مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةقراءة في كتاب

الرائد في علم العقائد للعلامة العربي اللوه

نبذة عن حياة المؤلف:
ولد العلامة الإسلامي الكبير العربي اللوه عام 1323هـ 1905م، من أسرة المجاهدين بقرية تغنمين إحدى قبائل بقيوة المجاورة لمدينة الحسيمة.
ترقى في مراتب الدراسة والتحصيل منذ نعومة أظافره وكابد في ذلك الأهوال والشدائد، فقد حفظ القرآن الكريم بكتاب قريته وهو طفل يتيم استظهر به المتون العلمية ثم غادر قريته قاصدا ناحية جبالة وبالأخص إلى جبل الحبيب وودراس لتلقي العلوم الدينية والعربية على فقهائها إلى أن توقفت الدراسة بامتداد الثورة الريفية ضد الإسبان إلى هذه الربوع.
وفي خضم الأزمات ورغم الحصار الإسباني الفرنسي والمنع الذي أصدره بطل التحرير ابن عبد الكريم الخطابي للريفيين بعدم الهجرة، نجح الفتى في التسلل إلى الخارج وسط مخاطر يعجز القلم عن وصفها حتى وصل إلى تونس العاصمة سنة 1923م.
وفي جامع الزيتونة تم قبوله بعد امتحان شاق، ودرس بها على أجلة علماء تونس ونبغائها علوم العقائد والعربية والعلوم الرياضية والاجتماعية وأدب البحث والمناظرة إلى أن تخرج منها سنة 1929م بشهادة العالمية “التطويع”.
وبإلحاح من أمه قفل راجعا إلى المغرب سنة 1930م واستقر بتطوان عاصمة الشمال حيث ترقى فيها في مناصب عديدة منها الجلوس للفتوى ومزاولة القضاء في قبيلة بني يدر ومستشارا شرعيا بنيابة الأمور الوطنية وكاتبا عاما للصدارة العظمى ووزيرا للأحباس بالحكومة الخليفية، وبعد استقلال المغرب انتخب نائبا برلمانيا في أول برلمان سنة 1963م.
وأثناء مزاولته للوظائف السامية السابقة اشتغل بالتدريس في المعاهد الدينية وفي كلية أصول الدين التابعة لجامعة القرويين وبالتأليف، حيث ألف:”الرائد في علم العقائد”و”والمنطق التجريبي” و”أصول الفقه”و “المنهال في كفاح أبطال الشمال” ومجموعة من الفتاوى الفقهية لم تجمع بعد… وقد توفاه الله إليه بتطوان سنة 1988م تاركا علما غزيرا وذرية صالحة منها من يزاول الطب ومنها من يزاول التعليم والهندسة.
كتاب الرائد في “علم العقائد”:
هي محاضرات جمعا المؤلف في كتابه هذا ناظما لها في عقد فريد، يقول عنها: وهذه المحاضرات قد حررت فيها بقدر الإمكان العقائد الإسلامية التي تعرض لها الأعلام، أئمة علماء الكلام، واستخلصتها من مؤلفاتهم الشهيرة التي هي العمدة في هذا الميدان، لدى المقتدى بهم من علماء أهل السنة والجماعة، طبقا للنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، ولما تقضى به الأدلة العقلية القاطعة، ومنها يعلم ما لم يقع التنصيص عليه مما يجب اعتقاده من الكمالات في جانب الباري تعالى، وفي جانب رسله الأكرمين.
ولقد بذلت كل مجهود لتنقيحها من جميع أنواع الفلسفة والأوهام، وتخليصها من جميع الشوائب والأدران، وتجنبت فيها كل تلبيس وتعقيد مما من شأنه أن يؤدي غلى الإبهام والغموض أو يقوم حائلا دون إدراك الحقيقة على وجهها الصحيح، وإن أدى ذلك أحيانا إلى الإطناب والتكرار، نظرا لما تقضي به المناسبات أو تدعو إليه الضرورة اعتبارا لارتباط كثير من المباحث من نواح مختلفة…ثم أفرغتها في قالب منسق، وأسلوب منمق، تسهيلا على القارئ حتى صارت منهلا نميرا، وماء معينا، خالصة نقية، ويانعة طرية، سهلة المأخذ، لذيذة التناول، سائغة الإدراك لدى الأفهام السقيمة، والعقول النقية السليمة من دغل العناد والأهواء، وأدران الزيغ والانحراف.[1]
موضوعات الكتاب:
افتتح المؤلف هذه المحاضرات بمقدمة مطولة تشتمل على ما يأتي:
لمحة في تاريخ العقائد ـ تعريف علم العقائد وما يستتبعه من المبادئ ـ المعلوم وأقسامه والحكم العقلي وأقسامه ـ مناط العقائد في الإسلام ـ الطريق إلى معرفة العقائد.
أما المقصود فينحصر في العقائد الإلهيات بأقسامها، والنبوات بأقسامها أيضا، مع خاتمة في بيان اندراج جميع العقائد الإلهيات النبوات تحت كلمة التوحيد المشرفة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.[2]
نموذج من أبحاث الكتاب:
قال في مبحث القضاء و القدر: “والإيمان بقدره والرضا بقضائه، والصبر على ما يقع من مكروه، وما ينزل من بلاء، فذلك كله من تقدير الله وتدبيره، وليس للعبد أن يختار على الله.
فالقدر يؤمن به ولا يحتج به، فمن لم يؤمن بالقدر ضارع المجوس، ومن احتج بالقدر ضارع المشركين، ومن أقر بالأمر والقدر وطعن في عدل الله وحكمته، كان شبيها بإبليس، فإن الله تعالى ذكر عنه أنه طعن في حكمته وعارضه برأيه وهواه، وأنه قال:{رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض} [الحجر:39].
لذا كان القدر ليس حجة لأحد على الله، ولا على خلقه، ولو جاز لأحد أن يحتج بالقدر على ما يفعله من السيئات لم يعاقب ظالم، ولم يقتل مشرك، ولم يقم حد، ولم يكف أحد عن ظلم أحد، وهذا من الفساد في الدين والدنيا المعلوم ضرورة فسادة بصريح المعقول المطابق لما جاء به الرسول، ولو جاز الاحتجاج بالقدر، لفعل كل أحد ما يشتهيه من غير معارض يعارضه وهذا فيه من الفساد ما لا يعلمه إلا رب العباد”[3].

 

                                                                                 إعداد الباحث: يوسف الحزيمري

الهوامش:

[1] الرائد في علم العقائد طبعة 2012 مطابع الشويخ تطوان، ص: 3-4
[2] المرجع نفسه، ص: 4
[3] المرجع نفسه، ص: 186

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق