مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

الصَّحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه.

 

 

 

بقلم: يونس السباح

اسمه ونسبه وكنيته:

هو الصحابي الجليل عَمْرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سَعِيد بن سَهْم بن عَمْرو بن هُصَيْص بن كعب بن لُؤَي بن غالب الْقُرَشِيّ السَّهْمي. أمير مصر، وأحد دُهاة العرب المشهورين، الفارس المِغْوار، والتّاجر المشهور.

يكنَّى أبا عَبْد اللَّهِ، وقيل: أَبَا مُحَمَّد. وأمُّه النَّابغة بِنْت حَرْمَلة، سبيَّة من بني جلان بْن عتيك ابن أسلم بن يذكر بن عَنَزة بفتح المهملة والنون[1].

إسلامه:

كان إسلام عمرو بن العاص تأييداً لهذا الدّين ونصرة له، فقد فتح الله على يديه، وهدى به إلى الصراط المستقيم أقواماً، وهو الذي عرف بشجاعته وقوّة ذكائه، وصاحب العلاقات مع مختلف الشخصيات، ممّا أهّله لتقلّد المهمّات الصّعبة، ومن أجل هذا أرسلته قريش إِلَى النّجاشي صاحب الحبشة ليسلِّم إليهم مَن عنده من المسلمين: جَعْفَر بن أَبِي طَالِب ومن معه، فلم يفعل، وقَالَ لَهُ: يا عَمْرو، وكيف يعزُب عنك أمر ابن عمك، فو الله إنّه لرسول اللَّه حقًّا! قَالَ: أنت تَقُولُ ذَلِكَ؟! قَالَ: إي والله، فأطعني. فخرج من عنده مهاجرًا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأسلم عام خيبر. وقيل: أسلم عند النجاشي، وهاجر إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[2].

وقيل: إنّ عمرو بن العاص أسلم سنة ثمان قبل الفتح. وقيل: بل أسلم بين الحديبية وخيبر، ولا يصح، والصحيح ما ذكره الواقدي وغيره أنَّ إسلامه كان سنة ثمان[3].

مناقبه:

من مناقب هذا الصحابي الجليل ما أخرجه الترمذي عن ابن أبي مليكة، قال: قال طلحة بن عبيد الله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن عمرو بن العاص من صالحي قريش»[4].

وأخرج الإمام أحمد عن عمرو بن العاص، قال: «بعث إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذ عليك ثيابك وسلاحك» ، ثم ائتني. فأتيته، فقال: «إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك، وأرغب لك من المال رغبة صالحة» . فقلت: يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، بل أسلمت رغبة في الإسلام. قال: «يا عمرو، نِعِمَّا بالمال الصالح المرء الصالح»[5] .

وأخرج أحمد، والنَّسائي، عن عمرو بن العاص، قال: «فزع الناس بالمدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم فتفرقوا، فرأيت سالما احتبى سيفه فجلس في المسجد، فلمَّا رأيتُ ذلك، فعلتُ مثل الذي فعل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فرآني وسالما وأتى الناس» فقال: «أيها الناس، ألا كان مفزعكم إلى الله ورسوله، ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان»[6].

خدمته الجليلة للإسلام:

ولما أسلم سيدنا عمرو بن العاص، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرّبه ويدنيه لمعرفته وشجاعته، وولاَّه غزاة ذات السلاسل، وأمدَّه بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح، ثم استعمله على عمان، فمات وهو أميرها، ثم كان من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر، وهو الذي افتتح قِنَّسرين، وصالَح أهل حلب ومَنْبِج وأنطاكية، وولاَّه عمر فلسطين[7].

كما شهد فتح مكّة، وكان أمير العرب مدخلهم مصر، وولى على مصر من سنة عشرين إلى مقتل عمر. وولى بعد عمر لعثمان بن عفان، حين انتقضت الإسكندرية. وولى أيضا لمعاوية بن أبى سفيان من ذى القعدة سنة ثمان وثلاثين ، إلى أن توفى بمصر ليلة الفطر سنة ثلاث وأربعين[8] .

روايته للحديث:

كان عمرو بن العاص من الصحابة الذين تشرّفوا بالجلوس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فنهل منه التربية السليمة، والعلم النافع، وروى أيضاً عنه أحاديث نبوية شريفة، وروى عنه أيضاً: ولداه: عبد الله، ومحمد، وقيس بن أبي حازم، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وأبو قيس مولى عمرو، وعبدالرحمن بن شَمَّاسَة، وأبو عثمان النهدي، وقَبِيصَة بن ذُؤَيْب، وآخرون[9].

 

وفاته ومقبره:

بعد سنوات من الجهاد في سبيل الله، والفتوحات الإسلامية التي شارك فيها بنفسه، وبلائه الحسن في سبيل هذا الدّين، توفّي سنة سبعٍ وأربعين للهجرة، وقيل: سنة ثمان وأربعين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، والأوّل أصح.

وكان موته بمصر ليلةَ عيد الفطر، فصلى عَلَيْهِ ابنه عَبْد اللَّه، ودفن بالمقَطَّم، ثُمَّ صُلى العيد، وولي بعده ابنه، ثُمَّ عزله معاوية واستعمل بعده أخاه عتبة بْن أَبِي سُفْيَان[10].

ولمّا حضرته الوفاة قَالَ: اللَّهمّ إنَّك أمرتني فلم آتمر، وزجرتني فلم أنزجر، ووضع يده عَلَى موضع الغلّ وقَالَ: «اللَّهمّ لا قوي فأنتصر، ولا بريء فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت» فلم يزل يرددها حتَّى مات[11].

 

 


[1] أسد الغابة: 3/741. والإصابة: 4/537.

[2] أسد الغابة: 3/741.

[3]  الاستيعاب: 3/1184.

[4]  أخرجه الترمذي في جامعه: 5/688. رقم: 3845.  وصححه الألباني في الصحيحة: 2/253. رقم: 653.

[5]  أخرجه أحمد في المسند: 29/298. رقم: 17763.

[6]  أخرجه أحمد في المسند: 29/344. رقم: 17810. والنسائي في السنن الكبرى: 7/369. رقم: 8243.

[7] الإصابة: 4/539.

[8]  تاريخ ابن يونس: 1/374.

[9] تاريخ دمشق: 46/108. الإصابة: 4/539.

[10] أسد الغابة: 3/743.

[11]  أسد الغابة: 4/744.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق