مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

الحلة السيراء فيمن حل بمراكش من القراء -30- محمدُ بن أبي أحمدَ جعفرِ بن أحمدَ بن خَلَف بن حَمِيد ابن مأمونٍ الأنصاريّ

الحلة السيراء فيمن حل بمراكش من القراء

-30– محمدُ بن أبي أحمدَ جعفرِ بن أحمدَ بن خَلَف بن حَمِيد ابن مأمونٍ الأنصاريّ أبو عبد الله(1)

محمدُ بن أبي أحمدَ جعفرِ بن أحمدَ بن خَلَف بن حَمِيد -مُكبَّرًا- ابن مأمونٍ الأنصاريّ، ونَسَبَه أبو محمدٍ ابنُ القُرطُبيِّ أُمَويًّا من صَريحهم، وذلك غيرُ معروف، بَلَنْسيّ أسليُّ الأصل، أبو عبد الله.

رَوى عن أبي إسحاقَ بن صالح، وأبي بكر ابن أبي رُكَب، ورَحَلَ إليه إلى جَيّان واختَلَف إليه في النَّحو ثلاثينَ شهرًا؛ وأبي جعفر بن ثُعْبانَ، وأبي الحَجّاج القَفّال، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وتَلا بالسبع عليه، وأبي محمد بن عبد الحقّ بن عَطِيّة، قرأَ عليهم وسمع وأجازوا له. وقرأ على أبي الحَسَن بن ثابت، وأجاز له ما رَواه عن أشياخِه بالمشرِق، وعلى أبي الأصبَغ عبد العزيز بن عُبَادة، وأبي الحَسَن بن هُذَيْلِ وتَلا بالسَّبع عليه، وأبوَيْ عبد الله: ابن عبد الرّحمن المَذْحِجيّ الغَرْناطيّ، وابن فرَج القَيْسيِّ وتَلا عليه بالسَّبع، وأبي القاسم خَلَف بن فَرْتُون، ولم يذكُر أنهم أجازوا له.

وكتَبَ إليه مجُيزًا ولم يلقَهُ، أو لَقِيَهم ولم يقرَأْ عليه ولا سمع: آباءُ بكر: عبدُ العزيز بن مُدِير وابن العَرَبي وابن فَنْدِلة، وآباءُ الحَسَن: طارقُ بن موسى وابن مَوْهَب ويونُسُ بن مُغيث، وأبو حَفْص بن أيّوبَ، وأبو الحَكَم عبدُ الرّحمن ابن غَشِلْيان، وأبَوا عبد الله: الجَيّانيُّ المعروفُ بالبغدادي -وذكَرَ ابنُ الزُّبَيْر أنه لقِيَه بها وذكَرَه ابنُ حَمِيد في مَن لم يلقَهُ في بَرنامجِه- وابنُ مَعْمَر، وأبو عامر بن شَرُّويةَ، وأبو مَرْوانَ الباجِيّ، هؤلاء شيوخُه الذين ضَمَّن بَرنامجَه ذكْرَهم. وذكَرَ أبو عبد الله بنُ يَربوع أنَّ له روايةً عن أبي الحُسَين ابن الطَّراوة.

رَوى عنه أبو بحرٍ صَفْوانُ بن إدريسَ، وأبَوا بكر: ابن عَتِيق اللّارِديّ وابن قَنْتَرال، وآباءُ جعفر: الجَيّارُ والذّهبيُّ وابن عَمِيرةَ الشَّهيد، وأبَوا الحَسَن: ابن حَزْمُون وابن عُبَيد الله الزوق، وأبو الحُسَين عُبَيدُ الله بن عاصم الدائريّ، وأبو الرَّبيع بن سالم، وأبو زكريّا بن زكريّا الجُعَيْديّ، وأبو سُليمان ابنُ حَوْطِ الله، وآباءُ عبد الله: الأَنْدَرْشِيّ وابنا الحَسَنَيْن: ابن مُجبر التُّجِيبي وابن إبراهيمَ الوَشْقيّ وابنْ صَلْتان وابن عبد الحقّ التِّلِمْسيني وابن يَرْبُوع، وأبو العبّاس العَزَفيّ، وأبو عثمانَ سَعْدٌ الحَفّار، وأبو عليّ عُمرُ بن صمع، وأبو عِمران ابن السّخان، وآباءُ القاسم: الطيِّبُ بن هِرَقْل وعبدُ الرحيم بن إبراهيم ابن الفَرَس والمَلّاحي، وأبو محمد بن محمد بن خَلَف بن اليُسْر، وأبو الوليد ابنُ الحاجّ.

وكان صَدْرًا في مُتقِني تجويد القرآن العظيم، مبرِّزًا في النَّحو، إمامًا معتمَدًا عليه في الفنَّيْن، بارعَ الأدب وافرَ الحظِّ من البلاغة والتصرُّف البديع في الكتابة، رديءَ الخَطّ، طيِّبَ الإمتاع بما يوردُه ويَحكيه، ذا حظٍّ صالح من رواية الحديث والفقه وأُصولِه، كريمَ الأخلاق حَسَنَ السَّمْت، متواضِعًا كثيرَ البِشْر، وَقُورًا، ديِّنًا وَرِعًا، وَصَفَه بذلك غيرُ واحد ممّن أخَذَ عنه؛ قال أبو بكر بن عَتِيق اللّارِديّ: أدْناني عندَ قراءتي عليه فِهرِستَه حتى كانت رُكبتي على رُكبتِه. وصَحِبَ صديقَه أبا القاسم بنَ حُبَيش في وِجهتِهما إلى مَرّاكُش، فكان بحُسْنِ خُلُقَه، يتولَّى بنفسه خدمةَ أبي القاسم طُولَ سفرِهما حتى يراه مَن لا يَعرِفُ قَدْرَه، فَيظُنُّه تلميذًا لأبي القاسم.

وقال أبو سُليمان بن حَوْطِ الله: هو ممّن اعتمَدتُ عليه في طريق القراءات والنَّحو؛ لتقَدُّمِه في ذلك وجَوْدة معرفتِه. وَلِي قضاءَ بَلَنْسِيَةَ أعوامًا فحُمدت سيرتُه وشُكرت طريقتُه، وكان عَدْلًا في أحكامِه جَزْلًا في رأيِه صَلِيبًا في الحقّ. وقال غيرُه: كانت ولايتُه قضاءها لعَشْرٍ خَلَوْنَ من جُمادى الآخِرة سنةَ إحدى وثمانين، فتمادى عليه أعوامًا.

وقال أبو محمد عبدُ الحقّ بن إبراهيمَ: رَفَعَ أبو عبد الله بن نُوح إلى المنصور على أبي عبد الله بن حَمِيد أشياءَ منها: أنه كان إذا امتَنعَ أحدٌ من شِرارِ أهل البادية وجُفاتِهم من إجابة الدعوة إليه أمَرَ بحَرْق بابِه وانتقال مالِه وتثقيفِه في المودع، فأمَرَ المنصورُ قاضيَه أبا عبد الله بنَ مَرْوان بتحقيق هذه القضية، وكَتْبِها له مفسَّرة، فأتى بها في جُملة مسائل، وقد وَقَعَ ذلك منه بغَرَض المنصور، وأخَذ يَعرِضُها عليه مسألةً مسألة، فعند ذكْرِه قصّةَ أبي عبد الله بن حَمِيد قال المنصورُ وقد علا صوتُه: سبحانَ الله! ولم يكن ابنُ حَمِيد عندَنا بهذا الاجتهاد! ألم تسمعْ إلى قول رسُول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أنْ أشُقَّ على أُمّتي لأَمَرتُ بحطبٍ يُحطَب»؟ وذكَرَ الحديث؛ ثم قال: أَمثلَ هذا تَرْفَعُ إلينا؟ انتظِرْ ما يقالُ فيك، اخرُجْ، فأدَّبهُ، قال: فسُجِن ابنُ نُوح ولم يُسَرَّحْ حتى رَغِب في إطلاقِه ابنُ حَمِيدِ وألَحَّ في ذلك.

ونزَلَ بأخَرةٍ مُرْسِيَةَ فناوَبَ في الصّلاة والخُطبة بها أبا القاسم بنَ حُبَيْش، وأقرَأَ بجامعِها، وله شَرْح على «إيضاح» الفارسيّ، وآخَرُ على «جُمَل» الزَّجّاجي، وشُهِر بجَوْدة القيام على «كتاب سِيبوَيْه» والنفوذِ في فَهم غوامضِه.

مولدُه ببَلَنْسِيَةَ سنة ثلاثَ عشْرةَ وخمس مئة، وتوفِّي بمُرْسِيةَ إثْرَ صَدره عن قُرطُبةَ وقد أكل شيئًا من حَبّ الملوك عَرَضَ له منهُ إسهالٌ مات بأثَرِه عشِيَّ يوم السبت لثلاثَ عشْرةَ ليلة بقِيَتْ من جُمادى الأُولى سنةَ ستٍّ وثمانينَ وخمس مئة، ودُفن عصرَ يوم الأحدِ بعدَه بظاهرِها، لِصْقَ صديقِه أبي القاسم ابن حُبَيْش، إزاءَ مسجد الجُرْف خارجَ باب ابن أحمدَ أحدِ أبوابِ مُرْسِيَة؛ وقال ابنُ الزُّبَير: إنه توفّي في شوّالٍ من السنة.

  • الذيل والتكملة 4/ 163- 165.

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق