الرابطة المحمدية للعلماء

الصحة النفسية في ضوء العلم والدين

لم يثبت أن علاجا نفسيا كان ناجعا نجاعة
الهدي النبوي في ” طب النفوس”.

مواصلة لنهجه التفاعلي المفتوح، أجرى موقع الرابطة
المحمدية للعلماء حوارا حيا حول موضوع “الصحة النفسية في ضوء
العلم والدين”
مع الدكتور الوافي الركيبي. وقد عكست نوعية الأسئلة التي
تلقاها الموقع مدى الأهمية التي يكتسيها هذا الموضوع؛ حيث تراوحت استفسارات الزوار
بين أسئلة  انصبت على الأسس العلمية
والمنطلقات النظرية التي يقوم عليها التحليل النفسي،إذ جرى التساؤل عن مدى وجود
نظرية إسلامية في الطب النفسي، وعن أسس ومقومات هذه النظرية إن وجدت، وكذا عن
العلاقة بين التحليل النفسي والصحة النفسية من جهة، والمرجعية الثقافية والدينية
من جهة أخرى، وفي هذا السياق اعتبر الأستاذ الوافي الركيبي أن “الطبيب النفسي
العربي إذا لم تكن له ثقافة دينية نظرية وتطبيقية، فإنه، أحب أم كره،سوف يتأثر
ببعض النظريات الغربية التي تتنافى وجوهر الإسلام.”

كما اهتم جانب من الأسئلة بالبعد التشخيصي و العلاجي والتوجيهي
المتصل بالصحة النفسية،وفي هذا الإطار ميز بين ” الاضطرابات النفسية التي قد تعتري الإنسان بسبب بعده عن الله فتحدث
لديه قلقا وحيرة،”والشفاء منها لا يتم إلا بالاهتداء بهدي الدين، وبين “ الاضطرابات النفسية والعقلية التي يكون مصدرها اضطراب في إفرازات
بأسفل المخ (مثلا:الاكتئاب: مادة السيروتونين- الفصام:
مادة الدوبامين ) الذي قد يصاب به المؤمن
والكافر والبر والفاجر”،
وهي اضطرابات تحتاج إلى “إعطاء علاجات
لإعادة توازن هذه الإفرازات حتى يتم الشفاء بإذن الله. “

كما أشار الأستاذ الوافي الركيبي إلى عمق العلاقة بين
البعدين النفسي والجسدي في صلتهما بالصحة النفسية؛ موضحا أن “هناك تخصص في الطب يسمى:” الطب النفسي الجسدي” الذي يحاول
إعطاء تفسير للعلاقة بين النفسي
والجسمي؛ حيث تبث أن هناك مجموعة من المرضى يعبرون عن معاناتهم النفسية من
خلال الجسم. تم إن المرض العضوي هو بنفسه يؤثر
على الناحية النفسية.” محيلا إلى “إشارة جميلة في كتاب الله تعالى توضح العلاقة بين النفس والجسم من قوله
تعالى من سورة يوسف عندما
حزن سيدنا يعقوب على ابنه يوسف عليه السلام: “وتولى عنهم وقال يا أسفى
على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم”
فالحزن الذي هو حالة نفسية أثر على بصر سيدنا يعقوب الذي يمثل الجانب العضوي.”   

كما وقف ضيف الموقع على دور القرآن الكريم والأذكار في
الإسهام في علاج الكثير من الاضطرابات النفسية، موردا نتائج بحث مقارن أجري على
مجموعة من الأمريكيين من خلال تسجيل دقات قلبهم ومستوى العرق على جلدهم ،ومستوى
تشنجهم العضلي، ليخلص إلى أن دور القرآن الكريم كان أكثر فاعلية وتأثيرا من دور
الموسيقى الهادئة عليهم رغم عدم معرفتهم وفهمهم لمعاني القرآن الكريم. كما أبرز دور
الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال سيرته وسنته في إعادة التوازن للنفوس المضطربة
والعقول الحائرة..حيث مارس صلى الله عليه وسلم
علاجا سلوكيا ناجعا: “أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن فتى شابا أتى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال
يا رسول الله ائذن لي بالزنا فأقبل القوم فجزروه وقالوا: مه مه. فقال له: أدنه فدنى منه قريبا قال: أتحبه لأمك قال: لا والله جعلني الله
فداءك. قال: ولا الناس
يحبونه لأمهاتهم. فقال أتحبه لابنتك: قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله
فداءك. قال ولا الناس يحبونه لبناتهم… قال
فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.”
وتعليقا على هذا النهج النبوي في الطب النفسي
يقول الأستاذ الركيبي : “والله، لم يثبت أن علاجا نفسيا، قديما أو حديثا، كان ناجعا وناجحا مثل هذا الأسلوب
الذي قام به الرسول
صلى الله عليه وسلم، والذي يسمى حاليا لدى المدرسة السلوكية ب(العلاج النفسي
السلوكي بالتنفير) “

وبالمقابل فقد حمل بشدة على شيوع أساليب الشعوذة في
تفسير ومعالجة الاضطرابات النفسية والعقلية، مشددا على أن ” أساليب الشعوذة
عادة ما تكون، خلافا للرأي الشائع، أكثر كلفة من الأدوية والعلاجات النفسية
الأخرى.” داعيا في الوقت نفسه إلى أن مراجعة الطبيب النفسي تغدوا لازمة “كلما أدت الاضطرابات النفسية
إلى عجز في القيام بالوظائف الحيوية الفردية والعائلية والمجتمعية…”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق