مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

التفسير الصوفي الإشاري من خلال نموذج لطائف الإشارات للقشيري (23)

 

ذ. عبد الرحيم السوني.

باحث بمركز دراس بن إسماعيل

إن القشيري من بداية “اللطائف” إلى منتهاها يسير على نفس النهج في استخراج الإشارات الصوفية، سواء المتعلقة بالأحكام، أو العبادات، أو القصص، أو المظاهر الكونية، أو غير ذلك مما جاء به القرآن الكريم. حيث يرى أن هناك مستويات أخرى تنطوي عليها ألفاظ القرآن، وهذه المستويات هي مستويات سلوكية يؤصل من خلالها القشيري ما يعيشه الصوفية من مقامات القرب والتربية الروحية.

4ـ الآيات الدالة على المظاهر أو الظواهر الكونية:

تعتبر الآيات التي تشير إلى المظاهر أو الأمارات المنشورة في الكون والدالة على وجوده ووحدانيته، من شجر ومطر وجبال وبحار، وليل ونهار، وشمس وقمر… وغير ذلك مما تضمنه القرآن، من بين أهم الآيات التي يقف معها القشيري طويلا مستخرجا منها إشارات ودقائق ومقاصد أخلاقية تتوافق والمذهب الصوفي السني المعتدل الذي يمثله، وذلك بغرض أن ينتفع بها السالكون بمختلف أحوالهم ومقاماتهم. وكأمثلة على تفسيره الإشاري للآيات الكونية، يمكن أم ننظر مثلا لقوله في تفسيره للآية: ﴿كلا والقمر﴾[1]، حيث يقول: «أقمار العلوم إذا أخذ هلالها في الزيادة بزيادة البراهين فإنها تزداد حتى إذا صارت إلى حد التمام وبلغت الغاية تبدو أعلام المعرفة، ثم تأخذ علوم البراهين في النقصان حين تطلع شموس المعرفة، وكما أن القمر كلما قرب من الشمس يزداد نقصانه حتى يصير محاقا كذلك إذا ظهر سلطان العرفان تأخذ أقمار العلوم في النقصان بزيادة المعارف كالسراج في ضوء الشمس».[2]

 

 


[1]  ـ المدثر، 32

[2]  ـ لطائف الاشارات، ج6، ص 351

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق