مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

التفسير الصوفي الإشاري من خلال نموذج لطائف الإشارات للقشيري (4)

 

ذ. عبد الرحيم السوني.

باحث بمركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك.        

ـ دعوة النص القرآني والنص الحديثي إلى الممارسة التفسيرية الإشارية:

يدعو كل من النص القرآني والنص الحديثي ـ إن تصريحا أو تلميحا ـ إلى ضرورة تفسير القرآن تفسيرا إشاريا، والأمثلة كثيرة ومتعددة في هذا المجال، نستحضر منها بعض النماذج:

فبالنسبة للقرآن نجده في أكثر من آية يؤكد على مشروعية و ضرورة هذه الممارسة ،ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فمال هؤلاء لايكادون يفقهون حديثا﴾[1]، وقوله: ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾[2]، و قوله: ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾[3].

فهذه الآيات كلها تؤكد على ضرورة هذه الممارسة التفسيرية ومشروعيتها، وذلك أن الله تعالى حيث ينعى على الكفار ويحضهم على التدبر في آياته لا يريد بذلك أنهم لا يفهمون ظاهر القرآن لأنهم عرب، والقرآن لم يخرج عن لغتهم فهم يفهمون ظاهره ولاشك، وإنما أراد بذلك أنهم لا يفهمون عن الله مراده من الخطاب، وحضهم على أن يتدبروا آياته  حتى يقفوا على مقصود الله ومراده، وذلك هو الباطن الذي جهلوه ولم يصلوا إليه بعقولهم[4].

أما النصوص الحديثية التي تقوي هذه المشروعية وتزكيها فهي أيضا كثيرة و نذكر منها على سبيل المثال الحديث الذي أخرجه الفريابي من رواية الحسن مرسلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”لكل آية ظهر وبطن، ولكل حرف حد، ولكل حد مطلع، الحديث .وكذلك ما أخرجه عبد الرحمان بن عوف مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:”القرآن تحت العرش له ظهر وبطن يحاج العباد”[5].

ففي هذين الحديثين تصريح بأن للقرآن ظهرا وبطنا، و البطن هو ماتدل عليه الآيات بطريق الإشارة.

عموما فالقرآن والحديث النبوي الشريف كما رأينا أمثلة من ذلك يدفع عنا شكوك أولئك الذين يقللون من شأن أصحاب التفسير الإشاري الصوفي أو يكفرونهم في بعض الأحيان كما سنراه في الفقرة الموالية المخصصة لمواقف العلماء من ظاهرة التفسير الإشاري للقرآن الكريم.

 

 


[1] ـ سورة النساء، الآية 78.

[2] ـ سورة النساء، الآية82 .

[3] ـ سورة محمد، الآية 24.

[4] ـ أنظر: التفسير والمفسرون، ج2، ص: 353.

[5] ـ المرجعان السابقان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق