومن طالع حاشيته على القاموس بالدقة يقف على سعة حفظه، واستحضاره، وكثرة تآليفه، وواسع رحلته، وأعجب ما تجد فيها ما في أولها من أنه ألفها حالة مفارقته لأصوله، وكتبه، قال: «إلا ما علق بالبال، أو علق في طرس بال«، وقال بعد شرح الخطبة: «وقد أشرت في الخطبة إلى أن هذا الكتاب طلب منا، ونحن في أثناء أسفار، ليس معنا من مواده ورقة فضلا عن أسفار«”[37].

وقد انقسمت روايته للحديث بين أهل المغرب، وأهل المشرق، فقد روى “بفاس والمغرب عن أبيه والمسناوي، وأبيه أحمد، وأبي عبد الله العربي بردلة الفاسي، وعبد السلام جسوس، وأبي عبد الله محمد بن عبد القادر الفاسي، وابن أخيه صاحب” المنح” ومحمد بن الصغير ميارة وسعيد العميري، والشيخ أبي العباس ابن ناصر الدرعي والمعمر أبي إسحاق إبراهيم المعروف بالسباعي، وهما أعلى مشايخه من المغاربة، ومحمد بن عبد السلام بناني، وبناني الكبير والوجاري، ومحمد بن عبد الله الحوات، ومحمد بن العربي بن مقلب، وأبي الحسن علي الحريشي، والمحدث أبي العباس أحمد بن سليمان، ومحمد ابن الشاذلي الدلائي، والعلامة المحدث الكبير أبي الحسن علي التدغي مختصر” الحلية “لأبي نعيم وابن زكري وغيرهم.

وروى بالمشرق عن أبي طاهر الكوراني، والزرقاني شارح “المواهب”، وعبد الرءوف البشبيشي، والسيد عمر البال الباعلوي وغيرهم، وأخذ عنه هو أمم، وجمع عدة فهارس ومسلسلات اشتملت على نحو ثلاثمائة حديث مسلسلة”[38].

وكانت للعالم محمد بن الطيب الشرﮔي الفاسي معرفة دقيقة بالحديث حفظا، ورواية، ودراية، مكنته من التميز في هذا العلم الشريف، حتى لقبه أشياخه المشارقة بعلاء الدين ليتم التسلسل، قال: “ولقبني أشياخي من الألقاب المشرقية علاء الدين ليصبح التسلسل عني كما هو عادتهم والله أعلم”[39].

قال المرتضى الزبيدي: “وأخبرنا شيخنا المحدث الأصولي اللغوي نادرة العصر أبو عبد الله محمد ابن محمد بن موسى الشرفي الفاسي نزيل طيبة طاب ثراه فيما قرئ عليه في مواضع منه، وأنا أسمع ومناولة للكل سنة 1164ه، قال: قرأته قراءة بحث وإتقان على شيخنا الإمام الكبير أبي عبد الله محمد بن أحمد المناوي، والعلامة أبي عبد الله محمد بن أحمد الشاذلي، وسمعت كثيرا من مباحثه ومواده على شيخنا البركة نحوي العصر ولغويه أبي العباس أحمد بن علي الوجاري الأندلسي، الثلاثة عن الشيخ المسند أبي عبد الله محمد الصغير، ابن الشيخ الحافظ أبي زيد عبد الرحمن، ابن الإمام سيدي عبد القادر الفاسي، عن الإمام محمد بن أحمد الفاسي، عن الإمام النظار أبي عبد الله محمد بن قاسم الغرناطي القيسي الشهير بالقصار، عن الإمام أبي عبد الله محمد اليسيتني، عن علامة المغرب أبي عبد الله محمد بن غازي المكناسي والعلامة أبي عبد الله محمد الحطاب، هما وابن الربيع عن الحافظ أبي الخير شمس الدين محمد ابن عبد الرحمن السخاوي”[40].

عاش الشيخ محمد بن الطيب بن الشرﮔي في أسرة محبة للعلم، فقد استجاز له أبوه كما ذكرنا آنفا من أبي الأسرار العجيمي، وعمره يومذاك سنتان، كما حصل والده على إجازة له، ولأولاده من أبي سالم العياشي (ت1090ه)، فهذا دليل على حرص والده على أن يكون أبناؤه علماء، قال الشيخ عبد الحي الكتاني: “ومن غرائب شيوخه روايته عن عمته الشيخة التقية زهرة بنت محمد زوجة أبي علي اليوسي عن زوجها المذكور بأسانيده، ومن أعلى رواياته روايته عن الشيخ أبي سالم العياشي بإجازته لأبيه وأولاده ومن سيولد له، صرح بذلك ابن الطيب في الحديث المسلسل بالفاتحة من مسلسلاته قائلا:”أروي عن أبي سالم صاحب الرحلة في عموم إجازته للوالد وأولاده ومن يولد له.

أروي ما له من طريق الحافظ الزبيدي، الذي هو أشهر تلاميذه، وأكثرهم انتفاعا به، ومصطفى الرحمتي، وعبد القادر بن خليل كدك زاده، والهلالي وسليمان الأهدل، والشمس الجوهري، ومحمد سعيد سفر، وغيرهم عنه، وعندي إجازة بخطه، كتبها للعلامة حمدون بن الشيخ بن عبد السلام بناني الفاسي، وإمضاؤه فيها هكذا: “محمد بن الطيب بن محمد الشرﮔي المغربي الفاسي”[41].

وقد كان لعالمنا ابن الطيب الشرﮔي شغف كبير بالحديث، وعلومه، وقد ترك آثارا نفيسة فيه، تبين تضلعه في هذا الفن الشريف.

فقد ألف نحو خمسين كتابا[42]، ومن أشهر مؤلفاته في الحديث:  

«حاشية على إرشاد الساري للقسطلاني»[43]، «حاشية على الشمائل»[44]، المسلسلات الحديثية جمعها في كتابه المسمى (عيون الموارد السلسلة من عيون الأسانيد المسلسلة)[45]، «رحلة جمع فيها مسلسلاته ومشهوداته»[46]، والفهرسة الكبرى المسماة: «إقرار العين بإقرار الأثر بعد ذهاب العين»[47]، والفهرسة الصغرى الموسومة بـ: «إرسال الأسانيد وإيصال المصنفات والمسانيد»، قال عنه الكتاني:”هو ثبته الصغير“[48]، «أسهل المقاصد بحلية المشايخ ورفع الأسانيد الواقعة في مرويات شيخنا الإمام الوالد»، وقال أيضا: “جعلها فهرسة لوالده المذكور في مقدار عشر كراريس، وقفت على نسخة منها بخط مؤلفها افتتحها بقوله:”الله استعين وإياه أحمد، وهو القوي المعين أحق من عليه يعتمد…الخ”، وذكر في الخطبة أنه طلب الإجازة من أبيه لنفسه، ولأخيه أحمد، ولابن عمه صاحب المنح، وللعلامة أبي الفرج عبد السلام بن محمد الرندي، والعلامة أبي الحسن علي بن أحمد الحريشي، والعلامة أبي اليمن عبد السلام بن حمدون جسوس، والعلامة أبي عبد الله محمد بن العربي بن مقلب العلامة أبي الحسن علي بن منصور، والعلامة أبي عبد الله محمد الصغير بن محمد بن أحمد ميارة، وابن عمه الفقيه أبي عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ميارة، والعلامة أبي عبد الله محمد بن الحسن الأبار، والعلامة أبي عبد الله محمد بن حمدون الشديد، وأبي عبد الله محمد بن محمد بيوا. وفي خاتمة الفهرس المذكور الإجازة العامة من الشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد القادر لولده وأخيه ومن ذكر بعدهما قائلا: وكل من هؤلاء ما عدا الولد أحمد تلامذة الشيخ الوالد قد شاركوني في الأخذ عنه الخ. وقد قال عن الفهرس المذكور العلامة العراقي في “الدر النفيس”:«في جزء صغير مفيد في بابه جدا»”[49].

وقال محمد المنوني عن “الفهرست الصغرى” للشركي: “صنفها في ثلاثة أقسام رئيسية: فبدأ بأسانيد الكتب الحديثية من المصنفات والأجزاء والمسانيد.

وثنى بأسانيد المسلسلات الحديثية.

وبعدها ذكر الأسانيد الصوفية.

وأخيرا: ختم بذكر بعض مشايخه –المغاربة والمشارقة- في الدراسة والرواية. ثم فرغ من تأليفها عام 1144ه”[50].

“إقرار العين بإقرار الأثر بعد ذهاب العين”، قال الكتاني عن هذا السفر:”اسم الفهرس الكبير للعلامة المحدث المسند الراوية اللغوي الرحالة محمد بن الطيب الشرﮔي الفاسي”[51].

وقال الحافظ الشوكاني في ثبته عن مسلسلات (الشرﮔي) الحديثية: “وسائر المسلسلات أرويها من طريق شيخنا المذكور (عبد القادر بن أحمد) عن شيخه محمد بن الطيب المغربي، بإسناده الذي ذكره في كل واحد منها في كتابه الذي سماه (الموارد السلسلة من عيون الأسانيد المسلسلة) وقد جمع فيه أحاديث لا توجد في غيره، كلها مسلسلة، وتكلم بعد كل حديث على إسناده ومن أخرجه من المصنفين[52]”. قال عبد الحي الكتاني:”وقد وقفت على المسلسلات المذكورة في المدينة، وهي في مجلد، أرويها بأسانيدنا إلى الحافظ مرتضى عنه، وبأسانيدنا إلى القاضي الشوكاني عن عبد القادر الكوكباني عنه”[53].

“أوائل ابن الطيب الشرﮔي”، قال الكتاني: “هو الإمام المحدث المسند محمد بن الطيب الشرﮔي المدني له أوائل نرويها بسندنا إليه”[54]. 

فهذا الكم الهائل، والمتنوع من المؤلفات، جعل محمد بن الطيب رحمه الله ضمن أعيان العلماء المشاركين، الذين جمعوا بين الحديث، والفقه، واللغة، والأدب، وغيرها من العلوم، وهذا ما أهله لتولية التدريس بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مهبط الوحي، ومنارة العلم، كما عمل على إفادة أبناء الأقطار، التي ارتحل إليها واستقر بها، فكان مضربا للأمثال في التحقيق، وسعة الاطلاع، والبراعة في التحرير، والإتقان، وشاعرا مفوها.  

خاتمة

تأسيسا على ما سبق، يمكن القول إن أبو عبد الله محمد الصميلي الشرقي إمام لوذعي، من فحول علماء المغرب وفصحائهم، وجهبذ ضليع في علم الحديث رواية ودراية، وفارس في التدريس، وممارس للتحبير، ومشارك في علوم شتى، حيث جمع بين الحديث والفقه واللغة وغيرها، فأبدع في تصانيفه وأجاد، وشهد له علماء عصره بالعلم والفضل والأناة، وكان له أثر بليغ في نفس من لازمه أو لقيه؛ كتلميذه مرتضى الزبيدي، الذي لا يمل من ذكر فضائله، وتحليته كلما دعا الأمر، فحق له أن يوسم بالحافظ، ونادرة عصره.

***********************

هوامش المقال:

[1] – تاج العروس (1/3)، سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 /91-94، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، 1 /298، الرسالة المستطرفة، ص85، سلوة الأنفاس، 3 /67، دليل مؤرخ المغرب الأقصى، ص166-167، الأعلام للزركلي، 6 /178، المصادر العربية لتاريخ المغرب،1 /176-177، النبوغ المغربي في الأدب العربي لعبد الله كنون،1/ 291. معلمة المغرب، 16 /5358. فهرس الفهارس، 2 /1067-1071. هدية العارفين، 2 /331-332.

[2] – الأعلام للزركلي، 6/ 177.

[3] – سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4/ 91.  

[4] – فهرس الفهارس، 2 /1071. معلمة الفقه المالكي، ص126.

[5] – سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 /91.  

[6] – فهرس الفهارس، 2/ 1068.

[7] – فهرس الفهارس، 2/ 1071.

[8] – فهرس الفهارس، 2/ 1070.

[9] – فهرس الفهارس، 2/ 1070.

[10] -سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 /91.  

[11] -سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4/ 91. – فهرس الفهارس، 2 /1070.

[12] – فهرس الفهارس، 2 /1096.

[13] – شرح كفاية المتحفظ، ص352. سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 /91.  

[14] –  فهرس الفهارس، 2/ 1070.

[15] – فهرس الفهارس، 2/ 1070.

[16] – شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، 1 /511. فهرس الفهارس، 2/ 100.

[17] – سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4/ 66.  

[18] – سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 2/ 326.  

[19] – فهرس الفهارس، 2 /986.

[20] – سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 2 /303.  

[21] – النفس اليماني والروح الروحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني، ص116.

[22] – النفس اليماني والروح الروحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني، ص38. فهرس الفهارس، 2 /1128.

[23] – تاج العروس من جواهر القاموس، 1/ 3.

[24] – تاج العروس من جواهر القاموس، 1/ 10.

[25] –  فهرس الفهارس، 1/ 424.

[26] –  البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، 1 /360. النفس اليماني والروح الروحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني، ص185.

[27] – النفس اليماني والروح الروحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني، ص266.

[28] – ألفية السند، ص102.

[29] – سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 /94.  

[30] – سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 /94.  

[31] – النفس اليماني والروح الروحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني، ص190.

[32] – فهرس الفهارس، 2/ 1068.

[33] – فهرس الفهارس، 2 /1068.

[34] -سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 /94.  تاج العروس من جواهر القاموس، 3 /291.

[35] – معلمة المغرب، 16 /5358.

[36] – ألفية السند، ص104. سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، 4 /91.  النبوغ المغربي في الأدب العربي لعبد الله كنون،1/ 291.

[37] – فهرس الفهارس، 2/ 1068-1069.

[38] – فهرس الفهارس، 2/ 1069-1070. الرسالة المستطرفة، ص85.

[39] – عيون الموارد المسلسلة، مخطوط المكتبة الأزهرية، لوحة رقم:51، رقم النسخة: 326398.

[40] – تاج العروس من جواهر القاموس، 1 /47-48.

[41] – فهرس الفهارس، 2 /1071.

[42] – معلمة المغرب، 16 /5358.

[43] – النفس اليماني والروح الروحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني، ص185. فهرس الفهارس، 2 /968.

[44] – فهرس الفهارس، 2 /1070.

[45] – فهرس الفهارس، 2/ 506.

[46] – هدية العارفين، 2 /331. الأعلام للزركلي، 6/ 178. هدية العارفين، 2 /331. أعلام المكيين من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر الهجري، ص85.

[47] – تاج العروس من جواهر القاموس، 10 /22.  فهرس الفهارس، 1/ 193.

[48] – فهرس الفهارس، 1 /178.

[49] – فهرس الفهارس، 1/ 182-183.

[50] – المصادر العربية لتاريخ المغرب،1 /176.

[51] – فهرس الفهارس، 1 /192.

[52] – إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر، ص217.

[53] – فهرس الفهارس، 2/ 507.

[54] – المصدر السابق،1/ 100.

******************

لائحة المصادر والمراجع

إتحاف الأكابر بإسناد الدفاتر، محمد بن علي الشوكاني، تحقيق وتعليق خليل بن عثمان السبيعي، لا وجود لدار النشر وتاريخ النشر.

أعلام المكيين من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر الهجري، عبد الله المعلمي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، الطبعة الأولى:1421ه-2000م.

الأعلام، خير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر: 2002م.

ألفية السند، محمد مرتضى الزبيدي الحسني، تحقيق وتعليق محمد بن عزوز، دار ابن حزم، الطبعة الأولى:1427ه-2006م.

 البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، محمد الشوكاني، دار الكتاب الإسلامي-القاهرة.  

تاج العروس من جواهر القاموس، محمّد مرتضى الحسيني الزَّبيدي، وزارة الإرشاد والأنباء في الكويت- المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت، أعوام النشر: (1385-1422هـ/1965- 2001م.  

تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن الجبرتي، دار الجيل-بيروت.

دليل مؤرخ المغرب الأقصى، عبد السلام بن سودة، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى: 1418ه/1997م.

 الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، محمد بن جعفر الكتاني، تحقيق محمد المنتصر الزمزمي، دار البشائر الإسلامية، الطبعة السادسة: 1421ه/2000م.

سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر، محمد خليل الحسيني، دار البشائر الإسلامية، دار ابن حزم، الطبعة الثالثة: 1408ه-1988م.

سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، محمد بن جعفر الكتاني، تحقيق عبد الكامل الكتاني، وحمزة بن محمد الكتاني، ومحمد حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة- الدار البيضاء، الطبعة الأولى:1425ه/2004م.

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية، محمد مخلوف، خرج حواشيه وعلق عبد المجيد الخيالي، دار الكتب العلمية، لبنان، الطبعة الأولى: 1424هـ-2003م.

شرح كفاية المتحفظ تحرير الرواية في تقرير الكفاية،  محمد بن الطيب الفاسي، تحقيق علي حسين البواب، دار العلوم للطباعة والنشر:1403ه-1983م، الطبعة الأولى:1403ه/1983م.

عيون الموارد المسلسلة من عيون الأسانيد المسلسلة، مخطوط المكتبة الأزهرية، رقم النسخة: 326398.

فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، عبد الحي الكتاني، تحقيق  إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي–بيروت، الطبعة الثانية: 1982م.

 المصادر العربية لتاريخ المغرب، محمد المنوني، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سنة النشر1404: ه/1983م  

معلمة الفقه المالكي، عبد العزيز بنعبد الله، دار الغرب الإسلامي، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى: 1403هـ-1983م.

 معلمة المغرب، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر ولمطابع سلا.

النبوغ المغربي في الأدب العربي، عبد الله كنون الحسني، الطبعة الثانية. 

النفس اليماني والروح الروحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني، عبد الرحمن بن سليمان الأهدل، تحقيق عبد الله محمد الحبشي، دار الصميعي للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى:1433هـ-2012م.   

هدية العارفين  أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، إسماعيل باشا البغدادي، طبع بعناية وكالة المعارف الجليلة في مطبعتها البهية استانبول 1954م.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار+ والباحث: محمد إليولو

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق